النشأة:
تندرج الكونتيسة من أصول مجرية نبيلة الأصل مالكة للثروة والسلطة والتى امتد نفوذهم فى المجر وسلوفاكيا وبولندا.
تميزت عائلة باثوري بتاريخ مظلم موحش بالإضافة لامتلاك ثروة ضخمة استخدمتها العائلة في إنجازات عظيمة حققت بها فوائد تغفر لها جزء من تاريخها الدموي فكان الجد الأول للكونتيسة ( إليزابيث باثوري ) والذي يدعى ( إستيفان باثوري – Stefan Bathory ) قائدا مخلصا لـ ( فلاد الوالاشي ).
بعدما انتهى عصر ( فلاد الوالاشي ) بسنوات حيث قتل في إحدى المعارك على يد الأتراك ، بدأ ( إستيفان باثوري ) جد عائلة باثوري بالقتال و النضال للحصول على الحكم ، وقد نال مبتغاه ! وبدأ عصر أسرة آل باثوري المرعب.
استمر حكم أسرة آل باثوري سنين عديدة مسجلا عصرا آخر من عصور الظلمة المرعبة ، فمن الجد (إستيفان باثوري) الذي ساعد( فلاد الوالاشي ) على استعادة الحكم ورضاه بممارسات (فلاد) الوحشية على شعبه مرورا بجميع أفراد أسرة باثروي الذين كانوا غريبي الأطوار يعيشون حياة الظلمة و الغموض المرعب على الرغم من مكانتهم المرموقة ، فكان بين أفراد باثوري من هم من عباد الشيطان واشتهر أحد أفراد الأسرة بأنه عبد الشيطان علناً وأقام مصلى خاص به ، وكان لهم من العباقرة الشريرون سيئي السمعة ، ومنهم من كان مهووس بالجلد و تقطيع الأجساد البشرية بالإضافة لأفراد آخرين كانوا مجانين و مفسدون لا يرتاح لهم بال إلا بعد رؤية الدماء والجثث المشوهة وسماع صرخات التعذيب والتخويف !
وفي أسرة ذات ثراء وملك كبير ولدت ( إليزابيث باثوري - Elizabeth Bathory ) في أقدم وأغنى العوائلِ البروتستانتية في ( ترانسلفانيا Transylvania ) ، من أبوين أصابهما جنون آل باثوري – بطبيعة الحال-.
فكان البارون والبارونة ( جورج وآنا باثوري - George& anne Bathory )غريبي الأطوار بشكل أثار حفيظة كل من يعرفهم من خارج آل باثوري ، فأحيانا عند حضور بعض الضيوف من البلدان المجاورة من الأمراء و الملوك في قصر البارون (جورج باثوري ) يجدونه يتصرف معهم بأدب وبطريقة راقية جدا تدل فعلا على مكانته و أصله النبيل هو و زوجته ( آنا ) وتمحي كل الشائعات السيئة التي تدور حولهم وفجأة ! ينقلب الحال إلى ما يستحيل تصديقه فيبدأ الجنون المطلق يطبق على المكان حيث يستحيل ( جورج باثوري ) إلى شخص له تصرفات المفسدون عقليا بصراخه الغير طبيعي وضحكه الهستيري الذي تشاركه فيه زوجته البارونة ( آنا باثوري ) وبكائه بلا داعي وفجأة يعودون إلى ما كانوا عليه من التعامل الراقي و الأدب في الحديث.
تعرضت إليزابيث لحوادث كثيرة ساهمت في تكوين طباعها وشخصيتها ، فعندما كانت في السادسة أو السابعة من العمر حضرت حفل فخم أقامه والدها البارون للتسلية و المرح فكان جميع من في القصر مشغــــول بالرقــــــص و الضحك ، بينما كانت تلهو مع قطتها بالقرب من والدتها وبينما هم على حالهم هذا هجم على القصر عصابة من الغجر ، إليزابيث لم تدري بعدها ماذا حدث إنها تذكر صراخ الناس وصوت والدها الغاضب وحرس القصر ينتشرون في المكان بسرعة ، لم تتمكن من معرفة ما الذي جرى لقد أدخولها لغرفتها وأغلق الباب عليها ، اتجهت لنافذتها وحاولت أن تشاهد أي شيء لكنها لم تقدر . في صباح اليوم التالي خرجت من القصر مسرعة إلى الفنـــاء الكبير لتشاهد والدها وعمها يقتلون أشخاصا كثيرين ومن بينهم طفل في سنها قتله والدها ببشاعة ، أخبرتها الخادمة أنهم غجر هجموا على القصر أثناء انشغال الجميع بالحفل ، لكن ما رأته إليزابيث من التقتيل و التعذيب على يد والدها كان أكبر من أن تتحمله طفله في عمرها ، لقد قضت اليوم بطوله تبكي على ذلك الطفل المسكين كيف استطاع والدها أن يقتله بهذا العنف !!
وعندما كانت في الحادية عشر بدأت تدرك أسلوب الحياة القاسي و العنيف الذي تتميز به عائلتها . تذكر إليزابيث حكاية حدثت لخادمة كانت تعمل لديهم في القصر عندما كانت صغيرة ، فتقول : " قام والدي بجرها خارج القصر بعد أن قام بمعاقبتها بشدة ، لقد رماها إلى ثلج الشتاء البارد وبعدها صب الماء البارد عليها باستمرار حتى ماتت !! " وفي هذه البيئة الوحشية تربت و كبرت ( إليزابيث باثوري ) ..
كانت إليزابيث فتاة جميلة جدا، بشعر أسود طويل ، وعيون واسعة بلون العسل ، وبشرة قطنية ناعمة بالإضافة لطبيعتها الحساسة جدا ، بدأت إليزابيث في تلقي الدروس التعليمية على خلاف أكثر إناث هذا العصر ، أصبحت متعلمة بشكل ممتاز تجيد تحدث اللغة الهنغارية واللاتينية و الألمانية كذلك بكل طلاقة إضافة لقدرتها على الكتابة بكل تلك اللغات ، حتى فاقت أفضل الرجال ثقافة في ترانسلفانيا ، في حين لا يستطيع أكثر نبلاء العصر أن يكتب أو حتى أن يتهجى كلمة صغيرة ، حتى أمير ترانسلفانيا في ذلك الوقت كان بالكاد يستطيع القراءة.
ذات يوم قرر والدها البارون ( جورج ) إرسالها لزيارة عمتها الكونتيسة ( كلارا باثوري ) في قصرها الفخم القابع في هنغاريا ، سارعت إليزابيث بالذهاب إلى عمتها علها تجد التسلية و المتعة التي تفتقدهما في حياتها بقصر أبويها ، لكنها وجدت متعة من نوع آخر !!
لم تعلم إليزابيث بأن عمتها العزيزة ( كلارا باثوري ) ذات الصوت الموسيقي كانت تملك سمعة سيئة جدا، ولها حاشية كبيرة من البارعون في السحر و علم الخيمياء و التنجيم ، ولم تكن تعلم أيضا بأن عمتها على ما يبدو انغمست في السحاقية ، ولها تاريخ في تقتيل الخدم بهوسها المفرط بالجلد.
تزوجت الكونتسية اليزابيث فى الخامسة عشر من عمرها من الكونت "فرانتز ناديسدى" الذى كان فى الخامسة والعشرين وقد اشتهر بالشجاعة والجرئة فى ساحات القتال وانتقلت للعيش معه فى قلعة "كيجا" هذه القلعة النائية على سفوح الجبال.
امضت الكونتيسة 25 عاما وحيدة تشعر بالملل نظرا لغربة زوجها الدائم بساحات القتال فاتجهت إليزابيث بالاهتمام بأمور الشعوذة والسحر والتى تعلمتها من خلال زيارتها المتكررة لعمتها الكونتيسة "كلارا بوثرى" البارعة فى السحر بجانب مساعدة خادمتها "دورثا زنتس" والتى اشتهرت بـ "دوركا" التى كانت ساحرة حقيقية فعلمتها طرق التنجيم والسحر والتى عاونتها وشجعتها للقيام بالاعمال السادية وتعذيب الناس وبدأت اليزابيث بمعاونة "دوركا" بتعذيب الشابات الخادمات فى سرداب القلعة بالجلد بالسياط .
وفى يوم انطلقت اليزابيث وعمتها الى سجن القلعة فقد كانت تميل الى جلد السجناء من جهة الوجه بدلا من الظهر كما هو معروف ليس لمجرد زيادة الالم والصراخ بل مجرد شعور بالملل لدرجة انها احيانا تأمر باحراق السجناء أحياء هكذا بكل بساطة.
عاد الكونت إلى القلعة وهو يحمل لقب ( فارس هنغاريا الأسود ) وذلك لدوره الكبير في الحرب ضد الأتراك . عاد إلى القلعة ليعاود ممارسة التعذيب السادي على سجنائه لكن هذه المرة أمام زوجته إليزابيث التي أصرت على مرافقته. وبينما هي تراقب الكونت يجهز أداة تعذيب غريبة الشكل مليئة بأشواك حديدية ، لفت نظرها مقص فضي يحمل نقوشا كثيرة وعبارات لاتينية مذهبة ، أحست إليزابيث بالرغبة في استعماله وفجأة ودون سابق إنذار سحبت المقص من مكانة وطعنت أول سجين أمامها !! بقيت إليزابيث جامدة في مكانها أمام السجين المطعون وبيدها المقص الدامي وبدأت بالضحك الهستيري ولم تتوقف حتى أمر الكونت بإخراجها من المكان فورا وعدم السماح لها بالخروج من غرفتها إلى أن يأمر بذلك .. الغريب في الأمر هو ردت فعل الكونت اتجاه تصرف زوجته المفاجأ ، لقد ابتسم برضا وكأنه يبارك عملها الدموي !!
ما زالت إليزابيث محتفظة بذلك المقص الفضي لقد وضعته في صندوق خاص ولم تسمح لزوجها الكونت بأخذه منها، إن منظر الدماء العالقة بأطراف المقص يبعث فيها شعورا بالنشوة والسعادة الكبيرة أصبحت تحب تأمل ذلك المقص الفضي ولمس أطرافه الحادة وكلما فكرت في إعادة استخدامه تعلو وجهها ابتسامة واسعة، لكنها لم تعد بعد حادثت طعنها للسجين كما السابق، لقد تدهور مزاجها وصحتها كثيرا أصبحت عصيبة حادت المزاج بشكل مزعج وبدأت نوبات من التهيج ولاكتئاب تسيطر عليها لأيام .
استدعى الكونت ناداسدي ممرضة إليزابيث السابقة ( هيلينا جو ) لتشرف على تمريض زوجته من جديد بعد إن رفضت إليزابيث غيرها من الممرضات، وعلى الرغم من كون هيلينا كبيرة جدا في السن إلا أنها مازالت محتفظة بنظرة الخبث والمكر في عينيها الصغيرتين وقد سرها معاودة العمل لدى آل باثوري، تحديدا لدى إليزابيث باثوري طفلتها الملائكية !!! .
" الكونتيسة إليزابيث قاسية وعديمة الرحمة اتجاه خادماتها الشابات لا تتحمل أي خطأ ولا تقبل أي عذر منهن ، إن خادمات الكونتيسة يتعرضن للسوء المعاملة بل للتعذيب!! ، لقد رأيتها وهي تقص شعورهن بمقصها الفضي وتساعدها في ذلك ممرضتها العجوز وخادمتها الشريرة، إنها لا تتحمل رأيتهن جميلات بينما هي تتقدم في العمر... " هذه الأقاويل وغيرها أضحت حديث العاملين في القلعة وسرعان ما انتقلت إلى سكان القرية أيضا ..
إليزابيث تدرك جيدا بأنها تتقدم في العمر ، هي في قطار الثلاثين أي إنهن أكثر منها شبابا وجمالا!! كيف يمكن أن يحدث هذا ؟! مجرد التفكير في الأمر يجعلها تشتعل غضبا من خادماتها ، لقد فقدت السيطرة على نفسها أكثر من مرة . كانت إحدى الخادمات تزين شعرها ببعض الزهور البرية ، فشاهدتها إليزابيث وشعرت بالغيرة الشديدة منها فوجدت نفسها ممسكة بذلك المقص الفضي وتقص شعر تلك الخادمة البائسة ، لكن الأمر تعدى ذلك الفعل إلى حرق أصابع خادمة جميلة لارتكابها خطأ صغير لكنه بنظر الكونتيسة خطأ مهول !! حيث اقترحت عليها المشعوذة دوركا حرق أصابع الخادمة عقابا لها ، كان ذلك بوضع قطعة كبيرة من الورق حول يد تلك الخادمة وإشعال النار فيها ، وهناك خادمة أخرى تعرضت للكوي عن طريق تسخين قطع النقود ووضعها على جسدها لتتعذب بحرارة القطع المعدنية ..
" الكونت ناداسدي عاد إلى حملاته العسكرية وسيغيب لأشهر" هذا ماعلمته الكونتيسة، لكن علمت إليزابيث من دوركا بأن زوجها الكونت كذب عليها فهو ذاهب لمقابلة فتاة من بوخارست يعرفها منذ مدة طويلة ويفضلها عليها ،وما قاله عن الحملات العسكرية غير صحيح ذلك إنها لن تبدأ في مثل هذا الوقت!! شعرت إليزابيث بالحنق والغضب الشديد من الكونت الخائن فسارعت بإرسال خطاب إلى عمتها الكونتيسة كلارا تطلب فيه أن تسرع في الحضور :
" أشعر بالحقد والرغبة بجعله بائسا حزينا مثلي فلتسرعي في الحضور قلبي يعتصر ألما وكرامتي مجروحة ".
لكن للكونتيسة كلارا تملك خططا أهم من الحضور لابنة أخيها ومواساتها على أمر تافه كهذا وتضيع الوقت في ذرف الدموع ، فأرسلت الكونتيسة خطابا يتضمن كلمات قليلة لكن أثرها على إليزابيث كان كبيرا:
" فلتحضري إلى قصري وهناك سأعطيك السر!!. سأقيم حفل لم ترى مثله من قبل !! ذلك أنه سيكون حفل تسيل فيه الدماء البشرية !!" .وهناك في تلك الحفلة تعرفت إليزابيث على (فن إيقاع ألم الموت) كما وصفته لها عمتها، بالإضافة لمتعة الجلد ولأهم إنها حصلت على السر !!...
(( ما سيتم ذكره في الأسطر التالية هو من مذكرات الكونتيسة إليزابيث باثوري )) :
" بدأت دوركا في تقديمي إلى أشخاص غامضين ودعوتهم إلى القلعة . إني أرغب بتعلم كيفية الإتحاد بالشيطان وسأكون سيدة هذا الطريق الذي سيقودني إلى الأبدية . سأملك القوة والجمال الدائم مهما كلفني الأمر ولن يقدر أحد على منعي. "
عند المساء وبينما إليزابيث تقف أمام مرآتها تتفقد جمالها - الذابل - تعرضت لنوبة تهيج وبكاء هستيري وبدأت بتحطيم كل شيء أمامها .التجاعيد اللعينة تزداد كل يوم !!
تلك المراهم لم تعد تنفع ، تلك الزيوت لم تعد كافية!!هناك حل ، لكل شيء حل هذا ما تقوله حاشيتها الشيطانية دوما... إنها تملك أفضل حاشية من السحرة والعرافين و خيميائيين القرون الوسطى وغيرهم ممن زاولوا الأعمال الأكثر إفْسادا في الإتحاد بالشيطان . إنهم يسلونها بعلومهم الشيطانية ويصنعون لها المراهم و الزيوت الخاصة بالجمال والشباب الدائم ، لكن هذا كله لم يعد يرضيها ، إن التجاعيد تزداد ظهورا ، هي لن تقوى على تحمل ذلك!! لقد أحضرتهم من أجل صنع ( أكسير الجمال الأبدي ) لكنهم لم يتوصلوا إليه بعد ، ذلك إنهم مازالوا يبحثون ويعملون في الخفاء دون علم الكونت الذي لو علم بأنهم زمرة من السحرة و العارفين لأخرجهم من القلعة فورا ، هو يعتقد بأنهم خدم يتمتعون ببعض المهارات ليس إلا !! ماذا ستفعل الآن !!! لقد قامت بتجميد مصادرها المالية لتتمكن من إمدادهم بما يريدونه من المال بسهولة، حتى لا تكون لديهم أي حجة في نقص المال أو في قلته . يجب أن تحصل على ذلك الإكسير فهي لن تقبل خسارتها لجمالها سوف تفعل المستحيل لإبقائه.
" الكونتيسة إليزابيث لا تخرج من ذلك المكان ولم تعد تتحدث إلا نادرا .."
" ماذا تفعل هناك مع تلك الخادمة دوركا ؟ المكان هناك أكثر ظلمة ورطوبة .. ؟ "
" إنها ليست خادمة عادية ، يقال إنها مشعوذة شريرة وقد جلبت معها الشيطان نفسه إلى هذه القلعة الكئيبة .."
" لقد توقفت الكونتيسة عن ممارسة أعمال الشعوذة و السحر الأسود منذ توقف الكونت عن مغادرة القلعة "
" ألا تلاحظين بأن جمالها بدأ يخبو .. إنها تحاول أن تبقى جميلة بمساعدة سحرتها "
" هذا طبيعي فهي لن تبقى جميلة للأبد .. تلك التجاعيد النامية تزعجها.. لقد سمعتها تذكر ذلك بحسرة وحزن كبير .." . كان ذلك حديثا- متهورا- دار بينا خادمتين تعملان في القلعة أمام الممر المؤدي إلى غرفة الكونتيسة وكأن الحديث لا يحلو إلا بالقرب من غرفتها ذلك إن الكونتيسة خرجت فجأة من الغرفة وتبعتها الممرضة العجوز ونيران الغضب تشتعل في عينيها وبيدها المقص الفضي وبدأت بالصراخ وطعن الفتاتين بجنون وبعدها قامت بقطع ألسنتهن بمقصها الفضي ولم تنسى تشويه الوجه وإزالة ما أمكن من الجلد !!
وصلت الممرضة هيلينا إلى حيث تقف الكونتيسة إليزابيث التي كانت تحاول تنظيف ثيابها المليئة بدماء الفتانين وفور أن لاحظت وجود الممرضة حتى بادرتها بالسؤال حول الفطور إن كان جاهزا أم لا!!! .
موت الكونت فيرينكز ناداسدي :
وبموت الكونت فيرينكز ناداسدي بلغت إليزابيث باثوري المرحلة الحرجة من العمر ، الثالثة و الأربعين وبدأت تدرك بأنها فقدت جمالها الماضي ، إن هذا يدعوها للعودة لعلومها الشيطانية ،لكن كان عليها أولا إنهاء بعض المسائل المهمة ..
أضحت إليزابيث أحد أقوى ملاك الأراضي في هنغاريا ، وذلك بعد أن تم تقسيم ميراث الكونت ، لقد حصلت على الحرية التي تريدها إضافتا لثروة مالية هائلة وأراضي زراعية ذات قيمة. لكن لكل شيء ثمن ، فبعد وفاة الكونت ناداسدي واجهة إليزابيث الكثير من الخصوم السياسيون الذين اعتقدوا بأنها أرملة ضعيفة يسهل الحصول على ثروتها بسهولة ، لكنها فاجأتهم بقوتها في المواجهة وحنكتها الواضحة . كان هم إليزابيث هو الحصول على القلعة ضمن ميراث زوجها ولحدوث ذلك يجب عليها أولا أن تسمح بأخذ ابنها الوحيد ( بول ناداسدي - Paul Nadasdy ) طبقا لشروط الكونت فيرينكز ، ليتم تربيته في كنف أسرة والده بعيدا عن والدته إليزابيث التي حزنت كثيرا عند رحيله، لكنها لم تكن لتعترض على ذلك وإلا ستخسر القلعة ، إضافتا للمشاكل المالية الكبيرة التي جعلت إليزابيث تضطر للاستغناء عن الكثير من ممتلكاتها وأراضيها وذلك لتسديد الديون المالية الضخمة الخاصة بزوجها الكونت ، لتظهر مشكلة رواتب العاملين المتأخرة والتي تم حلها بطرد أكثر العاملين الذكور من القلعة. بعد ذلك انتقلت إليزابيث إلى ( فينا – Vienna ) بعد أربعة أسابيعِ فقط من موت الكونت ناداسدي ، لتمتع نفسها بما تملك و لتصدم البلاط الملكي بمخططاتها المستقبلية وبطريقتها في التعامل مع موت زوجها الكونت وحين أعربت إليزابيث بأن لا نية لديها لإغلاق سجن الكونت ناداسدي ، بل ستستمر في جعله مكانا يرحب بكل من يخالف القوانين السائدة في المنطقة ،أدرك الجميع بأن الكونتيسة إليزابيث تهدف إلى فرض سيطرتها على أهالي القرية ، في محاولة منها لتحقيق مصالحها الغامضة والتي تشاركها فيها عمتها كلارا ، فهي من أقترح عليها فكرة إبقاء السجن بمن فيه من أسرى حرب و مدنيين بائسين:
" سيكون ممتعا لو تشاركنا متعة جلدهم وسماع آهاتهم .. لا تغلقيه يا إليزابيث .. لا تفعلي .. "
لم يبدي البلاط الحاكم أي اعتراض على مقترحاتها و خططها المستقبلية وذلك لكونها وريثة عرش بولندا في حالة وفاة أو تنحي ابن عمها ( إستيفن باثوري الثاني ) !! . لم تعلم الأسرة الحاكمة ولا حتى أهالي القرية الذين لمسوا جانبا صغيرا من قسوتها بأنهم على وشك أن يشهدوا عهدا مظلما حزينا أشبه بعهد ( فلاد الولااشي ) المليء بالرعب الدموي ...
كونتيسة الدم:
وفيما انطلقت إليزابيث برفقة عمتها إلى سجن القلعة، مسلحة بالكماشة الفضية و دليل التعذيب الخاص بالكونت ، حتى بدأت في اكتساب هوس عمتها كلارا في الجلد و التعذيب السادي ، كانت إليزابيث تميل لجلد أجساد السجناء العارية من جهة الوجه بدلا من جلد ظهورهم كما هو شائع ، ليس فقط لتسبب ضررا و ألما متزايدا ، لكن حتى يمكنها أن تراقب وجوههم ببهجة و متعة أكبر وهي تتلوى في رعب و ألم غير محدود ،بينما جلدهم من جهة الظهر .. لن يكون بذات مستوى الألم ولا المتعة!! ، لكن في حالة شعورها بالملل وعدم رغبتها في تعذيبهم تأمر الحراس بإحراقهم بكل بساطة..
بدأت إليزابيث تشعر بالشوق لحبيب جديد ليحلّ محل زوجها ، لكن انعكاس صورتها في المرآة كان يخبرها بأن الوقت قد فات و جمالها تلاشى . لم تعد تقدر على تحمل رؤية جمالها يذبل يوما بعد يوم ، فتدهور مزاجها لدرجة كبيرة وأصبحت مهووسة بمعاقبة خادماتها الشابات أكثر من ذي قبل، بل بشكل جنوني مبالغ فيه ، فكانت تجد العذر دوما لإيقاع أقسى العقوبات بسبب أمور لا تذكر حتى أضحى الأمر مجرد تسلية و تضيع للوقت !
كانت عمتها الكونتيسة كلارا تترد على القلعة كثيرا وبدأت بالتدخل في سياسة إليزابيث في إدارة الأمور و إصدار الأوامر ، وهذا أمر غير مرحب به عند إليزابيث التي أصبحت تشعر بالضيق من وجود عمتها المستمر لكنها ما كانت لتظهر لها هذا، فقد تحتاجها لاحقا ، ولهذا أظهرت لها الجانب السعيد بوجودها الدائم .
عادت إليزابيث لحاشيتها المظلمة وأعمالهم الفاسدة في محاولة منها لإيجاد الجرعة التي تهبها الشباب و الجمال الأبدي ، وبدأت بالانغماس أكثر في هذا العالم الشيطاني ، هي أشبه بحقل تجارب الآن، فبين الحين والحين يأتيها أحد سحرتها ليخبرها بأنهم اكتشفوا أمرا جديدا قد يكون نافعا في إعادة ما سلبه الزمن منها ، لقد جربت العديد من العقاقير والزيوت الغريبة لكنها لم تحظى بما تريده بعد ، بل زاد الأمر سوءا !! لقد أصبحت بشرتها شاحبة جدا ومليئة بالتجاعيد بسبب إفراطها في استخدام كل ما يقدم لها من قبل سحرتها و خيميائيها دون إدراك عواقب ما تفعله. إليزابيث حاولتْ إخْفاء التجاعيد من خلال مستحضرات التجميل، لكنها لم تستطع أخفاء الحقيقة ، لقد أصبحت قريبة من خسارة جمالها .
بدأت إليزابيث تشعر بأن عمتها كلارا تشكل عبئا وحاجزا يمنعها من التصرف على حريتها وهواها ، هي لم تعد بحاجة لمساعداتها ، إنها الآن تملك القلعة و المال وحاشية سوداء ولها أيضا خبرة في أمور السحر الأسود ولأهم من كل ذلك سلطتها فهي حاكمة على مقاطعة بأكملها ، فلم تبقيها بجوارها ؟؟ بعد ذلك تخلصت الكونتيسة إليزابيث باثوري من عمتها المكروه وأرسلتها بعيدا، لينتهي فصلها مع الكونتيسة كلارا باثوري.
ذات يوم وبينما الكونتيسة إليزابيث جالسة في غرفتها وبرفقتها خادمة شابة تضع اللمسات الأخيرة على شعر الكونتيسة حتى تفاجأت إليزابيث بشد شعرها بقوة من قبل الخادمة التي اعتذرت عن هذا الخطأ فهي لم تقصد ذلك !! ، لكن إليزابيث التي كانت تعاني من تدهور مزاجها وعصبيتها المفرطة أمسكت مقصها الفضي وبشكل غريزي ضربت وجه الخادمة الشابة بقوة ، ليشق وجهها ويسال دم الفتاة الخائفة على يد الكونتيسة .
لاحقا ، بينما كانت إليزابيث تنظف يدها من دماء الخادمة أحست بأن جلدها بدا أنعم و وأكثر نظارتا وشبابا من قبل!!وفورا استشارت حاشيتها المظلمة لمعرفة رأيهم حول ما حصل ، هم بالطبع لم يتمنوا تخييب أملها وإغضابها ، بعدما بدت لهم مقتنعة تماما بأن دماء الفتاة جعلت جلدها أكثر مرونتنا و شبابا ، لهذا ما كان منهم إلا أن يدلوا بموافقتهم و يختلقوا لها قصة من خيالهم عن امرأة من طبقة النبلاء تعيش في مكان بعيد وكان لدم العذراوات الشابات تأثيرا مماثلا للذي حصل معها حيث أصبحت شابة وجميلة حتى آخر يوم من عمرها !!
وبعد تلك القصة ما كان لإليزابيث إلا إن زادت اقتناعا بأنها -وأخيرا- وجدت إكسير الجمال الأبدي، وإن الشرب من أو الاستحمام بدم الشابات كفيل بأن يبقيها شابة جميلة للأبد. وهنا كانت بداية هبوطها الدامي إلى الشر وبداية الحكاية الدموية.
حمامات الدم:
طبقا للحكاية التي أوصلت إليزابيث باثوري لنيل لقب ( كونتيسة الدم ) ، أن إليزابيث بعدما ضربت الخادمة وشقت وجهها لتقتنع بأن دم الشابات كفيل بان يرجع لها جمالها الغابر ويمحي عنها إي تقدم في العمر ، قامت بإحضار ذات الفتاة التي سال دمها بسبب ضربها بالمقص ، لتجرها من شعرها وتقوم بتعليقها من قدميها بسلسة من الحديد الصلب!!، لتفاجأ الفتاة بأنها في حمام الكونتيسة و تحديدها فوق حوض الاستحمام الضخم! ، بعد ذلك تتركها إليزابيث معلقة لفترة لتعود إليها وبيدها المقص الفضي وتقوم بقطع حنجرتها ليسال دم الفتاة بغزارة داخل الحوض الذي استحمت فيه إليزابيث بينما تراقب جثت الفتاة تتدلى من فوقها ... في البداية اعتقدت إليزابيث بأن دماء شابه واحدة سيفي بالغرض ويعيد لها ما سلبه الزمن منها،لكن ليس هذا ما تقوله المشعوذة دوركا .
مهمة إعداد حمامات الدم أصبحت من نصيب دوركا ، فكانت تختار من خادمات القلعة ما تشاء آمرتا معاونيها بأخذ الفتاة المختارة إلى حمام الكونتيسة ، فكانت دوركا تقوم بتعليق الفتاة من قدميها وهي عارية بسلاسل صلبه لترفعها عاليا فوق حوض الاستحمام الضخم بعد تقطيع جسدها بأمواس حادة ، لتسال دماء الفتاة داخل الحوض الذي ستستحم فيه الكونتيسة ، لكن دروكا أدركت بأن دماء فتاة واحدة لن يكفي لملئ الحوض بالكامل !! حينها بدأت مجزرة القلعة ، إليزابيث قررت تقتيل جميع خادماتها في سبيل الحصول على دماء كافية و دائمة ، والدماء الأفضل كانت تٌحفظ من أجل شرابها.. !! ذلك إن خيميائيها أخبروها بأنه يجب أن تعرض نفسها لدماء الشابات بشكل دائم لكي تبقى جميلة و شابة للأبد !! كانت إليزابيث تشعر بأنها أجمل وأكثر شبابا من ذي قبل وذلك بعد ساعات تقضيها بالاستحمام في حوضها الدموي ، ولهذا استمرت بتقتيل خادماتها وإخفاء الجثث في سجن القلعة في صناديق خشبية محكمة الإغلاق ، إلى أن لاحظت امتلاء المكان بجثث الضحايا إضافتا إلى تضائل عدد الفتيات الشابات في القلعة ، فبدأت بعرض أسعار مغرية للعمل في خدمتها ،في محاولة منها لإيقاع أكبر قدر من فتيات القرى في قبضتها لتتمكن من صرف دمائهن في حوضها الضخم ..
لم تكن إليزابيث وحدها في مصالحها الدموية لقد أسست طاقم تعذيب وحشي يساعدها على إعداد مشروبها و حماماتها الدموية، إضافتا لإشباع ميولها السادية ، كان الطاقم مكون من عدة أشخاص متفننون في أساليب التعذيب المرعبة .. فكان القزم ( فيتشكو ) ومعنى اسمه الفتى المجري ويبلغ من العمر ستة عشر سنة فقط !! كاتارينا بنجيكي خادمة - يوهانز صائد الفتيات - و امرأة غامضة تدعى دارفوليا إضافتا لهيلينا جو الممرضة ، و دوركا المشعوذة . وبواسطة هذا الطاقم ، أضحت قلعة ( كاشتيس ) مكان الشر الصافي ... إن هوس إليزابيث بالحصول على دماء الشابات أضحى مطلبا جنونيا، هي لم تعد فقط تستخدمهن لملئ حمامات الدم أو حتى لشرب دمائهن ، إنها الآن تشعر بالهوس المجنون اتجاه تعذيب الفتيات ، لقد استطاعت إدخال العديد من أدوات التعذيب المؤلمة إلى القلعة ، ابتدئا من الشفرات الحادة و السكاكين الغليظة ، الدبابيس المسممة ، الأقفاص الضيقة ، والخوزق إضافتا للوَسْم.
أصبحت إليزابيث ذات عقلية وحشية ، إنها تشعر بالنشوة والسعادة وهي تنصت لبكاء الفتيات ، لقد قامت بأمور فظيعة جدا !! ، فمثلا كانت تخيط أفواه الفتيات بإحكام - بنفسها- لتقوم بعد ذلك بشدها بقوة شديدة إلى أن تتمزق الشفاه أو تقوم بملأ أفواههن بجمرات مشتعلة ، كما أنها كانت تضرب ضحاياها بمطرقة كبيرة حتى تشعر بأنها استنفذت طاقتها بالكامل !! استطاعة إليزابيث جلب أسوأ آلات التعذيب إلى القلعة. اعتقدت اليزابيث بأن دماء الفتيات الشابات ستحفظ لها ديمومة تألقها. وهكذا فقد قتلت 50 من خادماتها لتسبح في دمائهن.
كان من عادة إليزابيث الاستمرار في تعذيب أعداد كبيرة من الفتيات القرويات لساعات طوال دون انقطاع ، حتى تجد أن ثيابها بدأت تقطر دماً !! ،لقد كان الأمر في غاية الدموية و للإنسانية . تذكر إحدى الروايات بأن الكونتيسة إليزابيث كانت تميل إلى تقشير الأجساد المنتفخة لفتيات ضربن بشكل مبرح ، فكانت تأتي بأمواس كبيرة وحادة وتمسك إحدى الفتيات وتبدأ بتقشير جلدها إلى شرائح رقيقة بينما الفتاة - يمكنك تخيل حالها- ولا تتوقف إلى هنا فقط بل كانت تجبر الفتاة الحزينة على أكل جلدها المسلوخ !!
النهــــــــــــــــايــــــــــــــة:
و في هذه الاثناء و مع إختفاء الفتيات من العوائل النبيلة و بسبب إن الكونتيسه اصبحت اكثر تهوراً في القيام باعمالها الشنيعة فقد بدات الشائعات تنتشر في كل مكان حول قلعتها المرعبة و سرعان ما وصلت هذه الشائعات الى اسماع امبراطور هنغاريا في ذلك الوقت و اللذي أمر رئيس الحكومة و هو ابن عم اليزابث ايضاً بالتوجه الى القلعة و تفتيشها.
في 30 ديسمبر 1610 دخلت مجموعة من الجنود يقودها ابن عم الكونتيسه الى القلعة ليلاً و قد شعروا بالرعب للمناظر البشعة اللتي رأوها داخل القلعة ففي وسط بهو القلعة كانت فتاة ميتة و لا توجد قطرة دم في جسدها ؛ فتاة اخرى كان جسدها ينزف و لكنها كانت لا تزال على قيد الحياة و في سرداب القلعة اكتشفوا مجموعة من الفتيات كن ينتظرن مصيرهن الأسود في الزنزانات و بعضهن كانت اجسادهن مقطعة و قرب جدران القلعة على سفح الجبل اكتشفوا البقايا البشرية لأكثر من 50 فتاة.
و في اثناء المحاكمة عام 1611 اكتشف المحققون اسماء 650 ضحية في دفتر الملاحظات الخاص بالكونتيسه ؛ لقد كانت من اكبر المحاكمات في تاريخ هنغاريا و لا تزال وقائعها محفوظة حتى اليوم ؛ جميع معاوني الكونتيسه حكم عليهم بالاعدام و قد احرقت اجسادهم بعد موتهم ؛ و لكن الكونتيسه و بسبب موقعها الاجتماعي فانها لم تحاكم و لم تحظر الى*المحكمة و لكن الامبراطور امر بحبسها في قلعتها حيث اغلقوا جميع النوافذ و الابواب بالحجارة و حبسوا الكونتيسه في غرفة نومها و كانوا يدخلون اليها الطعام عبر فتحة صغيرة في الحائط.
في عام 1614 اربعة سنوات بعد سجن االكونتيسه في قلعتها وجدها الحراس ملقية على وجهها في غرفة نومها و قد فارقت الحياة ؛ اليزابث باثوري او الكونتيسه الدموية ماتت في عمر الرابعة و الخمسين .