صفحة 1 من 1

التفكر

مرسل: السبت ديسمبر 25, 2010 1:42 pm
بواسطة وعد السالمي
} ألم نجعل الأرض مهادا * والجبال أوتادا * وخلقناكم أزواجا * وجعلنا نومكم سباتا * وجعلنا الليل لباسا * وجعلنا النهار معاشا * وبنينا فوقكم سبعا شدادا * وجعلنا سراجا وهاجا * وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا * لنخرج به حبا ونباتا * وجنات ألفافا {

الفجر .. ينساب في آفاق الكون ببطء وحذر ... ( إبداع ) الليل .. يلملم أطراف ثوبه الأسود في خوف وذعر ... ( إبداع ) الشمس تغزل خيوط ضيائها من وراء الأفق وتطلّ في حياء على الأرض .. ( إبداع ) وزهور الوادي في نشوة .. ( إبداع ) وقطرات الندى .. ( إبداع )

ما أجمل هذا المنظر وما أروعه ..!

ليل هارب .. ( إبداع ) وفجر حالم .. ( إبداع ) وشمس تتهيأ للإشراق .. (إبداع ) وزهور مبتسمة ... ( إبداع ) وطلٌّ يبدو على أوراقها لامعا .. كقطرات عرق على جبين زهرة رائعة من زهور البشر ....

تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما وضع المليك
عيون من لجين شاخصات بأحداق هي الذهب السبيك
على كثب الزبرجد شاهدات بأن الله ليس له شريك

** قال سميث : ( إن العملية الإبداعية ، هي التعبير عن القدرة على إيجاد علاقات بين أشياء لم يسبق أن قيل إن بينها علاقات ) .

** قال هافل : ( الإبداع .. هو القدرة على تكوين تركيبات أو تنظيمات جديدة ) .

** قال مايكنون : ( إن للإبداع أربعة مكونات أساسية هي : العمل الإبداعي ، العمل الـ..... )


الإبداع ... كلمة تتجاوز حدود الحرف .. تنطلق في أبعاد الكون فترسم أحلى الصور ..
الإبداع .. كلمة لم تستطع نظريات هافل أو سميث أن تلحق بآخر ركبها ...
الإبداع .. وهج من ضياء تشرق به النفس الناجحة
الإبداع ... سمة النفس المؤمنة الراحلة إلى جنات الخلود .. حيث الإبداع الأعظم .

هذه المشاعر المتدفقة .. هذا الفرح وذلك الحزن .. هذه السعادة وذلك الشقاء ...
الحب .. البغض .. الأمل .. الخوف .. الرجاء ..

هذا الإنسان الرزين الحليم ، الوادع الهادئ .. تراه حينا يثور ويغضب .. فإذ برزانته ترتدي رداء التهور ..
هذا الوجه الصافي صفاء أديم السماء .. في يوم ربيعي جميل ... تراه في لحظة يغيم .. وإذ به يتحول إلى سماء مشحونة بالغيوم ...

oOoOoOoOo

} وفي الأرض آيات للموقنين * وفي أنفسكم أفلا تبصرون {

سؤال يقتحم على الإنسان غروره وصلفه ، وغفلته وضياعه .. يدخل إلى أعماق النفس الإنسانية .. ليذيب فيها جليد التنكر والجحود ...

سؤال يوجّه عقولنا وقلوبنا إلى ذواتنا .. إلى هذا الكيان البشري الهائل الذي نسير به في الحياة ونحن عنه غافلون ...

} وفي أنفسكم أفلا تبصرون {
العين مثلا ... كلنا ننظر بها ونراها ، نتغنىّ بسواد رموشها .. باتساعها .. بنظراتها الثاقبة .. بانكساراتها ...
ولكن .. هل فكرنا مرة في تكوين هذه العين ؟؟ هل فكرنا في جهازها الدقيق وشعيراتها ؟؟ هل فكرنا في بياضها وحكمته ، وسوادها وحكمته ؟؟ ورموشها .. لماذا خلقت ؟؟ وهذا اللمعان الذي فيها .. لماذا وُجد ؟؟

ثم هل فكرنا في خالقها ومبدعها ...؟؟

إن السؤال الوارد في القرآن الكريم يوجهنا إلى ذلك ..
} وفي أنفسكم أفلا تبصرون {

.................
}محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود{

إن من أقوى دلائل النفس المبدعة ، ما يغمرها به إيمانها من قوة .. قوة تجعلها مبدعة من خلال تعاملاتها وأخلاقها وآدابها ... فهي تدرك أن التواصل مع الآخرين والتأثير فيهم والاستفادة مما لديهم يستلزم الحديث عن فن بناء العلاقات مع الآخرين وأساليب التعامل معهم ...
والتي منها:

• أصلح ما بينك وبين الله .. يصلح الله مابينك وبين الناس ؛ لأن القلوب بيده .
• ضع نفسك في مكان الآخرين ، ثم أسمعهم من الكلام ما تحب أن تسمعه ، وتصرف معهم بما تحب .
• احتفظ بهدوئك ورباطة جأشك عند الاستفزاز .. وتذكر وصية المصطفى   :
( لا تغضب ، لا تغضب ، لا تغضب ).
• ضع في حسبانك دائما مشاعر الآخرين وحقوقهم وحاجاتهم .. وتذكر ...
( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )
• اختر كلماتك بعناية .. وبخاصة مع من أكبر منك سنا .
...............

} فلينظر الإنسان إلى طعامه * أنا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الأرض شقا * فأنبتنا فيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا * وفاكهة وأبا{

قل للنبات يجف بعد تعهد ورعاية من بالجفاف رماك
وإذا رأيت النبت في الصحراء ير بو وحده فاسأله من أرباك
وإذا رأيت البدر يسري ناشرا أنواره فاسأله من أسراك
واسأل شعاع الشمس يدنو وهو أبعد كل شيء مالذي أدناك
قل للمديد من الثمار من الذي بالمدّ من دون الثمار غذاك
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى فاسأله من يا نخل شق نواك
وإذا رأيت النار شب لهيبها فاسأل لهيب النار من أوراك
وإذا ترى الجبل الأشم مناطحا قمم السحاب فسله من أرساك
وإذا رأيت الليل يغشى داجيا فاسأله من ياليل حاك دجاك
وإذا رأيت الصبح يسفر ضاحيا فاسأله من يا صبح صاغ ضحاك
ستجيب من في الكون من آياته عجب عجاب لو ترى عيناك
ربي لك الحمد العظيم لذاتك حمدا وليس لواحد إلاك
يا مدرك الأبصار والأبصار لا تدري له ولكنهه إدراك
إن لم تكن عيني تراك فإنني في كل شيء أسبين علاك
يا منبت الأزهار عاطرة الشذى ما خاب يوما من دعا ورجاك
يامجري الأنهار عاذبة الندى ما خاب يوما من دعا ورجاك
ياأيها الإنسان مهلا مالذي بالله جلّ جلاله أغراك

فهاهو الكون بكل جماله .. بكل همسة إبداع تتهادى في جنباته ..

وبكل روعة تسري في أوصاله ..

يدعونا جميعا لأن نكون ...

وهجا من الإبداع .....




ولكم منا التحية
إعداد .. أخواتكم في مدارس دار الذكر –الدفعة الرابعة- 23/1424هـ