صفحة 1 من 1

العرب الى اين ؟؟؟

مرسل: الأحد يناير 02, 2011 10:18 pm
بواسطة عبدالله حكمي
غريب أمر العرب ومبعث الغرابة هو أنه بقدر ما تتجه شعوب العالم ودوله نحو التكتل والتجمع والاندماج على الرغم من انعدام القواسم المشتركة بينها فعلى النقيض من ذلك يتجه العرب نحو التفكك والتناقض والتشرذم على ما شهد تحولاً عميقاً في مفاهيمه

وسياساته وتمحوراته انسجاماً مع الوضعية الدولية بعد انتهاء ما سمي فترة الحرب الباردة واتجه نحو اصطفافات جديدة تتأسس على حوامل اقتصادية بدل الحوامل الإيديولوجية التي وسمت فترة الحرب الباردة وبدا العرب وكأنهم يعيشون خارج كل تلك التحولات وكما كانوا ساحات صراع ووقود حروب وضحايا صراعات في فترة الحرب الباردة يبدو أنهم ما زالوا بالوضعية نفسها وبدائرة الاستهداف ذاتها لأنهم لم يحسنوا قراءة تلك التحولات ويستثمروا إمكاناتهم وجغرافيتهم السياسية وفق معطيات ومفردات الصراع الجديدة بل وسيطرت على الفكر السياسي العربي حالة انكفاء على الذات وخوف لا مبرر له جعلت الفعالية السياسية العربية شبه مشلولة وتبحث عن رافعة سياسية لها مع غياب شبه كامل لإرداة سياسية عربية على المستوى القومي تستطيع استثمار الفرصة التاريخية التي قد لا تعوض في تمكين العرب من حجز مقعد لهم في المسرح الدولي المتشكل بعد فترة الحرب الباردة ، وعلى الرغم من أن دولاً تتشابه إلى حد ما مع البنية العربية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وتاريخياً استطاعت أن تحقق حضوراً فاعلاً في المشهد الدولي والإقليمي وأقصد بذلك كلاً من تركيا وإيران إلا أن السمة العامة لأغلب البلدان العربية كانت المراوحة في المكان أو الحركة الدائرية إن لم نقل التراجع خلفاً خطوتين والتقدم خطوة واحدة كرقصة التانغو .‏

إن أخطر ما يواجه أي نظام سياسي هو تمركزه حول ذاته وانسداد الأفق لديه وعدم قدرته على تجاوز ماضيه أو ما وضع نفسه فيه وقراءته لما يجري في العالم من تطورات والتقاط الفرص التاريخية وكذلك عدم قدرته على تجديد مفرداته والتكيف الإيجابي والخلاق مع ما يدور في العالم من تطورات وتبدل في مراكز القوى والتحالفات القائمة على المصالح وتبادل المنافع والأدوار بمعنى من المعاني أن السياسة تبدو غالباً وكأنها لعبة ذكاء تحتاج إلى مهارة عالية وقدرة فائقة على التكيف الخلاق مع الواقع القائم من خلال استثماره أفضل استثمار وذلك باللعب بأكبر عدد من الأوراق وخاصة إذا كانت تلك الأوراق بيد غيرهم وإلا كيف نفسر ظاهرة الحضور المميز لدول صغيرة في المشهد السياسي الدولي يقابله غياب شبه كامل لدول ذات وزن اقتصادي وبشري وجغرافي على الخارطة السياسية الدولية .‏

لقد التقطت القيادة السياسية السورية منذ عهد القائد الخالد حافظ الأسد رياح التغيير التي بدأت تعصف بدول العالم وتكيفت مع مندرجاتها وفق مصالحها وثوابتها وفتحت آفاقاً جديدة مع دول وقوى لها وزنها وتأثيرها في المشهد الدولي الذي بدأت تتضح ملامحه وقواه الناهضة وتعزز هذا النهج في ظل قيادة السيد الرئيس بشار الأسد الذي انطلق بما يمكن تسميته سياسة كسر الجليد مع دول لها وزنها وتأثيرها في السياسة الدولية منطلقاً من قراءة موضوعية وتقدير دقيق لقدرة سورية وتأثيرها عربياً وإقليمياً والحاجة لدورها في حل الكثير من الأزمات التي تعاني منها المنطقة فكان تعزيز العلاقات مع دول الجوار الإقليمي ممثلاً بتركيا وإيران والذي امتد ليشمل ما جرى تسميته دول البحار الأربع ليؤسس لتحالف إقليمي سيكون له الدورالكبير في الحراك السياسي العالمي الذي بدأت تتشكل إرهاصاته الأولى منذ ما يزيد على عامين أو أكثر بعد فشل وبداية انهيار ما جرى تسميته زوراً النظام الدولي الجديد .‏

ورب سائل يسأل لماذا تتجه سورية شمالاً وشرقاً ناقلة دائرة التأثير من المركز إلى الأطراف وقد يتهيأ للقارئ للوهلة الأولى مشروعية الطرح والإجابة المنطقية على مثل هذا التساؤل هو أن سورية نقلت الأطراف إلى المركز وجعلت منها قيمة مضافة وعمقاً سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً للعرب ما يساهم في تعزيز دورهم على الصعيد الدولي وسماع وجهة نظرهم من موقع القوة لا من موقع الضعف وهذا ما لمسناه في المحافل الدولية ولا سيما الدورة الأخيرة للأمم المتحدة خاصة وأن الوضعية العربية والنظام السياسي العربي يعيشان حالة انعدام وزن سياسي منذ الغزو الأمريكي البريطاني للعراق الذي أصاب بعض القيادات السياسية العربية بحالة غيبوبة سياسية وعمى ألوان جعلها تعتقد أن أمريكا إذا أرادت شيئاً أن (تقول له كن فيكون) .‏

إن المنطق السياسي يؤكد حقيقة أن الحضور العربي في أية ساحة سياسية ولا سيما في دول الجوار هو أمر مزعج للكيان الصهيوني ويساهم في اضعافه ونزع الأوراق الضاغطة على العرب من بين يديه وبالعودة إلى الماضي القريب والبعيد يرى الملاحظ السياسي ان أكبر قوتين ضاغطتين على مسار الصراع العربي الصهيوني خارج إطار أمريكا هما إيران الشاه وتركيا ما قبل حكومة اردوغان وها هما الآن في الخندق الآخر بل وتتحمسان للقضايا العربية أكثر من بعض الحكومات العربية ولا شك أن هذا التحول الهام لم يأت من فراغ بل كان نتيجة جهد استراتيجي وإرادة سياسية مشتركة من حكومات تلك الدول وسورية .‏