- الأحد يناير 09, 2011 9:50 pm
#32459
التحديات المستقبلية للدبلوماسية الأميركية
لعل التحدي الكبير للدبلوماسية الأميركية منذ اليوم هو كيف تستعيد زمام الأمور، وكيف تقنع المسؤولين ومصادرها ومن يتردد على سفارات واشنطن حول العالم، بأن مثل هذه الفضائح لن يتكرر؟ وأن التحاور مع الدبلوماسيين والمسؤولين الأميركيين لن يخرج للعلن ويحرج ويفضح! على المدى القصير سيعاني الدبلوماسيون الأميركيون من صعوبات ومن جفاء وتحفظ وتردد أكثر ممن اعتادوا أن يكونوا منفتحين معهم وشفافين وصرحاء.
ويعتقد بعض خبراء الدبلوماسية أن إجراءات حماية المعلومات سوف تتشدّد ويمكن الافتراض أن من سيتحدّث مع الدبلوماسيين، وليس فقط مع الأميركيين، سيكون أكثر حذرا. كما يجوز أن الأحاديث بين الدبلوماسيين أنفسهم ستغدو أقل صراحة، صحيح أن جزءا هاما من الوثائق التي سربت كانت ملامحها معروفة بعض الشيء، على اعتبار أنها سياسة عامة، لكن الأكيد أن هناك أشياء غير معروفة على نطاق واسع خارج دائرة ضيقة، على سبيل المثال التصريحات بدون تحفظ لقادة الدول الذين يتصورون أنهم في صحبة آمنة.
ويرى ديفيد ماك (الدبلوماسي الأميركي المخضرم) في مقابلة مع قناة الجزيرة أن التسريبات لم تلحق الضرر بالدبلوماسية الأميركية بل بالنظام العالمي برمته، لأنه يقوم على أساس افتراضي أن الحكومات عندما تبعث دبلوماسييها في عواصم العالم المختلفة فإن هؤلاء يجب أن يكونوا قادرين على الدخول في محادثات سرية وأن يطلعوا حكوماتهم بشكل سري على فحوى اللقاءات وتحليلهم لها, لذا فإن هذه التسريبات تؤثر سلبا وتلحق الضرر بمبدأ الثقة الذي على مدى ثلاثة قرون هو أساس العمل الدبلوماسي الدولي.
والحاصل أنه لن يثق أحد في كل دول العالم بعد الآن، لا بسرّية العمل الدبلوماسي الأميركي، ولا "للمجالس بالأمانات" الأميركية، ولا أيضا بوجود مؤسسة واحدة تدير كل السياسة الخارجية الأميركية وتكون قادرة على الاحتفاظ علنا بكل ما يقال سرا.
فمن، على سبيل المثال، في أي عاصمة عربية يمكن أن يثق بعد بأن المكاشفات الخاصة بينه وبين الدبلوماسيين، أو حتى كبار المسؤولين الأميركيين، في الغرف المغلقة، لن تصبح في اليوم التالي العناوين الرئيسة في كبريات الصحف ومواقع الإنترنت في العالم؟ ومن في أي عاصمة شرق أوسطية يمكن بعد أن يثق بأنه إذا ما دخل سفارة أميركية، سيخرج منها "سالما"، بالمعنى السياسي؟
"
إذا كان في نهاية المطاف سوف تعود الأمور إلى مسارها، فإن الأكيد أيضا أن المشهد السياسي والدبلوماسي العالمي بعد نشر وثائق "ويكيليكس" لن يكون كما قبل ذلك
"
أجل، العلاقات العسكرية والإستراتيجية بين أميركا وبعض الدول الشرق أوسطية باقية، وفي هذا تأكيد لما قاله روبرت غيتس، لكن غياب الثقة سيلقي ظلالا كثيفة من الشك حول هذه العلاقات، وقد يتسبب في تغيير أو على الأقل تعديل السياسات على المديين المتوسط والبعيد
التحدي الأخر يتمثل في حقيقة أن الدبلوماسية الأميركية منذ سنوات عدة أخذت على عاتقها الاختباء وراء السرية، إما من أجل السيطرة على الإعلام نفسه وليس فقط السيطرة على المعلومات، أو من أجل التضليل عمدا باستخدام بذيء أحيانا لوسائل الإعلام والإعلاميين.
وكان أن الكثير من الوسائل الإعلامية الأميركية خضع للعبة الجديدة مع الإدارة والكونغرس الأميركي وفقد البوصلة الأخلاقية وأصول المهنة، صحيح أن تسريبات "ويكيليكس" لن تصلحه بالضرورة لكنها قد تفرض قواعد مختلفة على الإعلام وعلاقته مع السلطة، والعكس بالعكس.
ختاما إذا كان في نهاية المطاف سوف تعود الأمور إلى مسارها، لأن المطلوب من الدبلوماسي أن يقدم تقريرا، أن يفسر، أن يحلل وليس أن يكتب برقية كما لو أنها لمقابلة تلفزيونية تحوي ألاعيب دبلوماسية ، فإن الأكيد أيضا أن المشهد السياسي والدبلوماسي العالمي بعد نشر وثائق "ويكيليكس" لن يكون كما قبل ذلك.
لعل التحدي الكبير للدبلوماسية الأميركية منذ اليوم هو كيف تستعيد زمام الأمور، وكيف تقنع المسؤولين ومصادرها ومن يتردد على سفارات واشنطن حول العالم، بأن مثل هذه الفضائح لن يتكرر؟ وأن التحاور مع الدبلوماسيين والمسؤولين الأميركيين لن يخرج للعلن ويحرج ويفضح! على المدى القصير سيعاني الدبلوماسيون الأميركيون من صعوبات ومن جفاء وتحفظ وتردد أكثر ممن اعتادوا أن يكونوا منفتحين معهم وشفافين وصرحاء.
ويعتقد بعض خبراء الدبلوماسية أن إجراءات حماية المعلومات سوف تتشدّد ويمكن الافتراض أن من سيتحدّث مع الدبلوماسيين، وليس فقط مع الأميركيين، سيكون أكثر حذرا. كما يجوز أن الأحاديث بين الدبلوماسيين أنفسهم ستغدو أقل صراحة، صحيح أن جزءا هاما من الوثائق التي سربت كانت ملامحها معروفة بعض الشيء، على اعتبار أنها سياسة عامة، لكن الأكيد أن هناك أشياء غير معروفة على نطاق واسع خارج دائرة ضيقة، على سبيل المثال التصريحات بدون تحفظ لقادة الدول الذين يتصورون أنهم في صحبة آمنة.
ويرى ديفيد ماك (الدبلوماسي الأميركي المخضرم) في مقابلة مع قناة الجزيرة أن التسريبات لم تلحق الضرر بالدبلوماسية الأميركية بل بالنظام العالمي برمته، لأنه يقوم على أساس افتراضي أن الحكومات عندما تبعث دبلوماسييها في عواصم العالم المختلفة فإن هؤلاء يجب أن يكونوا قادرين على الدخول في محادثات سرية وأن يطلعوا حكوماتهم بشكل سري على فحوى اللقاءات وتحليلهم لها, لذا فإن هذه التسريبات تؤثر سلبا وتلحق الضرر بمبدأ الثقة الذي على مدى ثلاثة قرون هو أساس العمل الدبلوماسي الدولي.
والحاصل أنه لن يثق أحد في كل دول العالم بعد الآن، لا بسرّية العمل الدبلوماسي الأميركي، ولا "للمجالس بالأمانات" الأميركية، ولا أيضا بوجود مؤسسة واحدة تدير كل السياسة الخارجية الأميركية وتكون قادرة على الاحتفاظ علنا بكل ما يقال سرا.
فمن، على سبيل المثال، في أي عاصمة عربية يمكن أن يثق بعد بأن المكاشفات الخاصة بينه وبين الدبلوماسيين، أو حتى كبار المسؤولين الأميركيين، في الغرف المغلقة، لن تصبح في اليوم التالي العناوين الرئيسة في كبريات الصحف ومواقع الإنترنت في العالم؟ ومن في أي عاصمة شرق أوسطية يمكن بعد أن يثق بأنه إذا ما دخل سفارة أميركية، سيخرج منها "سالما"، بالمعنى السياسي؟
"
إذا كان في نهاية المطاف سوف تعود الأمور إلى مسارها، فإن الأكيد أيضا أن المشهد السياسي والدبلوماسي العالمي بعد نشر وثائق "ويكيليكس" لن يكون كما قبل ذلك
"
أجل، العلاقات العسكرية والإستراتيجية بين أميركا وبعض الدول الشرق أوسطية باقية، وفي هذا تأكيد لما قاله روبرت غيتس، لكن غياب الثقة سيلقي ظلالا كثيفة من الشك حول هذه العلاقات، وقد يتسبب في تغيير أو على الأقل تعديل السياسات على المديين المتوسط والبعيد
التحدي الأخر يتمثل في حقيقة أن الدبلوماسية الأميركية منذ سنوات عدة أخذت على عاتقها الاختباء وراء السرية، إما من أجل السيطرة على الإعلام نفسه وليس فقط السيطرة على المعلومات، أو من أجل التضليل عمدا باستخدام بذيء أحيانا لوسائل الإعلام والإعلاميين.
وكان أن الكثير من الوسائل الإعلامية الأميركية خضع للعبة الجديدة مع الإدارة والكونغرس الأميركي وفقد البوصلة الأخلاقية وأصول المهنة، صحيح أن تسريبات "ويكيليكس" لن تصلحه بالضرورة لكنها قد تفرض قواعد مختلفة على الإعلام وعلاقته مع السلطة، والعكس بالعكس.
ختاما إذا كان في نهاية المطاف سوف تعود الأمور إلى مسارها، لأن المطلوب من الدبلوماسي أن يقدم تقريرا، أن يفسر، أن يحلل وليس أن يكتب برقية كما لو أنها لمقابلة تلفزيونية تحوي ألاعيب دبلوماسية ، فإن الأكيد أيضا أن المشهد السياسي والدبلوماسي العالمي بعد نشر وثائق "ويكيليكس" لن يكون كما قبل ذلك.