قصة الايغور
مرسل: السبت ديسمبر 25, 2010 9:52 pm
ربيعة قدير تصدر سيرتها بالألمانية
عدوة الصين تروي قصة الإيغور 18/12/2010
الجزيرة نت-برلين
"لولا إيماني بالله لما نجوت مما تعرضت له من مهالك يشيب لها الوالدان، وما استطعت تحمل فظائع مرت بي ومثلت مرآة لمعاناة شعبي المسلم، منذ خضوع تركستان الشرقية لحكم الصين عام 1949".
بهذه الكلمات استهلت رئيسة المؤتمر الإيغوري العالمي ربيعة قدير كتاب سيرتها الذاتية، الذي يروي قصة تحولها من أثرى سيدة في الصين إلى العدو رقم 1 لبكين، ويسلط الضوء بشكل مواز على التاريخ الحديث لتركستان الشرقية التي تعرف الآن بإقليم سنغيانغ الصيني.
وحمل الكتاب -الواقع في 416 صفحة والصادر بالألمانية عن دار تشر هايني في ميونيخ- عنوانا مزدوجا هو "ربيعة قدير عدوة الصين الأولى تروي قصتها– امرأة وحيدة في مواجهة قوى عظمى".
وبدأته مؤلفته الصحفية ألكسندرا كافيليوس بالإشارة إلى تزامن ولادة قدير عام 1948 مع عثور أسرتها المشتغلة بالتنقيب عن الذهب فجأة على كمية ضخمة من هذا المعدن النفيس في منطقة التاي الجبلية بشمال غرب سنغيانغ.
"
لولا إيماني بالله لما نجوت مما تعرضت له من مهالك يشيب لها الوالدان، وما استطعت تحمل فظائع مرت بي ومثلت مرآة لمعاناة شعبي المسلم، منذ خضوع تركستان الشرقية لحكم الصين
"
ربيعة قدير
صعود وهبوط
ولفتت المؤلفة إلى أن فرح الأسرة الإيغورية بهذين الحدثين ما لبث أن تبدد في العام التالي بعد إرسال الزعيم الصيني ماو تسي تونغ قواته إلى "تركستان الشرقية"، وإعلانه ضم هذه المنطقة رسميا إلى الصين وإطلاقه عليها اسم سنغيانغ ويعني "المحطة الجديدة".
وإذا كانت صين ماو قد مارست –مثلما يقول الكتاب- كافة ضروب الاضطهاد على الإيغوريين والقوميات المسلمة الأخرى وأذاقتهم أنواع المرارة، "فإن جذوة من نار هذا القمع مست قدير طوال حياتها، من ضربها في طفولتها يوميا بالمدرسة لعدم تعليقها صورة ماو على صدرها، إلى معاقبتها في كهولتها بسجن أبنائها".
ويمر الكتاب على زواج ربيعة قدير الأول وإنجابها ستة أطفال ثم طلاقها بسبب رفض زوجها اهتمامها بقضايا الإيغور، ويعرج على عملها بالتجارة في الثمانينيات بعد انفتاح دينغ زياو دينغ، وتكوينها ثروة بلغت 28 مليون دولار أميركي مما جعلها أثرى سيدة في الصين.
ويتطرق الكتاب إلى دخول الناشطة الإيغورية البرلمان الصيني كنائبة بين عامي 1992 و1997، ويشير إلى قيام الصين بإرسال قدير كممثلة لها في مؤتمر الأمم المتحدة للنساء ببكين عام 1996، ويقول الكتاب "أرادت ربيعة قدير حينذاك توظيف وضعها السياسي في خدمة أبناء قوميتها ورفع الظلم عنهم، فيما استهدف الحزب الشيوعي إبراز هذه الناشطة الإيغورية وتلميعها للإيحاء للخارج بتحسن أوضاع الأقليات في الصين".
لكن جرأة قدير بعد ذلك في انتقاد سياسة التذويب الصينية للهوية الثقافية لإقليم الإيغور، أدت إلى طرد هذه المرأة من البرلمان الصيني، وحولتها في نظر بكين من إيغورية تقدمية إلى شخصية مكروهة ثم عدوة عقب تزعمها مظاهرة للنساء الإيغوريات للاحتجاج على إعدام 30 من مواطنيهم بلا محاكمة.
ماض وحاضر
وفي تلك المرحلة تعرضت الناشطة الإيغورية لمحاولة اغتيال أصيبت فيها، ثم ما لبثت السلطات الصينية أن اعتقلتها بتهمة الخيانة العظمى مستندة إلى قصاصات صحف حول أوضاع الإيغور، أرسلتها قدير لزوجها الثاني الأكاديمي حاجي مراد في منفاه بالولايات المتحدة.
ويعرض الكتاب تفاصيل مفزعة عاشتها ربيعة قدير في زنزانتها بعد أن حكمت عليها محكمة صينية بالسجن 8 سنوات، ويقدمها كضحية وشاهدة عيان لتعذيب وحشي وعمليات اغتصاب وإعدامات رأتها خلف الستار الأحمر للتنين الصيني، ويربط بين هذا "وتحول الاعتقالات والتعذيب والإعدامات بلا محاكمات إلى سياسة منهجية يمارسها النظام الشيوعي ضد الإيغوريين".
ومن سيرة قدير، يدلف كتاب عدوة الصين الأولى إلى الجغرافيا والتاريخ في بلاد الإيغور، وقصة الإسلام الذي وصلها عام 1300 واعتنقه كل سكانها الذين كانوا يدينون بالبوذية المانوية والمسيحية النسطورية.
وتصل مساحة تركستان الشرقية (سنغيانغ) -وفق تقدير الكتاب- إلى أربعة أضعاف مساحة ألمانيا، ويبلغ عدد سكانها 9 ملايين نسمة ما زالوا يتحدثون باللغة العثمانية القديمة المكتوبة بحروف عربية.
وتقول ربيعة قدير -التي تعيش في منفاها بالولايات المتحدة بعد الإفراج عنها عام 2005- إن الإيغور "تحولوا إلى أقلية ووصلت نسبتهم حاليا في وطنهم إلى 40% بسبب سياسة بكين الهادفة لـ"تصيين" المنطقة وتغيير واقعها الديمغرافي والبيئي والثقافي، من خلال إسكانها بـ200 مليون من قومية الهان الصينيين الذين باتوا يحتلون أهم الوظائف فيها".
وذكرت قدير أن سنغيانغ -التي تعد أغنى مناطق الصين والمحتوية على 30% من احتياطيات النفط و35% من احتياطيات النفط الموجودة في الأراضي الصينية- قد تحولت منذ عام 1961 إلى مكب للنفايات النووية الصينية وأجريت فيها 47 تجربة نووية.
حواضر الإسلام
ويأخذ الكتاب قارئه عبر جولة افتراضية إلى أهم مدن تركستان الشرقية مثل كاشغر وأرومشي وقوطان وأكسو والتاي وواحة حوض نهر تريم وصحراء تكلا مكان، ويمر الكتاب على أهم حواضر الإسلام ومساجده، ويعرف قارئه بمراحل تطور الإقليم وازدهار الثقافة الإيغورية في هذه المنطقة التي تصارعت عليها الصين وروسيا قبل أن تسقط أخيرا في قبضة العملاق الأصفر.
ورأت ربيعة قدير -التي تجاوزت الستين- أن المستشرقين الألمان الذين عبروا في مؤلفاتهم عن انبهارهم بما شاهدوه في تركستان الشرقية من ازدهار حضاري في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، سيصعقون إذا شاهدوا ما آل إليه حال المعالم الدينية والثقافية في كاشغر وأرومشي التي تخطط الصين لإزالتها بدعوى التحديث.
ولفتت قدير -التي تم ترشيحها ثلاث مرات لجائزة نوبل للسلام– إلى أن "النظام الصيني الذي لا يعرف الرحمة زاد منذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول وحشية تعامله مع الإيغور، ودأب على وصف احتجاجاتهم السلمية ضد انتقاص حقوقهم السياسية والثقافية والاقتصادية، بالإرهاب والانفصال والتطرف".
وتأسفت -ي ختام سيرتها الذاتية-"لجهل العالم بمأساة تركستان الشرقية ومسلميها المنسيين، في الوقت الذي تجد فيه قضية التبت -الذين يشتركون مع الإيغور في المعاناة- أنصارا ومدافعين في كل مكان".
عدوة الصين تروي قصة الإيغور 18/12/2010
الجزيرة نت-برلين
"لولا إيماني بالله لما نجوت مما تعرضت له من مهالك يشيب لها الوالدان، وما استطعت تحمل فظائع مرت بي ومثلت مرآة لمعاناة شعبي المسلم، منذ خضوع تركستان الشرقية لحكم الصين عام 1949".
بهذه الكلمات استهلت رئيسة المؤتمر الإيغوري العالمي ربيعة قدير كتاب سيرتها الذاتية، الذي يروي قصة تحولها من أثرى سيدة في الصين إلى العدو رقم 1 لبكين، ويسلط الضوء بشكل مواز على التاريخ الحديث لتركستان الشرقية التي تعرف الآن بإقليم سنغيانغ الصيني.
وحمل الكتاب -الواقع في 416 صفحة والصادر بالألمانية عن دار تشر هايني في ميونيخ- عنوانا مزدوجا هو "ربيعة قدير عدوة الصين الأولى تروي قصتها– امرأة وحيدة في مواجهة قوى عظمى".
وبدأته مؤلفته الصحفية ألكسندرا كافيليوس بالإشارة إلى تزامن ولادة قدير عام 1948 مع عثور أسرتها المشتغلة بالتنقيب عن الذهب فجأة على كمية ضخمة من هذا المعدن النفيس في منطقة التاي الجبلية بشمال غرب سنغيانغ.
"
لولا إيماني بالله لما نجوت مما تعرضت له من مهالك يشيب لها الوالدان، وما استطعت تحمل فظائع مرت بي ومثلت مرآة لمعاناة شعبي المسلم، منذ خضوع تركستان الشرقية لحكم الصين
"
ربيعة قدير
صعود وهبوط
ولفتت المؤلفة إلى أن فرح الأسرة الإيغورية بهذين الحدثين ما لبث أن تبدد في العام التالي بعد إرسال الزعيم الصيني ماو تسي تونغ قواته إلى "تركستان الشرقية"، وإعلانه ضم هذه المنطقة رسميا إلى الصين وإطلاقه عليها اسم سنغيانغ ويعني "المحطة الجديدة".
وإذا كانت صين ماو قد مارست –مثلما يقول الكتاب- كافة ضروب الاضطهاد على الإيغوريين والقوميات المسلمة الأخرى وأذاقتهم أنواع المرارة، "فإن جذوة من نار هذا القمع مست قدير طوال حياتها، من ضربها في طفولتها يوميا بالمدرسة لعدم تعليقها صورة ماو على صدرها، إلى معاقبتها في كهولتها بسجن أبنائها".
ويمر الكتاب على زواج ربيعة قدير الأول وإنجابها ستة أطفال ثم طلاقها بسبب رفض زوجها اهتمامها بقضايا الإيغور، ويعرج على عملها بالتجارة في الثمانينيات بعد انفتاح دينغ زياو دينغ، وتكوينها ثروة بلغت 28 مليون دولار أميركي مما جعلها أثرى سيدة في الصين.
ويتطرق الكتاب إلى دخول الناشطة الإيغورية البرلمان الصيني كنائبة بين عامي 1992 و1997، ويشير إلى قيام الصين بإرسال قدير كممثلة لها في مؤتمر الأمم المتحدة للنساء ببكين عام 1996، ويقول الكتاب "أرادت ربيعة قدير حينذاك توظيف وضعها السياسي في خدمة أبناء قوميتها ورفع الظلم عنهم، فيما استهدف الحزب الشيوعي إبراز هذه الناشطة الإيغورية وتلميعها للإيحاء للخارج بتحسن أوضاع الأقليات في الصين".
لكن جرأة قدير بعد ذلك في انتقاد سياسة التذويب الصينية للهوية الثقافية لإقليم الإيغور، أدت إلى طرد هذه المرأة من البرلمان الصيني، وحولتها في نظر بكين من إيغورية تقدمية إلى شخصية مكروهة ثم عدوة عقب تزعمها مظاهرة للنساء الإيغوريات للاحتجاج على إعدام 30 من مواطنيهم بلا محاكمة.
ماض وحاضر
وفي تلك المرحلة تعرضت الناشطة الإيغورية لمحاولة اغتيال أصيبت فيها، ثم ما لبثت السلطات الصينية أن اعتقلتها بتهمة الخيانة العظمى مستندة إلى قصاصات صحف حول أوضاع الإيغور، أرسلتها قدير لزوجها الثاني الأكاديمي حاجي مراد في منفاه بالولايات المتحدة.
ويعرض الكتاب تفاصيل مفزعة عاشتها ربيعة قدير في زنزانتها بعد أن حكمت عليها محكمة صينية بالسجن 8 سنوات، ويقدمها كضحية وشاهدة عيان لتعذيب وحشي وعمليات اغتصاب وإعدامات رأتها خلف الستار الأحمر للتنين الصيني، ويربط بين هذا "وتحول الاعتقالات والتعذيب والإعدامات بلا محاكمات إلى سياسة منهجية يمارسها النظام الشيوعي ضد الإيغوريين".
ومن سيرة قدير، يدلف كتاب عدوة الصين الأولى إلى الجغرافيا والتاريخ في بلاد الإيغور، وقصة الإسلام الذي وصلها عام 1300 واعتنقه كل سكانها الذين كانوا يدينون بالبوذية المانوية والمسيحية النسطورية.
وتصل مساحة تركستان الشرقية (سنغيانغ) -وفق تقدير الكتاب- إلى أربعة أضعاف مساحة ألمانيا، ويبلغ عدد سكانها 9 ملايين نسمة ما زالوا يتحدثون باللغة العثمانية القديمة المكتوبة بحروف عربية.
وتقول ربيعة قدير -التي تعيش في منفاها بالولايات المتحدة بعد الإفراج عنها عام 2005- إن الإيغور "تحولوا إلى أقلية ووصلت نسبتهم حاليا في وطنهم إلى 40% بسبب سياسة بكين الهادفة لـ"تصيين" المنطقة وتغيير واقعها الديمغرافي والبيئي والثقافي، من خلال إسكانها بـ200 مليون من قومية الهان الصينيين الذين باتوا يحتلون أهم الوظائف فيها".
وذكرت قدير أن سنغيانغ -التي تعد أغنى مناطق الصين والمحتوية على 30% من احتياطيات النفط و35% من احتياطيات النفط الموجودة في الأراضي الصينية- قد تحولت منذ عام 1961 إلى مكب للنفايات النووية الصينية وأجريت فيها 47 تجربة نووية.
حواضر الإسلام
ويأخذ الكتاب قارئه عبر جولة افتراضية إلى أهم مدن تركستان الشرقية مثل كاشغر وأرومشي وقوطان وأكسو والتاي وواحة حوض نهر تريم وصحراء تكلا مكان، ويمر الكتاب على أهم حواضر الإسلام ومساجده، ويعرف قارئه بمراحل تطور الإقليم وازدهار الثقافة الإيغورية في هذه المنطقة التي تصارعت عليها الصين وروسيا قبل أن تسقط أخيرا في قبضة العملاق الأصفر.
ورأت ربيعة قدير -التي تجاوزت الستين- أن المستشرقين الألمان الذين عبروا في مؤلفاتهم عن انبهارهم بما شاهدوه في تركستان الشرقية من ازدهار حضاري في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، سيصعقون إذا شاهدوا ما آل إليه حال المعالم الدينية والثقافية في كاشغر وأرومشي التي تخطط الصين لإزالتها بدعوى التحديث.
ولفتت قدير -التي تم ترشيحها ثلاث مرات لجائزة نوبل للسلام– إلى أن "النظام الصيني الذي لا يعرف الرحمة زاد منذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول وحشية تعامله مع الإيغور، ودأب على وصف احتجاجاتهم السلمية ضد انتقاص حقوقهم السياسية والثقافية والاقتصادية، بالإرهاب والانفصال والتطرف".
وتأسفت -ي ختام سيرتها الذاتية-"لجهل العالم بمأساة تركستان الشرقية ومسلميها المنسيين، في الوقت الذي تجد فيه قضية التبت -الذين يشتركون مع الإيغور في المعاناة- أنصارا ومدافعين في كل مكان".