دبلوماسية مؤتمرات القمة العربية والمنهج الدبلوماسي الاقتصادي
مرسل: الاثنين يناير 10, 2011 2:48 am
بادئ ذي بدء من الأهمية التفريق بين الدبلوماسية العربية وبين دبلوماسية القمم العربية باعتبار إنه منهجياً لا يمكن القول أن هناك دبلوماسية عربية ولكن من الناحية العملية في إطار مؤتمراتالقمة العربية يمكن التحدث عن دبلوماسية عربية. فمنذ أنطلاق أول قمة عربية بوصفها مؤسسة سياسية عام 1964وحتى قمة الدوحة 2009 تم عقد ما يقارب 33 قمة , وفي ظل واقع عربي يواجهه تحديات ليس أقلها ما تعرض له قطر عربي من احتلال العراق 2003 وما تعاني منه فلسطين المحتلة وبالإضافة لتأزم الوضع في السودان كذلك الحال للمستجدات على الساحة اليمنية, يجعلنا نعيد الذاكرة لأول مؤتمر عربي عقد في انشاص 1946لمناصرة القضية الفلسطينية لنجد حالنا قد أنتقلنا من مناصرة قضية إلى مناصرة قضايا فلسطين وتحرير وطن عربي آخر العراق من جهة إلى اليمن والسودان والصومال ولبنان من جهة أخرى. وفي ضوء هذه المقاربة وما يعانيه عالمنا العربي من تحديات منذ تداعيات 11/9 عموماً واحتلال العراق خصوصاً تكمن أهمية موضوع الدبلوماسية ومؤتمرات القمم العربية فمن منطلق الواقع العربي تعتبر القمم العربية هي المؤسسة السياسية الأولى - إذا جاز التعبير - التي تتخذ القرارات بصفتها تضم رؤساء وملوك الدول العربية الذين يملكون زمام السلطة في الوطن العربي.
فهم دبلوماسية هذه القمم هو مدخل لفهم المجريات والتحولات في الواقع العربي حيث الحاجة ملحة لتقييم الأداء الدبلوماسي العربي من أجل القدرة على مجابهة تلك التحديات. ومن خلال التتبع التاريخي والتحليل لمؤتمرات القمة العربية وانطلاقاً من صلب واقعنا المعاصر كثير من التساؤلات تطرح سواء على صعيد التجربة أو على صعيد إشكاليات التغيير.
أولاً: على صعيد التجربة
هل هذا الانحدار التدريجي الذي أصاب الدبلوماسية الجماعية العربية سببه قصور في الدبلوماسية أم ناتج عن طبيعة وواقع الأنظمة السياسية العربية ؟ وهل يمكن القول أن دبلوماسية القمم العربية هي دبلوماسية منفعلة أكثر مما هي فاعلة وهي دبلوماسية لا تجيد استغلال الفرص ؟ وهل يمكن التحدث عن دبلوماسية في غياب رؤية استراتيجية واضحة تصب هذه الدبلوماسية في خدمتها ؟
دبلوماسية القمم هي دبلوماسية تقليدية لا تعنيها قصة ممارسسة الضغوط إلا ما ندر أي دبلوماسية حكمة الصبر والصمت وانتظار التغييرات وهي غير قادرة على الفعل والتأثير وتغلب عليها سياسة التعايش مع الأوضاع . بالفعل هذا ما تعبر عنه التجربة العربية على صعيد مؤتمرات القمة , كما أن الخلل يكمن في عدم تنفيذ قرارات هذه القمم وغياب مساءلة من يتحمل مسؤولية هذا التردي كالجهاز الدبلوماسي العربي المتمثل بالجامعة العربية ووزارات الخارجية العربية , والقرار الرسمي العربي على أعلى المستويات مسؤول عن هذا التعطيل بالدرجة الأولى .
إذا تجاوزنا كل تلك التساؤلات يمكن القول أن دبلوماسية القمم العربية القائمة على الكل أو لا شيء لم تحقق أهدافها . وفي حال اعتمدت مبدأ المبادرة ورمي الكرة في ملعب الخصم فهي لم تكن في سياق ورؤية استراتيجية واضحة تأخد في عين الاعتبار مبدأ القوة بكل أشكالها , فهي قائمة دوماً على مبدأ سياسة الهروب إلى الأمام, فإذا كانت الدبلوماسية هي فن الممكن فهل هذا الممكن له أن يتحقق إلا إذا ساندتة عوامل القوة في أبعادها العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية والمعنوية , وعندما تغيب هذه العوامل تصبح هذه الدبلوماسية عبارة عن طواحين للهواء بلا جدوى أو مردود .
ثانيا: على صعيد إشكاليات التغيير
إذا كان هناك انحدار على صعيد دبلوماسية مؤتمرات القمم العربية فكثير من التساؤلات مشروعة :
ا - هل التغيير يكمن في اعتماد الدبلوماسية السياسية ؟
2- أم يكمن في اعتماد الدبلوماسية القانونية ؟
3- أم آن الأوان لاعتماد الدبلوماسية الاقتصادية ؟
4- هل التغيير الذي يجب اعتماده على ضوء تجربة القمم العربية هو الاعتماد على الدبلوماسية الفردية القطرية التي أثبتت نجاحها وتفوقها على الدبلوماسية الجماعية ؟
قد تكون الإجابة على تلك التساؤلات هي النافذة التي من خلالها يمكن لنا إصلاح واقعنا ومن ثم الانطلاق منه إلى كيفية التعاطي مع ما هو إقليمي وما هو دولي. وبعيداً عن التحليل ولو تم ترك العنان للغة الأرقام لوجدنا أن ما بين عام 1945_2010 تم صدور الكثير من القرارات التي لم ينفذ منها شيئ فكما يقال أن أكبر وأقدم أرشيف في العالم من القرارات غير المنفذة هو أرشيف الجامعة العربية. وبعد تجربة 65 عام لا بد من معرفة كيفية إنعاش دبلوماسية المؤتمرات العربية ؟ فهل نعتمد النهج الإصلاحي القانم على النهج القانوني كاإصلاح آليات الجامعة العربية وميثاقها أي النظر إلى عملية الإصلاح باعتبارها في الأساس سعياً للتوصل إلى أفضل الصيغ القانونية الكفيلة بإخراج هذه المؤتمرات من كبوتها ؟
هذه المبادرات القانونية موجودة منذ العام 1948عندما دعت سوريا بتعديل الميثاق ليشمل ضرورة امتناع أعضاء الجامعة عن التفاوض والتعاقد مع الدول الأجنبية إلا بعد التفاهم على أسس هذا التعاقد ضمن الجامعة, ناهيك عن المطالبة بالانتقال من مبدأ الإجماع إلى مبدأ التصويت أو الأغلبية. لكن لا يوجد جديد تحت الشمس ، فمحاولات التطوير لم تغب عن الساحة منذ التوقيع على ميثاق الجامعة ومع كل مؤتمر من مؤتمراتها ولكن لسبب أو لآخر قد اخفق معظمها والجلي أن المحصلة على هذا الصعيد كانت صفراً أو ما يزيد عليه بقليل.
أخطر ما يمكن أن يحيط بمحاولات التغيير هو التصور بأننا قد نأتي بجديد, فالجديد الذي يجب غرسه هو تغيير تلك الخصائص البنيوية في النظام العربي التي حالت دون الاستجابة لمقترحات التطوير في الماضي واجهضت ما أجيز منها في الواقع العملي, حيث إذ أصر البعض على اعتبار الإصلاح مجرد صياغة قانونية مبتكرة كفيلة بإعطاء دفعة لمؤسسة المؤتمرات فسوف يكتشفوا بعد حين أن هذا التصور سوف يفضي بنا إلى السير في طريق التية ذاته , حلقة مفرغة نتخيل في أولها أننا ماضون نحو هدفنا فإذ بنا بعد سنوات أو عقود نعود إلى نقطة البدء.
قد يكون من الأجدر نهج الدبلوماسية السياسية القانمة على ايجاد نقاط تلاقي وترابط ولو بالحد الأدنى لتكون ركيزة لما نتطلع إلية في المستقبل والمدخل الرئيسي لهذا المستقبل يكمن في اتباع المنهج الدبلوماسي الاقتصادي, فدبلوماسية القمم العربية قائمة على البعد السياسي الصرف وليس على البعد السياسي المصلحي المباشر, وفي حال وصلنا إلى هذا النضوج نستطيع أن نكون فاعلين على المستوى الداخلي والخارجي , والواقع الأوروبي نموذج يمكن الاقتداء به مع مراعاة خصوصية أوضاعنا الثقافية والسياسية في مكاناً ما .
الأيديولوجية دائماً والحمد لله متوفرة لدينا إلا أن المصالح الاقتصادية فهي دانماً على الهامش فهل يمكن لنا ذكر قمة عربية واحدة كانت ذات طابع اقتصادي صرف باستثناء قمة الكويت 2009 التي عقدت في ظل الأوضاع العربية المتوترة نتيجة حرب غزة وتداعياتها على صعيد العلاقات العربية العربية؟
عدم التناسق بين الأقطار العربية ينعكس على واقعنا وهو أحد أسباب تعثر الدبلوماسية الجماعية -- هذا الواقع ينطبق على طبيعة العلاقات العربية العربية فيما بينها أو على صعيد العلاقات الإقليمية كالعلاقات العربية التركية والعربية الإيرانية, فمثلاً نجد أن العلاقات العربية الفردية بين الدول العربية أكثر فعالية من العلاقات العربية الجماعية وهذا ينطبق أيضاً على العلاقات العربية الإقليمية فالعلاقات السورية التركية أو السورية الإيرانية الفردية كانت أنجح من العلاقات العربية الجماعية مع تلك الدول سواء على الصعيد السياسي وحتى الاقتصادي -- فنحن بحاجة إلى الدبلوماسية الاقتصادية القادرة على محاولة الدمج ما بين هذا الوضع غير المتناسق لكي نكون قادرين على تجاوز كل الصعوبات.
في ظل عالم متغير يجب النظر إلى دبلوماسية مؤتمرات القمم العربية على أساس أنها جزء من كل، وهي انعكاس للواقع الوطني والقومي, ومن ثم فإن إصلاحها يرتبط بإصلاح هذا الواقع في جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
فهم دبلوماسية هذه القمم هو مدخل لفهم المجريات والتحولات في الواقع العربي حيث الحاجة ملحة لتقييم الأداء الدبلوماسي العربي من أجل القدرة على مجابهة تلك التحديات. ومن خلال التتبع التاريخي والتحليل لمؤتمرات القمة العربية وانطلاقاً من صلب واقعنا المعاصر كثير من التساؤلات تطرح سواء على صعيد التجربة أو على صعيد إشكاليات التغيير.
أولاً: على صعيد التجربة
هل هذا الانحدار التدريجي الذي أصاب الدبلوماسية الجماعية العربية سببه قصور في الدبلوماسية أم ناتج عن طبيعة وواقع الأنظمة السياسية العربية ؟ وهل يمكن القول أن دبلوماسية القمم العربية هي دبلوماسية منفعلة أكثر مما هي فاعلة وهي دبلوماسية لا تجيد استغلال الفرص ؟ وهل يمكن التحدث عن دبلوماسية في غياب رؤية استراتيجية واضحة تصب هذه الدبلوماسية في خدمتها ؟
دبلوماسية القمم هي دبلوماسية تقليدية لا تعنيها قصة ممارسسة الضغوط إلا ما ندر أي دبلوماسية حكمة الصبر والصمت وانتظار التغييرات وهي غير قادرة على الفعل والتأثير وتغلب عليها سياسة التعايش مع الأوضاع . بالفعل هذا ما تعبر عنه التجربة العربية على صعيد مؤتمرات القمة , كما أن الخلل يكمن في عدم تنفيذ قرارات هذه القمم وغياب مساءلة من يتحمل مسؤولية هذا التردي كالجهاز الدبلوماسي العربي المتمثل بالجامعة العربية ووزارات الخارجية العربية , والقرار الرسمي العربي على أعلى المستويات مسؤول عن هذا التعطيل بالدرجة الأولى .
إذا تجاوزنا كل تلك التساؤلات يمكن القول أن دبلوماسية القمم العربية القائمة على الكل أو لا شيء لم تحقق أهدافها . وفي حال اعتمدت مبدأ المبادرة ورمي الكرة في ملعب الخصم فهي لم تكن في سياق ورؤية استراتيجية واضحة تأخد في عين الاعتبار مبدأ القوة بكل أشكالها , فهي قائمة دوماً على مبدأ سياسة الهروب إلى الأمام, فإذا كانت الدبلوماسية هي فن الممكن فهل هذا الممكن له أن يتحقق إلا إذا ساندتة عوامل القوة في أبعادها العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية والمعنوية , وعندما تغيب هذه العوامل تصبح هذه الدبلوماسية عبارة عن طواحين للهواء بلا جدوى أو مردود .
ثانيا: على صعيد إشكاليات التغيير
إذا كان هناك انحدار على صعيد دبلوماسية مؤتمرات القمم العربية فكثير من التساؤلات مشروعة :
ا - هل التغيير يكمن في اعتماد الدبلوماسية السياسية ؟
2- أم يكمن في اعتماد الدبلوماسية القانونية ؟
3- أم آن الأوان لاعتماد الدبلوماسية الاقتصادية ؟
4- هل التغيير الذي يجب اعتماده على ضوء تجربة القمم العربية هو الاعتماد على الدبلوماسية الفردية القطرية التي أثبتت نجاحها وتفوقها على الدبلوماسية الجماعية ؟
قد تكون الإجابة على تلك التساؤلات هي النافذة التي من خلالها يمكن لنا إصلاح واقعنا ومن ثم الانطلاق منه إلى كيفية التعاطي مع ما هو إقليمي وما هو دولي. وبعيداً عن التحليل ولو تم ترك العنان للغة الأرقام لوجدنا أن ما بين عام 1945_2010 تم صدور الكثير من القرارات التي لم ينفذ منها شيئ فكما يقال أن أكبر وأقدم أرشيف في العالم من القرارات غير المنفذة هو أرشيف الجامعة العربية. وبعد تجربة 65 عام لا بد من معرفة كيفية إنعاش دبلوماسية المؤتمرات العربية ؟ فهل نعتمد النهج الإصلاحي القانم على النهج القانوني كاإصلاح آليات الجامعة العربية وميثاقها أي النظر إلى عملية الإصلاح باعتبارها في الأساس سعياً للتوصل إلى أفضل الصيغ القانونية الكفيلة بإخراج هذه المؤتمرات من كبوتها ؟
هذه المبادرات القانونية موجودة منذ العام 1948عندما دعت سوريا بتعديل الميثاق ليشمل ضرورة امتناع أعضاء الجامعة عن التفاوض والتعاقد مع الدول الأجنبية إلا بعد التفاهم على أسس هذا التعاقد ضمن الجامعة, ناهيك عن المطالبة بالانتقال من مبدأ الإجماع إلى مبدأ التصويت أو الأغلبية. لكن لا يوجد جديد تحت الشمس ، فمحاولات التطوير لم تغب عن الساحة منذ التوقيع على ميثاق الجامعة ومع كل مؤتمر من مؤتمراتها ولكن لسبب أو لآخر قد اخفق معظمها والجلي أن المحصلة على هذا الصعيد كانت صفراً أو ما يزيد عليه بقليل.
أخطر ما يمكن أن يحيط بمحاولات التغيير هو التصور بأننا قد نأتي بجديد, فالجديد الذي يجب غرسه هو تغيير تلك الخصائص البنيوية في النظام العربي التي حالت دون الاستجابة لمقترحات التطوير في الماضي واجهضت ما أجيز منها في الواقع العملي, حيث إذ أصر البعض على اعتبار الإصلاح مجرد صياغة قانونية مبتكرة كفيلة بإعطاء دفعة لمؤسسة المؤتمرات فسوف يكتشفوا بعد حين أن هذا التصور سوف يفضي بنا إلى السير في طريق التية ذاته , حلقة مفرغة نتخيل في أولها أننا ماضون نحو هدفنا فإذ بنا بعد سنوات أو عقود نعود إلى نقطة البدء.
قد يكون من الأجدر نهج الدبلوماسية السياسية القانمة على ايجاد نقاط تلاقي وترابط ولو بالحد الأدنى لتكون ركيزة لما نتطلع إلية في المستقبل والمدخل الرئيسي لهذا المستقبل يكمن في اتباع المنهج الدبلوماسي الاقتصادي, فدبلوماسية القمم العربية قائمة على البعد السياسي الصرف وليس على البعد السياسي المصلحي المباشر, وفي حال وصلنا إلى هذا النضوج نستطيع أن نكون فاعلين على المستوى الداخلي والخارجي , والواقع الأوروبي نموذج يمكن الاقتداء به مع مراعاة خصوصية أوضاعنا الثقافية والسياسية في مكاناً ما .
الأيديولوجية دائماً والحمد لله متوفرة لدينا إلا أن المصالح الاقتصادية فهي دانماً على الهامش فهل يمكن لنا ذكر قمة عربية واحدة كانت ذات طابع اقتصادي صرف باستثناء قمة الكويت 2009 التي عقدت في ظل الأوضاع العربية المتوترة نتيجة حرب غزة وتداعياتها على صعيد العلاقات العربية العربية؟
عدم التناسق بين الأقطار العربية ينعكس على واقعنا وهو أحد أسباب تعثر الدبلوماسية الجماعية -- هذا الواقع ينطبق على طبيعة العلاقات العربية العربية فيما بينها أو على صعيد العلاقات الإقليمية كالعلاقات العربية التركية والعربية الإيرانية, فمثلاً نجد أن العلاقات العربية الفردية بين الدول العربية أكثر فعالية من العلاقات العربية الجماعية وهذا ينطبق أيضاً على العلاقات العربية الإقليمية فالعلاقات السورية التركية أو السورية الإيرانية الفردية كانت أنجح من العلاقات العربية الجماعية مع تلك الدول سواء على الصعيد السياسي وحتى الاقتصادي -- فنحن بحاجة إلى الدبلوماسية الاقتصادية القادرة على محاولة الدمج ما بين هذا الوضع غير المتناسق لكي نكون قادرين على تجاوز كل الصعوبات.
في ظل عالم متغير يجب النظر إلى دبلوماسية مؤتمرات القمم العربية على أساس أنها جزء من كل، وهي انعكاس للواقع الوطني والقومي, ومن ثم فإن إصلاحها يرتبط بإصلاح هذا الواقع في جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.