السياسة العسكرية في عهد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم
مرسل: الأربعاء ديسمبر 29, 2010 4:57 pm
كما هو واضح من المهمة التي كلف بها الرسول الكريم من المولى ـ سبحانه وتعالى ـ في قوله: )وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير ([الشورى : 7].إن الإنذار سوف يكون من خلال مراحل وأسبقيات، وحيث سيكون هناك مرحلة تسبق الإنذار يمكن أن تسمى بمرحلة الاستمكان؛ لأن المجتمع الوحيد بالمدينة بدأ خطوته من أول السلم وكان لا بد وأن يمر بهذه المرحلة حتى يكون قادراً على تنفيذ الأمر الإلهي بنشر كلمة الحق في ربوع العالمين، ومن هنا يمكننا القول أن السياسة العسكرية الإسلامية في عهد الرسول القائد تضمنت ثلاث مراحل كالآتي:
أ ـ مرحلة الاستمكان:
وهي المرحلة الدفاعية التي دافع خلالها الجيش المسلم عن المجتمع الإسلامي الوليد، واستمرت هذه المرحلة ثلاث سنوات من رمضان في العام الثاني إلى ذي العقدة من العام الهجري الخامس، وقد شملت هذه المرحلة المعارك الآتية:
(1) معركة بدر:
في رمضان من العام الهجري الثاني وهي المعركة الأولى التي خاضها الجيش المسلم دفاعاً عن المجتمع الإسلامي الوليد، وقد كان لدعم السماء للجيش المسلم دور كبير في النصر، وانظر إلى قوله تعالى: )إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم و لو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم ([الأنفال : 42].
(2) معركة أحد:
في شهر شوال من العام الثالث الهجري، وعلى الرغم من هزيمة الجيش المسلم في هذه المعركة إلا أن المولى ـ سبحانه وتعالى ـ قد أعمى بصيرة قادة الجيش الكافر فاكتفوا بالانتقام لخسائرهم في بدر وعادوا من حيث جاءوا، ولو تحركوا صوب المدينة لقضوا على المجتمع المسلم الوليد. ومن هنا يمكننا القول أن دعم السماء للجيش المسلم جاء بصورةٍ غير مباشرة عكس الدعم في معركة بدر.
(3) معركة الخندق:
في شهر ذي القعدة من العام الخامس الهجري، وهي آخر معارك الدفاع ومرحلة الاستمكان، وكان دعم السماء هنا في صورة مباشرة مصداقاً لقوله تعالى: )يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيراً * إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً ([الأحزاب : 9 ـ 11].
ب ـ مرحلة التعرض والهجوم داخل شبه الجزيرة العربية أو ( إنذار أم القرى ):
وفي هذه المرحلة بدأ الجيش المسلم في التحول من الأعمال الدفاعية الثابتة إلى الأعمال الهجومية والتعرضية، واستمرت هذه المرحلة من رمضان في العام الهجري الثامن إلى شوال من نفس العام وقد شملت هذه المرحلة المعارك التالية:
(1) معركة فتح مكة:
وتعتبر هذه المعركة درة في جبين التاريخ العسكري الإسلامي، حتى يمكننا القول أنها كانت بياناً عملياً عن أسلوب مهاجمة المدن والاستيلاء عليها بأقصى سرعة وبدون خسائر؛ حيث كان نصر الله المبين مصداقاً لقوله: )وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيراً ([ الفتح : 24].وهذه المعركة كانت في رمضان من العام الثامن.
(2) معركة وادي حنين:
وقد تمت هذه المعركة بعد فتح مكة بأيام قليلة وبعد أن تجمع المنافقون والكافرون في وادي حنين، وتعتبر هذه المعركة هي المعركة الوحيدة في تاريخ السياسة العسكرية التي وضعها الرسول القائد صلى الله عليه وسلم التي كان الجيش المسلم يتمتع فيها بالتفوق في القوات والعتاد، ومن عجب أيضاً أن الجيش المسلم تعرض للفشل في بداية المعركة، وحيث كان الدور العظيم الذي قام به القائد أثر إعادة لم شمل الجيش واستكمال المعركة، وفي ذلك يقول المولى ـ عز وجل ـ: )لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ([التوبة: 25].
جـ ـ مرحلة التعرض والهجوم خارج شبه الجزيرة العربية أو ( إنذار من هم حول أم القرى):
في هذه المرحلة يلاحظ أن الرسول القائد صلى الله عليه وسلم قد أعد جيشه ودربه استعداداً لتنفيذ هذه المرحلة، وحيث توفي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قبل بدايتها وحيث تمتد هذه المرحلة من انتقال الرسول إلى الرفيق الأعلى وحتى قيام الساعة ويلاحظ هنا أن مسئولية استكمال سياسة الرسول القائد انتقلت تلقائياً إلى المجتمع الإسلامي، وهو ما حدث في عهد الخليفة الأول عندما أمر بدفع الجيوش المسلمة في اتجاه العراق والشام.
2 ـ وقد خطط الرسول القائد صلى الله عليه وسلم أن يتم التحول من مرحلة إلى أخرى في إطار موضوعي وواقعي، وحيث تم إعداد الجيش المسلم وتدريبه على الأعمال الهجومية بعد انتهاء مرحلة الاستمكان واستعداداً للمرحلة التالية من خلال معركة مؤتة، ونفس الشئ تم عند إعداد الجيش المسلم وتدريبه للانتقال للمرحلة الثالثة بعد انتهاء المرحلة الثانية من خلال معركة تبوك. ويمكن أن نستعرض معارك الإعداد والتدريب من خلال الآتي:
أ ـ معركة مؤتة:
(1) معركة تدريب وإعداد للجيش للتحول من مرحلة الدفاع إلى مرحلة التعرض.
(2) تم من خلالها تقديم القدوة في التضحية بالنفس لإعلاء كلمة الحق، وحيث كانت التضحية في مرحلة الاستمكان دفاعاً عن العرض والأرض، وهذا ما يفسر قيام الرسول القائد صلى الله عليه وسلم بتعيين ثلاثة قادة أحدهم من آل البيت[4] وأيضاً يفسر لماذا لم يخرج الرسول في هذه المعركة.
(3) وفي هذه المعركة أيضاً اكتسب الجيش المسلم مهارات التحرك لمسافات طويلة وأسلوب السيطرة على هذا التحرك، وتوفير الإعاشة للقوات.
(4) كما اكتسب الجيش المسلم خبرة عظيمة في القتال تحت ضغط العدو، وذلك عندما استشهد القادة الثلاثة وتولى القيادة خالد بن الوليد، والذي قام بتنفيذ الانسحاب النموذجي لقواته.
(5) وعندما استقبل الصبيان الجيش العائد من مؤته: كانوا يصيحون ( يا فرار في سبيل الله ) فيرد الذي يعلم الغرض من المعركة صلى الله عليه وسلم: «بل هم الكرار في سبيل الله».
ب ـ معركة تبوك:
(1) معركة إعداد وتدريب بين المرحلة الثانية ( التعرض داخل شبه الجزيرة العربية والمرحلة الثالثة التعرض خارج شبه الجزيرة العربية ).
(2) ونظراً لأن الجيش المسلم سوف ينطلق في المرحلة الثالثة إلى من هم حول أم القرى، وسوف يواجه الجيش المسلم دائما تفوق الطرف الآخر، لذلك ركز الرسول القائد قبل انتقاله للرفيق الأعلى على موضوع استنفار القوات، ومعروف بالطبع قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن المعركة، وقام المجتمع المسلم بمقاطعتهم حتى نزل فيهم قول المولى ـ عز وجل ـ: )وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم ([ التوبة : 118].
(3) ونظراً لأن الجيش المسلم خلال المرحلة الثالثة سوف يتجه شرقاً وغرباً وفي أماكن طقسها مغاير لطقس شبه الجزيرة العربية، وفي أماكن أخرى طقسها يتصف بالقسوة، فقد شاء المولى ـ عز وجل ـ أن تنفذ هذه المعركة في طقس سيءقاس، حتى أطلق على معركة تبوك: معركة العسرة.المصدر: http://www.55a.net/firas/arabic/index.p ... ect_page=1
أ ـ مرحلة الاستمكان:
وهي المرحلة الدفاعية التي دافع خلالها الجيش المسلم عن المجتمع الإسلامي الوليد، واستمرت هذه المرحلة ثلاث سنوات من رمضان في العام الثاني إلى ذي العقدة من العام الهجري الخامس، وقد شملت هذه المرحلة المعارك الآتية:
(1) معركة بدر:
في رمضان من العام الهجري الثاني وهي المعركة الأولى التي خاضها الجيش المسلم دفاعاً عن المجتمع الإسلامي الوليد، وقد كان لدعم السماء للجيش المسلم دور كبير في النصر، وانظر إلى قوله تعالى: )إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم و لو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم ([الأنفال : 42].
(2) معركة أحد:
في شهر شوال من العام الثالث الهجري، وعلى الرغم من هزيمة الجيش المسلم في هذه المعركة إلا أن المولى ـ سبحانه وتعالى ـ قد أعمى بصيرة قادة الجيش الكافر فاكتفوا بالانتقام لخسائرهم في بدر وعادوا من حيث جاءوا، ولو تحركوا صوب المدينة لقضوا على المجتمع المسلم الوليد. ومن هنا يمكننا القول أن دعم السماء للجيش المسلم جاء بصورةٍ غير مباشرة عكس الدعم في معركة بدر.
(3) معركة الخندق:
في شهر ذي القعدة من العام الخامس الهجري، وهي آخر معارك الدفاع ومرحلة الاستمكان، وكان دعم السماء هنا في صورة مباشرة مصداقاً لقوله تعالى: )يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيراً * إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً ([الأحزاب : 9 ـ 11].
ب ـ مرحلة التعرض والهجوم داخل شبه الجزيرة العربية أو ( إنذار أم القرى ):
وفي هذه المرحلة بدأ الجيش المسلم في التحول من الأعمال الدفاعية الثابتة إلى الأعمال الهجومية والتعرضية، واستمرت هذه المرحلة من رمضان في العام الهجري الثامن إلى شوال من نفس العام وقد شملت هذه المرحلة المعارك التالية:
(1) معركة فتح مكة:
وتعتبر هذه المعركة درة في جبين التاريخ العسكري الإسلامي، حتى يمكننا القول أنها كانت بياناً عملياً عن أسلوب مهاجمة المدن والاستيلاء عليها بأقصى سرعة وبدون خسائر؛ حيث كان نصر الله المبين مصداقاً لقوله: )وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيراً ([ الفتح : 24].وهذه المعركة كانت في رمضان من العام الثامن.
(2) معركة وادي حنين:
وقد تمت هذه المعركة بعد فتح مكة بأيام قليلة وبعد أن تجمع المنافقون والكافرون في وادي حنين، وتعتبر هذه المعركة هي المعركة الوحيدة في تاريخ السياسة العسكرية التي وضعها الرسول القائد صلى الله عليه وسلم التي كان الجيش المسلم يتمتع فيها بالتفوق في القوات والعتاد، ومن عجب أيضاً أن الجيش المسلم تعرض للفشل في بداية المعركة، وحيث كان الدور العظيم الذي قام به القائد أثر إعادة لم شمل الجيش واستكمال المعركة، وفي ذلك يقول المولى ـ عز وجل ـ: )لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ([التوبة: 25].
جـ ـ مرحلة التعرض والهجوم خارج شبه الجزيرة العربية أو ( إنذار من هم حول أم القرى):
في هذه المرحلة يلاحظ أن الرسول القائد صلى الله عليه وسلم قد أعد جيشه ودربه استعداداً لتنفيذ هذه المرحلة، وحيث توفي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قبل بدايتها وحيث تمتد هذه المرحلة من انتقال الرسول إلى الرفيق الأعلى وحتى قيام الساعة ويلاحظ هنا أن مسئولية استكمال سياسة الرسول القائد انتقلت تلقائياً إلى المجتمع الإسلامي، وهو ما حدث في عهد الخليفة الأول عندما أمر بدفع الجيوش المسلمة في اتجاه العراق والشام.
2 ـ وقد خطط الرسول القائد صلى الله عليه وسلم أن يتم التحول من مرحلة إلى أخرى في إطار موضوعي وواقعي، وحيث تم إعداد الجيش المسلم وتدريبه على الأعمال الهجومية بعد انتهاء مرحلة الاستمكان واستعداداً للمرحلة التالية من خلال معركة مؤتة، ونفس الشئ تم عند إعداد الجيش المسلم وتدريبه للانتقال للمرحلة الثالثة بعد انتهاء المرحلة الثانية من خلال معركة تبوك. ويمكن أن نستعرض معارك الإعداد والتدريب من خلال الآتي:
أ ـ معركة مؤتة:
(1) معركة تدريب وإعداد للجيش للتحول من مرحلة الدفاع إلى مرحلة التعرض.
(2) تم من خلالها تقديم القدوة في التضحية بالنفس لإعلاء كلمة الحق، وحيث كانت التضحية في مرحلة الاستمكان دفاعاً عن العرض والأرض، وهذا ما يفسر قيام الرسول القائد صلى الله عليه وسلم بتعيين ثلاثة قادة أحدهم من آل البيت[4] وأيضاً يفسر لماذا لم يخرج الرسول في هذه المعركة.
(3) وفي هذه المعركة أيضاً اكتسب الجيش المسلم مهارات التحرك لمسافات طويلة وأسلوب السيطرة على هذا التحرك، وتوفير الإعاشة للقوات.
(4) كما اكتسب الجيش المسلم خبرة عظيمة في القتال تحت ضغط العدو، وذلك عندما استشهد القادة الثلاثة وتولى القيادة خالد بن الوليد، والذي قام بتنفيذ الانسحاب النموذجي لقواته.
(5) وعندما استقبل الصبيان الجيش العائد من مؤته: كانوا يصيحون ( يا فرار في سبيل الله ) فيرد الذي يعلم الغرض من المعركة صلى الله عليه وسلم: «بل هم الكرار في سبيل الله».
ب ـ معركة تبوك:
(1) معركة إعداد وتدريب بين المرحلة الثانية ( التعرض داخل شبه الجزيرة العربية والمرحلة الثالثة التعرض خارج شبه الجزيرة العربية ).
(2) ونظراً لأن الجيش المسلم سوف ينطلق في المرحلة الثالثة إلى من هم حول أم القرى، وسوف يواجه الجيش المسلم دائما تفوق الطرف الآخر، لذلك ركز الرسول القائد قبل انتقاله للرفيق الأعلى على موضوع استنفار القوات، ومعروف بالطبع قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن المعركة، وقام المجتمع المسلم بمقاطعتهم حتى نزل فيهم قول المولى ـ عز وجل ـ: )وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم ([ التوبة : 118].
(3) ونظراً لأن الجيش المسلم خلال المرحلة الثالثة سوف يتجه شرقاً وغرباً وفي أماكن طقسها مغاير لطقس شبه الجزيرة العربية، وفي أماكن أخرى طقسها يتصف بالقسوة، فقد شاء المولى ـ عز وجل ـ أن تنفذ هذه المعركة في طقس سيءقاس، حتى أطلق على معركة تبوك: معركة العسرة.المصدر: http://www.55a.net/firas/arabic/index.p ... ect_page=1