- الأحد يناير 02, 2011 6:36 pm
#31413
أسئلة كثيرة لا تزال تتراكم على المثقف العربي وتتزاحم في أولوياتها قبل أن تُحسم الإجابة على السابق منها، وكل سؤال منها يتداخل فيه المعرفي بالسياسي، فما إن بدأ سؤال النهضة حتى أعقبته أسئلة الدولة والحريات والمرأة وحقوق الإنسان وصولاً إلى العولمة ولم تنته الأسئلة بسؤال الديمقراطية المتجدد، لاسيما بعد إفشال وفشل تجارب سياسية نجحت ديمقراطياً، وأخرى ادعيت أو أتيحت لها الفرصة فلم تنجح، حتى سقط شعار الديمقراطية ولم يعد يصلح مادة للتسويق السياسي الدولي أو المحلي الرسمي أو المعارض، بل أصبحت هذه التجارب تعلَّة للهروب من مطالب الديمقراطية أو الضغط الدولي من أجلها، أو فزًّاعة للتخويف من آثارها، ضمن هذه الظروف تبرز أهمية البحث عن "عوائق التحول الديمقراطي في الوطن العربي" عنوان الكتاب الذي نشرته دار الفكر ضمن سلسلة حوارات لقرن جديد، شارك فيه الباحثان: سعيد بن سعيد العلوي، والسيد ولد أباه.
يستجمع سعيد بنسعيد العلوي في مقاربته محاولة لفهم عوائق التحول فيبدأ من الدولة الحديثة (كما يحدد شروطها ماكس فيبر) في العالم العربي والتي ما تزال في طور البناء والتكوين ويرافق محاولة البناء تلك صعوبات متعددة، ثم ينتقل إلى الدولة الوطنية التي لم تتمكن عملية بنائها من الملائمة بين دولة الاستقلال أو الثورة وبين النـزوع الاستبدادي والدكتاتوري في إدارة شؤون الدولة، ليشخص ضعف الدول العربية بسبب افتقاد الشرعية ويستشهد في تحليل هذا الضعف بدراستين ترجعه إحداهما إلى طبيعة المعارضة العربية التي تحولت من عنصر توازن إلى مكمل للسلطة (كما يرى الباحث الأمريكي وليم زارطمان) وترجعه الدراسة الثانية إلى وجود نسبة كبيرة من الطبقات الوسطى تعتمد على الدولة ولطبيعة المثقف العربي الذيء هو مثقف دولة لأسباب تتعدى المهنية إلى الشعور بالهوية والأهداف المشتركة (كما يرى جون ووتربيري)، ونتيجة لضعف مكونات المجتمع تم الدفع باتجاه مركزة السلطة ما أدى على ظهور حالات شاذة تعتبر الديمقراطية مسألة ثانوية وجزئية أو تستغني عن الحرية السياسية.
يتابع بنسعيد العلوي تحليله لعوائق التحول إلى الديمقراطية التي يراها نظاماً متكاملاً سياسياً واجتماعياً ويسجل شروطاً ضرورية لإقرار وجود ديمقراطية العالم العربي منها "دوران السلطة" الذي يعتبره مؤشر وجود الديمقراطية وعنوانها بل وشرط صحة لوجودها، ومن شروطها أيضاً الرغبة الحق في الديمقراطية لذاتها ووجود ديمقراطيين يؤمنون بها ويمارسونها، كما أنه لا بد لإحلال الديمقراطية من وجود دولة حديثة ومجتمع مدني وذلك يستلزم القضاء على الفقر المذقع والأمية لأنهما يحولان دون التعلق بالحرية والنظر الصحيح، هذه العناصر ومدى تحققها في العالم العربي هي مؤشرات تقيس التحول إلى الديمقراطية وتحدد حجم العوائق دونها، ويرى العلوي أن الرغبة بالديمقراطية ليست منعدمة وأن نوعاً من الحتمية التاريخية تحرك التوجه نحو التغيير الاجتماعي الذي تدعمه نسبة الشباب المرتفعة في العالم العربي والتي ترى في الديمقراطية الصيغة الأفضل للتعبير عن طموحاتها وأخذ دورها، ويرى في سعي الشباب للتماهي بين الإسلام والطموح لمجتمع أكثر عدلاً وديمقراطية مع رفضه للهيمنة الأمريكية مؤشرات إيجابية تضاف إلى عوامل أخرى تدعم التحول الديمقراطي كالتقنية والإعلام والعولمة.
أما السيد ولد أباه فيلخص عوائق التحول الديمقراطي في الوطن العربي في خمسة مستويات، المستوى الأول في تركيبة المجتمع الأهلي والبنية العصبية التقليدية إذ يرجع أغلب المفكرين السياسيين والاجتماعيين العرب أزمة النقلة الديمقراطية إلى استمرارية الهياكل العصبية المعيقة لتركز الدولة الحديثة، لكن تحليل حضور القبيلة الفعلي وأثره على طبيعة النظام السياسي لم يحظيا إلا قليلاً بالدراسة العلمية المتأنية (يشير في هذا الإطار لجهود رضوان السيد ووجيه كوثراني) دون أن يغفل بعض الأدوار الإيجابية للنظام القبلي سواء بالنسبة للتنمية أو تشكيل قوة مضادة للنظام السياسي تحمي الأفراد، ويستشهد لذلك بموريتانيا (الأمر الذي اعترض عليه العلوي حيث كانت القبيلة أداة للسلطة وليست مضادة لها)، لكن هذه القبائل لا تشكل خطراً على السلطة المركزية لفقدها الكثير من أدوارها وسلطتها وبالتالي فليس المجتمع الأهلي والهياكل القبلية والعشائرية عائقاً دون النقلة الديمقراطية، بل العائق يتمثل في الائتلاف بين السلطة المركزية هشة القاعدة والمؤسسة الأهلية فاقدة شروط الفاعلية. أما المستوى الثاني من العوائق فيتمثل في بنية المجتمع المدني الحديث الذي هو حاجة أكثر منه واقعاً قائماً نظراً لغياب الأرضية الاقتصادية والمجتمعية لهذا المفهوم، وهذا يمثل مأزقاً من مآزق التحول السياسي في البلاد العربية. أما المستوى الثالث فهو بنية الثقافة العربية الإسلامية وموقع الدين فيها ويتساءل هنا عن مدى تلاؤم النظم الديمقراطية مع أرضية ثقافية تتأس على الدين.
أما المستوى الرابع من العوائق فهو تركيبة الأحزاب السياسية العربية وهشاشة القوى الحزبية الرئيسية إذ تفتقد المشروع الثقافي السياسي للتعامل مع القضايا الوطنية، مع عدم القدرة على التعبير عن مصالح ورؤى فئة معينة أو طبقة اجتماعية، فتتوزع الأحزاب العربية بين الوطنية التي رافقت الاستقلال وأخذت شرعيته، والأهلية التي ترجع لما قبل التنظيمات الحديثة، والعقائدية التي ترتكز على الأيديولوجية في الرؤية والممارسة، وأحزاب السلطة وهي المتفرعة عن نظام الحكم ذاته، وفي هذه الأصناف تنعدم الصلة بالنسيج الاجتماعي أو لها إشكالية معه، وكل ذلك يعثر التحول الديمقراطي. أما المستوى الخامس من العوائق فيتمحور حول علاقة المثقف بالسلطة، حيث يتأرجح المثقف العربي بين انتمائه لبيروقراطية الدولة التي تحتاج إليه بقدر ما يحتاج إليها ونزوعه الثوري إلى تغيير المجتمع وتطويره، وهذا يفسر السمة الإشكالية لعلاقة المثقف العربي بالسلطة من جهة وبالمجتمع من جهة أخرى، وهذا الفصام قد ازداد مع بروز صيغ متتالية للمثقف العربي من المصلح المجدد، إلى القائد السياسي المفكر، إلى المفكر المندمج في الرهان الأكاديمي والثقافي مع التزام الفعل السياسي والأيديولوجي، لكن مع تحول الدولة التحديثية عن المشاريع الأيديولوجية بدأ المثقف يتحول إلى المجتمع المدني والعمل الأهلي، وانتهت الساحة الفكرية العربية إلى فصام متفاقم بين مثقف ملتزم ومفكر عدمي تفكيكي.
لقد عالجت مقاربتا العلوي وولد أباه أهم العوائق والأسئلة حول مسار الديمقراطية في العالم العربي وكانت مقاربتاهما تحليلية في إطار وصفي تاريخي، وكانا متقاربان في التحليل والرؤى، لكن جوانب هامة كان ينبغي التعمق فيها والتطرق إليها ولم تحظ بالاهتمام، من هذه الجوانب أثر التربية والثقافة في التحول إلى الديمقراطية أو كونها عقبة دونها، سواء في ذلك على مستوى التعليم أو مستوى المجتمع والأسرة، فكما أشير، الديمقراطية نظام سياسي واجتماعي لكن المقاربة كانت تركز على الجانب السياسي وأغفلت الجانب الاجتماعي الذي هو أرضية الديمقراطية السياسية، ومن جانب آخر طرحت أسئلة حول موقع الدين في الثقافة العربية ومدى كون مرجعيته عائقاً أمام النظام الديمقراطي، وتم طرح ثغرات للبحث، وقد أشبع بعضها بحثاً في بعده النظري، واستعرضت فرضيات حول علاقة الدين بالديمقراطية واستبعدت فرضية يمكن طرحها اليوم وهي دور الدين في توطين الديمقراطية في العالم العربي، فلقد فشلت الأنظمة الإقصائية تجاه الدين في تكريس الديمقراطية بينما نجحت أنظمة أخرى اعترفت بدور الدين والأحزاب الإسلامية المعتدلة في تكريس تعددية ديمقراطية نسبية، كما أن أحزاباً إسلامية في العالم العربي والإسلامي أكدت قدرتها على الحراك الديمقراطي وقبول الآخر أكثر من الأحزاب العلمانية، ولئن كانت نماذج من الحركات المتطرفة تثير التساؤل وتعمق الإشكال، فإن نماذج أخرى برزت مؤخراً تطرح إجابة مقابلة تنظيراً وسلوكاً، إن مؤشرات التحول الديمقراطي في العالم العربي ستبقى رهينة استيعاب التوجهات الفكرية والسياسية المتنوعة وعلى رأسها التوجهات الإسلامية التي إن نجحت في الاندماج في الحراك الديمقراطي فستكون مؤشراً لديمقراطية حقيقية نظراً لأن الحراك الإسلامي خارج السياق الديمقراطي سينزع في الغالب إلى خطاب هوية يضيق نحو الطائفية أو العنف، والعائق الجديد والأهم للديمقراطية والذي لم يتطرق إليه أي من الباحثين هو العائق الخارجي والمتمثل بالحيلولة الغربية (الأمريكية بالخصوص) دون وصول ديمقراطية عربية إلى السلطة لا تحقق المصالح الغربية، لكن هذا العائق لا يعني المثقف والسياسي العربي لأن العوائق العربية هي الأرضية التي تجعل من العائق الخارجي فاعلاً.
يستجمع سعيد بنسعيد العلوي في مقاربته محاولة لفهم عوائق التحول فيبدأ من الدولة الحديثة (كما يحدد شروطها ماكس فيبر) في العالم العربي والتي ما تزال في طور البناء والتكوين ويرافق محاولة البناء تلك صعوبات متعددة، ثم ينتقل إلى الدولة الوطنية التي لم تتمكن عملية بنائها من الملائمة بين دولة الاستقلال أو الثورة وبين النـزوع الاستبدادي والدكتاتوري في إدارة شؤون الدولة، ليشخص ضعف الدول العربية بسبب افتقاد الشرعية ويستشهد في تحليل هذا الضعف بدراستين ترجعه إحداهما إلى طبيعة المعارضة العربية التي تحولت من عنصر توازن إلى مكمل للسلطة (كما يرى الباحث الأمريكي وليم زارطمان) وترجعه الدراسة الثانية إلى وجود نسبة كبيرة من الطبقات الوسطى تعتمد على الدولة ولطبيعة المثقف العربي الذيء هو مثقف دولة لأسباب تتعدى المهنية إلى الشعور بالهوية والأهداف المشتركة (كما يرى جون ووتربيري)، ونتيجة لضعف مكونات المجتمع تم الدفع باتجاه مركزة السلطة ما أدى على ظهور حالات شاذة تعتبر الديمقراطية مسألة ثانوية وجزئية أو تستغني عن الحرية السياسية.
يتابع بنسعيد العلوي تحليله لعوائق التحول إلى الديمقراطية التي يراها نظاماً متكاملاً سياسياً واجتماعياً ويسجل شروطاً ضرورية لإقرار وجود ديمقراطية العالم العربي منها "دوران السلطة" الذي يعتبره مؤشر وجود الديمقراطية وعنوانها بل وشرط صحة لوجودها، ومن شروطها أيضاً الرغبة الحق في الديمقراطية لذاتها ووجود ديمقراطيين يؤمنون بها ويمارسونها، كما أنه لا بد لإحلال الديمقراطية من وجود دولة حديثة ومجتمع مدني وذلك يستلزم القضاء على الفقر المذقع والأمية لأنهما يحولان دون التعلق بالحرية والنظر الصحيح، هذه العناصر ومدى تحققها في العالم العربي هي مؤشرات تقيس التحول إلى الديمقراطية وتحدد حجم العوائق دونها، ويرى العلوي أن الرغبة بالديمقراطية ليست منعدمة وأن نوعاً من الحتمية التاريخية تحرك التوجه نحو التغيير الاجتماعي الذي تدعمه نسبة الشباب المرتفعة في العالم العربي والتي ترى في الديمقراطية الصيغة الأفضل للتعبير عن طموحاتها وأخذ دورها، ويرى في سعي الشباب للتماهي بين الإسلام والطموح لمجتمع أكثر عدلاً وديمقراطية مع رفضه للهيمنة الأمريكية مؤشرات إيجابية تضاف إلى عوامل أخرى تدعم التحول الديمقراطي كالتقنية والإعلام والعولمة.
أما السيد ولد أباه فيلخص عوائق التحول الديمقراطي في الوطن العربي في خمسة مستويات، المستوى الأول في تركيبة المجتمع الأهلي والبنية العصبية التقليدية إذ يرجع أغلب المفكرين السياسيين والاجتماعيين العرب أزمة النقلة الديمقراطية إلى استمرارية الهياكل العصبية المعيقة لتركز الدولة الحديثة، لكن تحليل حضور القبيلة الفعلي وأثره على طبيعة النظام السياسي لم يحظيا إلا قليلاً بالدراسة العلمية المتأنية (يشير في هذا الإطار لجهود رضوان السيد ووجيه كوثراني) دون أن يغفل بعض الأدوار الإيجابية للنظام القبلي سواء بالنسبة للتنمية أو تشكيل قوة مضادة للنظام السياسي تحمي الأفراد، ويستشهد لذلك بموريتانيا (الأمر الذي اعترض عليه العلوي حيث كانت القبيلة أداة للسلطة وليست مضادة لها)، لكن هذه القبائل لا تشكل خطراً على السلطة المركزية لفقدها الكثير من أدوارها وسلطتها وبالتالي فليس المجتمع الأهلي والهياكل القبلية والعشائرية عائقاً دون النقلة الديمقراطية، بل العائق يتمثل في الائتلاف بين السلطة المركزية هشة القاعدة والمؤسسة الأهلية فاقدة شروط الفاعلية. أما المستوى الثاني من العوائق فيتمثل في بنية المجتمع المدني الحديث الذي هو حاجة أكثر منه واقعاً قائماً نظراً لغياب الأرضية الاقتصادية والمجتمعية لهذا المفهوم، وهذا يمثل مأزقاً من مآزق التحول السياسي في البلاد العربية. أما المستوى الثالث فهو بنية الثقافة العربية الإسلامية وموقع الدين فيها ويتساءل هنا عن مدى تلاؤم النظم الديمقراطية مع أرضية ثقافية تتأس على الدين.
أما المستوى الرابع من العوائق فهو تركيبة الأحزاب السياسية العربية وهشاشة القوى الحزبية الرئيسية إذ تفتقد المشروع الثقافي السياسي للتعامل مع القضايا الوطنية، مع عدم القدرة على التعبير عن مصالح ورؤى فئة معينة أو طبقة اجتماعية، فتتوزع الأحزاب العربية بين الوطنية التي رافقت الاستقلال وأخذت شرعيته، والأهلية التي ترجع لما قبل التنظيمات الحديثة، والعقائدية التي ترتكز على الأيديولوجية في الرؤية والممارسة، وأحزاب السلطة وهي المتفرعة عن نظام الحكم ذاته، وفي هذه الأصناف تنعدم الصلة بالنسيج الاجتماعي أو لها إشكالية معه، وكل ذلك يعثر التحول الديمقراطي. أما المستوى الخامس من العوائق فيتمحور حول علاقة المثقف بالسلطة، حيث يتأرجح المثقف العربي بين انتمائه لبيروقراطية الدولة التي تحتاج إليه بقدر ما يحتاج إليها ونزوعه الثوري إلى تغيير المجتمع وتطويره، وهذا يفسر السمة الإشكالية لعلاقة المثقف العربي بالسلطة من جهة وبالمجتمع من جهة أخرى، وهذا الفصام قد ازداد مع بروز صيغ متتالية للمثقف العربي من المصلح المجدد، إلى القائد السياسي المفكر، إلى المفكر المندمج في الرهان الأكاديمي والثقافي مع التزام الفعل السياسي والأيديولوجي، لكن مع تحول الدولة التحديثية عن المشاريع الأيديولوجية بدأ المثقف يتحول إلى المجتمع المدني والعمل الأهلي، وانتهت الساحة الفكرية العربية إلى فصام متفاقم بين مثقف ملتزم ومفكر عدمي تفكيكي.
لقد عالجت مقاربتا العلوي وولد أباه أهم العوائق والأسئلة حول مسار الديمقراطية في العالم العربي وكانت مقاربتاهما تحليلية في إطار وصفي تاريخي، وكانا متقاربان في التحليل والرؤى، لكن جوانب هامة كان ينبغي التعمق فيها والتطرق إليها ولم تحظ بالاهتمام، من هذه الجوانب أثر التربية والثقافة في التحول إلى الديمقراطية أو كونها عقبة دونها، سواء في ذلك على مستوى التعليم أو مستوى المجتمع والأسرة، فكما أشير، الديمقراطية نظام سياسي واجتماعي لكن المقاربة كانت تركز على الجانب السياسي وأغفلت الجانب الاجتماعي الذي هو أرضية الديمقراطية السياسية، ومن جانب آخر طرحت أسئلة حول موقع الدين في الثقافة العربية ومدى كون مرجعيته عائقاً أمام النظام الديمقراطي، وتم طرح ثغرات للبحث، وقد أشبع بعضها بحثاً في بعده النظري، واستعرضت فرضيات حول علاقة الدين بالديمقراطية واستبعدت فرضية يمكن طرحها اليوم وهي دور الدين في توطين الديمقراطية في العالم العربي، فلقد فشلت الأنظمة الإقصائية تجاه الدين في تكريس الديمقراطية بينما نجحت أنظمة أخرى اعترفت بدور الدين والأحزاب الإسلامية المعتدلة في تكريس تعددية ديمقراطية نسبية، كما أن أحزاباً إسلامية في العالم العربي والإسلامي أكدت قدرتها على الحراك الديمقراطي وقبول الآخر أكثر من الأحزاب العلمانية، ولئن كانت نماذج من الحركات المتطرفة تثير التساؤل وتعمق الإشكال، فإن نماذج أخرى برزت مؤخراً تطرح إجابة مقابلة تنظيراً وسلوكاً، إن مؤشرات التحول الديمقراطي في العالم العربي ستبقى رهينة استيعاب التوجهات الفكرية والسياسية المتنوعة وعلى رأسها التوجهات الإسلامية التي إن نجحت في الاندماج في الحراك الديمقراطي فستكون مؤشراً لديمقراطية حقيقية نظراً لأن الحراك الإسلامي خارج السياق الديمقراطي سينزع في الغالب إلى خطاب هوية يضيق نحو الطائفية أو العنف، والعائق الجديد والأهم للديمقراطية والذي لم يتطرق إليه أي من الباحثين هو العائق الخارجي والمتمثل بالحيلولة الغربية (الأمريكية بالخصوص) دون وصول ديمقراطية عربية إلى السلطة لا تحقق المصالح الغربية، لكن هذا العائق لا يعني المثقف والسياسي العربي لأن العوائق العربية هي الأرضية التي تجعل من العائق الخارجي فاعلاً.