- الثلاثاء يناير 11, 2011 6:22 am
#32630
أهداف السياسة الخارجية
ليس من السهل تحديد الهدف القومي الخارجي لدولة من الدول. فنادراً ما تكون الأهداف الحقيقية علنية. وأمام رغبة الدول النشطة في المجتمع الدولي في إخفاء نواياها الحقيقية يكون تحديد الأهداف القومية للدولة مجرد افتراضات أولية.
يعرف الأستاذ "إسماعيل صبري مقلد" الهدف القومي بأنه "وضع معين يقترن بوجود رغبة مؤكدة لتحقيقه عن طريق تخصيص ذلك القدر الضروري من الجهد والإمكانيات التي يستلزمها الانتقال بهذا الوضع من مرحلة التصور النظري البحت إلى مرحلة التنفيذ".
والأوضاع الخارجية للدول عادة ما يحددها صناع القرارات في الدولة ويأخذون بعين الاعتبار عند تحديدها . . . العوامل المؤثرة في سياسة الدولة الخارجية واتجاه الدولة وفهمها لدورها في المجتمع الدولي.
إن أول هدف قومي لأي دولة هو حماية الإقليم من أي عدوان خارجي أو تفكك داخلي. والعدوان الخارجي عادة يأتي من دول مجاورة، أما التفكك الداخلي فهو يأتي من الحركات الانفصالية التي تنشأ في الدولة وتسعى للحصول على الاستقلال السياسي الكامل والتحول إلى دولة مستقلة. فالدولة عادة ما توظف كل إمكانياتها القومية وجهودها الخارجية لردع المعتدي من الخارج والحيلولة دون الانفصال من الداخل.
وبالإضافة إلى المحافظة على كيان الدولة من العدوان الخارجي والانفصال الداخلي فإن حماية الإقليم تعني أيضاً حمايته من القيم الخارجية التي تشكل دخولها له أثراً على تماسكه وولاء سكانه. فأحياناً تواجه الدولة غزواً فكرياً أو ترويجاً عقائدياً يهدف إلى تغيير سلم أولويات ولاء المواطن لصالح الأفكار والقيم الخارجية وعلى حساب الانتماء للوطن والأمة، وهذا يمثل خطراً على أمن الدولة وتماسك شعبها.
كما أن حماية الإقليم تعني أيضاً حماية النظام السياسي الحاكم للإقليم إذا كان هذا النظام يمثل معنى خاصاً بالنسبة للشعب. فحماية النظام تعني حماية القيادة التي تمثل المجتمع ورغباته وتجسد إرادة الشعب وتطلعاته وإسقاط النظام دون رغبة الشعب سحقاً للإرادة الشعبية واستئصالاً للشخصية القومية.
أما الهدف القومي الثاني فهو تنمية إمكانات الدولة من القوة. فحماية الإقليم سوف لن تتم إلا بتوفر القوة القومية الكافية لردع المعتدي أو المنشق وهزيمته في حالة إقدامه على الاعتداء أو الانفصال.
إن تنمية القوة يتطلب في الوقت الحاضر إمكانات كبيرة يصعب على أية دولة بمفردها توفيرها مما يفرض عليها التعامل مع الآخرين لتوفير الجهد والإمكانيات المطلوبة عن طريق شراء السلع والخدمات اللازمة للأمن القومي أو عن طريق التعاون والتحالف.
ونجاح الدولة في الحصول على الإمكانيات المطلوبة يتطلب سياسية خارجية فعالة ودبلوماسية نشطة تستطيع إقناع الآخرين بالموافقة على ما تطلبه الدولة من سلع وخدمات للمحافظة على أمنها أو الدخول معها في تحالف أو تعاون يضمن بقاءها وتماسك كيانها.
والهدف القومي الثالث هو رفع مستوى رفاهية المواطن. لقد احتل هذا الهدف مكانه بارزة في سلم أولويات الأهداف القومية خصوصاً في الدول المتقدمة والتي أصبح أمنها القومي ليس بمشكلة بل إن مشكلتها توفير مستوى مقبول من الرفاهية لمواطنيها.
لقد أصبحت البطالة والتضخم وانخفاض معدل النمو الاقتصادي هي المشاكل التي تشغل بال حكومات الدول المتقدمة حيث أصبح بقاء الحكومات في السلطة رهيناً بحل هذه المشاكل الاقتصادية. وأمام بروز هذه المشاكل وأهميتها كرست السياسات الخارجية للدول المتقدمة للبحث عن حلول لها.
لذا ظهرت "الدبلوماسية الاقتصادية" التي تجعل من تحسين الوضع الاقتصادي للدولة هدفاً لها وتسعى لتحقيق هذا الهدف عن طريق وسائل اقتصادية مختلفة مثل التكتلات الاقتصادية والتسهيلات المالية والتجارية.
وحتى في الدول النامية أصبحت التنمية الاقتصادية هدفاً أساسياً تنشده في سياستها الخارجية. ولتحقيق هذا الهدف قامت الدول النامية بتحسين علاقاتها الدبلوماسية مع الدول المتقدمة والدول الغنية ومع مؤسسات التنمية الدولية والإقليمية والتي تستطيع أن تقدم لها العون وتساعدها على تحقيق خططها التنموية وطموحاتها القومية.
والهدف الرابع للسياسة الخارجية هو التوسع. والميل للتوسع يعتبر جزءاً من الطبيعة العامة لكل القوى الكائنة في المجتمع السياسي الدولي. فنمو الطاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية للدولة يخلق فيها نزعة للتوسع. والتوسع قد يكون عسكرياً، سياسياً، أو عقائدياً.
فالتوسع العسكري يتم عادة عن طريق استخدام الدولة لقواتها المسلحة لتوسيع إقليمها. وقد يكون الدافع وراء التوسع الإقليمي اعتبارات اقتصادية مثل ضم مناطق غنية بالموارد الطبيعية، أو اعتبارات عسكرية مثل ضم مناطق لها أهمية استراتيجية، أو اعتبارات قومية مثل ضم مناطق تسكن بها أقليات تربطها بالدولة الساعية للتوسع روابط قومية.
كما أن التوسع قد يكون سياسياً وهذا يعني بسط النفوذ السياسي لدولة كبرى على دولة صغرى دون احتلال إقليمها وإنما عن طريق اتفاقيات ومعاهدات سياسية. وبواسطة هذه المعاهدات توسع الدولة رقعة نفوذها السياسي مما يعطيها ثقلاً أكبر وأهمية أكثر في المجتمع الدولي.
وأخيراً يكون التوسع عقائدياً وهذا يعني نشر عقيدة الدولة السياسية في دولة أخرى. ومتى ما وفقت الدولة في نشر عقيدتها السياسية فإن هذا يوجد لها حليفاً عقائدياً يساعدها في تنفذ سياستها الدولية وتحقيق أهدافها القومية.
وعلى خلاف الهدف السابق والذي يأخذ صفة المبادرة أو السعي للتوسع قد يكون هدف السياسة الخارجية (الخامس) هو الدفاع عن معتقدات الدولة أمام التحديات التي تواجهها من المعتقدات الأخرى.
وأحياناً يكون التحدي لمعتقدات الدولة قوياً لدرجة أن مواجهته تصبح مطلباً قومياً إذ أن تركه سيترك أثراً سلبياً على استقرار النظام السياسي للدولة وعلى قيم ووحدة المجتمع.
والدفاع عن معتقدات الدولة يتطلب جهداً كبيراً تسخر فيه كل أدوات السياسة الخارجية وبالذات الدبلوماسية والإعلام لإقناع الدول الأخرى بالكف عن التدخل في معتقدات الدولة ولتعريف المواطنين بخطورة الغزو العقائدي الخارجي وأثره على شخصية الأمة ووحدتها.
أخيراً . . . [فان الهدف السادس هو] هدف السلام الدولي. وهذا الهدف غالباً ما يكون هدفاً علنياً لكل الدول. فكل دولة تريد أن تعلن أنها تنتمي إلى مجموعة الدول "المحبة للسلام" لما في هذه الرغبة العلنية من خدمة إعلامية وأمنية للدولة.
فمحبة الدولة للسلام شرط أساسي لعضوية الأمم المتحدة ووسيلة هامة لجذب احترام وتعاطف المجتمع الدولي. كما أن تطور الأسلحة وقوتها التدميرية جعل الحرب وسيلة غير مرغوبة لضمان بقاء الدولة وحل محلها السلام كوسيلة للبقاء والاستقرار.
لكن ما يجب إدراكه هو أن كثير من الدول تعلن أن السلام الدولي هدف قومي إلا أنها في ممارساتها وسلوكها تسعى لتقويض السلام العالمي ولتحقيق المزيد من المصالح القومية. لذا فإن هدف السلام العالمي وأن كان هناك إجماع بين الدول على إعلانه كهدف قومي فإن الدول تختلف في إخلاصها لهذا الهدف وسعيها الحقيقي لتجسيده.
ليس من السهل تحديد الهدف القومي الخارجي لدولة من الدول. فنادراً ما تكون الأهداف الحقيقية علنية. وأمام رغبة الدول النشطة في المجتمع الدولي في إخفاء نواياها الحقيقية يكون تحديد الأهداف القومية للدولة مجرد افتراضات أولية.
يعرف الأستاذ "إسماعيل صبري مقلد" الهدف القومي بأنه "وضع معين يقترن بوجود رغبة مؤكدة لتحقيقه عن طريق تخصيص ذلك القدر الضروري من الجهد والإمكانيات التي يستلزمها الانتقال بهذا الوضع من مرحلة التصور النظري البحت إلى مرحلة التنفيذ".
والأوضاع الخارجية للدول عادة ما يحددها صناع القرارات في الدولة ويأخذون بعين الاعتبار عند تحديدها . . . العوامل المؤثرة في سياسة الدولة الخارجية واتجاه الدولة وفهمها لدورها في المجتمع الدولي.
إن أول هدف قومي لأي دولة هو حماية الإقليم من أي عدوان خارجي أو تفكك داخلي. والعدوان الخارجي عادة يأتي من دول مجاورة، أما التفكك الداخلي فهو يأتي من الحركات الانفصالية التي تنشأ في الدولة وتسعى للحصول على الاستقلال السياسي الكامل والتحول إلى دولة مستقلة. فالدولة عادة ما توظف كل إمكانياتها القومية وجهودها الخارجية لردع المعتدي من الخارج والحيلولة دون الانفصال من الداخل.
وبالإضافة إلى المحافظة على كيان الدولة من العدوان الخارجي والانفصال الداخلي فإن حماية الإقليم تعني أيضاً حمايته من القيم الخارجية التي تشكل دخولها له أثراً على تماسكه وولاء سكانه. فأحياناً تواجه الدولة غزواً فكرياً أو ترويجاً عقائدياً يهدف إلى تغيير سلم أولويات ولاء المواطن لصالح الأفكار والقيم الخارجية وعلى حساب الانتماء للوطن والأمة، وهذا يمثل خطراً على أمن الدولة وتماسك شعبها.
كما أن حماية الإقليم تعني أيضاً حماية النظام السياسي الحاكم للإقليم إذا كان هذا النظام يمثل معنى خاصاً بالنسبة للشعب. فحماية النظام تعني حماية القيادة التي تمثل المجتمع ورغباته وتجسد إرادة الشعب وتطلعاته وإسقاط النظام دون رغبة الشعب سحقاً للإرادة الشعبية واستئصالاً للشخصية القومية.
أما الهدف القومي الثاني فهو تنمية إمكانات الدولة من القوة. فحماية الإقليم سوف لن تتم إلا بتوفر القوة القومية الكافية لردع المعتدي أو المنشق وهزيمته في حالة إقدامه على الاعتداء أو الانفصال.
إن تنمية القوة يتطلب في الوقت الحاضر إمكانات كبيرة يصعب على أية دولة بمفردها توفيرها مما يفرض عليها التعامل مع الآخرين لتوفير الجهد والإمكانيات المطلوبة عن طريق شراء السلع والخدمات اللازمة للأمن القومي أو عن طريق التعاون والتحالف.
ونجاح الدولة في الحصول على الإمكانيات المطلوبة يتطلب سياسية خارجية فعالة ودبلوماسية نشطة تستطيع إقناع الآخرين بالموافقة على ما تطلبه الدولة من سلع وخدمات للمحافظة على أمنها أو الدخول معها في تحالف أو تعاون يضمن بقاءها وتماسك كيانها.
والهدف القومي الثالث هو رفع مستوى رفاهية المواطن. لقد احتل هذا الهدف مكانه بارزة في سلم أولويات الأهداف القومية خصوصاً في الدول المتقدمة والتي أصبح أمنها القومي ليس بمشكلة بل إن مشكلتها توفير مستوى مقبول من الرفاهية لمواطنيها.
لقد أصبحت البطالة والتضخم وانخفاض معدل النمو الاقتصادي هي المشاكل التي تشغل بال حكومات الدول المتقدمة حيث أصبح بقاء الحكومات في السلطة رهيناً بحل هذه المشاكل الاقتصادية. وأمام بروز هذه المشاكل وأهميتها كرست السياسات الخارجية للدول المتقدمة للبحث عن حلول لها.
لذا ظهرت "الدبلوماسية الاقتصادية" التي تجعل من تحسين الوضع الاقتصادي للدولة هدفاً لها وتسعى لتحقيق هذا الهدف عن طريق وسائل اقتصادية مختلفة مثل التكتلات الاقتصادية والتسهيلات المالية والتجارية.
وحتى في الدول النامية أصبحت التنمية الاقتصادية هدفاً أساسياً تنشده في سياستها الخارجية. ولتحقيق هذا الهدف قامت الدول النامية بتحسين علاقاتها الدبلوماسية مع الدول المتقدمة والدول الغنية ومع مؤسسات التنمية الدولية والإقليمية والتي تستطيع أن تقدم لها العون وتساعدها على تحقيق خططها التنموية وطموحاتها القومية.
والهدف الرابع للسياسة الخارجية هو التوسع. والميل للتوسع يعتبر جزءاً من الطبيعة العامة لكل القوى الكائنة في المجتمع السياسي الدولي. فنمو الطاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية للدولة يخلق فيها نزعة للتوسع. والتوسع قد يكون عسكرياً، سياسياً، أو عقائدياً.
فالتوسع العسكري يتم عادة عن طريق استخدام الدولة لقواتها المسلحة لتوسيع إقليمها. وقد يكون الدافع وراء التوسع الإقليمي اعتبارات اقتصادية مثل ضم مناطق غنية بالموارد الطبيعية، أو اعتبارات عسكرية مثل ضم مناطق لها أهمية استراتيجية، أو اعتبارات قومية مثل ضم مناطق تسكن بها أقليات تربطها بالدولة الساعية للتوسع روابط قومية.
كما أن التوسع قد يكون سياسياً وهذا يعني بسط النفوذ السياسي لدولة كبرى على دولة صغرى دون احتلال إقليمها وإنما عن طريق اتفاقيات ومعاهدات سياسية. وبواسطة هذه المعاهدات توسع الدولة رقعة نفوذها السياسي مما يعطيها ثقلاً أكبر وأهمية أكثر في المجتمع الدولي.
وأخيراً يكون التوسع عقائدياً وهذا يعني نشر عقيدة الدولة السياسية في دولة أخرى. ومتى ما وفقت الدولة في نشر عقيدتها السياسية فإن هذا يوجد لها حليفاً عقائدياً يساعدها في تنفذ سياستها الدولية وتحقيق أهدافها القومية.
وعلى خلاف الهدف السابق والذي يأخذ صفة المبادرة أو السعي للتوسع قد يكون هدف السياسة الخارجية (الخامس) هو الدفاع عن معتقدات الدولة أمام التحديات التي تواجهها من المعتقدات الأخرى.
وأحياناً يكون التحدي لمعتقدات الدولة قوياً لدرجة أن مواجهته تصبح مطلباً قومياً إذ أن تركه سيترك أثراً سلبياً على استقرار النظام السياسي للدولة وعلى قيم ووحدة المجتمع.
والدفاع عن معتقدات الدولة يتطلب جهداً كبيراً تسخر فيه كل أدوات السياسة الخارجية وبالذات الدبلوماسية والإعلام لإقناع الدول الأخرى بالكف عن التدخل في معتقدات الدولة ولتعريف المواطنين بخطورة الغزو العقائدي الخارجي وأثره على شخصية الأمة ووحدتها.
أخيراً . . . [فان الهدف السادس هو] هدف السلام الدولي. وهذا الهدف غالباً ما يكون هدفاً علنياً لكل الدول. فكل دولة تريد أن تعلن أنها تنتمي إلى مجموعة الدول "المحبة للسلام" لما في هذه الرغبة العلنية من خدمة إعلامية وأمنية للدولة.
فمحبة الدولة للسلام شرط أساسي لعضوية الأمم المتحدة ووسيلة هامة لجذب احترام وتعاطف المجتمع الدولي. كما أن تطور الأسلحة وقوتها التدميرية جعل الحرب وسيلة غير مرغوبة لضمان بقاء الدولة وحل محلها السلام كوسيلة للبقاء والاستقرار.
لكن ما يجب إدراكه هو أن كثير من الدول تعلن أن السلام الدولي هدف قومي إلا أنها في ممارساتها وسلوكها تسعى لتقويض السلام العالمي ولتحقيق المزيد من المصالح القومية. لذا فإن هدف السلام العالمي وأن كان هناك إجماع بين الدول على إعلانه كهدف قومي فإن الدول تختلف في إخلاصها لهذا الهدف وسعيها الحقيقي لتجسيده.