صفحة 1 من 1

موقف الاتحاد الاوروبي من الملف النووي الايراني

مرسل: الأحد يناير 02, 2011 9:42 pm
بواسطة عبدالله العنبر 4
عملت أوروبا بعد انتهاء الحرب الباردة على استعادة نفوذها السابق في الشرق الأوسط، وفي هذا الإطار طرحت في عام 1994 فكرة إنشاء بنك أوروبي بالشرق الأوسط ليساهم في تنمية العلاقات الاقتصادية الأوروبية مع هذه المنطقة ؛ إلا أن هذه الفكرة لم تنفذ مطلقًا ، كما لم تصل سائر مساعي الاتحاد الأوروبي للحصول على نصيب في إدارة الشرق الأوسط إلى نتيجة.



وكان الطريق الوحيد أمام الدول الأوروبية هو: أن تعمل على تنمية علاقاتها الثنائية مع أية دولة من دول الشرق الأوسط، لكن الولايات المتحدة لما لها من نفوذ على نظم المنطقة تستطيع بسهولة سد هذا الطريق .



ويبدو أن الدولة المستقلة الوحيدة التي يمكن أن يعتمد عليها الأوروبيون هي: إيران، خاصة أن ظهور "محمد خاتمي" على الساحة السياسية في عام 1997، وإجراء إصلاحات عديدة في السياسة الخارجية من بينها مشروع حوار الحضارات قد قوبل بترحاب شديد من جانب الدول الأوروبية، وتحول الحوار النقدي الذي كانت أوروبا قد بدأته مع إيران منذ عام 1992 م إلى حوار بنّاء، وكانت زيارة "خاتمي" لعدد من الدول الأوروبية ، وتوقيع عدد من الاتفاقيات المهمة مع الشركات الفرنسية المخالفة للمقاطعات الأمريكية – دليلاً على حرارة العلاقات الثنائية ، وبالنظر إلى ما قد قيل فإن أوروبا في إطار أن يكون لها مزيد من النفوذ في الشرق الأوسط والتحول إلى قوة ذات نفوذ دولي قد تبنت أحيانًا سياسات منفصلة عن السياسات الأمريكية في المنطقة وخاصة حيال إيران .



وبالنظر إلى المواقف الأمريكية والإيرانية؛ فإن أوروبا تسعى لاستغلال هذه الفرصة كي يكون لها نفوذ في المنطقة، وما هي هذه الفرصة أكثر من أي شيء آخر سوى الملف النووي الإيراني . فقد عملت أوروبا التي كان طرفًا أساسيًّا مع إيران في الحوارات النووية في ألا يصل هذا الملف إلى نهاية؛ إلا أنها في هذا الصدد وقعت أكثر من ذي قبل تحت الضغوط الأمريكية لاتخاذ قرار بخصوص الملف النووي الإيراني في مجلس الأمن .



كما أن دول الاتحاد الأوروبي لا ترغب في تصعيد الموقف مع طهران للعلاقات الاقتصادية بين أوروبا وطهران، ورغم أنه ليس هناك موقف أوروبي موحد في السياسة الخارجية بين أوروبا القديمة والجديدة، حسب تصنيف "رامسفيلد" وزير الدفاع الأمريكي، فإن الموقف الألماني والفرنسي متميزان بشأن إيران، ولقد أعلنت باريس أنّ توقف التخصيب شرط مسبق للمفاوضات، فإن التجربة الإيرانية مع فرنسا وألمانيا توحي بقرب فتح باب المفاوضات بسبب الدور الإيراني في المنطقة وخاصة في لبنان، وعلاقات فرنسا الاقتصادية مع طهران وابتعاد فرنسا عن الموقف الأمريكي.



و يقول "يحي أبو زكريا" لم تعد العواصم الغربيّة تخفي إمتعاضها الشديد وانزعاجها المتواصل من المشروع النووي الإيراني الذي بات يؤرقها، وخصوصًا مع إصرار العهد الجديد في إيران بالمضيّ قدمًا في تفعيل المشروع النووي الإيراني؛ رغم الاعتراضات الدولية وعلى رأسها الاعتراض الأمريكي ثمّ الأوروبي .



و قد حاولت العواصم الأوروبية في تعاملها مع الملف النووي الإيراني أن تنأى بنفسها عن وجهة النظر الأمريكية في كيفيّة التعاطي مع الملف النووي الإيراني؛ إلاّ أنّه سرعان ما تطابقت وجهة النظر الأمريكية مع وجهة النظر الأوروبية، وتحديدًا مع بداية الرئيس الإيراني الجديد "محمود أحمدي نجاد" الحديث عن إسرائيل، و ضرورة إزالتها من الخارطة, وقد انعكس الإصرار الإيراني على تفعيل المشروع النووي وعدم إقفال مصنع بوشهر النووي على الرسميين الأوروبيين الذين باتت تصريحاتهم نووية أيضًا من قبيل التصريح النووي الذي أطلقه الرئيس الفرنسي "جاك شيراك"، والذي هددّ بقصف أية دولة ينطلق منها عمل إرهابي ضدّ فرنسا بالقنابل النووية .



وكانت العواصم الغربية المكلفة بمتابعة الملف النووي الإيراني (وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا ) تعمل على تطويق هذه المعضلة ذات الأبعاد النووية عن طريق الدبلوماسية في محاولة لتجنب تكرار ما جرى في العراق,

وسعت هذه الدول الثلاث التي كانت مفوّضة من قبل المجموعة الأوروبية لإقناع طهران بالتخلي عن استئناف أبحاثها النووية , وقد حققّت بعض التقدّم في عهد محمد خاتمي الذي كان متجاوبًا مع مطالب المجموعة الأوروبيّة .



ومع وصول "محمود أحمدي نجاد" إلى سدّة الرئاسة في إيران؛ تغيرّت الحسابات الأوروبية إلى أبعد مدى، إلى درجة أنّ المسئولين الأوروبيين يتحدثون باستمرار عن قلقهم الشديد من استئناف إيران لأبحاثها النووية, وقد تزامن هذا الاستئناف مع كمّ هائل من التصريحات التي أطلقها الرئيس الجديد "نجاد" ضدّ إسرائيل التي تحظى بكثير من القدسية لدى العواصم الغربية، والتي تشعر بعقدة الذنب اتجاهها بسبب المحرقة الكبرى أو ما يعرف بالهولوكست..



و بسبب هذه التصريحات؛ فإنّ معظم العواصم الغربية استدعت السفراء الإيرانيين المعتمدين لديها وقد سمع معظم هؤلاء السفراء من وزراء الخارجية الأوروبيين احتجاجات شديدة اللهجة, و حتى الدول الأوروبية المحسوبة على خطّ الحياد كالسويد والنرويج انزعجت من تصريحات "نجّاد"، وأبلغت احتجاجها للدبلوماسيين الإيرانيين المعتمدين لديها ..



وقد نجح الإعلام الغربي ـ والذي يسيطر اليهود على تفاصيله ـ في الربط بين المشروع النووي الإيراني والرغبة في تدمير إسرائيل, كما أنّ هذا الإعلام نجح إلى أبعد مدى في إيجاد كافة المبررات للدولة العبرية فيما لو أقدمت على تدمير المفاعل النووي الإيراني في بوشهر تمامًا كما دمرّت المفاعل النووي العراقي "مفاعل تموز العراقي" .



و إذا كان الأوروبيون مقتنعين بأنّهم يتحركو نفي سياق واحد مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ فإنّهم يعلمون أنّ الإيرانيين يحاولون الاستقواء بالصين وروسيا، ولذلك يجرى التحرك الأوروبي باتجاه المحوريْن الصيني و الروسي لحمل إيران على الانصياع للإرادة الدولية التي تجسّدها أمريكا, وبات الأوروبيون يتخوفون من أن تلجأ إيران إلى الصين ودفعها لاستعمال حق النقض داخل مجلس الأمن فيما لو ناقش هذا المجلس تداعيات الملف النووي الإيراني .



وفي ذات الوقت فإنّ الأوروبيين متخوفون إلى أبعد مدى أن يجرى عسكرة حلّ التعاطي مع ملف إيران النووي لأنها ستكون المتضرر المباشر من هذه العسكرة؛ ولذلك حتى وإن كانت أوروبا متوافقة مع أمريكا؛ إلاّ أنها ما زالت تفضّل الخيار السياسي؛ لأنّها اتعظت كثيرًا من الحدَث العراقي الذي ما زالت فصوله تتوالى.



و يرى بعض الأوروبيين أنّه من الصعوبة بمكان إجبار إيران على التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والبروتوكولات الملحقة بها في خضمّ تخلّف إسرائيل والهند وباكستان عن التوقيع عليها, ولذلك فإنّ هذا القسم من الأوروبيين فيرى أنّ حلحلة الملفات النووية في الشرق الأوسط وبعض أطراف العالم الإسلامي يجب أن تكون بالجملة لا بالمفرّق فلا يمكن الطلب من إيران إغلاق مصانعها النووية والمصانع النووية الإسرائيلية ما زالت تنتج الرؤوس النووية , وأضاف بعضهم قائلا: لا يمكن حمل إيران على الكفّ عن حلمها النووي، والرئيس الفرنسي "جاك شيراك" بات يلوّح باستخدام القنابل النووية لمواجهة الإرهاب .