- السبت مايو 29, 2010 10:16 pm
#27576
الديموقراطية تعني في الأصل حكم الشعب لنفسه، لكن كثيرا ما يطلق اللفظ علَى الديموقراطية الليبرالية لأنها النظام السائد للديموقراطية في دول الغرب، وكذلك في العالم في القرن الحادي والعشرين، وبهذا يكون استخدام لفظ "الديموقراطية" لوصف الديموقراطية الليبرالية خلطا شائعا في استخدام المصطلح سواء في الغرب أو الشرق، فالديموقراطية هي شكل من أشكال الحكم السياسي قائمٌ بالإجمال علَى التداول السلمي للسلطة وحكم الأكثريّة بينما الليبرالية تؤكد على حماية حقوق الأقليّات والأفراد وهذا نوع من تقييد الأغلبية في التعامل مع الأقليات والأفراد بخلاف الأنظمة الديموقراطية التي لا تشتمل على دستور يلزم مثل هذه الحماية والتي تدعى بالديموقراطيات اللاليبرالية، فهنالك تقارب بينهما في امور وتباعد في اُخرى يظهر في العلاقة بين الديموقراطية والليبرالية كما قد تختلف العلاقة بين الديموقراطية والعلمانية باختلاف رأي الأغلبية.
وتحت نظام الديموقراطية الليبرالية أو درجةٍ من درجاتهِ يعيش في بداية القرن الواحد والعشرين ما يزيد عن نصف سكّان الأرض في أوروبا والأمريكتين والهند وأنحاء أخرَى. بينما يعيش معظمُ الباقي تحت أنظمةٍ تدّعي نَوعاً آخر من الديموقراطيّة (كالصين التي تدعي الديموقراطية الشعبية).
ويطلق مصطلح الديموقراطية أحيانا على معنى ضيق لوصف نظام الحكم في دولة ديموقراطيةٍ، أو بمعنى أوسع لوصف ثقافة مجتمع. والديموقراطيّة بهذا المعنَى الأوسع هي نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع ويشير إلى ثقافةٍ سياسيّة وأخلاقية معيّنة تتجلى فيها مفاهيم تتعلق بضرورة تداول السلطة سلميا وبصورة دورية.
اشتقاق الكلمَة :
أمّا لغويّاً، فالديموقراطيّة كلمةٌ مركبة مِن كلمتين: الأولى مشتقة من الكلمة اليونانية Δήμος أو Demos وتعني عامة الناس، والثانية Κρατία أو kratia وتعني حكم. وبهذا تكون الديموقراطية Demoacratia تَعني لغةً 'حكم الشعب' أو 'حكم الشعب لِنفسهِ'.
مفاهيم وقِيَم الديموقراطية :
الديموقراطية هي حُكمُ الأكثريّة لكن النوع الشائع منها (أي الديموقراطية الليبرالية) يوفر حمايةُ حقوق الأقليات والأفراد عن طريق تثبيت قوانين بهذا الخصوص بالدستور، ويتجلّى كلّ ركنٍ في عدَدٍ من المفاهيم والمبادِئ سوف نبسُطها تالياً. ويندرُ أن تحوذَ دولةٌ أو مجتمعٌ ما علَى هذه المفاهيم كلها كاملةً غير منقوصة، بل أنّ عدَداً من هذه المفاهيم خِلافِيّ لا يَلقَى إِجماعاً بَين دعاة الديموقراطية المتمرّسين.
الديموقراطيات القديمة :
إن مصطلح الديموقراطية بشكله الإغريقي القديم- تم نحته في أثينا القديمة في القرن الخامس قبل الميلاد والديموقراطية الأثينية عموماً يُنظر إليها على أنها من أولى الأمثلة التي تنطبق عليها المفاهيم المعاصرة للحكم الديموقراطي. كان نصف أو ربع سكان أثينا الذكور فقط لهم حق التصويت، ولكن هذا الحاجز لم يكن حاجزاً قومياً ولا علاقة له بالمكانة الاقتصادية فبغض النظر عن درجة فقرهم كان كل مواطني أثنيا أحرار في التصويت والتحدث في الجمعية العمومية. وكان مواطنو أثينا القديمة يتخذون قراراتهم مباشرة بدلاً من التصويت على اختيار نواب ينوبون عنهم في إتخاذها. وهذا الشكل من الحكم الديموقراطي الذي كان معمولاً به في أثينا القديمة يسمى بالديموقراطية المباشرة أو الديموقراطية النقية. وبمرور الزمن تغير معنى "الديموقراطية" وإرتقى تعريفها الحديث كثيراً منذ القرن الثامن عشر مع ظهور الأنظمة "الديموقراطية" المتعاقبة في العديد من دول العالم.
أولى أشكال الديموقراطية ظهرت في جمهوريات الهند القديمة والتي تواجدت في فترة القرن السادس قبل الميلاد وقبل ميلاد بوذا. وكانت تلك الجمهوريات تعرف بالـ ماها جاناباداس، ومن بين هذه الجمهوريات فايشالي التي كانت تحكم فيما يعرف اليوم ببيهار في الهند والتي تعتبر أول حكومة جمهورية في تاريخ البشرية. وبعد ذلك في عهد الإسكندر الكبير في القرن الرابع قبل الميلاد كتب الإغريق عن دولتي ساباركايي وسامباستايي، اللتين كانت تحكمان فيما يعرف اليوم بباكستان وأفغانستان، " وفقاً للمؤرخين اليونانيين الذين كتبوا عنهما في حينه فإن شكل الحكومة فيهما كان ديموقراطياً ولم يكن ملكياً"
تطوّر القيم الديموقراطية في العصور الوسطى :
معظم الديموقراطيّات القديمة نمت في مُدنٍ صغيرة ذات ديانات محليّة أو ما يسمَّى ب المدينة-الدولة. وهكذا فإِنّ قيام الإِمبراطوريات والدول الكبرى مثل الإِمبراطورية الفارسيّة والإِمبراطورية الهلّينية-الرومانيّة والإِمبراطورية الصينية والإِمبراطورية العربيّة-الإِسلامية والإِمبراطورية المغولية في العصور الوسطى وفي معظم البلاد التي كانت تضمُّ الديموقراطيات الأولى قد قضى علَى هذه الدويلات الديموقراطية بل علَى فُرص قيامها أيضاً. لكنَّ هذا لا يعني أنَّ تطَوّراً بٱتجاهِ الديموقراطية لم يحصل في العصور الوسطى. ولكنّ معظم هذا التطوّر حصل علَى مُستوَى القِيَم وحقوق الأفراد الذي نتج عن قِيَم الليبرالية التي نشأت مع فلاسفة التنوير توماس هوبز وجون لوك وإيمانويل كانط قبل تحقيق تقدم ملموس في الديموقراطية وهو الذي أدى إلى ازدهار نموذج الديموقراطية الليبرالية دون غيرها من الديموقراطيات في الغرب.
وقد ساهمت الدياناتُ الكبرَى كالمسيحية والبوذية والإسلام في تَوطيد قِيَمٍ وثقافاتٍ ساعدت علَى ازدهار الديموقراطية فيما بعد, ومن هذه القيم:
* فكرة شرعيّة الدَولة.
* فكرَة المساواة الكاملة بَين القبائِل والأعراق بشكلٍ عام.
* فكرَة المساواة ولو جُزئيّةً بَين الأفراد ولا سيّما بَين الجنسَين وبين الأسياد والعبيد.
* أفكار عن المسؤُوليّة والمسَاءَلة والتعاون والشورَى.
* الدفاع عن حقوقٍ عديدة مثل افتراض البراءة وحرية التنقل وحقوق الملكية وحق العمل.
الديموقراطيات الحديثة :
لم يكن يوجد في عام 1900 نظام ديموقراطي ليبرالي واحد يضمن حق التصويت وفق المعايير الدولية، ولكن في العام 2000 كانت 120 دولة من دول العالم أو ما يوازي 60% من مجموعها تعد ديموقراطيات ليبرالية. إستنادا على تقارير مؤسسة بيت الحرية [1] وهي مؤسسة أمريكية يزيد عمرها عن 64 عاما، هدفها الذي يعبر عنه الاسم والشعار هو نشر "الحرية" في كل مكان، كانت هناك 25 دولة في عام 1900 أو ما يعادل 19% منها كانت تطبق "ممارسات ديموقراطية محدودة"، و 16 أو 8% من دول العالم اليوم.
إن تقييم بيت الحرية في هذا المجال لا زال مثاراً للجدل فنيوزلندا مثلاً تطبق المعايير الدولية لحقوق التصويت منذ عام 1893 (رغم وجود بعض الجدل حول قيود معينة مفروضة على حقوق شعب الماوري في التصويت). ويتجاهل بيت الحرية بأن نيوزيلندا لم تكن دولة مستقلة تماماً. كما إن بعض الدول غيّرت أنظمة حكمها بعد عام 2000 كالنيبال مثلاً والتي صارت غير ديموقراطية بعد أن فرضت الحكومة قانون الطواريء عقب الهزائم التي لحقت بها في الحرب الأهلية النيبالية.
موجات الديموقراطية في القرن العشرين :
لم يتخذ توسع الديموقراطية في القرن العشرين شكل الانتقال البطيء في كل بلد على حدة، بل شكل "موجات ديموقراطية" متعاقبة، صاحب بعضها حروب وثورات. وفي بعض الدول تم فرض الديموقراطية من قبل قوى عسكرية خارجية. ويرى البعض ذلك تحريراً للشعوب. لقد أنتجت الحرب العالمية الأولى الدول القومية في أوروبا والتي كان معظمها ديموقراطياً بالاسم فقط كمجمهورية فايمار مثلاً. في البداية لم يؤثر ظهور هذه الدول على الديموقراطيات التي كانت موجودة حينها كفرنسا وبريطانيا وبلجيكا وسويسرا التي إحتفظت بأشكال حكوماتها. إلا أن تصاعد مد الفاشية في ألمانيا النازية وإيطاليا، موسوليني ونظام الجنرالف فرانكو في أسبانيا ونظام أنطونيو دي أوليفيرا سالازار في البرتغال ساهمت كلها في تضييق نطاق الديموقراطية في ثلاثينيات القرن الماضي وأعطت الإنطباع بانه "عصر الحكام الدكتاتوريين" بينما ظلت معظم الدول المستعمرة على حالها لقد تسببت الحرب العالمية الثانية بحدوث إنتكاسة شديدة للتوجه الديموقراطي في أوروبا الشرقية. فاحتلال ألمانيا ودمقرطتها الناجحة من قبل قوة الحلفاء العليا خدمت كنموذج للنظرية التي تلت والخاصة بتغيير النظام، ولكن نصف أوروبا الشرقية أرغم على الدخول في الكتلة السوفيتية غير الديموقراطية. وتبع الحرب إزالة الاستعمار، ومرة أخرى سادت في معظم الدول المستقلة الحديثة دساتير لا تحمل من الديموقراطية سوى التسمية فقط. في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية إمتلكت معظم الدول الديموقراطية الغربية اقتصاديات السوق الحرة والتي نجم عنها دول الرفاهية وهو ما عكس إجماعاً عاماً بين الناخبين والأحزاب السياسية في تلك الدول أما في الخمسينات والستينات فقد كان النمو الاقتصادي مرتفعاً في الدول الغربية والشيوعية على حد سواء، ومن ثم تناقص ذلك النمو في الدول الشيوعية. وبحلول عام 1960 كانت الغالبية العظمى من الدول أنظمة ديموقراطية بالاسم فقط، وهكذا فإن غالبية سكان العالم كانت تعيش في دول شهدت انتخابات معيبة وأشكالاً أخرى من التحايل (وخاصة في الدول الشيوعية)
لقد أسهمت الموجات المتعاقبة من الدمقرطة في تسجيل نقاط إضافية للديموقراطية الليبرالية للعديد من الشعوب. أما الضائقة الاقتصادية في ثمانينات القرن الماضي فقد ساهمت إلى جانب الإمتعاض من قمع الأنظمة الشيوعية في انهيار الإتحاد السوفيتي وإنهاء الحرب الباردة ودمقرطة وتحرر دول الكتلة السوفيتية السابقة. وأكثر الديموقراطيات الجديدة نجاحاً كانت تلك القريبة جغرافياً وثقافياً من دول أوروبا الغربية، وهي الآن إما دول أعضاء أو مرشحة للإنتماء إلى الإتحاد الأوروبي.
معظم دول أمريكا الاتينية وجنوب شرق آسيا مثل تايوان وكوريا الجنوبية وبعض الدول العربية والأفريقية مثل لبنان والسلطة الفلسطينية – فقد تحركت نحو تحقيق المزيد من الديموقراطية الليبرالية خلال عقد التسعينات وعام 2000. إن عدد الأنظمة الديموقراطية الليبرالية الآن أكثر من أي وقت مضى وهو يتزايد منذ مدة دون توقف. ولهذا يتوقع البعض بأن هذا التوجه سيستمر في المستقبل إلى الحد الذي ستصبح فيه الدول الديموقراطية الليبرالية المقياس العالمي لشكل المجتمع البشري. وهذا التنبوء يمثل جوهر نظرية فرانسيس فوكوياما " نهاية التاريخ " .
وتحت نظام الديموقراطية الليبرالية أو درجةٍ من درجاتهِ يعيش في بداية القرن الواحد والعشرين ما يزيد عن نصف سكّان الأرض في أوروبا والأمريكتين والهند وأنحاء أخرَى. بينما يعيش معظمُ الباقي تحت أنظمةٍ تدّعي نَوعاً آخر من الديموقراطيّة (كالصين التي تدعي الديموقراطية الشعبية).
ويطلق مصطلح الديموقراطية أحيانا على معنى ضيق لوصف نظام الحكم في دولة ديموقراطيةٍ، أو بمعنى أوسع لوصف ثقافة مجتمع. والديموقراطيّة بهذا المعنَى الأوسع هي نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع ويشير إلى ثقافةٍ سياسيّة وأخلاقية معيّنة تتجلى فيها مفاهيم تتعلق بضرورة تداول السلطة سلميا وبصورة دورية.
اشتقاق الكلمَة :
أمّا لغويّاً، فالديموقراطيّة كلمةٌ مركبة مِن كلمتين: الأولى مشتقة من الكلمة اليونانية Δήμος أو Demos وتعني عامة الناس، والثانية Κρατία أو kratia وتعني حكم. وبهذا تكون الديموقراطية Demoacratia تَعني لغةً 'حكم الشعب' أو 'حكم الشعب لِنفسهِ'.
مفاهيم وقِيَم الديموقراطية :
الديموقراطية هي حُكمُ الأكثريّة لكن النوع الشائع منها (أي الديموقراطية الليبرالية) يوفر حمايةُ حقوق الأقليات والأفراد عن طريق تثبيت قوانين بهذا الخصوص بالدستور، ويتجلّى كلّ ركنٍ في عدَدٍ من المفاهيم والمبادِئ سوف نبسُطها تالياً. ويندرُ أن تحوذَ دولةٌ أو مجتمعٌ ما علَى هذه المفاهيم كلها كاملةً غير منقوصة، بل أنّ عدَداً من هذه المفاهيم خِلافِيّ لا يَلقَى إِجماعاً بَين دعاة الديموقراطية المتمرّسين.
الديموقراطيات القديمة :
إن مصطلح الديموقراطية بشكله الإغريقي القديم- تم نحته في أثينا القديمة في القرن الخامس قبل الميلاد والديموقراطية الأثينية عموماً يُنظر إليها على أنها من أولى الأمثلة التي تنطبق عليها المفاهيم المعاصرة للحكم الديموقراطي. كان نصف أو ربع سكان أثينا الذكور فقط لهم حق التصويت، ولكن هذا الحاجز لم يكن حاجزاً قومياً ولا علاقة له بالمكانة الاقتصادية فبغض النظر عن درجة فقرهم كان كل مواطني أثنيا أحرار في التصويت والتحدث في الجمعية العمومية. وكان مواطنو أثينا القديمة يتخذون قراراتهم مباشرة بدلاً من التصويت على اختيار نواب ينوبون عنهم في إتخاذها. وهذا الشكل من الحكم الديموقراطي الذي كان معمولاً به في أثينا القديمة يسمى بالديموقراطية المباشرة أو الديموقراطية النقية. وبمرور الزمن تغير معنى "الديموقراطية" وإرتقى تعريفها الحديث كثيراً منذ القرن الثامن عشر مع ظهور الأنظمة "الديموقراطية" المتعاقبة في العديد من دول العالم.
أولى أشكال الديموقراطية ظهرت في جمهوريات الهند القديمة والتي تواجدت في فترة القرن السادس قبل الميلاد وقبل ميلاد بوذا. وكانت تلك الجمهوريات تعرف بالـ ماها جاناباداس، ومن بين هذه الجمهوريات فايشالي التي كانت تحكم فيما يعرف اليوم ببيهار في الهند والتي تعتبر أول حكومة جمهورية في تاريخ البشرية. وبعد ذلك في عهد الإسكندر الكبير في القرن الرابع قبل الميلاد كتب الإغريق عن دولتي ساباركايي وسامباستايي، اللتين كانت تحكمان فيما يعرف اليوم بباكستان وأفغانستان، " وفقاً للمؤرخين اليونانيين الذين كتبوا عنهما في حينه فإن شكل الحكومة فيهما كان ديموقراطياً ولم يكن ملكياً"
تطوّر القيم الديموقراطية في العصور الوسطى :
معظم الديموقراطيّات القديمة نمت في مُدنٍ صغيرة ذات ديانات محليّة أو ما يسمَّى ب المدينة-الدولة. وهكذا فإِنّ قيام الإِمبراطوريات والدول الكبرى مثل الإِمبراطورية الفارسيّة والإِمبراطورية الهلّينية-الرومانيّة والإِمبراطورية الصينية والإِمبراطورية العربيّة-الإِسلامية والإِمبراطورية المغولية في العصور الوسطى وفي معظم البلاد التي كانت تضمُّ الديموقراطيات الأولى قد قضى علَى هذه الدويلات الديموقراطية بل علَى فُرص قيامها أيضاً. لكنَّ هذا لا يعني أنَّ تطَوّراً بٱتجاهِ الديموقراطية لم يحصل في العصور الوسطى. ولكنّ معظم هذا التطوّر حصل علَى مُستوَى القِيَم وحقوق الأفراد الذي نتج عن قِيَم الليبرالية التي نشأت مع فلاسفة التنوير توماس هوبز وجون لوك وإيمانويل كانط قبل تحقيق تقدم ملموس في الديموقراطية وهو الذي أدى إلى ازدهار نموذج الديموقراطية الليبرالية دون غيرها من الديموقراطيات في الغرب.
وقد ساهمت الدياناتُ الكبرَى كالمسيحية والبوذية والإسلام في تَوطيد قِيَمٍ وثقافاتٍ ساعدت علَى ازدهار الديموقراطية فيما بعد, ومن هذه القيم:
* فكرة شرعيّة الدَولة.
* فكرَة المساواة الكاملة بَين القبائِل والأعراق بشكلٍ عام.
* فكرَة المساواة ولو جُزئيّةً بَين الأفراد ولا سيّما بَين الجنسَين وبين الأسياد والعبيد.
* أفكار عن المسؤُوليّة والمسَاءَلة والتعاون والشورَى.
* الدفاع عن حقوقٍ عديدة مثل افتراض البراءة وحرية التنقل وحقوق الملكية وحق العمل.
الديموقراطيات الحديثة :
لم يكن يوجد في عام 1900 نظام ديموقراطي ليبرالي واحد يضمن حق التصويت وفق المعايير الدولية، ولكن في العام 2000 كانت 120 دولة من دول العالم أو ما يوازي 60% من مجموعها تعد ديموقراطيات ليبرالية. إستنادا على تقارير مؤسسة بيت الحرية [1] وهي مؤسسة أمريكية يزيد عمرها عن 64 عاما، هدفها الذي يعبر عنه الاسم والشعار هو نشر "الحرية" في كل مكان، كانت هناك 25 دولة في عام 1900 أو ما يعادل 19% منها كانت تطبق "ممارسات ديموقراطية محدودة"، و 16 أو 8% من دول العالم اليوم.
إن تقييم بيت الحرية في هذا المجال لا زال مثاراً للجدل فنيوزلندا مثلاً تطبق المعايير الدولية لحقوق التصويت منذ عام 1893 (رغم وجود بعض الجدل حول قيود معينة مفروضة على حقوق شعب الماوري في التصويت). ويتجاهل بيت الحرية بأن نيوزيلندا لم تكن دولة مستقلة تماماً. كما إن بعض الدول غيّرت أنظمة حكمها بعد عام 2000 كالنيبال مثلاً والتي صارت غير ديموقراطية بعد أن فرضت الحكومة قانون الطواريء عقب الهزائم التي لحقت بها في الحرب الأهلية النيبالية.
موجات الديموقراطية في القرن العشرين :
لم يتخذ توسع الديموقراطية في القرن العشرين شكل الانتقال البطيء في كل بلد على حدة، بل شكل "موجات ديموقراطية" متعاقبة، صاحب بعضها حروب وثورات. وفي بعض الدول تم فرض الديموقراطية من قبل قوى عسكرية خارجية. ويرى البعض ذلك تحريراً للشعوب. لقد أنتجت الحرب العالمية الأولى الدول القومية في أوروبا والتي كان معظمها ديموقراطياً بالاسم فقط كمجمهورية فايمار مثلاً. في البداية لم يؤثر ظهور هذه الدول على الديموقراطيات التي كانت موجودة حينها كفرنسا وبريطانيا وبلجيكا وسويسرا التي إحتفظت بأشكال حكوماتها. إلا أن تصاعد مد الفاشية في ألمانيا النازية وإيطاليا، موسوليني ونظام الجنرالف فرانكو في أسبانيا ونظام أنطونيو دي أوليفيرا سالازار في البرتغال ساهمت كلها في تضييق نطاق الديموقراطية في ثلاثينيات القرن الماضي وأعطت الإنطباع بانه "عصر الحكام الدكتاتوريين" بينما ظلت معظم الدول المستعمرة على حالها لقد تسببت الحرب العالمية الثانية بحدوث إنتكاسة شديدة للتوجه الديموقراطي في أوروبا الشرقية. فاحتلال ألمانيا ودمقرطتها الناجحة من قبل قوة الحلفاء العليا خدمت كنموذج للنظرية التي تلت والخاصة بتغيير النظام، ولكن نصف أوروبا الشرقية أرغم على الدخول في الكتلة السوفيتية غير الديموقراطية. وتبع الحرب إزالة الاستعمار، ومرة أخرى سادت في معظم الدول المستقلة الحديثة دساتير لا تحمل من الديموقراطية سوى التسمية فقط. في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية إمتلكت معظم الدول الديموقراطية الغربية اقتصاديات السوق الحرة والتي نجم عنها دول الرفاهية وهو ما عكس إجماعاً عاماً بين الناخبين والأحزاب السياسية في تلك الدول أما في الخمسينات والستينات فقد كان النمو الاقتصادي مرتفعاً في الدول الغربية والشيوعية على حد سواء، ومن ثم تناقص ذلك النمو في الدول الشيوعية. وبحلول عام 1960 كانت الغالبية العظمى من الدول أنظمة ديموقراطية بالاسم فقط، وهكذا فإن غالبية سكان العالم كانت تعيش في دول شهدت انتخابات معيبة وأشكالاً أخرى من التحايل (وخاصة في الدول الشيوعية)
لقد أسهمت الموجات المتعاقبة من الدمقرطة في تسجيل نقاط إضافية للديموقراطية الليبرالية للعديد من الشعوب. أما الضائقة الاقتصادية في ثمانينات القرن الماضي فقد ساهمت إلى جانب الإمتعاض من قمع الأنظمة الشيوعية في انهيار الإتحاد السوفيتي وإنهاء الحرب الباردة ودمقرطة وتحرر دول الكتلة السوفيتية السابقة. وأكثر الديموقراطيات الجديدة نجاحاً كانت تلك القريبة جغرافياً وثقافياً من دول أوروبا الغربية، وهي الآن إما دول أعضاء أو مرشحة للإنتماء إلى الإتحاد الأوروبي.
معظم دول أمريكا الاتينية وجنوب شرق آسيا مثل تايوان وكوريا الجنوبية وبعض الدول العربية والأفريقية مثل لبنان والسلطة الفلسطينية – فقد تحركت نحو تحقيق المزيد من الديموقراطية الليبرالية خلال عقد التسعينات وعام 2000. إن عدد الأنظمة الديموقراطية الليبرالية الآن أكثر من أي وقت مضى وهو يتزايد منذ مدة دون توقف. ولهذا يتوقع البعض بأن هذا التوجه سيستمر في المستقبل إلى الحد الذي ستصبح فيه الدول الديموقراطية الليبرالية المقياس العالمي لشكل المجتمع البشري. وهذا التنبوء يمثل جوهر نظرية فرانسيس فوكوياما " نهاية التاريخ " .