منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
By محمد المنجي8/6
#30708

قد لا تزال كثير من الشركات الغربية تتحسر على ماضيها التي كانت فيه تعمل في مستعمرات العالم الإسلامي، وتنهب ‏المواد الخام وفق امتيازات احتكارية منحها الاستعمار. ومن هذا المنطلق يفسر إدوارد سعيد منطق دراسات الاستشراق ‏نفسها. فالمستشرق هو باحث يذهب إلى بلاد الشرق ليدرسها، ولم يحدث أن تم هذا فقط من خلال دراسته لكتب الشرق. بل ‏كان على الباحث الغربي أن ينتقل بنفسه إلى البلاد الشرقية. وغالباً ما كان ذلك يتم أثناء حملات الغزو مثل حملة نابليون ‏على مصر. ولهذا كان المستشرقون يكتشفون الكتب الشرقية ويحققونها. مما يدل على أن درسهم للشرق كان يتم داخل ‏المواقع والبلدان ذاتها. وهذا كان في أغلب الحالات يستدعي الاستناد إلى قوة عسكرية ومدد تمويني ولوجيستي كبير، يوفر ‏للمستشرق الغربي فرصة القيام بعمله طوال فترة زمنية ليست بالقصيرة. وهذا يعني أن الاستشراق والاستعمار صنوان.‏

لم يقصد إدوارد سعيد أن كل جهود الاستشراق كانت تهدف إلى الاستعمار، ولكنه يؤكد أن دوافعه الأولى كانت استعمارية، ‏ويقول أن طريقة عمله نشأت في أحضان مؤسسة الاستعمار، وأن جزءا لا يستهان به من نتائج الاستشراق كانت أيضاً ‏استعمارية الهدف، نظراً لكونها استعمارية المنشأ.‏

كان هناك بالطبع بعض النتائج الإيجابية التي نجمت عن الاستشراق، ولم تكن في جوهرها استعمارية. لكن إدوارد سعيد ‏يرى أن هذه النتائج لم تكن مقصودة لذاتها، بل هي في أحسن الحالات، جاءت لغرض إحراز السبق في البحث العلمي في ‏مجال الدراسات الشرقية البكر، وهو ما كان يؤهل المستشرق أو الباحث الغربي لأن يصبح صاحب مشورة، يعتد بها لدى ‏صانعي القرار الغربيين، الذين كان جل همهم تخطيط الحملات الجيوستراتيجية على الشرق.