السودان «صومال» أخرى.!
مرسل: الأربعاء ديسمبر 22, 2010 6:28 am
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
مجرد أيام ويعلن فصل جنوب السودان عن شماله، والموضوع أصبح جاهزاً للتنفيذ، وإذا كان هناك من يحترم هذا الخيار، فهل جاء طوعياً أم خللاً بالأنظمة العسكرية التي تبنت أيديولوجيا ونظماً، واتخذت قرارات مهدت لأن يكون السودان بؤرة الصدام والتفتت..؟
أي فئة تُعزل وتشعر بالفصل عن الوطن بدواعي مذهبية أو قبلية أو دينية لا بد أن تأخذ الاتجاه الذي يحمي حقها، وأكبر من حقوق الخلافات المتجذرة التي تحولت إلى رغبة في تقرير المصير، جاء من الحكومات الانقلابية التي لا تدين إلا بما تفكر به وتجعله دستوراً سائداً ومفروضاً، وهنا جاء التلاعب بمشاعر الناس من مدّ يساري متطرف يرفع شعار «المنجل والمطرقة» إلى سياسة رفع المصاحف، ووسط هذا التجاذب، حدث التنافر بين الفئات المهمشة، والسودان عاش هذه اللعبة، ولم يدرك أبعادها الوطنية، فانفجرت حربا الجنوب ودارفور، وخرجت القضية من المحلية إلى بلدان الجوار، ثم أخذت بعداً عالمياً دخل في عمق المشكلة..
حكومة السودان- رغم بعض المساعي العربية- اعتبرت القضية شأناً داخلياً، ولم تقبل وساطات أفريقية أمام شكوك بالنوايا، وطالما لم «تعرب» أو «تؤفرق» (من أفريقيا)، فقد ضاعت الاجتهادات وأصبح الفراق النهائي بين الإقليمين لازماً، واستدعاء الطرف الخارجي وتدخله المباشر بفصل الجنوب، أصبح -أيضاً- غطاءً دولياً قانونياً، وهنا تغيرت المفاهيم من مساومات على الوحدة، إلى التهديد بحرب بين الطرفين بذرائع الحدود والنفط وغيرهما..
الاعتماد على الجيش في فك الحصار عن الدولة، تُغيره المناسبات، والدليل أن سلسلة الانقلابات، جاءت من أقرب الموالين للسلطات السابقة التي اعتمد الضباط تغييرها للاستحواذ على كعكة الحكم، وما يجري في السودان إنذار خطير وغير عادي لقرب تحوله إلى صومال أخرى، وهذا ما يُرى في فكر السودانيين، قبل الأجانب وفق مضمون ما يجري، وحتى الجيش المصنف بالولاء والتبعية للحكومة، يمثل في تكوينه طبيعة التناقضات الفئوية والقبلية، وقد شهدنا كيف انعدم دوره في الحرب الأهلية في لبنان، وحتى القوات الأمريكية الغازية للعراق، لو لم تحل الجيش والشرطة، لحلتا بقانون العشائرية، والطائفية، وهنا لا اعتماد على جيش تحركه أولويات السلطة على وحدة الوطن، والسودان قد يدخل هذه الحالة، إذا لم تُتخذ إجراءات وقرارات تحسم الخلافات التي تجذرت ولم تقف عند خيارات؛ الأسلمة، أو العولمة، أو الاعتماد على فئة ما، وخصوصاً إذا لم يحدث حل وطني شامل تشترك فيه كل الأطياف دون تمييز أو إقصاء، فإن الكرة ستكبر وتتدحرج على الجميع..
لقد أصبح المطلوب ليس إقرار الانفصال، بل المحافظة على الكيان الواحد، المؤلم أن السودان الذي من طبيعته تحقيق السلام الداخلي، هو من يتعرض للتفتيت، وتلك مأساة الأمة التي تتوحد بالكلمات وتتمزق على الخرائط.
المقال للكاتب / يوسف الكويليت جريدة الرياض
مجرد أيام ويعلن فصل جنوب السودان عن شماله، والموضوع أصبح جاهزاً للتنفيذ، وإذا كان هناك من يحترم هذا الخيار، فهل جاء طوعياً أم خللاً بالأنظمة العسكرية التي تبنت أيديولوجيا ونظماً، واتخذت قرارات مهدت لأن يكون السودان بؤرة الصدام والتفتت..؟
أي فئة تُعزل وتشعر بالفصل عن الوطن بدواعي مذهبية أو قبلية أو دينية لا بد أن تأخذ الاتجاه الذي يحمي حقها، وأكبر من حقوق الخلافات المتجذرة التي تحولت إلى رغبة في تقرير المصير، جاء من الحكومات الانقلابية التي لا تدين إلا بما تفكر به وتجعله دستوراً سائداً ومفروضاً، وهنا جاء التلاعب بمشاعر الناس من مدّ يساري متطرف يرفع شعار «المنجل والمطرقة» إلى سياسة رفع المصاحف، ووسط هذا التجاذب، حدث التنافر بين الفئات المهمشة، والسودان عاش هذه اللعبة، ولم يدرك أبعادها الوطنية، فانفجرت حربا الجنوب ودارفور، وخرجت القضية من المحلية إلى بلدان الجوار، ثم أخذت بعداً عالمياً دخل في عمق المشكلة..
حكومة السودان- رغم بعض المساعي العربية- اعتبرت القضية شأناً داخلياً، ولم تقبل وساطات أفريقية أمام شكوك بالنوايا، وطالما لم «تعرب» أو «تؤفرق» (من أفريقيا)، فقد ضاعت الاجتهادات وأصبح الفراق النهائي بين الإقليمين لازماً، واستدعاء الطرف الخارجي وتدخله المباشر بفصل الجنوب، أصبح -أيضاً- غطاءً دولياً قانونياً، وهنا تغيرت المفاهيم من مساومات على الوحدة، إلى التهديد بحرب بين الطرفين بذرائع الحدود والنفط وغيرهما..
الاعتماد على الجيش في فك الحصار عن الدولة، تُغيره المناسبات، والدليل أن سلسلة الانقلابات، جاءت من أقرب الموالين للسلطات السابقة التي اعتمد الضباط تغييرها للاستحواذ على كعكة الحكم، وما يجري في السودان إنذار خطير وغير عادي لقرب تحوله إلى صومال أخرى، وهذا ما يُرى في فكر السودانيين، قبل الأجانب وفق مضمون ما يجري، وحتى الجيش المصنف بالولاء والتبعية للحكومة، يمثل في تكوينه طبيعة التناقضات الفئوية والقبلية، وقد شهدنا كيف انعدم دوره في الحرب الأهلية في لبنان، وحتى القوات الأمريكية الغازية للعراق، لو لم تحل الجيش والشرطة، لحلتا بقانون العشائرية، والطائفية، وهنا لا اعتماد على جيش تحركه أولويات السلطة على وحدة الوطن، والسودان قد يدخل هذه الحالة، إذا لم تُتخذ إجراءات وقرارات تحسم الخلافات التي تجذرت ولم تقف عند خيارات؛ الأسلمة، أو العولمة، أو الاعتماد على فئة ما، وخصوصاً إذا لم يحدث حل وطني شامل تشترك فيه كل الأطياف دون تمييز أو إقصاء، فإن الكرة ستكبر وتتدحرج على الجميع..
لقد أصبح المطلوب ليس إقرار الانفصال، بل المحافظة على الكيان الواحد، المؤلم أن السودان الذي من طبيعته تحقيق السلام الداخلي، هو من يتعرض للتفتيت، وتلك مأساة الأمة التي تتوحد بالكلمات وتتمزق على الخرائط.
المقال للكاتب / يوسف الكويليت جريدة الرياض