منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#31521
أهم الأحداث التاريخية لأوروبا مابين (1785م- 1795م)
بشكل مقتضب :



في أوائل القرن الثامن عشر كان جل اهتمام فلاسفة التنوير في أوروبا أنهم يريدون إصلاح كل شي بداية بالفرد و
المجتمع ووصولا ً إلى السياسة إلى الدين إلى الاقتصاد . وقد أكثر الفلاسفة التركيز على حرية التفكير ووحدانية
الفرد أي أن بروز الفرد ليس مقتصراً على تواجد ذلك الفرد بمجتمعه فقط بل إن الإنسان يبرز منفردا .
إن ما شهدته أوروبا في أوائل القرن الثامن عشر كأنه يعطي الإشارة إلى التوثيق عما كان يشير إليه مفكروا عصر
التنوير .
فمن ضمن تلك الأحداث التي شهدتها أوروبا وأثرت عليها وأبرزتها أكثر في أوائل القرن الثامن عشر وهو ما
حصل في أواخر القرن السابع عشر وهي بدايات الثورة الانجليزية عام ( 1688م) ومؤلفات وكتابات "جان لوك"
التي تأثر بها الفرنسيون في أوائل القرن الثامن عشر مما أعطتهم الرواج الفكري الواضح في أوروبا وأعطت كلاً
من :
( فولتير ، مونتسكيو ، هولباخ ، هيلفيتيوس ، روسو ...... ) وغيرهم من المفكرين والفلاسفة الذين برزو في أوائل
القرن الثامن عشر . أيضا ً شهدت أوروبا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ثورات عديدة قلبت من موازين
أوروبا الاجتماعية والثقافية وثقلها على الصعيد السياسي والإقتصادي في العالم ، تميزت تلك الانفجارات الثورية
بتنوعها من كل جانب ولم تكن متحيزة لجانب معين ومحدد . ولعل ابرز الأحداث التي حصلت لأوروبا واعطتها
المكانة القوية لفلسفة الفكر التنويري وهي ما كتبه " إيمانويل كانط " الفيلسوف البروسي ( ألماني ) عام (1784م)
في مجلة ( برلين الشهرية ) بمقال يتحدث به عن موضوع "ماهية التنوير ؟ " . ابدى هذا المقال انقلابا جذريا لدى
فلسفة الفكر التنويري في أوروبا وهذا يعني أنه يعطي الاعتبار للإنسان لكي يُرجع قيمته لنفسه و إنسانيته التي رأى
" كانط " وأسلافه أنها سُلبت منه من قبل الانسان نفسه . و أشار " كانط " بالحرية بكافة جوانبها وعلى وجه
الخصوص " الحرية العقلية والفكرية " .
قد حافظ الروح العقلاني لدى هؤلاء الفلاسفة سواء كانوا من انجلترا أو فرنسا ، تحولات الفلاسفة وانتقالهم من
قضايا لأخرى وتركيزهم على بعض النقاط جعلهم يقفون وقفة تأمل كبيره ناحية هذا الأنسان والبحث عن كيفية
إرشاده فوجدوا أنفسهم هؤلاء الفلاسفة الحالمون أنهم وصلوا إلى أنه لابد من تحسين وضعية حياة الأنسان والتماس
هذه الحياة الأنسانية بالعلم . وقد أبدعت أوروبا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر في الحياة الاقتصادية
للأنسان أو بالأحرى ( الأقتصاد السياسي ) الذي كان من رواده المفكر الفرنسي " كيني " في فرنسا
(1694م-1774م ) والفيلسوف الاسكتلندي " مارغريت دوغلاس آدم سميث " (1723م-1790م) الذي
كان رائد الأقتصاد السياسي في بريطانيا . وقد ركزت أفكار كلا ً من المفكرين على الإجراءات الشاملة لثروات
الأمم من عسف الحكومات وتكوين تلك القوانين التي يكمن بها نوع من الصرامة العلمية ، وقد سعى " سميث " في
الفترة التي شهدتها أوروبا من تطور وحدث كبير في الصناعة ، وصل" سميث " إلى تبرير التطور الصناعي
بقانون طبيعي يحث على تقسيم العمل واتبع ذلك بقانون الذي يعتبر اللب الاساسي لـلاقتصاد السياسي وهو
"قانون العرض والطلب" . ذلك ليثبت " سميث " التطابق في المصالح بين المستهلك والمنتج لكن الواقع الذي عاشه
أوضح بعدم تواجد تلك الحرية التي كان يناشدها ويطالب بها . و كلتا المدرستين الفرنسية والأنجليزية في
( الاقتصاد السياسي ) افترضت على عدم تدخل الحكومة سواء على الصعيد التجاري والصناعي لهذا لم تبدي
كلتا المدرستين على حلقة الوصل الحقيقية القانونية لحقوق الأنسان .
وفي أواخر القرن الثامن عشر أبرز ما يميزه في الفكر الاجتماعي والسياسي قوة استخدام الفلاسفة لسلاح
( النقد العقلي ) أعطى الفلاسفة الراحة التامة في الانغماس في القضايا الهامة مثل : البحث عن الحرية
( الفكرية ، العقلية ) وتحقيق العدل والمساواة التي انتزعت في فترة الاقطاع ( النبلاء ) . وسعي الفلاسفة وتركيزهم
على الحرية الفردية وأن تصنع الشخصية الفردية شروطها الخاصة التي تتوائم مع الحياة الأنسانية .
ولعل تلك الافكار التي تتحدث عن الحريات الفردانية والمطالبات بالمساواة والانتقادات للتفاوتات الطبقية وغيرها من
القضايا الاجتماعية تكدست في نفوس روادها ومناصريهم حتى وصلنا لأكبر حدث سياسي واجتماعي في تاريخ
فرنسا بل بتاريخ أوروبا ككل حيث ان هذا الحدث هو المنبع الذي نبع منه مطالب شعوب اوروبا ، وهي الثورة
الفرنسية عام ( 1789م) التي قلبت معالم فرنسا من حال لأخر . وأضفت هذه الثورة عن كونها تجربة فرنسية فقط
بل أصبحت المنارة الحقيقية للحضارة الجديدة وأعطت المتنفس الأهم والقضية الكبرى التي تأتي بمقدمة القضايا
الأوروبية وهي الحرية . وقد استمرت هذه الثورة قرابة العشر سنوات (1789م- 1799م) وكانت من اهم ماقامت
به الثورة هي إلغاء الملكية المطلقة ، ونفي الامتيازات التي ينالها النبلاء والكنيسة والحد من النفوذ الديني الكاثوليكي
وتحقيق المبادئ التي قامت من أجلها الثورة ( الحرية ، الإيخاء ، المساواة ) التي لطالما تجسدت بنفوس الشعوب
الاوروبية وخصوصا الشعب الفرنسي .




الكاتب : منصور عبدالله المنصور


المراجع :
• برهييه ، أميل . تاريخ الفلسفة في القرن الثامن عشر ج5 . ص235-237 ( بيروت : دار الطليعة للطباعة والنشر ، 1993م ) .
• محفوظ ، مهدي . تجاهات الفكر السياسي في العصر الحديث . ص101- 138 (المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، 2007م ) .
• تركماني ، عبدالله . عصر التنوير ومحدداته . مقالة ( صحيفة الوقت ، 2007م ) .
• تودوروف ، تزفتان . ذهنية عصر الأنوار . مقالة ( موقع التنوير ، 2007م ).