فوضي النظام السياسي الدولي للرأسمالية النيوليبرالية
مرسل: الجمعة ديسمبر 24, 2010 5:35 pm
جاء بناء وإعادة بناء النظام الدولي، بأنظمته الفرعية الإقليمية وشكل الدولة فيه، ردا علي متطلبات التطور في الاقتصاد الرأسمالي العالمي، منذ مرحلته التوسعية 'الإمبريالية'، باستثناء نظام القطبية الثنائية خلال الحرب الباردة الذي جاء في جزء منه نتيجة لاستراتيجية وسياسة النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفيتي ولواقع الحرب العالمية الثانية.
وإن كان هنالك من يري أن النظام الاشتراكي والنازية والفاشية في أوروبا إنما هي أيضا من إفرازات التطور في النظام الرأسمالي الإمبريالي. فالمؤرخ فالرشتاين (Wallerstein) يري أن 'العلاقات الدولية المعاصرة تجد تفسيرها في تاريخ النظام الرأسمالي .. وأن الحدود السياسية تعكس تطور الاقتصاد الرأسمالي'.
ويعد النظام الدولي فيما بعد الحرب البادرة غير مستثني من تأثيرات التطور الحاصل في الرأسمالية، وما يقتضيه هذا التطور من تكامل وتفتيت، هذا التطور المتميز بدخول الرأسمالية مرحلة عولمية جديدة أعمق قيميا من المرحلة الإمبريالية وأوسع انتشارا جغرافيا.
وهكذا، فإن النظام الدولي الراهن إنما هو نتاج التطور في النظام الاقتصادي الرأسمالي، منذ معاهدات واستفاليا (1648)، ومرورا بمعاهدات أوتراخت ما بين 1713 -1715، ومؤتمر فيينا (1814- 1815)، ومؤتمر برلين (1878)، ومعاهدة برلين (1884 - 1885)، ومؤتمر الصلح بمعاهداته العديدة. ونذكر في هذا السياق معاهدة سان ريمون (أبريل 1920)، التي أقرت ما كرسته القوي الاستعمارية علي أرض واقع الوطن العربي، من نظام إقليمي 'عربي'، وخريطة جيو - سياسية عربية محورها الدولة الأمة المكرسة للقطرية والتجزئة المتناهية للأمة العربية.
أما مع المرحلة العولمية، فقد حان، وفقا لمخططات القوي الكبري الرأسمالية، تجزئة التجزئة لإلحاق مزيد من الضعف بالأمة العربية، ومن ثم مزيد من إمكانية دمجها في النظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي وبنيته الفوقية، المتمثلة خاصة في النظام السياسي الدولي لما بعد الحرب الباردة، وأنظمته الإقليمية الجديدة التي هي بصدد التشكل.
تتمخض فوضي النظام الدولي، خاصة، عن عملية الانتقاص من سيادة الدولة وأدوارها ومن محاولات إعادة التقسيم الجيو- سياسي للعالم، وفقا للمقاربة الأمريكية الكونية التي لا تعير في مخططاتها لإعادة التقسيم اعتبارا لخطوط التماس بين المجموعات الحضارية المتميزة. في حين تحاول أوروبا مراعاة ذلك، حفاظا علي المميزات الأوروبية، الأمر الذي عطل انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. فإذا كانت الدول الأوروبية تري أن تركيا قد استوفت اقتصاديا شروط الانضمام، فإنها من ناحية ثقافية حضارية تري أنها لم تقم بالجهد الكافي لتكون مؤهلة لذلك. وتوظف الجهات الأوروبية، المعنية بملف انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، عبارات من نوعية أن تركيا لم تلتزم بعد بجميع المعايير الأوروبية للانضمام'، وبكون الاتحاد الأوروبي لم يتجل له بعد 'أفق واضح لتركيا عصرية'.
وهنالك من لاحظ أن الانتقاص من سيادة الدولة الوطنية، في إطار مقتضيات العولمة، عملية تضعف في الوقت نفسه من عملية حماية حقوق الإنسان، لأنه من دون الدولة وسيادتها لن توجد مؤسسات تستطيع أن تتحمل المسئولية لضمان حماية تلك الحقوق. وفي هذا السياق، يري ريمون حداد أن تأكيد حقوق الإنسان هو في جانب كبير منه محاولة للرد علي 'التراجع في دور الدولة بعد فرض سياسات التثبيت والإصلاح الهيكلي، حيث بدأت الدول تفقد المزيد من صلاحياتها وإمكانياتها في تلبية الحاجات الاجتماعية المتزايدة '.
وإن كان هنالك من يري أن النظام الاشتراكي والنازية والفاشية في أوروبا إنما هي أيضا من إفرازات التطور في النظام الرأسمالي الإمبريالي. فالمؤرخ فالرشتاين (Wallerstein) يري أن 'العلاقات الدولية المعاصرة تجد تفسيرها في تاريخ النظام الرأسمالي .. وأن الحدود السياسية تعكس تطور الاقتصاد الرأسمالي'.
ويعد النظام الدولي فيما بعد الحرب البادرة غير مستثني من تأثيرات التطور الحاصل في الرأسمالية، وما يقتضيه هذا التطور من تكامل وتفتيت، هذا التطور المتميز بدخول الرأسمالية مرحلة عولمية جديدة أعمق قيميا من المرحلة الإمبريالية وأوسع انتشارا جغرافيا.
وهكذا، فإن النظام الدولي الراهن إنما هو نتاج التطور في النظام الاقتصادي الرأسمالي، منذ معاهدات واستفاليا (1648)، ومرورا بمعاهدات أوتراخت ما بين 1713 -1715، ومؤتمر فيينا (1814- 1815)، ومؤتمر برلين (1878)، ومعاهدة برلين (1884 - 1885)، ومؤتمر الصلح بمعاهداته العديدة. ونذكر في هذا السياق معاهدة سان ريمون (أبريل 1920)، التي أقرت ما كرسته القوي الاستعمارية علي أرض واقع الوطن العربي، من نظام إقليمي 'عربي'، وخريطة جيو - سياسية عربية محورها الدولة الأمة المكرسة للقطرية والتجزئة المتناهية للأمة العربية.
أما مع المرحلة العولمية، فقد حان، وفقا لمخططات القوي الكبري الرأسمالية، تجزئة التجزئة لإلحاق مزيد من الضعف بالأمة العربية، ومن ثم مزيد من إمكانية دمجها في النظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي وبنيته الفوقية، المتمثلة خاصة في النظام السياسي الدولي لما بعد الحرب الباردة، وأنظمته الإقليمية الجديدة التي هي بصدد التشكل.
تتمخض فوضي النظام الدولي، خاصة، عن عملية الانتقاص من سيادة الدولة وأدوارها ومن محاولات إعادة التقسيم الجيو- سياسي للعالم، وفقا للمقاربة الأمريكية الكونية التي لا تعير في مخططاتها لإعادة التقسيم اعتبارا لخطوط التماس بين المجموعات الحضارية المتميزة. في حين تحاول أوروبا مراعاة ذلك، حفاظا علي المميزات الأوروبية، الأمر الذي عطل انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. فإذا كانت الدول الأوروبية تري أن تركيا قد استوفت اقتصاديا شروط الانضمام، فإنها من ناحية ثقافية حضارية تري أنها لم تقم بالجهد الكافي لتكون مؤهلة لذلك. وتوظف الجهات الأوروبية، المعنية بملف انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، عبارات من نوعية أن تركيا لم تلتزم بعد بجميع المعايير الأوروبية للانضمام'، وبكون الاتحاد الأوروبي لم يتجل له بعد 'أفق واضح لتركيا عصرية'.
وهنالك من لاحظ أن الانتقاص من سيادة الدولة الوطنية، في إطار مقتضيات العولمة، عملية تضعف في الوقت نفسه من عملية حماية حقوق الإنسان، لأنه من دون الدولة وسيادتها لن توجد مؤسسات تستطيع أن تتحمل المسئولية لضمان حماية تلك الحقوق. وفي هذا السياق، يري ريمون حداد أن تأكيد حقوق الإنسان هو في جانب كبير منه محاولة للرد علي 'التراجع في دور الدولة بعد فرض سياسات التثبيت والإصلاح الهيكلي، حيث بدأت الدول تفقد المزيد من صلاحياتها وإمكانياتها في تلبية الحاجات الاجتماعية المتزايدة '.