التطور التاريخي للصراع بين شمال وجنوب السودان
مرسل: الأحد يناير 09, 2011 7:31 am
التطور التاريخي للصراع بين شمال وجنوب السودان
بدر حسن شافعي *
قد يكون من الصعب فهم أسباب تمسك الحركة الشعبية لتحرير السودان بإجراء الاستفتاء في موعده المقرر في التاسع من يناير 2011، والذي سيفضي حتما لانفصال الجنوب، دون الحديث عن الجذور التاريخية للصراع بين شمال وجنوب الصراع، هذا الصراع الذي لعبت فيه أطراف عدة أدوارا مهمة في وصوله إلي الحالة التي وصلت إليها الآن، بدءا من الاستعمار البريطاني الذي عمل علي عزل الجنوب عن الشمال، والقضاء علي العربية والإسلام في الجنوب، بل والسعي في بعض الأحيان لضم الجنوب إلي دول شرق إفريقيا بدلا من الشمال، وصولا للسياسات الخاطئة لمعظم - إن لم يكن كل - الحكومات السودانية المتعاقبة العسكرية والمدنية التي عملت عن قصد أو غير قصد علي تفاقم الأزمة عبر تكريس مخاوف الجنوب، خاصة من قضية الشريعة الإسلامية، ومن ثم تطور مطالب هؤلاء الجنوبيين من الحكم الذاتي المحدود إلي الفيدرالية، انتهاء بحق تقرير المصير الذي يمكن أن يفضي إلي الانفصال.
بل إنه قد يكون من المفاجأة القول إن حكومة الإنقاذ ذاتها هي التي أعطت هذا الحق للجنوبيين المنشقين عن قرنق في يناير 1992 من خلال اتفاق فرانكفورت، والتي دفعت بعد ذلك المعارضة الشمالية عبر ضغط البندقية الشمالية إلي إقرار الأمر ذاته في مقررات أسمرة عام 1995 .
وبالطبع، هذا التطور للصراع ما كان له أن يصل إلي ذروته ، وطيلة أمده - أطول صراع في إفريقيا (1983-2005) - لولا الدعم الخارجي الإقليمي (دول الجوار مثل كينيا وأوغندا)، والدولي (الولايات المتحدة، إسرائيل، الفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي). هذا الدعم لم يقتصر علي الدعم المعنوي أو المالي فحسب، وإنما امتد للدعم العسكري، بل إن إسرائيل قامت بإهداء جزء من السلاح الذي حصلت عليه عقب هزيمة الجيش المصري في حرب 1967 لقرنق نكاية في مصر والعرب والمسلمين(1). ولقد عمل الطرف الخارجي علي تصوير الصراع بأنه صراع ديني، ومن ثم لا بد إما من تشكيل سودان جديد موحد علماني، أو حصول الجنوبيين علي حق تقرير المصير .
وفي هذا الإطار، يمكن القول بوجود أربع مراحل أساسية للصراع، تضمنت كل مرحلة مجموعة من المراحل الفرعية المهمة. هذه المراحل هي:
أولا- مرحلة الاستعمار وتكريس التمييز الثقافي والديني.
ثانيا- مرحلة التصعيد العسكري والحكم الذاتي.
ثالثا- مرحلة تقرير المصير.
رابعا- مرحلة نيفاشا والتكريس القانوني لانفصال الجنوب.