- الأحد يناير 09, 2011 12:40 pm
#32325
■ غدا.. وفي ضوء الانفصال المتوقع لجنوب السودان سوف نكون إزاء خارطة جديدة للشرق الأوسط.. خارطة تضاف فيها دولة جديدة، والذين تحدثوا عن مخطط مطروح لتجديد خارطة الشرق الأوسط قبل عقد من الزمن سُفهت آراؤهم وأُخرجوا من دائرة أهل النهى والعقول وقدموا على أنهم أصحاب نظرة متخلفة تعيش على نظرية المؤامرة! والآن بماذا سيوصفون!
إذا هناك من يعتقد عن علم وإدراك أن خارطة الشرق الأوسط ستبقى كما هي عليه الآن في العقود القادمة، نقول إننا نتمنى أن يكون يقينه صادقا، فلا أحد يتطلع إلى الحروب والخراب، الأغلبية من الناس تتطلع إلى أن تعيش بسلام، ونرجو أيضا ألاّ يكون اليقين هذا هدفه التضليل والتعمية لأهداف خفية.. والتاريخ لديه الشواهد عن الذين عملوا ضد المصالح العليا لشعوب المنطقة.. بسوء نية وفساد طوية!
الشرق الأوسط، فرضت عليه حقائق الجغرافيا السياسية أن يكون منطقة تقاطع للمصالح على مر التاريخ.. وتضاف الآن معطيات الثروات الكبرى إلى ميزة الجغرافيا، وهذه الساحة المفتوحة للصراع الآن تتجاذبها عوامل كبرى محفزة للاضطرابات وللتدخلات الإقليمية والدولية، وبالتالي تهيئة البيئة للنزاعات والحروب المدمرة.
ما يجري على هذه الساحة الكبرى هو امتداد لما مر بها عبر التاريخ.. ففي المنطقة في الظروف المعاصرة عدة عوامل تتلاقى أو تتضارب في الأهداف والمصالح.. أولا هناك (قومية فارسية) لا تخفي أطماعها وتقوم على عقيدة الانتقام للضحية، ثانيا هناك (مشروع صهيوني) هدفه إحياء قومية يهودية لها دولة قوية من النيل إلى الفرات بحيث تكون القاعدة الأساسية المضمونة لإدارة المشروع الكبير. ثالثا، هناك شركات كبرى عملاقة في أمريكا لها مصالح حيوية في المنطقة. رابعا، العالم يحكمه نظام رأسمالي يقوم بقاؤه واستمراره على ديمومة الموارد، وخامسا، هناك (مشروع القاعدة) الذي يسعى إلى طرد الكفار من أرض العرب والمسلمين.. وهكذا في ساحة المنطقة قوى متناطحة.
أحد العوامل الأساسية لإذكاء الصراع في المنطقة، مع الأسف، أنه يأتي من دولة كان المفترض أن تكون عامل استقرار وبناء ورصيد حيوي لشعوب المنطقة، إنها إيران، فبعد سقوط الشاه لم تصبح إيران دولة يضاف رصيدها الحيوي للمنطقة، بل تحولت إلى (مشروع ثورة) معززة بطموحات قومية فارسية، وهذا المشروع المفتوح أصبح مرهقا ومكلفا وهو خطر على إيران وعلى جبهتها الداخلية، فالاتحاد السوفياتي الذي استمر في مشروع الثورة تجاوزت طموحه إمكاناته وبالتالي انهار وتفكك.. وإيران لم تستفد من عمقها الاقتصادي والسكاني وتنوعها الثقافي وموروثها الفكري لتكون دولة محورية تدعم الأمن والاستقرار في المنطقة، فقد تحول مشروعها الكبير إلى عامل خوف ومصدر دمار لدى شعوب المنطقة.
إضافة إلى المشروع الإيراني، هناك مشروع آخر خطير وهو المشروع الصهيوني، فمن غرفة العمليات في إسرائيل تجري إدارة هذا المشروع بكل مهنية واحترافية، فهذا المشروع يحقق أهدافه البعيدة والقريبة بكل اقتدار، فهو يحقق أمن إسرائيل واستمرارها، ويحقق مصالح القوى الكبرى، بالذات الولايات المتحدة الأمريكية، وبقاء إسرائيل ضروري وحيوي للمشروع الكبير لذا تهيأ لإسرائيل كل الظروف المناسبة لكي تبقى دولة حيوية محورية، وإسرائيل بعد خمسة عقود من التأسيس والبناء أصبحت دولة مؤسسات سياسية، ولديها جامعات ومراكز أبحاث وشركات عملاقة وجيش متطور، وهذه المنظومة تعمل على حماية مصالحها وأمنها.
وبالطبع ساحة صراعها الكبرى ليست في فلسطين، بل في محيطها البعيد، فإسرائيل مجال أمنها القومي الحيوي ليس في حدودها المباشرة، بل مجالها يصل إلى باكستان والسودان وتركيا واليمن والهند.. إنها دائرة كبرى، ولكي تحمي أمنها فعليها أن تتحرك في هذه الساحات البعيدة، ونحن هنا لا نأتي بجديد فهذا مطروح في أدبياتهم ومجال دائر للنقاش والحوار بين مفكريهم وقادتهم.. فهل نستغرب أن يكون لإسرائيل مشاريع للتخريب وإثارة الفرقة وتهيئة مناخات الخلافات.. ربما نستغرب أَلاّ تقوم بذلك، فمن لديه مشروع كبير عليه أن يدرس ويخطط وينفذ، وهذا ما تفعل إسرائيل.
والمشروع الصهيوني الكبير في الشرق الأوسط الذي هدفه تكريس تواجد الغرب في المنطقة يقابله مشروع كبير وخطير، وهو (مشروع القاعدة) الذي يستهدف طرد الغرب من المنطقة. هذا المشروع أيضا لديه مفكروه ومنظروه وممولوه، والخطير على المنطقة أن هذا المشروع مفتوح وقابل للاختراق، لذا هو جاهز لأن يستثمره كل من يريد أن يخرب في المنطقة ويعمل تحت أهدافه وتطلعاته، فقد أطلق هذا المشروع/ اللعبة فأصبح ميدان كل لاعب مع الأسف.. والضحية المنطقة وشعوبها.
مع كل هذه العوامل الحيوية والكبيرة.. هل نستغرب أن يحدث ما يحدث في السودان، وهل نستغرب أن نرى خارطة جديدة للشرق الأوسط؟ إننا في منطقة قدرها أن تكون في (قلب العالم) وهذا التميز في الجغرافيا السياسية سيضاف عليه في السنوات القادمة تمركز إنتاج النفط والغاز، ونحن في عالم لا تسيطر عليه قوى الخير المطلق، فالدول الكبرى التي تدير شؤون العالم وتقول إنها حامية للسلام والأمن الدوليين، هذه الدول ستعود إلى سيرتها الأولى في السباق على المصالح ونهب الموارد إذا تطلب الأمر ذلك، وأيضا قد لا يستغرب ذلك منها.. فلم تبن الجيوش والتحالفات إلا ليوم معلوم، وهذه سنة الله في خلقه.. وقدر السودان، ومن قبله إفريقيا كلها، أن لديه موارد، وبالذات في الجنوب فهناك 80 في المائة من نفط السودان وموارده.. وهكذا سيظل النفط أحد محركات الصراعات في العالم فقد حولته البشرية من نعمة إلى.. نقمة!
إذا هناك من يعتقد عن علم وإدراك أن خارطة الشرق الأوسط ستبقى كما هي عليه الآن في العقود القادمة، نقول إننا نتمنى أن يكون يقينه صادقا، فلا أحد يتطلع إلى الحروب والخراب، الأغلبية من الناس تتطلع إلى أن تعيش بسلام، ونرجو أيضا ألاّ يكون اليقين هذا هدفه التضليل والتعمية لأهداف خفية.. والتاريخ لديه الشواهد عن الذين عملوا ضد المصالح العليا لشعوب المنطقة.. بسوء نية وفساد طوية!
الشرق الأوسط، فرضت عليه حقائق الجغرافيا السياسية أن يكون منطقة تقاطع للمصالح على مر التاريخ.. وتضاف الآن معطيات الثروات الكبرى إلى ميزة الجغرافيا، وهذه الساحة المفتوحة للصراع الآن تتجاذبها عوامل كبرى محفزة للاضطرابات وللتدخلات الإقليمية والدولية، وبالتالي تهيئة البيئة للنزاعات والحروب المدمرة.
ما يجري على هذه الساحة الكبرى هو امتداد لما مر بها عبر التاريخ.. ففي المنطقة في الظروف المعاصرة عدة عوامل تتلاقى أو تتضارب في الأهداف والمصالح.. أولا هناك (قومية فارسية) لا تخفي أطماعها وتقوم على عقيدة الانتقام للضحية، ثانيا هناك (مشروع صهيوني) هدفه إحياء قومية يهودية لها دولة قوية من النيل إلى الفرات بحيث تكون القاعدة الأساسية المضمونة لإدارة المشروع الكبير. ثالثا، هناك شركات كبرى عملاقة في أمريكا لها مصالح حيوية في المنطقة. رابعا، العالم يحكمه نظام رأسمالي يقوم بقاؤه واستمراره على ديمومة الموارد، وخامسا، هناك (مشروع القاعدة) الذي يسعى إلى طرد الكفار من أرض العرب والمسلمين.. وهكذا في ساحة المنطقة قوى متناطحة.
أحد العوامل الأساسية لإذكاء الصراع في المنطقة، مع الأسف، أنه يأتي من دولة كان المفترض أن تكون عامل استقرار وبناء ورصيد حيوي لشعوب المنطقة، إنها إيران، فبعد سقوط الشاه لم تصبح إيران دولة يضاف رصيدها الحيوي للمنطقة، بل تحولت إلى (مشروع ثورة) معززة بطموحات قومية فارسية، وهذا المشروع المفتوح أصبح مرهقا ومكلفا وهو خطر على إيران وعلى جبهتها الداخلية، فالاتحاد السوفياتي الذي استمر في مشروع الثورة تجاوزت طموحه إمكاناته وبالتالي انهار وتفكك.. وإيران لم تستفد من عمقها الاقتصادي والسكاني وتنوعها الثقافي وموروثها الفكري لتكون دولة محورية تدعم الأمن والاستقرار في المنطقة، فقد تحول مشروعها الكبير إلى عامل خوف ومصدر دمار لدى شعوب المنطقة.
إضافة إلى المشروع الإيراني، هناك مشروع آخر خطير وهو المشروع الصهيوني، فمن غرفة العمليات في إسرائيل تجري إدارة هذا المشروع بكل مهنية واحترافية، فهذا المشروع يحقق أهدافه البعيدة والقريبة بكل اقتدار، فهو يحقق أمن إسرائيل واستمرارها، ويحقق مصالح القوى الكبرى، بالذات الولايات المتحدة الأمريكية، وبقاء إسرائيل ضروري وحيوي للمشروع الكبير لذا تهيأ لإسرائيل كل الظروف المناسبة لكي تبقى دولة حيوية محورية، وإسرائيل بعد خمسة عقود من التأسيس والبناء أصبحت دولة مؤسسات سياسية، ولديها جامعات ومراكز أبحاث وشركات عملاقة وجيش متطور، وهذه المنظومة تعمل على حماية مصالحها وأمنها.
وبالطبع ساحة صراعها الكبرى ليست في فلسطين، بل في محيطها البعيد، فإسرائيل مجال أمنها القومي الحيوي ليس في حدودها المباشرة، بل مجالها يصل إلى باكستان والسودان وتركيا واليمن والهند.. إنها دائرة كبرى، ولكي تحمي أمنها فعليها أن تتحرك في هذه الساحات البعيدة، ونحن هنا لا نأتي بجديد فهذا مطروح في أدبياتهم ومجال دائر للنقاش والحوار بين مفكريهم وقادتهم.. فهل نستغرب أن يكون لإسرائيل مشاريع للتخريب وإثارة الفرقة وتهيئة مناخات الخلافات.. ربما نستغرب أَلاّ تقوم بذلك، فمن لديه مشروع كبير عليه أن يدرس ويخطط وينفذ، وهذا ما تفعل إسرائيل.
والمشروع الصهيوني الكبير في الشرق الأوسط الذي هدفه تكريس تواجد الغرب في المنطقة يقابله مشروع كبير وخطير، وهو (مشروع القاعدة) الذي يستهدف طرد الغرب من المنطقة. هذا المشروع أيضا لديه مفكروه ومنظروه وممولوه، والخطير على المنطقة أن هذا المشروع مفتوح وقابل للاختراق، لذا هو جاهز لأن يستثمره كل من يريد أن يخرب في المنطقة ويعمل تحت أهدافه وتطلعاته، فقد أطلق هذا المشروع/ اللعبة فأصبح ميدان كل لاعب مع الأسف.. والضحية المنطقة وشعوبها.
مع كل هذه العوامل الحيوية والكبيرة.. هل نستغرب أن يحدث ما يحدث في السودان، وهل نستغرب أن نرى خارطة جديدة للشرق الأوسط؟ إننا في منطقة قدرها أن تكون في (قلب العالم) وهذا التميز في الجغرافيا السياسية سيضاف عليه في السنوات القادمة تمركز إنتاج النفط والغاز، ونحن في عالم لا تسيطر عليه قوى الخير المطلق، فالدول الكبرى التي تدير شؤون العالم وتقول إنها حامية للسلام والأمن الدوليين، هذه الدول ستعود إلى سيرتها الأولى في السباق على المصالح ونهب الموارد إذا تطلب الأمر ذلك، وأيضا قد لا يستغرب ذلك منها.. فلم تبن الجيوش والتحالفات إلا ليوم معلوم، وهذه سنة الله في خلقه.. وقدر السودان، ومن قبله إفريقيا كلها، أن لديه موارد، وبالذات في الجنوب فهناك 80 في المائة من نفط السودان وموارده.. وهكذا سيظل النفط أحد محركات الصراعات في العالم فقد حولته البشرية من نعمة إلى.. نقمة!