منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
#31712
:silent: تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
تاريخ الكنيسة الغربية
محاكم التفتيش في أوروبا
إن أهم سمه تميزت بها جماعات المصلين في غرب أوروبا في القرن الثاني عشر. والذين كان الاكليروس يعتبرهم "مخالفين" أو " معاندين" هي سمة: الزهد والدعوة الي البساطة الأولى كمد روحي للكنيسة الشرقية في مصر وقد انتعشت هذه الاراء في وقت كانت الكنيسة فيه قد تردت في مساوئها: من اتجار في المناصب الدينية (السيمونية) والسماح لرجال الدين بالزواج بعد، رفلوا في أسباب النعيم باحثين عن وراثية لهم في هذا، وغير ذلك من أمراض آلمت بالكنيسة كبيع صكوك الغفران.
وافتضح أمر البابوية وكبار الأساقفة.
وطرحت قضية " الاكليروس " علي بساط الشك من أساسها نظراً لما أصابته من ثراء فاحسن، وكان النبلاء الإقطاعيون يتطلعون الي الفرصة السانحة ليقضوا علي أملاك الكنيسة الشاسعة علهم يصيون شيئا منها، ولكن البابوية كانت تفرض من الحماية والحصانة علي تلك الأملاك في الوقت الذي كانت تنظر بقلق الي نشاط هؤلاء النبلاء الطامعين في أملاكها خاصة في فرنسا.
وفي عام 1207 طلب البابا انوسنت الثالث من الملك فيليب أغسطس التدخل علي رأس حمله صلبيه لقمع النبلاء في الجنوب الفرنسي ألا، فيليب كان يخشي، ينتهز ملك إنجلترا " يوحنا" الفرصة للانقضاض علي الشمال الفرنسي القريب منه إذا اقدم رجاله علي شن حملة علي النبلاء في الجنوب الفرنسي.
واخيراً بعد، نفد صبر البابا " انوسنت الثالث " أعلن في 15 يناير 1208 قيام حمله صلبيه ضد نبلاء الجنوب الفرنسي ووعد من يشارك في هذه الحمله بالغنائم التي تقع في أيديهم من أملاك هؤلاء المارقين في نظره هو.
وارسل البابا قاصداً رسولاً لتهدئة الأوضاع في الجنوب الفرنسي ألا، مهمته باءت بالفشل الأمر الذي حدا بالبابا بان يرسل قراراً بالحرمان الديني ضد " ريمون السادس " صاحب تولوز وقوبل هذا الحرمان باغتيال القاصد الرسولي من أحد اتباع ريموند.
وعليه فقد دعا البابا " انوسنت الثالث " الي حمله صلبيه ضد المنشقين، استجاب لها الآلاف من الفرسان المتطوعين من الشمال الفرنسي أملا في ثروات الجنوب وغنائمه وقد قامت هذه الحمله بمذابح رهيبة اشهرها تم في حصار وسقوط بلدة " بيزيه " حيث قتل الصليبيون 15.000 من السكان دفعة واحدة ومن ثم كانت اكبر عملية إرهابية في تلك الفترة.
وبعد وفاة فيليب أغسطس اصدر الملك " لويس الثامن " قراراً لارضاء البابا في روما باقامه وتشكيل محاكم التفتيش في جنوب وشمال فرنسا، وكانت هذه المرة هي الأولى التي يصدق فيها القانون الفرنسي علي عقاب المهرطقين بالحديد والنار وليس بالمناقشة في محبة لان الله يريد، الجميع يخلصون والي معرفة الحق يقبلون بعد هذا أمر " لويس الثامن " جيوشه بالاستيلاء علي مدينة " افنيون " بسبب رفضها لجيوش البابا بالعبور علي اراضها نحو الجنوب، فدمرت أسوارها واسباح فرسان الشمال خيرات وحرمان الجنوب الفرنسي تحت شعار الصليب ومحاكم التفتيش.
وكان " لويس التاسع " ملك فرنسا أسوأ حاكم علماني شجع علي تثبيت أقدام محاكم التفتيش في فرنسا، لكي يرضي معاصريه من الباباوات لذلك سموة " القديس لويس " واسند مهمة التفتيش والمحاكمه الي رهبان الدومنيكان الذين بدءوا بإرهاب صغار القساوسة وبسطاء الناس بجبروتهم، أرسلوا الي المحرقة أعداد لا تحصي بتهمه الخروج علي تعاليم الكنيسة، بالاضافه الي من امتلأت بهم جحور السجون، وغياهب السبي.
ويحدد المؤرخين سنه 1233 علي وجه التحديد كبداية لإرساء محاكم التفتيش في فرنسا جميعها وقد خول الملك الفرنسي رجلاَ يدعي " روبرت لي يتي " صلاحيات كبيرة كمفتش عام علي هذه المحاكم، وقد رهب هذا الرجل فرنسا كلها ما بين عامي 1233، 1239 إذ شنق 183 شخصاً دفعة واحدة في مقاطعه (شامباني).
وفي عهد الملك الفرنسي فيليب الرابع الذي تولي ما بين عامي 1285 – 1314 كلف وزيره وحامل أختامه بتلفيق التهم لجماعه رهبان الموعد الذين لعبوا دوراً كبيراً في الحملات الصلبية في فلسطين ومن هذه الاتهامات: عباده الشيطان والانحلال الأخلاقي والفجور وبهذا تعرضوا لصنوف من العذابات داخل زنزانات سجونهم ألي حد، واحداً منهم عندما بلغ العذاب مداه به صاح قائلاً: أنني علي استعداد، اعترف لكم بأنني قد قتلت الله شريطة، تكفوا عن تعذبتي وترحموني من الحرق بالنار، ثم اصدر البابا قرار بمصادرة أملاكهم في كل أنحاء العالم المسيحي ثم أمر بإقامة محكمه تفتيش خاصة للتحقيق معهم لأدانتهم.
وفي سنه 1310 صدر حكم محكمة التفتيش بإحراق 63 راهباً من رهبان الداوية بتهمة عباده الشيطان والانحلال وفي سنه 1314 اكتملت المأساة حيث اقتيد رئيس رهبان الداوية جاك دي مولية وبعض رفاقه إلى المحاكمة وتقررا احراقهم جميعاً بتهمة ملفقة، ومنذ ذلك التاريخ صار تلفيق الاتهامات ونشر الفضائح الكاذبة والإرهاب كان اكبر سمه للملكية الفرنسية تحت رعاية الكنيسة الغربية حتى قيام الثورة الفرنسية في عام 1789.
وحتى جماعة الفرنسيسكان لم تنج من بطش محاكم التفتيش، فقد نادي فريق منهم بضرورة الرجوع بالعقيدة إلى حياة البساطة الأولى، ولكن البابا " يوحنا الثاني والعشرين " (1316- 1334) قرر تقديمهم إلى محاكم التفتيش سنه 1318.
وتابع الباباوات إرهابهم للفكر بواسطة محاكم التفتيش لكل صوت ينادي بالإصلاح وبالرغم من المذابح الرهيبة انتشرت دعوة الإصلاح الديني إلى بوهيميا وجنوب شرق ألمانيا.
وفي سنه 1229 عين البابا مفتشاً كنيسياً عاما علي ألمانيا هو (كوزاد) الذي جر الآلاف من الأبرياء إلى المشانق أو المحاق وكان يكفي عنده، يشار إلى جار من جاره بأي شاية ضد الدين فيجر أهل البيت جميعاً إلى المشانق وقد ضج الناس من الإرهاب الذي اتبعه كونراد هنرا، حتى، بعض الأساقفة نصحوا إلية بالاعتدال، ولكنه لم يكن يطيع بل يزداد في طغيان تحت سمعهم وبصرهم. وبعد، استشري الغضب بالشعب هاجمة بعض النبلاء وقتلوه سنه 1233 فتنفس الألمان الصعداء .