الأمير .. ( نيكولو ماكيافيللي).
تنسب كلمة ميكافيليه لميكافيلي نفسه حيث أنه يقصد به النفعية .
و غالباً ما يقول بعض الأشخاص أن فلان لديه نزعات ميكافيليه ويقصد فيها النزعات الوصولية التي تطغى على شخصية البعض ،حيث أن ميكافيلي كان يذكر في كتابه أن أغلب الغايات الوسيلة يبررها غاياتنا حيث أن الغاية ستبرر سبب استخدامنا لهذه الوسيلة الغير حميدة أو الغير إنسانية .
كان أول شيء يتطرق له ميكافيلي ضرورة فصل الأخلاق عن العمل السياسي .
لكن لا يفصله ابداً الدين عن السياسة كما تفرض العلمانية حيث انه في كتابه الأمير كان يقول :
ان الدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس.
و غالباً ما يربط القائد الذكي بين دخوله كحاكم مع سلاح الدين !, بعض الأفكار في هذا الكتاب لم تعجبني كفكره مجردة , بينما أعجبني كثيراً قدرته على التجرد من النفاق والتحفظ .
حيث أنه من الصعب أن تقول أنه من الواجب أن نكذب أحياناً وهذا شيء ضروري ومفترض أنه طالما وجد الكذب أن نكذب !
حيث يقول في أحدى الفصول أنه لايجدي ان يكون المرء شريفاً دائماً ,و ليس أفيد للمرء من ظهوره بمظهر الفضيلة.
كانت السياسة بنظره تعني القوة بكل أشكالها حيث أنه في اقتباس له يقول :
من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك ,كما يقول في الفصل الأول بعنوان أنواع الإمارات وكيفية الحصول عليها :
في الصفحة 38
نلاحظ بأن الناس ينبغي أن يعاملوا إما بلطف أو على عكس ذلك .
أن تقع تصفيتهم بقوة , لأنهم عادة ينتقمون للإساءات الصغيرة , بينما لا يستطيعون الرد على الإساءات الكبيرة .
لذا على الأمير اجتراح الإساءات العظيمة التي يصعب الانتقام لها .
يقول ايضاً في ضرورة أن يكون القائد قوياً في الفصل السابع عشر :
في الصفحة 112
أرى أن على الأمير اكتساب سمعة الرحمة وليس القسوة ولكن عليه مع ذلك , أن لا يسيء استعمال الرحمة .
هنا يناقض الفكرة ولكنه يأتي بمثال عن شدة القسوة حيث ذكر مثال عليها شهرة قيصر بورجا أنه أشتهر بالقسوة
لكن قسوته ساعدته على إصلاح رومانية وتوحيدها و إقرار السلم و الطمأنينة بها .
وإذا أمعنا النظر في هذا الموضوع سيتضح لنا أن قيصر كان أكثر رحمة من الشعب الفلورنسي الذي أدى به طموحه لتجنب صفة القسوة إلى السماح بتدمير بيستويه .
وقد خولته تجربته السياسية هذه على التعرف والاتصال بأكبر رموز السياسة الايطالية والدولية على عهده أخص بالذكر لا الحصر، كاترينا سفورزا وقيصر بورجا ولويس الثاني عشر والبابا يوليوس الثاني والإمبراطور ماكسيميليان وغيرهم من حكام وقادة فرنسيين وسويسريين وألمان وإسبان .
في الفصل الأول يتناول نيكولو أنواع الإمارات وكيفية الحصول عليها كفصل مستقل .
وفي هذا الفصل الذي يتكون من صفحة واحدة فقط يقول :
إن كل الدول والأنظمة التي حكمت الناس كانت وما تزال , إما جمهوريات أو إمارات , والإمارات إما تكون وراثية , ينتقل الحكم فيها بين أفراد العائلة الواحدة , او تكون جديدة .
والإمارات الجديدة قد تكون مستحدثة في كل شيء , كما كانت ميلانو بالنسبة لفرانسيكو سفورزا (1)
وقد تكون من الإمارات التي يحتلها أمير أجنبي فيضمها إلى دولته الوراثية , كما هو شأن مملكة نابولي مع ملك إسبانيا .
والمناظطق التي يتم احتلالها بهذا الشكل إما أن تكون حرة أو معتادة على العيش تحت سلطة أمير والسيطرة عليها تتم بأسلحة الغيرأو بالأسلحة الخاصة , عن طريق الحظ أو بواسطة الكفاءة .
بعد قراءة هذه الصفحة :
(1) فرانسيكو سفورزا : في قراءة سابقة كنت أعلم أن سفورزا عائلة نبيلة في المجتمع الإيطالي و الأوروبي .
مر علي أسم فرانسيكو في كتاب يتحدث عن فن ليوناردو ديفنشي حيث أن أضخم أعماله عام1499 كانت التمثال الذي حطمته أسهم االفرنسيين .
أما بخصوص ما ذكره ميكافيلي في هذا الفصل حيث كان يقسم بعد هذا الفصل بشكل مفصل الإمارات الوراثية أو كما تدعى " الملكية " أو المختلطة أياً كان نوع الحكم فيها ..
ولكن أكثر العبارات التي توقفت عندها في الفصل الثالث الذي تناول الإمارات المختلطة حديثه عن الدول المستجدة والدول المتجمعة التي تتحدث نفس اللغة أو العكس .
حينما يتحدث عن التحاق الدول المستجدة بالدول المستقرة , حيث أنها إما أن تكون من الأقليم نفسه بحيث أنها تتكلم اللغة نفسها , أو مختلفة عنها .
في الحالة الأولى يرى ميكافيللي أنه يسهل الاحتفاظ بالدولة الجديدة ويكفي لهذا الغرض أن لا تكون معتادة على الحرية !!
ولأمتلاكها بطريقة آمنة يكفي القضاء على سلالة أميرها السابق !
وضرب مثال على ذلك مقاطعات بورغونية وبورتانية وغاسكونية و نورماندي التي ظلت تابعة لفرنسا مدة رغم وجود بعض الفوارق في اللغة !
لكن هنا كانت العادات متشابهة , وكان من الهين أن تعيش تحت نظام واحد .
ويقول في الصفحة 36 :
على من يحتل هذه البلدان ويريد الاحتفاظ بها أن يلتزم بأمرين اثنين لابد منهما أولهما القضاء على عائلة أميرها السابق , وثانيها الحرص على عدم تغيير قوانينها السائدة ونظام الضرائب فيها إذ بفضل هذين التدبيرين تتحد الدولتان في ظرف و جيز وتصبحان بمثابة عضوين في جسد واحد .
كما أن ميكافيلي يرى أن الحرب لا يمكن تجنبها , وأن تجنبها و تأجيل ميقاتها يتحول لامتياز للعدو !
ويأتي بمثال الرومان حينما أعلنوا الحرب على فيليب وأنتيوكوس في اليونان حتى لا يضطروا إلى خوضها داخل ايطاليا .
فهم بهذا الصنيع –أقصد الرومان – لم يعملوا بنصيحة عصرنا الحالي التي تقول بضرورة الاستفادة من مزايا تأجيل الحرب ..
..