صفحة 1 من 1

السياسة في الاسلام

مرسل: الاثنين يناير 03, 2011 8:49 am
بواسطة نوره محمد الهاشم
السياسة في الإسلام
"
لا يمكن أن نقول إن الخلافة الراشدة قد حددت شكل نظام الحكم وتفصيلاته، وإن كانت خلافة عمر بن الخطاب بالتحديد شهدت مرونة كبيرة في فهم الإسلام وتطبيقه، وهي حالة يمكن أن تمثل مقياسا كبيرا في التعامل مع البعد السياسي في الإسلام اليوم
"
الإسلام لم يحدد نمطا معينا للحكم السياسي، فلا توجد نصوص شرعية تفصل شكل نظام الحكم في الإسلام وكيفية اختيار الحاكم وإدارة الأزمة الداخلية والخارجية، وإنما حدد الإسلام جملة من القيم والمعايير تتسم بطابع أخلاقي عام تتوافق مع القانون الإنساني، ووضع تشريعات عدة تضبط الممارسة الاجتماعية العامة. وهذه الملحوظة يتفق عليها شوامخ الفكر الأصولي الإسلامي.

وكلمة "المصالح" ومشتقاتها هي أقرب المعاني التي تقترن بمصطلح السياسة في الخطاب الإسلامي، فابن منظور يعرف السياسة بأنها "القيام على الأمر بما يصلحه"، وهو ما يمكن أن نقيس عليه ونستخلص منه تعريف العز بن عبد السلام في كتابه القيم ( قواعد الأحكام في مصالح الأنام) بأن مدار الشريعة -بما في ذلك السياسة- دفع المفاسد وأسبابها وجلب المصالح وأسبابها، بل يذهب العز بن عبد السلام إلى القول " أما مصالح الدنيا وأسبابها ومفاسدها فمعروفة بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات".

أمّا نموذج "الخلافة الراشدة" فهو في الأصل نموذج تاريخي ساد لدى المسلمين بعد وفاة الرسول –صلى الله عليه وسلم- وهو في تصور العقل المسلم -على مر الخبرة الإسلامية قديما وحديثا- عبارة عن قيم عليا تحكم الممارسة السياسية دون وجود آليات محددة.

فالخلافة في الخطاب الإسلامي هي العدل والمساواة أمام الشرع ومكافحة الفساد السياسي وحرمة المال العام والاقتراب من التجربة النبوية في الممارسة السياسية، وهي التجربة التي لم تحدد نظاما معينا للحكم، ويمكن أن تفهم على أنها حكم ديمقراطي مدني سياسي (كما يقول عبد الإله بلقزيز في كتابه دور الحركة الإسلامية في صوغ المجال السياسي..) أو بخلاف ذلك كما هو الحال لدى تيارات واتجاهات إسلامية عدة.

ما يعنينا هنا أننا لا يمكن أن نقول إن التجربة الراشدة قد حددت شكل نظام الحكم وتفصيلاته، وإن كانت خلافة عمر بن الخطاب بالتحديد شهدت مرونة كبيرة في فهم الإسلام وتطبيقه، وهي حالة يمكن أن تمثل مقياسا كبيرا في التعامل مع البعد السياسي في الإسلام اليوم.

وشهدت الممارسة السياسية الإسلامية بعد الخلافة الراشدة، وبشكل أدق بعد خلافة أبو بكر وعمر، تنحيا عن الصفة الإسلامية الدقيقة للحكم، فلا يعد الحكم الأموي والعباسي صبغة إسلامية للحكم بالمعنى الدقيق، فهو ممارسة نسبية طبقت الإسلام في جوانب وأخلت به في جوانب أخرى، واتخذ طابعا خلافيا أدى إلى حرب أهلية بين المسلمين مازالت قائمة إلى اليوم.