- الجمعة يناير 07, 2011 3:49 pm
#31899
معركة ستالينجراد هي معركة حدثت بين ألمانيا النازية وحلفائها، والاتحاد السوفييتي حدثت في مدينة ستالينجراد (المعروفة اليوم فولجوجراد) التي وقعت بين 21 أغسطس 1942 و2 فبراير 1943، كجزء من معارك الحرب العالمية الثانية وتعتبر نقطة تحول من الحرب العالمية الثانية على الساحة الأوروبية ويمكن القول أنها المعركة الأكثر دموية في التاريخ البشري نتيجة لعدد القتلى الكبير الذي فاق 1.5 مليون قتيل.
يمكن تلخيص المعركة في ثلاثة فصول وهي :
الحصار الألماني لستالينجراد
المعركة داخل المدينة
الهجوم السوفييتي المضاد وتدمير قوات المحور.
جغرافية المدينة وأهميتها
تمتد مدينة ستالينغراد بمحاذاة الضفة اليمنى لنهر الفولغا ويبلغ طولها 30 كم ولها أهمية صناعية خاصة وتعتبر المنطقة من الأراضي المنبسطة التي تكثر فيها المستنقعات والسبخات وهي امتداد للسهل الأوروبي وهي من أغنى مناطق الاتحاد السوفيتي من حيث الثروات.
سير العمليات
كان سير المعركة على النحو التالي :
الهجوم الألماني : بعد أن طرد الألمان القسم الأكبر من القوات الروسية المدافعة عن ستالينجراد توغلوا في المدينة نفسها يوم 12 سبتمبر 1942 فوجدا أنفسهم يخوضون قتالاً مريراً من شارع إلى شارع ومن بيت إلى آخر وتحمل المشاة الألمان بطبيعة الحال وطأة ذلك القتال المرير متكبدين خسائر فادحة، وفي يوم 13 سبتمبر 1942 وصلت قوات الجيش المدرع الرابع الألماني مع بعض التشكيلات الرومانية إلى ضفة نهر الفولغا جنوب المدينة إلا أنها لم تستطع رغم الهجمات المتعاقبة التي شنتها الوصول إلى المنطقة الصناعية الكائنة شمال المدينة بسبب كثرة القوات وشدة مقاومة السوفييت.
المقاومة الروسية المقابلة :
دافعت عن المدينة في أول الأمر الجبهة الجنوبية الغربية وقررت القيادة السوفيتية العليا تدمير الجناح الجنوبي للقوات الألمانية بالقضاء على الجيشين 6 والمدرع 4، وكلف المشير جوكوف والفريقان فاسيليفسي وفورونوف بمهمة تنسيق تحركات الجبهات الثلاث المذكورة، ونقل إلى منطقة ستالينغراد أكبر حشد من احتياطات القوات المسلحة السوفيتية بصورة مكتومة لتحقيق النصر الساحق معاً وقد جرى توقيت الهجوم باعتناء بحيث يتوائم مع إنزال الحلفاء الغربيين في المغرب والجزائر.
في الساعة 7.30 من يوم 19 أكتوبر فتح 7000 مدفع روسي نيرانه على القوات الألمانية في منطقة ستالينغراد تمهيداً للهجوم الروسي المضاد، وتوخت قطعات الموجة الروسية الأولى المهاجمة قاطع الجيش الثالث الروماني وأحدثت خرقين واسعين في جبهتي فيلقيه الثاني والرابع عند رأسي الجسرين في كليتسايا وبولشوي على نهر الدون، وعندئذ تجمعت تشكيلات الفرقتين الخامسة والسادسة وأجزاء من الفرقتين الثالثة عشر والرابعة عشر الرومانية بإمرة الفريق لاسكار وأخذت تقاوم الهجمات الروسية من موضع مدافع عنه من جميع الجهات، فزجت مجموعة الجيوش ب الألمانية احتياطها المؤلف من الفيلق المدرع 48 بقيادة الفريق هايم لإزالة الخرق الروسي إلا أن الفيلق المذكور لم يتمكن مـن إحباط الهجمات الروسية لعدم كفاية قواته الضعيفة إزاء الهجمات الشديدة المتعاقبة.
في 20 أكتوبر 1942 شرع الروس بالموجة الثانية من الهجوم المضاد الواسع فشن الجيش 51 هجوماً عنيفاً على مواضع الفيلق السادس الروماني (ضمن قاطع الجيش المدرع الرابع الألماني) وتمكن من خرق جبهة خلال ثلاث ساعات فقط، كما هاجم الروس الفرقة 20 الرومانية (ضمن قاطع الفيلق الرابع الألماني) فإنهزم الجيش الروماني مما تسبب في خرق مواضع الجيش المدرع الرابع إلى قاطعين منفصلين. وقد أدى هذا الخرق إلى انهيار دفاعات الفيلق السادس الروماني فادى ذلك إلى انفساح المجال لاندفاع القوات الروسية وراء الجيش السادس الألماني من جهة الجنوب.
في 22 أكتوبر 1942 استولى الفيلقان المدرعان الرابع والسادس والعشرين الروسيان من الجبهة الجنوبية الغربية في صولة سريعة على جسر الدون قرب كالاتش وفي عصر يوم 23 أكتوبر 1942 التقت ارتالها الأمامية القادمة من الشمال الغربي بالفليق المدرع الرابع الروسي من تشكيلات جبهة ستالينغراد والقادم من الجنوبي الشرقي عند سوفيتسكي فحقق الروس بذلك الاتصال تطويق الجيش السادس الألماني.
أدركت قيادة مجموعة الجيوش (ب) الألمانية بان تطويق الجيش السادس وخرق مواضيع الجيشين الرومانيين يتطلب منها جبهة جديدة إلى الغرب وكذلك تغيير عناصر قيادة التشكيلات الرومانية فتم نقل العقيد الركن الألماني فينك من منصب رئيس أركان الفيلق المدرع 57 إلى منصب رئيس اركان الفيلق الثالث الروماني وصدرت الاوامر للجيش الثالث الروماني بمنعه من القيام بأية حركة انسحاب، واستقر الموقف نسبياً في قاطع مجموعة الجيوش ب الألمانية بعد أن ركزت التشكيلات الروسية ضعطها الشديد على تشكيلات الجيش السادس الألماني التي تم تطويقها في ستالينغراد، وكان الجيش السادس الألماني قد تعرض لخسائر فادحة من جراء معارك الاشتباك القريب التي دارت في الضواحي الشمالية لمدينة ستالينغراد مما اثر على معنويات رجاله، أضف إلى ذلك أن شتاء 1942ـ 1943 كان شديد البرودة وقد صادف التعرض الروسي الكبير هطول أمطار غزيزة جعلت التنقل على الطرق الموحلة متعذراً.
عندئذ أصدر هتلر أوامر مشددة للجيش السادس بوجوب الصمود حتى آخر طلقة وأخر جندي، وأمر بتشكيل مجموعة جيوش الدون في 27 أكتوبر 1942 من الجيش السادس المحاصر والجيش المدرع الرابع وبقايا الجيشين الرومانيين الثالث والرابع وجعلها تحت قيادة المشير اريش فون مانشتاين الذي استقدم مع جيشه (الجيش الحادي عشر) من جبهة لينينغراد على عجل حيث أبدلت تسمية ذلك المقر إلى (مقر مجموعة جيوش الدون) التي كلفت بمهمة التعرض لكسر التطويق ولكن دون إخلاء ستالينغراد، فأقام فون مانشتاين جبهة جديدة امتدت من شمال ايلستا إلى شمال كوتلنيكوفو.
حصار الجيش السادس
حرصت القيادة السوفيتية في أول الأمر على منع عمليات كسر التطويق الألمانية سواء من ستالينغراد بخروج الجيش السادس أو الاندفاع من خارجها بتشكيلات الجيش المدرع الرابع وكلفت بهذه المهمة جيش الحرس الثاني بقيادة الفريق الأول مالينوفسكي والجيش 51 بقيادة الفريق الأول تروفانون
عرض باولوس حالة جيشه المنهك الذي تكبد خسائر فادحة على القيادة الألمانية مؤملا موافقة هتلر على سحب الجيش السادس من ستالينغراد ببرقية أرسلها ليلة 23/24 أكتوبر 1942 يطلب فيها السماح له بكسر التطويق والقيام بعملية خروج قبل فوات الأوان لا سيما وان عملية التطويق تضطره بطبيعة الحال إلى الدفاع من جميع الجهات أي مضاعفة طول جبهة الجيش، كما وان الجيش تكبد في الأيام الأخيرة خسائر فادحة في الأفراد لدرجة أصبحت معها تشكيلاته ضعيفة القوة، وقد أيده في طلبه رئيس أركان القوات البرية الفريق كورت زايتسلر خلال عرض الموقف اليومي.
جنود ألمان أثناء المعركةتفهم هتلر موقف الجيش في أول الأمر وأبدى ميلا لقبول وجهة نظر الفريق زايتسلر فسال عن مدى إمكانية تموين الجيش السادس المحاصر عن طريق الجو فأبدى قائد القوات الجوية المشير هيرمان غورينغ استعداده لتموين تشكيلات الجيش السادس جواً، فكانت إجابته هذه وبالا على الجيش السادس المحاصر، ذلك لان متطلبات إدامته اليومية تبلغ 750 طناً وقد تعهدت القوة الجوية الألمانية بنقل نصف هذه الكمية ثم رفع قائدها المقدار المذكور إلى 500 طن في اليوم خلال مناقشات صباح 24 أكتوبر 1942 وعندئذ أصدر هتلر قراره بوجوب صمود الجيش السادس في ستالينغراد رغم تحذيرات الفريق زايتسلر الذي اختتم مناقشاته لهتلر بقوله : " انك تريد الاحتفاظ بستالينغراد يا سيدي ولكنك ستفقد ستالينغراد والجيش السادس معاً ".
أعاد الفريق الأول باولوس ترتيب تشكيلاته ضمن المنطقة المطوقة التي بلغ طولها من الشرق إلى الغرب 40 كم ومن الشمال إلى الجنوب 20 كم وكانت هذه منطقة كافية لإدارة معارك الدفاع السيار بمرونة كما كان مطار بيتومنك الكائن في وسط المنطقة محمياً من تأثيرات النيران المصوبة.
قتال الشوارعفي خلال هذه الفترة كانت هناك قوة مختلطة قوامها 4000 ألماني و12000 إيطالي مطوقة شمال ميليروفو فاستطاعت الخروج عنوة في إحدى الليالي وقد اعتمدت على إسناد بضعة مدافع صولة ثم تنقلت بمسيرة على الجليد لمسافة 20 كم حتى وصلت إلى الخطوط الألمانية ولم تفقد من موجودها سوى اقل من 10%.
شن الروس بتشكيلات الجبهة الجنوبية الغربية وجبهة فورونيش الموجة الثانية من هجومهم الواسع على جبهة الجيش الثامن الإيطالي المؤلف من 7 فرق إيطالية وفرقة ألمانية واحدة في قاطع الدون الأوسط وبعد يومين حقق الروس إنتصارا كبيرا
وسع الروس ثغرات الخرق التي أحدثوها في جبهة الجيش الثامن الإيطالي حتى جعلوها خرقاً واسعاً واحداً بلغ اتساعه 100 كم وكان هذا كارثة أحدقت بمجموعة جيوش الدون الألمانية التي تعرضت هي الأخرى لهجمات عنيفة لإبعاد تشكيلات المحور عن ستالينغراد تمهيداً لإبادة الجيش السادس وتحقيق هدف آخر هو القضاء على الجناح الجنوبي للتشكيلات الألمانية برمته بالوصول إلى روستوف وعزل القوات الألمانية الباقية في القفقاس.
في ليلة عيد الميلاد 24/25 ديسمبر 1942 واليومين الذين أعقباها شددت تشكيلات جبهة ستالينغراد السوفيتية هجماتها بقوات متفوقة عددياً على الجيش المدرع الرابع الألماني والجيش الرابع الروماني، وفي 29 ديسمبر 1942 احتل الفيلق المدرع السابع الروسي مدينة كوتلنيكوفو وعندئذ اضطر المشير فون مانشتاين على إيقاف الهجوم الذي شرع به الجيش المدرع الرابع بقصد الوصول إلى ستالينغراد وتحقيق الاتصال مع الجيش السادس لكي يرأب التصدع الذي طرا على جبهة مجموعة الجيوش وبقي الجيش المدرع الرابع يقاتل ثلاثة فيالق آلية روسية في القاطع الجنوبي، بينما كان جيش هوليدت من مجموعة الجيوش ب يقاتل ثلاثة جيوش في قاطع تسيميليا.
استسلام الجيش السادس
دبابات ألمانية مدمرةأصبح موقف الجيش السادس ميئوساً منه في ستالينغراد بعد النجاح الذي حققه الجيش الروسي في إبعاد الجبهة الجديدة عنه إلى هذه المسافة وتكثيف الاحتياطات لتشديد الضغط عليه بصورة منظمة وقد آمنت القيادة العليا الألمانية بان الجيش السادس لم يعد بمقدوره القيام بعملية خروج وتصورت أن بإمكانها إنقاذ الجيش بهجوم جديد تشنه في ربيع 1943 لكنها لم تتمكن من إدامته في ذلك الطقس الشديد البرودة وكذلك لقلة العتاد الذي بقيت لديه منه مقادير ضئيلة، وكان بإمكان الطائرات القيام بثلاث رحلات يومياً إلى منطقة الحصار ولكن ابتعاد الجبهة الألمانية عن ستالينغراد جعل تنقلها محدوداً بعد أن ضاعف الروس الدفاعات ضد الجو لمقاومة طائرات النقل ففقد الألمان في شهر ديسمبر 1942 وحده 246 طائرة خلال عملية نقل المعدات إلى ستالينغراد،
بقايا المدينةفي 8 يناير 1943 عرض المشير السوفيتي روكو سوفسكي على الفريق الأول باولوس الاستسلام إلا أن القائد الألماني رفض الطلب وواصل القتال وفي 9 يناير 1943 تلقى باولوس نداء من برلين بترقيته إلى رتبة مشير وما لبثت أن وصلته شارات الرتبة وعصا المشير التقليدية، وقد شرع الروس بهجومهم النهائي لتحطيم الجيش السادس في ستالينغراد يوم 10 يناير 1943 بعد أن أحاطت بالمدينة سبعة جيوش سوفيتية من الجبهات الثلاثة (جبهة ستالينغراد وجبهة الدون والجبهة الجنوبية الغربية)
في 14 يناير 1943 استولى الجيش 21 على مطار بيتومنكوهو أهم قاعدة جوية يتمون الجيش السادس عن طريقها وفي 22 يناير 1943 فقد الالمان مطار غومراك أيضا وبذلك وانقطع الاتصال الجوي مع ألمانيا تماماً، حملت آخر طائرة غادرت إلى برلين وسائل وداع من الجنود الألمان لعائلاتهم. وفي 25 يناير 1943 استطاع الروس خرق دفاعات الجيش السادس في ستالينغراد وعزلوا الفيلق 11 في الشمال عن التشكيلات المحاصرة الأخرى.
في 31 يناير 1943 استسلم القسم الأكبر من الجيش السادس للسوفيت ووقع المشير باولوس وثيقة استسلام جيشه للمشير السوفيتي روكوسوفسكي لكن الفيلق 11 بقي يقاتل بقيادة الفريق شتريكر في أطلال الأحياء الشمالية من المدينة لتوفر مقادير ضئيلة من الموؤن ولما نفذت استسلم هو الآخر عصر يوم 2 فبراير 1943.
دور القناصين في معركة ستالينجراد
لعب القناصة (الروس) دورًا حيويًا في هذه المعركة، حيث أن طبيعة المدينة المتهدمة ووجود أماكن كثيرة تصلح للاختباء والقنص أهلت لوجود العديد من القناصة الروس الذين استغلوا معرفتهم بطبيعة المدينة وأهم مبانيها وعملوا على تكبيد الجيش الألماني أكبر عدد من الخسائر في الأفراد من خلال قنص الجنود الألمان.
واشتهر بشدة القناص السوفيتي فاسيلي زايتسيف والذي تحول إلى إسطورة نتيجة العدد الضخم من الجنود الألمان الذين استطاع قنصهم خلال معركة ستالينجراد, وتحول من مجرد قناص عادى إلى أسطورة ورمز لنضال الجنود السوفييت من أجل تحرير ستالينجراد، وقد قلده ستالين أعلى وسام عسكري[1]، كما أن سلاحه لايزال في متحف ستالينجراد الحربى كتكريم أزلى له، كما أن قصة حياته تحولت إلى فيلم هوليودى ضخم بعنوان العدو على الأبواب والمستوحى من قصة حياته والتي كتبها بنفسه[2] وحصل على لقب بطل الاتحاد السوفيتي.[3]
في الثقافة الشعبية
الظروف القاسية للمعركة، بما في ذلك الشتاء السوفياتي المشل الذي عجل الوفيات الألمانية الهائلة الناجمة عن المجاعة والتجمد ،قد تم تخليدها في العديد من الأفلام الألمانية ،الروسية، البريطانية والأمريكيةالاصل. ذكرى النظال تم تجسيدها في العديد من الكتب، نظرا لأهميته في احباط الغزو الألماني، فضلا عن أهميته كعلامة على الهمجية العسكرية والمعاناة البشرية و الخسائر في الأرواح الذي لم يسبق له مثيل. ستالينغراد كانت موضوعا لقصيدة شاعر من الهند الغربية، يسمى روبرت بلاكمان. وقد نشرت قراءته للقصيدة باسم "الجانب ب" لروبرت وايت ستالين لم يتوقف قط في محاولتة لمواجهة تناقص الحرب الباردة كجزء من الاتحاد السوفياتي في هزيمة أدولف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية.
يمكن تلخيص المعركة في ثلاثة فصول وهي :
الحصار الألماني لستالينجراد
المعركة داخل المدينة
الهجوم السوفييتي المضاد وتدمير قوات المحور.
جغرافية المدينة وأهميتها
تمتد مدينة ستالينغراد بمحاذاة الضفة اليمنى لنهر الفولغا ويبلغ طولها 30 كم ولها أهمية صناعية خاصة وتعتبر المنطقة من الأراضي المنبسطة التي تكثر فيها المستنقعات والسبخات وهي امتداد للسهل الأوروبي وهي من أغنى مناطق الاتحاد السوفيتي من حيث الثروات.
سير العمليات
كان سير المعركة على النحو التالي :
الهجوم الألماني : بعد أن طرد الألمان القسم الأكبر من القوات الروسية المدافعة عن ستالينجراد توغلوا في المدينة نفسها يوم 12 سبتمبر 1942 فوجدا أنفسهم يخوضون قتالاً مريراً من شارع إلى شارع ومن بيت إلى آخر وتحمل المشاة الألمان بطبيعة الحال وطأة ذلك القتال المرير متكبدين خسائر فادحة، وفي يوم 13 سبتمبر 1942 وصلت قوات الجيش المدرع الرابع الألماني مع بعض التشكيلات الرومانية إلى ضفة نهر الفولغا جنوب المدينة إلا أنها لم تستطع رغم الهجمات المتعاقبة التي شنتها الوصول إلى المنطقة الصناعية الكائنة شمال المدينة بسبب كثرة القوات وشدة مقاومة السوفييت.
المقاومة الروسية المقابلة :
دافعت عن المدينة في أول الأمر الجبهة الجنوبية الغربية وقررت القيادة السوفيتية العليا تدمير الجناح الجنوبي للقوات الألمانية بالقضاء على الجيشين 6 والمدرع 4، وكلف المشير جوكوف والفريقان فاسيليفسي وفورونوف بمهمة تنسيق تحركات الجبهات الثلاث المذكورة، ونقل إلى منطقة ستالينغراد أكبر حشد من احتياطات القوات المسلحة السوفيتية بصورة مكتومة لتحقيق النصر الساحق معاً وقد جرى توقيت الهجوم باعتناء بحيث يتوائم مع إنزال الحلفاء الغربيين في المغرب والجزائر.
في الساعة 7.30 من يوم 19 أكتوبر فتح 7000 مدفع روسي نيرانه على القوات الألمانية في منطقة ستالينغراد تمهيداً للهجوم الروسي المضاد، وتوخت قطعات الموجة الروسية الأولى المهاجمة قاطع الجيش الثالث الروماني وأحدثت خرقين واسعين في جبهتي فيلقيه الثاني والرابع عند رأسي الجسرين في كليتسايا وبولشوي على نهر الدون، وعندئذ تجمعت تشكيلات الفرقتين الخامسة والسادسة وأجزاء من الفرقتين الثالثة عشر والرابعة عشر الرومانية بإمرة الفريق لاسكار وأخذت تقاوم الهجمات الروسية من موضع مدافع عنه من جميع الجهات، فزجت مجموعة الجيوش ب الألمانية احتياطها المؤلف من الفيلق المدرع 48 بقيادة الفريق هايم لإزالة الخرق الروسي إلا أن الفيلق المذكور لم يتمكن مـن إحباط الهجمات الروسية لعدم كفاية قواته الضعيفة إزاء الهجمات الشديدة المتعاقبة.
في 20 أكتوبر 1942 شرع الروس بالموجة الثانية من الهجوم المضاد الواسع فشن الجيش 51 هجوماً عنيفاً على مواضع الفيلق السادس الروماني (ضمن قاطع الجيش المدرع الرابع الألماني) وتمكن من خرق جبهة خلال ثلاث ساعات فقط، كما هاجم الروس الفرقة 20 الرومانية (ضمن قاطع الفيلق الرابع الألماني) فإنهزم الجيش الروماني مما تسبب في خرق مواضع الجيش المدرع الرابع إلى قاطعين منفصلين. وقد أدى هذا الخرق إلى انهيار دفاعات الفيلق السادس الروماني فادى ذلك إلى انفساح المجال لاندفاع القوات الروسية وراء الجيش السادس الألماني من جهة الجنوب.
في 22 أكتوبر 1942 استولى الفيلقان المدرعان الرابع والسادس والعشرين الروسيان من الجبهة الجنوبية الغربية في صولة سريعة على جسر الدون قرب كالاتش وفي عصر يوم 23 أكتوبر 1942 التقت ارتالها الأمامية القادمة من الشمال الغربي بالفليق المدرع الرابع الروسي من تشكيلات جبهة ستالينغراد والقادم من الجنوبي الشرقي عند سوفيتسكي فحقق الروس بذلك الاتصال تطويق الجيش السادس الألماني.
أدركت قيادة مجموعة الجيوش (ب) الألمانية بان تطويق الجيش السادس وخرق مواضيع الجيشين الرومانيين يتطلب منها جبهة جديدة إلى الغرب وكذلك تغيير عناصر قيادة التشكيلات الرومانية فتم نقل العقيد الركن الألماني فينك من منصب رئيس أركان الفيلق المدرع 57 إلى منصب رئيس اركان الفيلق الثالث الروماني وصدرت الاوامر للجيش الثالث الروماني بمنعه من القيام بأية حركة انسحاب، واستقر الموقف نسبياً في قاطع مجموعة الجيوش ب الألمانية بعد أن ركزت التشكيلات الروسية ضعطها الشديد على تشكيلات الجيش السادس الألماني التي تم تطويقها في ستالينغراد، وكان الجيش السادس الألماني قد تعرض لخسائر فادحة من جراء معارك الاشتباك القريب التي دارت في الضواحي الشمالية لمدينة ستالينغراد مما اثر على معنويات رجاله، أضف إلى ذلك أن شتاء 1942ـ 1943 كان شديد البرودة وقد صادف التعرض الروسي الكبير هطول أمطار غزيزة جعلت التنقل على الطرق الموحلة متعذراً.
عندئذ أصدر هتلر أوامر مشددة للجيش السادس بوجوب الصمود حتى آخر طلقة وأخر جندي، وأمر بتشكيل مجموعة جيوش الدون في 27 أكتوبر 1942 من الجيش السادس المحاصر والجيش المدرع الرابع وبقايا الجيشين الرومانيين الثالث والرابع وجعلها تحت قيادة المشير اريش فون مانشتاين الذي استقدم مع جيشه (الجيش الحادي عشر) من جبهة لينينغراد على عجل حيث أبدلت تسمية ذلك المقر إلى (مقر مجموعة جيوش الدون) التي كلفت بمهمة التعرض لكسر التطويق ولكن دون إخلاء ستالينغراد، فأقام فون مانشتاين جبهة جديدة امتدت من شمال ايلستا إلى شمال كوتلنيكوفو.
حصار الجيش السادس
حرصت القيادة السوفيتية في أول الأمر على منع عمليات كسر التطويق الألمانية سواء من ستالينغراد بخروج الجيش السادس أو الاندفاع من خارجها بتشكيلات الجيش المدرع الرابع وكلفت بهذه المهمة جيش الحرس الثاني بقيادة الفريق الأول مالينوفسكي والجيش 51 بقيادة الفريق الأول تروفانون
عرض باولوس حالة جيشه المنهك الذي تكبد خسائر فادحة على القيادة الألمانية مؤملا موافقة هتلر على سحب الجيش السادس من ستالينغراد ببرقية أرسلها ليلة 23/24 أكتوبر 1942 يطلب فيها السماح له بكسر التطويق والقيام بعملية خروج قبل فوات الأوان لا سيما وان عملية التطويق تضطره بطبيعة الحال إلى الدفاع من جميع الجهات أي مضاعفة طول جبهة الجيش، كما وان الجيش تكبد في الأيام الأخيرة خسائر فادحة في الأفراد لدرجة أصبحت معها تشكيلاته ضعيفة القوة، وقد أيده في طلبه رئيس أركان القوات البرية الفريق كورت زايتسلر خلال عرض الموقف اليومي.
جنود ألمان أثناء المعركةتفهم هتلر موقف الجيش في أول الأمر وأبدى ميلا لقبول وجهة نظر الفريق زايتسلر فسال عن مدى إمكانية تموين الجيش السادس المحاصر عن طريق الجو فأبدى قائد القوات الجوية المشير هيرمان غورينغ استعداده لتموين تشكيلات الجيش السادس جواً، فكانت إجابته هذه وبالا على الجيش السادس المحاصر، ذلك لان متطلبات إدامته اليومية تبلغ 750 طناً وقد تعهدت القوة الجوية الألمانية بنقل نصف هذه الكمية ثم رفع قائدها المقدار المذكور إلى 500 طن في اليوم خلال مناقشات صباح 24 أكتوبر 1942 وعندئذ أصدر هتلر قراره بوجوب صمود الجيش السادس في ستالينغراد رغم تحذيرات الفريق زايتسلر الذي اختتم مناقشاته لهتلر بقوله : " انك تريد الاحتفاظ بستالينغراد يا سيدي ولكنك ستفقد ستالينغراد والجيش السادس معاً ".
أعاد الفريق الأول باولوس ترتيب تشكيلاته ضمن المنطقة المطوقة التي بلغ طولها من الشرق إلى الغرب 40 كم ومن الشمال إلى الجنوب 20 كم وكانت هذه منطقة كافية لإدارة معارك الدفاع السيار بمرونة كما كان مطار بيتومنك الكائن في وسط المنطقة محمياً من تأثيرات النيران المصوبة.
قتال الشوارعفي خلال هذه الفترة كانت هناك قوة مختلطة قوامها 4000 ألماني و12000 إيطالي مطوقة شمال ميليروفو فاستطاعت الخروج عنوة في إحدى الليالي وقد اعتمدت على إسناد بضعة مدافع صولة ثم تنقلت بمسيرة على الجليد لمسافة 20 كم حتى وصلت إلى الخطوط الألمانية ولم تفقد من موجودها سوى اقل من 10%.
شن الروس بتشكيلات الجبهة الجنوبية الغربية وجبهة فورونيش الموجة الثانية من هجومهم الواسع على جبهة الجيش الثامن الإيطالي المؤلف من 7 فرق إيطالية وفرقة ألمانية واحدة في قاطع الدون الأوسط وبعد يومين حقق الروس إنتصارا كبيرا
وسع الروس ثغرات الخرق التي أحدثوها في جبهة الجيش الثامن الإيطالي حتى جعلوها خرقاً واسعاً واحداً بلغ اتساعه 100 كم وكان هذا كارثة أحدقت بمجموعة جيوش الدون الألمانية التي تعرضت هي الأخرى لهجمات عنيفة لإبعاد تشكيلات المحور عن ستالينغراد تمهيداً لإبادة الجيش السادس وتحقيق هدف آخر هو القضاء على الجناح الجنوبي للتشكيلات الألمانية برمته بالوصول إلى روستوف وعزل القوات الألمانية الباقية في القفقاس.
في ليلة عيد الميلاد 24/25 ديسمبر 1942 واليومين الذين أعقباها شددت تشكيلات جبهة ستالينغراد السوفيتية هجماتها بقوات متفوقة عددياً على الجيش المدرع الرابع الألماني والجيش الرابع الروماني، وفي 29 ديسمبر 1942 احتل الفيلق المدرع السابع الروسي مدينة كوتلنيكوفو وعندئذ اضطر المشير فون مانشتاين على إيقاف الهجوم الذي شرع به الجيش المدرع الرابع بقصد الوصول إلى ستالينغراد وتحقيق الاتصال مع الجيش السادس لكي يرأب التصدع الذي طرا على جبهة مجموعة الجيوش وبقي الجيش المدرع الرابع يقاتل ثلاثة فيالق آلية روسية في القاطع الجنوبي، بينما كان جيش هوليدت من مجموعة الجيوش ب يقاتل ثلاثة جيوش في قاطع تسيميليا.
استسلام الجيش السادس
دبابات ألمانية مدمرةأصبح موقف الجيش السادس ميئوساً منه في ستالينغراد بعد النجاح الذي حققه الجيش الروسي في إبعاد الجبهة الجديدة عنه إلى هذه المسافة وتكثيف الاحتياطات لتشديد الضغط عليه بصورة منظمة وقد آمنت القيادة العليا الألمانية بان الجيش السادس لم يعد بمقدوره القيام بعملية خروج وتصورت أن بإمكانها إنقاذ الجيش بهجوم جديد تشنه في ربيع 1943 لكنها لم تتمكن من إدامته في ذلك الطقس الشديد البرودة وكذلك لقلة العتاد الذي بقيت لديه منه مقادير ضئيلة، وكان بإمكان الطائرات القيام بثلاث رحلات يومياً إلى منطقة الحصار ولكن ابتعاد الجبهة الألمانية عن ستالينغراد جعل تنقلها محدوداً بعد أن ضاعف الروس الدفاعات ضد الجو لمقاومة طائرات النقل ففقد الألمان في شهر ديسمبر 1942 وحده 246 طائرة خلال عملية نقل المعدات إلى ستالينغراد،
بقايا المدينةفي 8 يناير 1943 عرض المشير السوفيتي روكو سوفسكي على الفريق الأول باولوس الاستسلام إلا أن القائد الألماني رفض الطلب وواصل القتال وفي 9 يناير 1943 تلقى باولوس نداء من برلين بترقيته إلى رتبة مشير وما لبثت أن وصلته شارات الرتبة وعصا المشير التقليدية، وقد شرع الروس بهجومهم النهائي لتحطيم الجيش السادس في ستالينغراد يوم 10 يناير 1943 بعد أن أحاطت بالمدينة سبعة جيوش سوفيتية من الجبهات الثلاثة (جبهة ستالينغراد وجبهة الدون والجبهة الجنوبية الغربية)
في 14 يناير 1943 استولى الجيش 21 على مطار بيتومنكوهو أهم قاعدة جوية يتمون الجيش السادس عن طريقها وفي 22 يناير 1943 فقد الالمان مطار غومراك أيضا وبذلك وانقطع الاتصال الجوي مع ألمانيا تماماً، حملت آخر طائرة غادرت إلى برلين وسائل وداع من الجنود الألمان لعائلاتهم. وفي 25 يناير 1943 استطاع الروس خرق دفاعات الجيش السادس في ستالينغراد وعزلوا الفيلق 11 في الشمال عن التشكيلات المحاصرة الأخرى.
في 31 يناير 1943 استسلم القسم الأكبر من الجيش السادس للسوفيت ووقع المشير باولوس وثيقة استسلام جيشه للمشير السوفيتي روكوسوفسكي لكن الفيلق 11 بقي يقاتل بقيادة الفريق شتريكر في أطلال الأحياء الشمالية من المدينة لتوفر مقادير ضئيلة من الموؤن ولما نفذت استسلم هو الآخر عصر يوم 2 فبراير 1943.
دور القناصين في معركة ستالينجراد
لعب القناصة (الروس) دورًا حيويًا في هذه المعركة، حيث أن طبيعة المدينة المتهدمة ووجود أماكن كثيرة تصلح للاختباء والقنص أهلت لوجود العديد من القناصة الروس الذين استغلوا معرفتهم بطبيعة المدينة وأهم مبانيها وعملوا على تكبيد الجيش الألماني أكبر عدد من الخسائر في الأفراد من خلال قنص الجنود الألمان.
واشتهر بشدة القناص السوفيتي فاسيلي زايتسيف والذي تحول إلى إسطورة نتيجة العدد الضخم من الجنود الألمان الذين استطاع قنصهم خلال معركة ستالينجراد, وتحول من مجرد قناص عادى إلى أسطورة ورمز لنضال الجنود السوفييت من أجل تحرير ستالينجراد، وقد قلده ستالين أعلى وسام عسكري[1]، كما أن سلاحه لايزال في متحف ستالينجراد الحربى كتكريم أزلى له، كما أن قصة حياته تحولت إلى فيلم هوليودى ضخم بعنوان العدو على الأبواب والمستوحى من قصة حياته والتي كتبها بنفسه[2] وحصل على لقب بطل الاتحاد السوفيتي.[3]
في الثقافة الشعبية
الظروف القاسية للمعركة، بما في ذلك الشتاء السوفياتي المشل الذي عجل الوفيات الألمانية الهائلة الناجمة عن المجاعة والتجمد ،قد تم تخليدها في العديد من الأفلام الألمانية ،الروسية، البريطانية والأمريكيةالاصل. ذكرى النظال تم تجسيدها في العديد من الكتب، نظرا لأهميته في احباط الغزو الألماني، فضلا عن أهميته كعلامة على الهمجية العسكرية والمعاناة البشرية و الخسائر في الأرواح الذي لم يسبق له مثيل. ستالينغراد كانت موضوعا لقصيدة شاعر من الهند الغربية، يسمى روبرت بلاكمان. وقد نشرت قراءته للقصيدة باسم "الجانب ب" لروبرت وايت ستالين لم يتوقف قط في محاولتة لمواجهة تناقص الحرب الباردة كجزء من الاتحاد السوفياتي في هزيمة أدولف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية.