- الخميس يناير 06, 2011 8:47 am
#31736
هذه الحرب قوطعت بعدة فترات طويلة مِنْ السلامِ قَبْلَ أَنْ تنتهي بطرد الإنجليزِ مِن فرنسا ، باستثناء كاليه . وكانت الحرب سلسلة من النزاعاتِ ومقسمةُ إلى ثلاثة مراحلِ:
الحرب الإدواردية (1337-1360)
حرب كارولين (1369-1389)
حرب لانكاستريان (1415-1429)
والهبوط البطيئ للحظوظ الإنجليزيةِ بعد ظهورِ جوان.اما بالنسبة لتعبير "حرب المائة عام" فقد كَان تعبيرا تأريخيا اصطلح لاحقاً مِن قِبل المؤرخين لوَصْف سلسلةِ الأحداثِ. تَستمد الحربُ أهميتُها التأريخيةُ إلى عدد مِنْ العواملِ. مع ذلك كانت أساساً نزاع ما بين السلالات الحاكمة، ولقد ساعدتْ الحربَ على تَطوير الشعور الوطني لكل من الفرنسيين والإنجليز. وكانت مقدمةَ للأسلحةِ والوسائلِ الجديدةِ، التي غيّرت النظامَ الأقدمَ للجيوشِ الإقطاعيةِ والذي كان يسيطرَ عليه سلاحِ الفرسان الثقيلِ. والذي كان يعتبر الجيوش الدائمية الأولى في أوروبا الغربية منذ زمن الإمبراطورية الرومانية، لذا تغير دور طبقةِ الفلاحين. كُلّ هذا، بالإضافة إلى المدّة الطويلةِ، جعل المؤرخين يعتبرونها في أغلب الأحيان كأحد النزاعاتَ الأهمَّ في تأريخِ الحروبِ في القرون الوسطى.
تعدى تأثير هذه الحرب إلي ممالك ودوقيات مجاورة، وتعتبر تلك الحرب أطول الحروب الأوروبية وتعتبر تلك الفترة التي امتدت بها الحرب نهاية للعصور الوسطى وبداية للعصور الحديثة. حيث كانت إنجلترا وفرنسا تحت حكم أنظمة ملكية تقلبت بين القوة والضعف ففى فرنسا كانت الملكية تعانى من قلة الموارد والصراع بين النبلاء والإقطاعيين ورجال الدين وعامة الشعب ويتفاوت هذا الصراع ويتباين بالنظر إلي حال الجالس على العرش، وقد حكم فرنسا خلال حرب المائة عام خمسة ملوك أهمهم فيليب السادسوشارل الخامس حتى شارل السابع وأعتمدت فرنسا على الضرائب المختلفة وفى الحكم على مجلس الدولة وأعوانه ومجلس طبقات الأمة. ولم تختلف أنجلترا عن ذلك كثيرا فقد أعتمدت علي الزراعة وتربية الأغنام وتجارة الصوف وكانت إنجلترا تابعة لملك فرنسا، وحكم أنجلترا من الملوك أثناء الحرب خمسة هم إدوارد الثالث وريتشارد الثاني وهنري الرابع حتى هنري السادس وعانى ملوك أنجلترا من كثير من المشاكل الداخلية في العلاقات مع أسكتلندا وأيرلندا وتنظيم الدخل والعلاقات مع النبلاء والأقطاعيينورجال الدين.
أسباب حرب المائة عام
تعود الأسباب إلي تعقّد العلاقات بين البلدين منذ منتصف القرن الثالث عشر 1250م تقريبا وترتب علي جذور تلك العلاقات أن أصبحت أنجلترا تابعة لملك فرنسا الذي أستغل تلك التبعية في الحصول على كثير من المكاسب المادية على شكل ضرائب وحقوق سيادة والكثير من السلع التجارية هذا بالإضافة للضغوط السياسية والمعنوية وكان لذلك الأثر الكبير في رغبةإنجلترا للتخلص من تلك التبعية حتى وإن كان ذلك بالحرب المدمرة.
السبب الأول للحرب سياسي يتعلق برغبة أنجلترا التخلص من التبعية لفرنسا.
السبب الثاني للحرب أقتصادي ذلك أن إنجلترا كانت تعتمد في جزء هام من أقتصادها على إمارة الفلاندر التي كان تصدر إليها صوف الغنم الأنجليزي والذي كان يجد له سوقا رائجا في الفلاندر بجانب العنب والنبيذ, كانت كونتيه الفلاندر أحد تبعيات ملك فرنسا ولكنها كانت شبه مستقلة ولكن ملك فرنسا تدخل كثيرا في شؤنها الداخلية واحتل بعضا من مدنها كما تدخل في حرية الكونت أمير الفلاندر فأشتكى الكونت بدوره لملك إنجلترا فما كان من ملك فرنسا سوى أحتلالها فأصبح ملك أنجلترا في مأزق اضطراب باب أقتصادي كان مفتوحا للأقتصاد الأنجليزى.
السبب الثالث يتعلق بشخص ملك فرنسا الذي كان ضعيفا مسرفا في أنفاقه، ومحبا للبذخ والحفلات الصاخبة ولم يحكم البلاد بنفسه بل ترك امرها لخاصته وحاشيته وتكالب علي حفلاته ومجالسه الكثير من أصحاب المصالح والمنتفعين ورجال الدين والأعيان، فكان الملك دائم الأفلاس وأستدان من الجميع حتى من الموظفين والضباط. كما أنه لم ينشئ جيشا نظاميا بل أكتفى بجيش مؤقت مرهون بموافقة السادة الاقطاعيين كما انه لم يوجد سوى بعض الفرسان غير النظاميين وضعيفي العدّة، فكان هذا دافعا كبيرا لإغراء ملك إنجلترا للغزو.
السبب الرابع على نقيض السبب الثالث، فقد كانت أنجلترا تتمتع بحكم ملك قوي وهو إدوارد الثالث الذي كان عمليا وواقعيا يخطط لأهدافه ويصر على الحصول عليها كما نجح في علاقاته الداخلية مع الأقطاعيين وأحكم سيطرته على نظام حكمه وشعبه ساعيا في اقتصاد بلاده والأهم من ذلك أنه كوّن جيشا نظاميا قويا مدربّا على أسس جديدة وكان أفراد الجيش علي قناعة بمهامهم وتكون الجيش من فرق رماة النبال والسهام وقوة ضاربة من سلاح المدفعية، وغير ذلك من وسائل التكتيك العسكري الحديث آنذاك. أضف إلى ذلك أسطولا قويا ضاربا. أمّا الجيش الفرنسي فقد كان على النقيض من ذلك تماما.
حوادث الحرب وتطوراتها
تطور حرب المائة عام المنطقة الصفراء الأراضي الفرنسية واللون الرمادي الأراضي الأنجليزية وللون الرمادي الغامق اراضي برنغدي
في صيف 1339 بدأ إدوارد الثالث حربه ضد فرنسا وكانت البداية على شكل تكثيف للنشاط الديبلوماسي وكسب العلاقات لحصار فرنسا أمام موجات متلاحقة من الأعداء المحيطين بفرنسا. فكان التأييد لأنجلترا من إمارة الفلاندر التي أصيبت بضرر أقتصادى جسيم كما ذكرنا في السبب الثاني، وحتى على السواحل الفرنسية كسبت إنجلترا التأييد والتشجيع, وبدأ الملك إدوارد حربه بمعركة بحرية على السواحل الفرنسية ألحقت فيها البحرية الأنجليزية أضرارا بالغة وخسائر فادحة جعلت فرنسا تخسر أسطولها الذي تكون على مدار سنوات طويلة وواصل إدوارد الثالث أستعدداده ففى شهر يوليو من عام 1346 نزل بقواته البرية على الأراضي الفرنسية وكانت حربا سهلة بدون عقبات فالدفاع الفرنسية ضعيفة وأمكانات الجيش الفرنسي أضعف وخرج ملك فرنسا فيليب السادس بفرسانه لملاقاة الزحف إلا أن اللقاء أثبت تفوق الجيش الأنجلزي الذي تمكن بسهامه من قهر الجيش الفرنسي وقتل منه الآلاف. ففر ملك فرنسا من المعركة وواصل الجيش الأنجلزي زحفه حتى وصل لمدينة كالييه التي سلمت للأنجليز عام1347 ومع تأكد ملك فرنسا من ضعف أمكانياته عقد هدنة مع ملك إنجلترا، وفى عام 1350 توفي ملك فرنسا فيليب السادس. جاء بعد فيليب السادس ملك ضعيف ألا وهو [جون الثاني] الذي واصل الحرب، وجاءت المعركة البرية الثانية لتنزل الهزيمة بالجيش الفرنسي وأخذت إنجلترا ملك فرنسا أسيراً في معركة بواتييه 1356 فكانت كارثة سياسية إلى جانب الكارثة العسكرية واضطربت أحوال فرنسا بعد الهزيمة وجيء بالأمير شارل وكان شابا صغير السن لا خبرة لديه لتزداد الأمور سوءاً وتكثر الأضطرابات في كل أنحاء البلاد وما لبث ان عاد ملك فرنسا من أسره ولكن بشروط لم تنفذ حتى التوقيع على معاهدة بين الطرفين تعرف بمعاهدة كالييه عام 1360. من شروط معاهدة كالييه أن تحصل بريطانيا على كل شمال غرب فرنسا مع المناطق التي أحتلتها إنجلترا قبل ذلك علاوة على كالييه في الشمال وأن تدفع فرنسا لأنجلترا ثلاثة ملايين جنيه من الذهب، وعلاوة على ذلك أن أنجلترا أذلت فرنسا بأن اتفقت على تسليم أثنين من أبناء الملك الفرنسي وشقيق الملك وسبعة وثلاثون اميرا مع تسليم ممثلين عن الدول الهامة وسلم هؤلاء كرهائن عند الأنجليز. جعلت تلك الشروط ملك فرنسا يحيا حياة مهينة وأثقل كاهل البلاد بالذل والخضوع. جاء بعد ذلك على عرش البلاد شارل الخامس ليواصل الكفاح ضد الأحتلال الأنجليزي وكان قد أستفاد من التجارب السابقة فدخل مع إنجلترا في معارك منفصلة وأستدرج إنجلترا في معارك داخلية أثقلت كاهلها وأستمرت هذه الحروب لسنوات طوال أفقدت النجليز الكثير من المواراد والإمكانيات، ووقف إلى كانب شارل الخامس الشعب الفرنسي الذي سئم من الرضوغ وقلة الموارد ومذلة النفس ومن ثم كان تجاوبه لصالح فرنسا قبل ملكها، فحدث أن خسرت أنجلترا الكثير من المواقع التي أحتلتها وأضطرت لعقد سلسلة من أتفاقيات الهدنة بداية من عام 1375. وانعكست هذه الأوضاع على داخل إنجلترا التي قلت مواردهاوأنقلبت أوضاعها الداخلية وما لبث أن مات إدوارد الثالث عام 1377 ليأتى بعده ريتشارد الثاني ليُحاصر بصراعات داخل أنجلترا وحرب مفتوحة مع فرنسا تحتاج إل حلول حاسمة. وفي فرنسا توفي الملك شارل الخامس فجأة، وأتي من بعده شارل السادس عام 1378 وكان صغيراً فكان أن فتحت الوصاية عليه باب الصراع داخل فرنسا والمنافسة للوصول إلى المناصب الكبرى والمكاسب المادية دون وضع أي اعتبار للصراع الخارجى مع إنجلترا والمهدد بالانفجار في أية لحظة. وأنعكس الصراع علي أوضاع العامة التي انتقل إليها الصراع والتفتت وشيوع التمرد والعصابات. وبالرغم من أن الأضطرابات كانت قد شاعت في إنجلترا أيضا، كنتيجة طبيعية لطول أمد الحروب، إلا انها كانت أبشع في فرنسا. فشجع ذلك هنري الخامس على القيام بغزوة جديدة عام 1413 وطالب هنرى الخامس من ملك فرنسا شارل السادس التنازل عن العرش كما طلب الزواج من ابنة الملك الفرنسي. وواصل هنري الخامس حروبه وأنتصاراته في فرنسا وسط مقاومة ضعيفة ومقتل آلاف الفرسان بفعل مهارة رماة السهام الأنجليز وكان ذلك عام 1415 ووجد الملك الفرنسي نفسه في موقف مذل ومهين، فأضطر للاعتراف بملك أنجلترا هنرى الخامس ملكا على فرنسا، وترتب علي ذلك ظهور حالة من اليأس في أوصال الشعب الفرنسي وسط ترتيبات انتشار الإدارة الأنجليزية بموظفيها لتدير امور البلاد والمدن الفرنسية وجاءت الطامة الكبرى بضياع الهيبة والصولجان وكان ذلك إثر توقيع معاهدة تروا في 12 مايو 1420. وبموجب تلك المعاهدة أعطى ملك أنجلترا يد ابنته لملك فرنسا ليحرم أبنه من وراثة العرش وبذلك تنضم فرنسا للتاج البريطانى, وجاءت وفاة هنري الخامس عام 1424 مفاجئة لينتقل العرش إلى خليفته هنري السادس الصغير ويحكم بالوصاية، وقد كان حكم الأوصياء ظالما مما أشاع روح الذل والغضب في الشعب الفرنسي. بدأت بوادر المقاومة بأن توج الفرنسيين عليهم شارل السابع سرا كملك لفرنسا عام 1422 ،وما لبث أن شاع الأمر فدخل في معارك مع الجيش الأنجليزي وذاق الهزيمة مرات متتالية بسبب قوة جيش إنجلترا النظامي وقواته الفرنسية الضعيفة بالمقابل, وبالرغم من ذلك أستمر في الحرب بتاييد من الشعب الفرنسي الذي أرتوى بروح المقاومة, ووسط حماس المقاومة ظهرت فتاة ريفية ذكية تدعى جان دارك قالت أن أصوات من السماء تتنزل عليها وتذكر لها أن الله قد اختارها لإجلاس الملك شارل السابع على العرش ولتواصل معه المقاومة وإجلاء المحتل الأنجليزي وقد نجحت بالفعل في بعض معاركها مع الأنجليز ومنها فك حصارهم عن مدينة أورليان كما نجحت في تنصيب شارل السابع على العرش رسميا في يولو من عام 1429 بمدينة ريمس ،ولكن سوء الطالع أوقعها في الأسر من القوات المحتلة التي حكمت بإعدامها بدعوى الهرطقة لتكون بذلك جان دارك رمز للمقاومة والعزة في فرنسا إلى بومنا هذا، وجاءت ملحمة كفاح جان دارك لتلهب حماس الشعب الفرنسي الذي واصل المقاومة وأرهب المحتل الأنجليزي وطلب الأنجليز عقد الصلح الذي تم في عام 1435 بمعاهدة أراس التي محت كثير من شروط المعاهدة تروا المهينة. وواصل الملك والشعب الفرنسي الكفاح في معارك مريرة تخللتها بعض فترات من الهدنة منها عام 1444 والتي تزوجت فيها الأميرة مارجريت أبنه أخ ملك فرنسا من ملك أنجلترا هنري السادس فكان ذلك جانبا من قضية تحرير فرنسا وعادت الحرب من جديد بين البلدين في عام1449. وكانت تلك آخر الحروب حتى تم على إثرها خروج آخر جندي أنجليزى من أرض فرنسا والجلاء الكامل فيما عدا كالييه وكان ذلك في عام 1453.
حرب المئة عام
حرب المئة عام عبارة عن صراع طويل بين فرنسا وإنجلترا، وقد دام 116 سنةَ مِن 1337 إلى 1453هذه الحرب قوطعت بعدة فترات طويلة مِنْ السلامِ قَبْلَ أَنْ تنتهي بطرد الإنجليزِ مِن فرنسا ، باستثناء كاليه . وكانت الحرب سلسلة من النزاعاتِ ومقسمةُ إلى ثلاثة مراحلِ:
الحرب الإدواردية (1337-1360)
حرب كارولين (1369-1389)
حرب لانكاستريان (1415-1429)
والهبوط البطيئ للحظوظ الإنجليزيةِ بعد ظهورِ جوان.اما بالنسبة لتعبير "حرب المائة عام" فقد كَان تعبيرا تأريخيا اصطلح لاحقاً مِن قِبل المؤرخين لوَصْف سلسلةِ الأحداثِ. تَستمد الحربُ أهميتُها التأريخيةُ إلى عدد مِنْ العواملِ. مع ذلك كانت أساساً نزاع ما بين السلالات الحاكمة، ولقد ساعدتْ الحربَ على تَطوير الشعور الوطني لكل من الفرنسيين والإنجليز. وكانت مقدمةَ للأسلحةِ والوسائلِ الجديدةِ، التي غيّرت النظامَ الأقدمَ للجيوشِ الإقطاعيةِ والذي كان يسيطرَ عليه سلاحِ الفرسان الثقيلِ. والذي كان يعتبر الجيوش الدائمية الأولى في أوروبا الغربية منذ زمن الإمبراطورية الرومانية، لذا تغير دور طبقةِ الفلاحين. كُلّ هذا، بالإضافة إلى المدّة الطويلةِ، جعل المؤرخين يعتبرونها في أغلب الأحيان كأحد النزاعاتَ الأهمَّ في تأريخِ الحروبِ في القرون الوسطى.
تعدى تأثير هذه الحرب إلي ممالك ودوقيات مجاورة، وتعتبر تلك الحرب أطول الحروب الأوروبية وتعتبر تلك الفترة التي امتدت بها الحرب نهاية للعصور الوسطى وبداية للعصور الحديثة. حيث كانت إنجلترا وفرنسا تحت حكم أنظمة ملكية تقلبت بين القوة والضعف ففى فرنسا كانت الملكية تعانى من قلة الموارد والصراع بين النبلاء والإقطاعيين ورجال الدين وعامة الشعب ويتفاوت هذا الصراع ويتباين بالنظر إلي حال الجالس على العرش، وقد حكم فرنسا خلال حرب المائة عام خمسة ملوك أهمهم فيليب السادسوشارل الخامس حتى شارل السابع وأعتمدت فرنسا على الضرائب المختلفة وفى الحكم على مجلس الدولة وأعوانه ومجلس طبقات الأمة. ولم تختلف أنجلترا عن ذلك كثيرا فقد أعتمدت علي الزراعة وتربية الأغنام وتجارة الصوف وكانت إنجلترا تابعة لملك فرنسا، وحكم أنجلترا من الملوك أثناء الحرب خمسة هم إدوارد الثالث وريتشارد الثاني وهنري الرابع حتى هنري السادس وعانى ملوك أنجلترا من كثير من المشاكل الداخلية في العلاقات مع أسكتلندا وأيرلندا وتنظيم الدخل والعلاقات مع النبلاء والأقطاعيينورجال الدين.
أسباب حرب المائة عام
تعود الأسباب إلي تعقّد العلاقات بين البلدين منذ منتصف القرن الثالث عشر 1250م تقريبا وترتب علي جذور تلك العلاقات أن أصبحت أنجلترا تابعة لملك فرنسا الذي أستغل تلك التبعية في الحصول على كثير من المكاسب المادية على شكل ضرائب وحقوق سيادة والكثير من السلع التجارية هذا بالإضافة للضغوط السياسية والمعنوية وكان لذلك الأثر الكبير في رغبةإنجلترا للتخلص من تلك التبعية حتى وإن كان ذلك بالحرب المدمرة.
السبب الأول للحرب سياسي يتعلق برغبة أنجلترا التخلص من التبعية لفرنسا.
السبب الثاني للحرب أقتصادي ذلك أن إنجلترا كانت تعتمد في جزء هام من أقتصادها على إمارة الفلاندر التي كان تصدر إليها صوف الغنم الأنجليزي والذي كان يجد له سوقا رائجا في الفلاندر بجانب العنب والنبيذ, كانت كونتيه الفلاندر أحد تبعيات ملك فرنسا ولكنها كانت شبه مستقلة ولكن ملك فرنسا تدخل كثيرا في شؤنها الداخلية واحتل بعضا من مدنها كما تدخل في حرية الكونت أمير الفلاندر فأشتكى الكونت بدوره لملك إنجلترا فما كان من ملك فرنسا سوى أحتلالها فأصبح ملك أنجلترا في مأزق اضطراب باب أقتصادي كان مفتوحا للأقتصاد الأنجليزى.
السبب الثالث يتعلق بشخص ملك فرنسا الذي كان ضعيفا مسرفا في أنفاقه، ومحبا للبذخ والحفلات الصاخبة ولم يحكم البلاد بنفسه بل ترك امرها لخاصته وحاشيته وتكالب علي حفلاته ومجالسه الكثير من أصحاب المصالح والمنتفعين ورجال الدين والأعيان، فكان الملك دائم الأفلاس وأستدان من الجميع حتى من الموظفين والضباط. كما أنه لم ينشئ جيشا نظاميا بل أكتفى بجيش مؤقت مرهون بموافقة السادة الاقطاعيين كما انه لم يوجد سوى بعض الفرسان غير النظاميين وضعيفي العدّة، فكان هذا دافعا كبيرا لإغراء ملك إنجلترا للغزو.
السبب الرابع على نقيض السبب الثالث، فقد كانت أنجلترا تتمتع بحكم ملك قوي وهو إدوارد الثالث الذي كان عمليا وواقعيا يخطط لأهدافه ويصر على الحصول عليها كما نجح في علاقاته الداخلية مع الأقطاعيين وأحكم سيطرته على نظام حكمه وشعبه ساعيا في اقتصاد بلاده والأهم من ذلك أنه كوّن جيشا نظاميا قويا مدربّا على أسس جديدة وكان أفراد الجيش علي قناعة بمهامهم وتكون الجيش من فرق رماة النبال والسهام وقوة ضاربة من سلاح المدفعية، وغير ذلك من وسائل التكتيك العسكري الحديث آنذاك. أضف إلى ذلك أسطولا قويا ضاربا. أمّا الجيش الفرنسي فقد كان على النقيض من ذلك تماما.
حوادث الحرب وتطوراتها
تطور حرب المائة عام المنطقة الصفراء الأراضي الفرنسية واللون الرمادي الأراضي الأنجليزية وللون الرمادي الغامق اراضي برنغدي
في صيف 1339 بدأ إدوارد الثالث حربه ضد فرنسا وكانت البداية على شكل تكثيف للنشاط الديبلوماسي وكسب العلاقات لحصار فرنسا أمام موجات متلاحقة من الأعداء المحيطين بفرنسا. فكان التأييد لأنجلترا من إمارة الفلاندر التي أصيبت بضرر أقتصادى جسيم كما ذكرنا في السبب الثاني، وحتى على السواحل الفرنسية كسبت إنجلترا التأييد والتشجيع, وبدأ الملك إدوارد حربه بمعركة بحرية على السواحل الفرنسية ألحقت فيها البحرية الأنجليزية أضرارا بالغة وخسائر فادحة جعلت فرنسا تخسر أسطولها الذي تكون على مدار سنوات طويلة وواصل إدوارد الثالث أستعدداده ففى شهر يوليو من عام 1346 نزل بقواته البرية على الأراضي الفرنسية وكانت حربا سهلة بدون عقبات فالدفاع الفرنسية ضعيفة وأمكانات الجيش الفرنسي أضعف وخرج ملك فرنسا فيليب السادس بفرسانه لملاقاة الزحف إلا أن اللقاء أثبت تفوق الجيش الأنجلزي الذي تمكن بسهامه من قهر الجيش الفرنسي وقتل منه الآلاف. ففر ملك فرنسا من المعركة وواصل الجيش الأنجلزي زحفه حتى وصل لمدينة كالييه التي سلمت للأنجليز عام1347 ومع تأكد ملك فرنسا من ضعف أمكانياته عقد هدنة مع ملك إنجلترا، وفى عام 1350 توفي ملك فرنسا فيليب السادس. جاء بعد فيليب السادس ملك ضعيف ألا وهو [جون الثاني] الذي واصل الحرب، وجاءت المعركة البرية الثانية لتنزل الهزيمة بالجيش الفرنسي وأخذت إنجلترا ملك فرنسا أسيراً في معركة بواتييه 1356 فكانت كارثة سياسية إلى جانب الكارثة العسكرية واضطربت أحوال فرنسا بعد الهزيمة وجيء بالأمير شارل وكان شابا صغير السن لا خبرة لديه لتزداد الأمور سوءاً وتكثر الأضطرابات في كل أنحاء البلاد وما لبث ان عاد ملك فرنسا من أسره ولكن بشروط لم تنفذ حتى التوقيع على معاهدة بين الطرفين تعرف بمعاهدة كالييه عام 1360. من شروط معاهدة كالييه أن تحصل بريطانيا على كل شمال غرب فرنسا مع المناطق التي أحتلتها إنجلترا قبل ذلك علاوة على كالييه في الشمال وأن تدفع فرنسا لأنجلترا ثلاثة ملايين جنيه من الذهب، وعلاوة على ذلك أن أنجلترا أذلت فرنسا بأن اتفقت على تسليم أثنين من أبناء الملك الفرنسي وشقيق الملك وسبعة وثلاثون اميرا مع تسليم ممثلين عن الدول الهامة وسلم هؤلاء كرهائن عند الأنجليز. جعلت تلك الشروط ملك فرنسا يحيا حياة مهينة وأثقل كاهل البلاد بالذل والخضوع. جاء بعد ذلك على عرش البلاد شارل الخامس ليواصل الكفاح ضد الأحتلال الأنجليزي وكان قد أستفاد من التجارب السابقة فدخل مع إنجلترا في معارك منفصلة وأستدرج إنجلترا في معارك داخلية أثقلت كاهلها وأستمرت هذه الحروب لسنوات طوال أفقدت النجليز الكثير من المواراد والإمكانيات، ووقف إلى كانب شارل الخامس الشعب الفرنسي الذي سئم من الرضوغ وقلة الموارد ومذلة النفس ومن ثم كان تجاوبه لصالح فرنسا قبل ملكها، فحدث أن خسرت أنجلترا الكثير من المواقع التي أحتلتها وأضطرت لعقد سلسلة من أتفاقيات الهدنة بداية من عام 1375. وانعكست هذه الأوضاع على داخل إنجلترا التي قلت مواردهاوأنقلبت أوضاعها الداخلية وما لبث أن مات إدوارد الثالث عام 1377 ليأتى بعده ريتشارد الثاني ليُحاصر بصراعات داخل أنجلترا وحرب مفتوحة مع فرنسا تحتاج إل حلول حاسمة. وفي فرنسا توفي الملك شارل الخامس فجأة، وأتي من بعده شارل السادس عام 1378 وكان صغيراً فكان أن فتحت الوصاية عليه باب الصراع داخل فرنسا والمنافسة للوصول إلى المناصب الكبرى والمكاسب المادية دون وضع أي اعتبار للصراع الخارجى مع إنجلترا والمهدد بالانفجار في أية لحظة. وأنعكس الصراع علي أوضاع العامة التي انتقل إليها الصراع والتفتت وشيوع التمرد والعصابات. وبالرغم من أن الأضطرابات كانت قد شاعت في إنجلترا أيضا، كنتيجة طبيعية لطول أمد الحروب، إلا انها كانت أبشع في فرنسا. فشجع ذلك هنري الخامس على القيام بغزوة جديدة عام 1413 وطالب هنرى الخامس من ملك فرنسا شارل السادس التنازل عن العرش كما طلب الزواج من ابنة الملك الفرنسي. وواصل هنري الخامس حروبه وأنتصاراته في فرنسا وسط مقاومة ضعيفة ومقتل آلاف الفرسان بفعل مهارة رماة السهام الأنجليز وكان ذلك عام 1415 ووجد الملك الفرنسي نفسه في موقف مذل ومهين، فأضطر للاعتراف بملك أنجلترا هنرى الخامس ملكا على فرنسا، وترتب علي ذلك ظهور حالة من اليأس في أوصال الشعب الفرنسي وسط ترتيبات انتشار الإدارة الأنجليزية بموظفيها لتدير امور البلاد والمدن الفرنسية وجاءت الطامة الكبرى بضياع الهيبة والصولجان وكان ذلك إثر توقيع معاهدة تروا في 12 مايو 1420. وبموجب تلك المعاهدة أعطى ملك أنجلترا يد ابنته لملك فرنسا ليحرم أبنه من وراثة العرش وبذلك تنضم فرنسا للتاج البريطانى, وجاءت وفاة هنري الخامس عام 1424 مفاجئة لينتقل العرش إلى خليفته هنري السادس الصغير ويحكم بالوصاية، وقد كان حكم الأوصياء ظالما مما أشاع روح الذل والغضب في الشعب الفرنسي. بدأت بوادر المقاومة بأن توج الفرنسيين عليهم شارل السابع سرا كملك لفرنسا عام 1422 ،وما لبث أن شاع الأمر فدخل في معارك مع الجيش الأنجليزي وذاق الهزيمة مرات متتالية بسبب قوة جيش إنجلترا النظامي وقواته الفرنسية الضعيفة بالمقابل, وبالرغم من ذلك أستمر في الحرب بتاييد من الشعب الفرنسي الذي أرتوى بروح المقاومة, ووسط حماس المقاومة ظهرت فتاة ريفية ذكية تدعى جان دارك قالت أن أصوات من السماء تتنزل عليها وتذكر لها أن الله قد اختارها لإجلاس الملك شارل السابع على العرش ولتواصل معه المقاومة وإجلاء المحتل الأنجليزي وقد نجحت بالفعل في بعض معاركها مع الأنجليز ومنها فك حصارهم عن مدينة أورليان كما نجحت في تنصيب شارل السابع على العرش رسميا في يولو من عام 1429 بمدينة ريمس ،ولكن سوء الطالع أوقعها في الأسر من القوات المحتلة التي حكمت بإعدامها بدعوى الهرطقة لتكون بذلك جان دارك رمز للمقاومة والعزة في فرنسا إلى بومنا هذا، وجاءت ملحمة كفاح جان دارك لتلهب حماس الشعب الفرنسي الذي واصل المقاومة وأرهب المحتل الأنجليزي وطلب الأنجليز عقد الصلح الذي تم في عام 1435 بمعاهدة أراس التي محت كثير من شروط المعاهدة تروا المهينة. وواصل الملك والشعب الفرنسي الكفاح في معارك مريرة تخللتها بعض فترات من الهدنة منها عام 1444 والتي تزوجت فيها الأميرة مارجريت أبنه أخ ملك فرنسا من ملك أنجلترا هنري السادس فكان ذلك جانبا من قضية تحرير فرنسا وعادت الحرب من جديد بين البلدين في عام1449. وكانت تلك آخر الحروب حتى تم على إثرها خروج آخر جندي أنجليزى من أرض فرنسا والجلاء الكامل فيما عدا كالييه وكان ذلك في عام 1453.