منتديات الحوار الجامعية السياسية

شخصيات صنعت التاريخ

المشرف: بدريه القحطاني

#31020
رمز الديمقراطيةالأمريكية "ابراهام لينكولن"
1809 _ 1865م

ولد ابراهام عام 1809م في ولاية كنتكي في أمريكا وكان أبواه في حالة فقر مدقع ، وكانت أسرة لينكولن الكثيرة العدد تعيش في كوخ خشبي صغير عند طرف الغابة .
اضطرته ظروف حياته إلى أن يتولى تحصيل علمه بنفسه عن طريق الكتب التي من الصعب الحصول عليها في منطقة نائية على الحدود وقد أفلح ذات يوم في شراء عدد كبير من الكتب من مسافر كان يحملها في برميل كبير . والواقع أن هذه الكتب قد زودته بمادة وافرة من الدروس والتحصيل .
قام لينكولن بأول رحلة له فتحت أبواب الفرص أمامه وهو في سن التاسعة عشر من عمره ، حين سافر كأجير في مركب وجهته ميناء نيوأورلاينز ، وقد تركت هذه المغامرة أثراً بالغاً في قرارة نفسه .
بعد ذلك سافر إلى مدينة نيو سالم حتى يستقل في حياته ، وكان أول عمل يعمله هناك هو سكرتير لجنة الانتخابات في المدينة وأتاح له عمله التعرف على أهل المدينة وكان الجميع يحملون له مشاعر الحب والود .. فهو بالنسبة لهم شخصية متدينة مثقفة قادرة على اجتذاب كل من يتعامل معها ، فرشح ابراهام نفسه في انتخابات المجلس التشريعي للولاية ولكن الحظ لم يحالفه رغم حب الناس له .. لأنه رشح نفسه عن حزب الأقلية .

وبعد تجربة الانتخابات هذه التحق بهيئة بريد مدينة نيوسالم وعمل مديراً لمكتب البريد رغم افتقاره للرشاقة في الحركة والتعبير، وكعادته كان يحب عمله ويجيده مما دفع المتعاملين معه إلى الإعجاب بشخصيته وأخلاقه ، ومن ثم تعرف على عدة شخصيات كبيرة حاولت أن تخدمه بقدر استطاعتها .. حتى أصبح عضوا في نقابة المحاميين وهو في الثامنة والعشرين من عمره .
وتفتحت الأبواب أمام ابراهام فبعد دراسة القانون ونجاحه كامحامي جيد ، رشح نفسه مرة ثانية في انتخابات المجلس التشريعي وأصبح عضوا فيه .. وهكذا لم يستسلم لليأس أو الفشل بل كان يعتد بنفسه ويثق في مواهبه واستعداده ، ثم يعمل لتحقيق ما يريد .
كان يعظ الناس ويحب العدالة كثيرا ويكره الظلم ويعطف على الفقراء حتى أنه تزعم الحركة التي تدعو لإلغاء الرق في وقت كان العبيد يباعون في الأسواق .

وجد ابراهام لنفسه فرصة للدفاع عن المظلمين واشباع حبه للعدالة والإنسانية وفي هذا يقول هو : "المحامي الشريف لا يجعل جمع المال نصب عينيه ، إذ أن أعظم أجر يتقاضاه المحامي الحر هو انتصار في قضية ترافع فيها عن متهم برئ ، أو فقير مظلوم أو يتيم أو أرملة أرجع إليهم جميعاً حقوقهم المهضومة ، أما المال فهوهدف التاجر ، وهناك فروق بين التجارة والمحاماه .. "
التف أصحاب القضايا والمظلومين حوله ومع ذلك كان فقيراً غارقاً في الديون رغم أنه كان يستطيع أن يحصل على ثروة طائلة من عمله لكن حبه للناس دفعه إلى الدفاع عنهم بأقل أجر .

كان من الطبيعي أن ينجح ابراهام لنكولن في انتخابات الرئاسة بعد أن رشح نفسه عن الحزب الجمهوري فقد عُرف عنه نزاهته ووطنيته ، والتف الناس حوله وأحبوه وانتخبوه عام 1861م رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية ليكون الرئيس رقم (16) لها .. ولم تتغير شخصيته بعد أن فاز بالرئاسة بل ظل كما هو بسيطاً متواضعاً يصافح الناس في الشوارع ويفتح باب داره بنفسه للضيوف وكانت بساطته هذه تثير غيظ زوجته الارستقراطية ولكنه لم يهتم بتعليقاتها وكان أول زيارة يقوم بها بعد توليه منصب الرئاسة زيارة زوجة أبيه التي كان لها فضل كبير في تربيته فقد سافر هو بنفسه في ذلك الجو القارس ليأتي بها تسكن معه في البيت الأبيض اعترافاً منه بجميلها عليه واحترامه لها ..

على الرغم من المدة القصيرة التي رأس فيها ابراهام الولايات المتحدة والتي لم تزد عن خمس سنوات إلا أنها تركت بصمة واضحة في تاريخ أمريكا ومستقبلها فقد كان أول من ناد بحرية الصحافة لأنها خير ضمان لحرية الأمة وهو أول من وضع المبادئ الإنسانية السامية في الدستور الأمريكي وهو الرجل الذي حارب الرق وألغاه تماماً رغم الصعوبات التي واجهها في هذا المجال التي يطول شرحها .. وكرس كل جهده لإبقاء إتحاد الولايات المتحدة فاعلاً ولكن عملاء التمرد والانفصال كرسوا كل جهودهم للقضاء على الاتحاد وأشعلوا نار الحرب التي كان حريص بالإبتعاد عنها .. ولكن قامت الحرب بين ولايات الشمال وولايات الجنوب .. وما كان إلا النصر للشمال الذي كان يتفوق في عدد الولايات والبشر رغم تفوق الروح العسكرية عند الجنوب .. ويرجع النصر له من أجل بقاء الولايات المتحدة متحدة دائمة وقوية ومن أجل تحرير العبيد .

لم يستطع ابراهام أن يتمتع بانتصاره فقد انتهت حياته بعد ذلك بقليل وكانت نهاية مأساوية إذ بينما كان يشاهد مسرحية "ابن عمى الأمريكي" مع زوجته أطلق عليه ممثل مجنون يدعى "جون بوث" الرصاص فظل في غيبوبة حتى فارق الحياة وعمره (56) عاماً ..

ويعتبر الساسة ابراهام لينكولن من كبار الرؤساء الأمريكيين الذين أوصلوا الولايات المتحدة إلى ما هي عليه اليوم من تقدم وازدهار.
:)