منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By اسماء القحطاني
#30988
54. بين الحي .. والميت ..
كان ثقيلاً على الناس .. على زملائه .. جيرانه .. إخوانه .. حتى على أولاده ..
نعم .. كان ثقيل الدم ..
طالما سمعهم مراراً يقولون : يا أخي ما عندك مشاعر !!
لم يكن يتفاعل معهم أبداً ..
أتاه ولده يوماً فرحاً مستبشراً .. يلوّح بدفتر الواجب وقد وقع المدرس فيه كلمة " ممتاز " .. لم يلتفت الأب إليه .. وإنما قال : طيب .. عادي .. والله لو أنك جايب شهادة الدكتوراه !!
كان المنتظر غير ذلك ..
طالب عنده في الفصل .. كان خفيف الدم .. لاحظ ثقل الدرس ( والمدرس !!) فلطف الجوَّ بنكتة أطلقها .. فلم تتحرك تعابير وجه المدرس وإنما قال : تستخف دمك ؟!
كنت أتمنى أن يكون تصرفه غير ذلك ..
دخل إلى البقالة .. فقال له العامل البسيط : الحمد لله .. جاءتني رسالة من أهلي .. لم يتفاعل ..
هلا سأل نفسه لماذا أخبره أصلاً .. ليشاركه فرحته ..
زار أحد زملائه .. فوضع له القهوة والشاي .. ثم دخل البيت وجاء بطفله الأول حديث لاولاده .. قد لفه في مهاده .. ولو استطاع أن يلفه بجفون عينيه لفعل .. ثم وقف به بين يديه وقال : ما رأيك في هذا البطل ؟
فنظر إليه ببرود .. وقال .. ما شاء الله .. الله يخلي لك إياه .. ثم رفع فنجال الشاي ليشرب ..
كان المنتظر أن يتفاعل أكثر .. يأخذ الغلام بين يديه .. يقبله .. يمدح جماله .. وصحته ..
لكن صاحبنا كان ( غبياً ) ..
عندما تتعامل مع الناس .. قس الأمور بأهميتها عندهم .. لا عندك أنت ..
فكلمة "ممتاز" بالنسبة لولدك أغلى عنده من شهادة الدكتوراه عند الدكتور ..
وهذا المولود عند صاحبك أغلى عنده من الدنيا .. كلما رآه ودَّ أن يشق قلبه ويسكنه فيه .. أفلا يستحق منك حبك لصاحبك أن تشاركه ولو بعض شعوره ..
أحياناً يكون بعض الناس متحمساً لشيء معين ..
لذلك تجد الذين لا يتفاعلون مع الناس يشتكي أحدهم دائماً ..
لماذا أولادي لا يحبون ( السوالف ) معي .. فنقول : لأنهم يحكون لك النكتة فلا تتفاعل .. ويروون قصصهم في مدارسهم .. وكأنهم يكلمون جداراً ..
حتى ذكر لك شخص قصة .. أنت تعرفها .. فلا مانع من التفاعل معه ..
قال عبد الله ابن المبارك : والله إن الرجل ليحدثني بالحديث وأنا أعرفه من قبل أن تلده أمه فأسمعه منه .. وكأني أول مرة أسمعه ..
ما أجمل هذه المهارة ..
قبيل معركة الخندق ..
عمل المسلمون في حفر الخندق حتى أحكموه ..
وكان من بينهم رجل اسمه جعيل .. فغيره النبي  إلى عمرو ..
فكان الصحابة يشتغلون .. ويعملون ..
ويرددون قائلين :
سماه من بعد جعيل عمراً ***
وكان للبائس يوماً ظهراً
فكانوا إذا قالوا : عمرواً .. قال معهم رسول الله r : عمرواً ..
وإذا قالوا : ظهراً .. قال لهم : ظهراً ..
فيتحمسون أكثر .. ويشعرون أنه معهم ..
والله لولا الله ما اهتدينا ..
ولما أقبل الليل عليهم اشتد البرد ..
واستمروا يحفرون ..
فخرج عليهم رسول الله  ..
فرآهم يحفرون بأيديهم راضين مستبشرين ..
فلما رأوا رسول الله  قالوا :
نحن الذين بايعوا محمداً *** على الجهاد ما بقينا أبدا
فقال مجيباً لهم :
اللهم إن العيش عيش الآخرة ، فاغفر للأنصار والمهاجرة ..
ويستمر تفاعله معهم .. طوال الأيام ..
فسمعهم وقد علاهم الغبار .. وهم يرددون :
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا
فكان يرفع صوته متفاعلاً معهم قائلاً : أبينا .. أبينا .
وكان  إذا مازحه أحد تفاعل معه .. وضحك وتبسم ..
دخل عليه عمر وهو r غضبان على نسائه .. لما أكثرن عليه مطالبته بالنفقة .. فقال عمر : يَا رَسُولَ اللَّهِ .. لَوْ رَأَيْتَنا وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ .. نَغْلِبُ النِّسَاءَ ..
فكنا إذا سألت أحدَنا امرأتُه نفقةً قام إليها فوجأ عنقها ..
فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ .. فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم ..
فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ r .. ثم زاد عمر الكلام .. فازداد تبسم النبي r ..
وتقرأ في أحاديث أنه تبسم حتى بدت نواجذه ..
وكان  يتعامل مع أنواع من الناس لا يقدرون التعامل الراقي .. ولا يتفاعلون معه .. بل ينغلقون ويتعجلون ..
ومع ذلك كان يصبر عليهم ..
كان r .. يوماً نازلاً بموضع يقال له "الجعرانة " بين مكة والمدينة ..
ومعه بلال .. فجاءه r أعرابي يبدو أنه كان قد طلب من النبي  حاجة فوعده بها ولم تتيسر بعد .. وكان الأعرابي مستعجلاً .. فقال :
يا محمد .. ألا تنجز لي ما وعدتني ؟
فقال له  متلطفاً : أبشر ..
وهل هناك كلمة أرق منها ..!!
فقال الأعرابي بكل صلافة : قد أكثرت علي من أبشر !
فغضب النبي  من عبارته .. لكنه كتم غيظه .. والتفت إلى أبي موسى وبلال وكانا جالسين بجانبه .. فقال :
رد البشرى فاقبلا أنتما ..
فاستبشرا ..
ثم دعا  بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه ومجَّ فيه ..
ثم قال : اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا .. أي ببركة هذا الماء ..
فأخذا القدح ففعلا ..
وكانت أم سلمة  قريبة منهم .. جالسة وراء ستار .. فأرادت أن لا تفوتها البركة .. فنادت من وراء الستر : أفضلا لأمكما .. أي أبقيا لها منه ..
فأفضلا لها منه طائفة .. ( ) ..
إذن كان لطيف المعشر .. أنيس المجلس .. متحملاً .. لا يعمل قضية وخلافاً من كل شيء ..
جلس  يوماً مع عائشة ..
فأخذت تحدثه بأحاديث نساء .. وهو يتفاعل معها ..
وهي تفصل الكلام وتطيل .. وهو على كثرة مشاغله يستمع ويتفاعل ويعلق ..
حتى قضت حديثها ..
فحدثته أنه جلست إحدى عشرة امرأة – في أيام الجاهلية - فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً ..
فجعلن يتذاكرن أزواجهن بما فيهم ولا يكذبن !!
قالت الأولى :
زوجي لحم جمل غث على رأس جبل ..
لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل ..
( تشبه زوجها بالجبل الوعر الذي وضعوا فوقه لحم جمل كبير غير جيد .. فلا يحرص أحد للوصول إليه لصعوبة الوصول إليه .. وهو لا يستحق التعب لأجله .. أي : لسوء خلقة .. وأنه يتكبر .. مع أنه ليس عنده ما يتكبر بسببه فهو بخيل فقير ) ..
قالت الثانية :
زوجي لا أبث خبره ..
إني أخاف أن لا أذره ..
إن أذكره أذكر عجره وبجره ..
( أي : زوجها كثير العيوب .. وتخشى إذا ذكرت ما فيه أن يبلغه ذلك فيطلقها .. وهي متعلقة به بسبب أولادها ..
لكنها لم تمدحه فإن له عُجَر وبُجَر !! والعجر : أن تنعقد العروق في الجسد حتى تصير منتفخة .. فتؤلم ..
والبُجَر انتفاخ عروق في البطن .. !!)
قالت الثالثة :
زوجي العَشَنَّق ..
إن أنطق أطلق ..
وإن أسكت أُعلَّق ..
وهو على حد السِّنان الـمُذَلَّق ..
( أي : زوجها طويل قبيح .. سيء الخلق .. ولا يتسامح معها بل على مثل حد السيف !! فهي مهددة بالطلاق كل لحظة .. لا يحتمل كلامها .. ومتى اشتكت إليه شيئاً طلقها .. ولا يعاملها معاملة الأزواج .. فهي عنده كالمعلقة ) ..
قالت الرابعة :
زوجي كـ لَـيْـلِ تِهامة ..
لا حَرٌ ولا قَرٌ ..
ولا مخافة ولا سآمة ..
( ليل تهامة لا رياح فيه فيطيب لأهله .. فوصفت زوجها بجميل العشرة .. واعتدال الأخلاق .. فلا أذى عنده ) ..
قالت الخامسة :
زوجي إن دخل فَـهِد ..
وإن خرج أَسِد ..
ولا يسأل عما عَـهِد ..
( أي : إذا دخل بيته صار كالفهد وهو الحيوان المعروف وهو كريم نشيط .. وغذا خرج من البيت وخالط الناس فهو أسد لشجاعته .. وهو أيضاً سمحٌ لا يدقق في السؤال عن ما يأخذه أهله أو يصرفونه ..)
قالت السادسة :
زوجي إن أكل لفَّ ..
وإن شرب اشتفَّ ..
وإن اضطجع التفَّ ..
ولا يُولِج الكفَّ .. ليعلم البثَّ ..
(أي : إن زوجها يكثر الأكل حتى يلفه لفاً فلا يبقي لهم شيئاً .. والشراف يشفّه شفاً .. يشربه كله .. وإذا نام التفَّ باللحاف ولم يدع لزوجته شيئاً .. وإذا حزنت لم يقرب كفه إليها أو يلاطفها ليعلم سبب حزنها .. ) ..
قالت السابعة :
زوجي غياياء أو عياياء ( أي غبي !! )
طباقاء ( أحمق !)
كل داء له داء ( جميع العيوب فيه !)
إن حدثته سبك .. ( لا يقبل حديثاً ولا مؤانسة . بل يسب ويلعن دوماً ) ..
وإن مازحته : شجًك ( ضرب رأسك فجرحه !) ..
أو فلًك ( ضرب الجلد فجرحه ) ..
أو جمع كلاًّ لكِ .. ( يضرب كل المواضع الرأس والجسد ! ) ..
قالت الثامنة :
زوجي .. المس مس أرنب .. ( أي ناعم رقيق ) ..
والريح ريح زرنب .. ( وهو نبات طيب الرائحة ) ..
وأنا اغلبه والناس يغلب .. ( أي سهل معها ينصاع لما تريد .. لكنه بطل يغلب الناس وشخصيته أمامهم قوية ) ..
قالت التاسعة :
زوجي رفيع النجاد .. ( بيته واسع مفتوح للضيوف ) ..
عظيم الرماد .. ( كثير إشعال النار استقبالاً للضيوف وطبخاً لهم ) ..
قريب البيت من الناد .. ( المجلس الذي يجلس فيه مع أصحابه وهو النادي قريب من بيته لحرصه على أهله ) ..
لا يشبع ليله يضاف .. ( لا يأكل كثيراً عند الناس ) ..
ولا ينام ليلة يُخَاف .. ( إذا كان هناك خطر بالليل من عدو أو غيره .. يظل مستيقظاً يحرس ويراقب ) ..
قالت العاشرة :
زوجي مالك ..
وما مالك ؟! ..
مالك خير من ذلك ..
له إبل كثيرات المبارك ..
قليلات المسارح ..
وإذا سمعن المزهر .. أيقنَّ أنهن هوالك ..
( زوجها اسمه مالك .. مهما وصفته لن تحيط بأوصافه الجميلة .. إبله دائماً قريبة منه وقل ما تسرح أي تذهب للرعي ..لتكون جاهة للحلب منها ونحرها للضيوف .. وإذا سمعت افبل صوت المزهر السكين تُحَدّ وتجهّز .. علمت أنه سيهلك بعضهن ذبحاً للضيوف ) ..
قالت الحادية عشرة :
زوجي أبو زرع ؟! ( اسمه أبو زرع ) ..
فما أبو زرع ..
أناس من حلي أذني .. ( ألبسها الحلي والذهب ) ..
وملأ من شحم عضدي .. ( سمنت عنده ) ..
وبجحني فبجحت إلى نفسي .. ( مدحني حتى أعجبت بنفسي ) ..
وجدني في أهل غنيمة بشِقٍّ .. ( كان اهلها فقراء لا يملكون إلا غنيمات ) ..
فجعلني في أهل صهيل وأطيط ( نقلها إلى بيت فيه خيل وإبل ) ..
ودائس ومنق ( أي دواب كثيرة ) ..
فعنده أقول فلا أقبح .. ( تتكلم بما شاءت ولا ينتقد كلامها ) ..
وأرقد فأتصبح .. ( تشبع نوماً إلى الصباح .. لكثرة الخدم ) ..
وأشرب فأتقنح .. ( جميع الأشربة عندها .. تروى منها ) ..
أم أبي زرع ؟! فما أم أبي زرع !!
عكومها رداح .. ( سمينة جميلة ) ..
وبيتها فساح .. ( بيتها واسع ) ..
ابن أبي زرع ؟! فما بن أبي زرع !!
مضجعه كمسل شطبة .. ( ينام نوماً رفيقاً بأدب ) ..
ويشبعه ذراع الجفرة .. ( لا يأكل كثيراً ) ..
بنت أبي زرع ؟! فما بنت أبي زرع !!
طوع أبيها وطوع أمها ..
وملء كسائها .. ( متسترة ) ..
وغيظ جارتها .. ( تغار جاراتها من جمالها ولذة عيشها ) ..
جارية أبي زرع ؟! فما جارية أبي زرع !! ( الخادمة !! )
لا تبث حديثنا تبثيثاً .. ( لا تنشر أسرار البيت ) ..
ولا تنفث ميرتنا تنفيثاً .. ( لا تبدد طعام البيت وتعبث به ) ..
ولا تملأ بيتنا تعشيشاً .. ( لا تهمل البيت فيمتلأ بالأوساخ ) ..
ثم قالت :
خرج أبو زرع والأوطاب تمخض .. ( خرج من بيته يوماً في وقت ربيع ) ..
فلقى امرأة معها ولدان لها كالفهدين .. ( رأى امرأة جالسة حولها طفلان جميلان قويا البنية ) ..
يلعبان من تحت خصرها برمانتين .. ( يلعبان بثدييها ) ..
فطلقني ونكحها .. ( أعجبته .. فطلق أم زرع وتزوجها !! ) ..
فنكحت بعده رجلا سرياً .. ( تزوجت ام زرع رجلاً كريماً ) ..
ركب شرياً .. ( ركب خيلاً سابقاً ) ..
وأخذ خطياً ..
وأراح علي نعماً ثرياً .. ( أكرمها وأهداها لأنه ثري ) ..
وأعطاني من كل رائحة زوجاً .. ( أكثر لها من الأطياب ويعطيها اثنين من كل شيء لتستعمل وتهدي إن شاءت ) ..
وقال : كلي أم زرع ..
وميري أهلك .. ( أهدي لأهلك وأعطيهم ) ..
ثم قالت :
فلو جمعت كل شيء أعطانيه ..
ما بلغ أصغر آنية أبي زرع .. ( لا يزال قلبها معلقاً بأبي زرع ..!! ما الحب إلا للحبيب الأول )
كان  يستمع بكل غنصات إلى عائشة وهي تحدثه .. ولم يظهر لها ضجراً ولا مللاً .. مع تعبه وكثرة مشاغله .. وتراكم همومه ..
حتى إذا انتهت عائشة من حديثها :
قال e : كنت لك كأبي زرع لأم زرع ..
إذن .. اتفقنا .. على أهمية إظهار اللطف والاهتمام بالناس ..
فإذا جاءك ولدك متزيناً بثوب جميل .. ما رأيك يا أبي ؟ .. تفاعل ..
ابنتك .. زوجتك ..
زوجك .. ولدك .. زميلتك ..
كل من تخالطهم كن حياً متفاعلاً ..
أحياناً تكون ناسياً الموضوع .. قال لك – مثلاً - : أبشرك الوالد شُفي من مرضه .. فلا تقل : أصلاً .. متى مرض ؟!!
أو : أخي خرج من السجن .. لا تقل : والله ما دريت أصلاً أنه دخل السجن ..
وأخيراً .. يا جماعة ..
التشجيع والتفاعل ينفع حتى مع الحيوانات ..
قال أبو بكر الرقي :
كنت بالبادية ..
فوافيت قبيلة من قبائل العرب .. فأضافني رجل منهم وأدخلني خباءه ..
فرأيت في الخباء عبدا أسود مقيداً بقيد .. ورأيت جِمالا قد ماتت بين يدي البيت ..
وقد بقى منها جمل وهو ناحل ذابل كأنه ينزع روحه ..
فقال لي الغلام : أنت ضيف .. ولك حق .. فتشفع فيَّ إلى مولاي .. فإنه مكرم لضيفه .. فلا يرد شفاعتك في هذا القدر .. فعساه يحل القيد عني ..
فسكت عنه .. ولم أدر ما جرمه ..
فلما أحضروا الطعام .. امتنعت .. وقلت :
لا آكل .. ما لم أشفع في هذا العبد ..
فقال السيد : إن هذا العبد قد أفقرني .. وأهلَكَ جميعَ مالي ..
فقلت : ماذا فعل ؟!
فقال : إن له صوتاًً طيباً .. وإني كنت أعيش من ظهور هذه الجمال .. فحمَّلها أحمالاً ثقالاً ..
وكان ينشد الأشعار ويحدو بها .. حتى قطعت مسيرة ثلاثة أيام في ليلة واحدة من طيب نغمته ..
فلما حطت أحمالها .. ماتت كلها .. إلا هذا الجمل الواحد ..
ولكن أنت ضيفي .. فلكرامتك قد وهبته لك .. وأطلق الغلام من قيده ..
فاشتقت إلى سماع هذا الصوت ..
فلما أصبحنا أمره أن يحدو على جمل يستقى الماء من بئر هناك .. لينشط الجمل للعمل ..
فانطلق الغلام بصوت حسن .. فلما رفع صوته ..
سمعه الجمل فهام وهاج ونسي نفسه .. حتى قطع حباله ..
ووقعت أنا على وجهي من حسن الصوت .. فما أظن أني سمعت قط صوتاً أطيب منه .. ( )