منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#31240
فشلت «ولله الحمد» في تغيير بوصلة توجهاتي الفكرية
نورة السعد




أخفقت في تحقيق «حلم» راودني وأنا في المرحلة الثانوية وهي أن ألتحق بكلية الطب وأكون «طبيبة أطفال»، بل وفي طفولتي كنت أقوم بكتابة اسمي في أوراق صغيرة تشبه «روشتة الطبيب» وأكتب فيها اسمي وبقربه عبارة «طبيبة أطفال».. وكنت أتخيل أن عندي «عيادة طبية» أعالج فيها أبناء قبيلتي وأبناء الفقراء في مدينة جدة.وكبر هذا «الحلم» والتحقت بالقسم العلمي تمهيدًا لدخول كلية الطب، ولكن بعد حصولي على الثانوية العامة، لم يوافق والدي على سفري إلى الخارج للدراسة مثل بقية زميلاتي، وكانت صدمة لي. ولم أرغب في مواصلة تعليمي الجامعي! ربما اعتقادًا مني أني سأغير رأي والدي رحمه الله!!ولكن لم أستطع تنفيذ هذا.. واستجبت لرغبته رحمه الله في الالتحاق بكلية الاقتصاد والإدارة في جامعة الملك عبدالعزيز التي كانت الجامعة الوحيدة، وتم افتتاحها في ذلك العام في جدة. وكنت مستاءة من هذا التخصص في السنوات الأولى من الدراسة.. ولكن بعد تخرجي في الكلية.. حمدت الله أني لم ألتحق بكلية الطب لأني لن أكون «طبيبة» جيدة، وأدركت بعد ذلك أني ربما رغبت في التخصص استجابة لا شعورية لرغبات الأهل!! ولم تكن رغبتي الحقيقية.ü أخفقت في أن التحق بتخصص «علم اجتماع» عندما ذهبت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الماجستير.. لأن تخصصي الجامعي كان بكالوريوس إدارة أعمال.. وخبرتي كانت في مجال «التعليم العام»، لأني في أثناء دراستي الجامعية «عصرًا»، كنت أعمل في الصباح «معلمة» في المدرسة الابتدائية الأولى في جدة، ثم بعد ذلك مديرة لمدرسة متوسطة بعد التخرج في الجامعة. وكانت شروط الجامعة للالتحاق بالتخصص في «علم الاجتماع» للماجستير، هي الحصول على تقدير «جيد جدًا»، إذ لم أكن حاصلة على شهادة البكالوريوس في «علم الاجتماع». ومن سوء حظنا نحن خريجي جامعة الملك عبدالعزيز في الدفعات الأولى، أن تقدير «جيد» كان يعادل «جيد جدًا» فيما يخص الخريجين بعدنا، إذ قاموا بتغيير «المعدل» بعد تخرجنا، ولجأنا إلى معالي الدكتور محمد عبده يماني، وكان مديرًا للجامعة حينئذ، «مطالبين» بذكر ذلك في وثائق التخرج، ووعدنا بذلك، ولكن عندما رغبت في الحصول على الوثيقة من الجامعة عند قبولي في البعثة للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وجدت أن الجامعة لم تعدل «التقدير»!! وقالوا لنا لا يمكن ذكر ذلك، أي لا يمكن ذكر أن «جيد» يعادل «جيد جدًا» حاليًا.ولهذا واجهتني مشكلة التوفيق بين رغبتي في دراسة الماجستير في «علم الاجتماع»، وبين عدم مقدرتي على الانتقال من الولاية التي يدرس فيها أخي الذي كان يدرس هناك قبل سفري إليه. ولهذا اضطررت إلى التخصص في «الأصول الفلسفية والاجتماعية للتربية» في جامعة مينيسوتا تقديرًا منهم ـ كما قالوا لي ـ لخبرتي في التعليم العام، ولكن بالطبع كانت هناك «كورسات في التخصص» كان لابد من اجتيازها بتفوق قبل السماح لي بالالتحاق في هذا التخصص.أعترف أنها كانت مرحلة مهمة في حياتي لأن الخوف من الفشل في الحصول على تقدير امتياز في تلك المواد، وعدم المقدرة على تغيير التخصص لعدم مقدرتي على الانتقال إلى ولاية أخرى أو جامعة أخرى دائمًا يحفزانني لمزيد من الجهد، ولكن ولله الحمد استطعت بجهد ومثابرة اجتياز تلك المواد والالتحاق بالتخصص.وكثّفت دراستي في مواد «علم الاجتماع». وأحمد الله على هذه التجربة لأنها أثبتت لي أن مجالي في المهنة و الدراسات الاجتماعية وليس حقل «الطب»، رغم اعتزازي بمن التحق بالطب من أبناء إخوتي وأخي وبالعاملين في هذا المجال.ü من الإخفاقات التي أستعيدها دائمًا، هو إخفاقي في أن أكون «رسامة»، فقد كنت أميل إلى الرسم في طفولتي، وتدهشني تلك اللوحات الجميلة التي تنشر في المجلات، وحاولت ممارسة هذه الهواية كثيرًا. بل كنت أقوم بتأليف قصص للأطفال بالرسم وأنا في المرحلة الابتدائية. بالطبع كانت «الرسوم المرافقة» ليست ممتازة، ولكن أعتقد أنها كانت بدايات لموهبة لو وجدت من يشجعها لربما أصبحت «رسامة»!!ولكن يرحم الله معلمة الرسم في المدرسة الابتدائية التي ضحكت من بعض محاولتي «الرسم» أمام الطالبات واستهزأت بها، ولا يزال «وجعي» من تلك الوقفة في مراحل حياتي يعاودني أحيانًا كلما زرت معرضًا لبعض الرسامين، وخصوصًا المتفوقين منهم ومنهن. قتلت تلك المعلمة رحمها الله في داخلي تلك الموهبة، وبقي لي منها «التذوق» لما في هذا الإبداع من جماليات، فاللوحات الجميلة تتحدث «بلغة عالمية» يتقنها ويفهمها ويتواصل معها الملايين من البشر في العالم. وربما تغنيك «لوحة» عن «مقالة» إذا ما كان مبدعها «مثقفًا وواعيًا». ولهذا أغبط بعض صديقاتي الرسامات كثيرًا!!ü أيضًا هناك إخفاق آخر، أعترف به وهو فشلي في أن أكون «قاصة». فقد كانت لدي موهبة كتابة «القصة القصيرة»، وكانت لي «محاولات عديدة» في طفولتي. وبدايات ممارستي الكتابة في الصحف، ولقد نشر لي قصتان في بعض صحفنا، ولعدم مثابرتي في هذا المجال، وخصوصًا ما كتبته من هذه «القصص» في أثناء دراستي في أمريكا، فقدت الاهتمام بهذا الإبداع، ولكني لست نادمة على هذا.ü أخفقت أيضًا وبجدارة في أن أكون «منافقة»! ولقد خسرت بعض مواقعي الوظيفية لأني كنت «صريحة» في إبداء رأيي في عدد من الوقفات الإدارية في مواقع عملي، وكانت إحدى زميلاتي تقول لي: ينبغي أن تكوني دبلوماسية! قلت لها: بل قولي «منافقة»!!بالطبع الفرق واضح بين الدبلوماسية الرشيدة وبين «النفاق»، وخصوصًا إذا كانت القضايا التي هي محور النقاش قضايا تتعلق بالمبدأ!! و«المبدأ» في حياتنا خصوصًا إذا كان يرتبط بقيم الأمانة والصدق، هو «الأصل» وليس العكس.ü أخفقت وبجدارة في أن أكون عند حسن ظن عدد من الأخوات والإخوة الذين يرأسون تحرير بعض المجلات، أو يعملون متعاونين فيها، فيما يخص إجابتي على ما يوجهونه لي من «أسئلة»، وأعترف بهذا الفشل في إيفاء حقهم من الإجابة!! وأدرك أنهم الآن وعند قراءتهم لهذا الاعتراف سيباركونه! أو يؤيدونه!وحقيقة لا أعرف لماذا لا أنجز هذه الإجابات في وقتها!! رغم حرصي على ذلك. وربما بعد «اعترافي» هذا سألتزم ! أقول «إن شاء الله».ü أعترف أني فشلت ولله الحمد في تغيير بوصلة توجهاتي الفكرية «مثل البعض»!! لتواكب متغيرات الحاضر، والاستسلام للموجة القادمة من تغريب!! وتقليد للغرب في معتقده وتوجهاته! وتمرير مريض وخائن لبرامجه وخططه القادمة الاستعمارية. وأعترف أني لا أهتم بما يقوله عني من أخفق في أن يكون «صامدًا» على مبادئه محافظًا عليها!!ü أعترف أني أخفقت في استعراض ما طلبته المجلة «15 اعتراف بالفشل».