منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#33391
موفق محادين
حسب مجلة "فورين بوليسي" الأميركية فإن قائمة الرابحين من الثورات العربية المتواصلة تضم المتظاهرين ثم الجزيرة ثم الاصلاح السياسي ثم مؤسسات الجيش ثم الصين، أما قائمة الخاسرين فتضم الرؤساء المخلوعين وعائلاتهم ثم القاعدة ثم السلام الأميركي ثم جماعة الأخوان المسلمين.



القائمة لا تخلو من الصحة فيما يخص بعض الخاسرين والرابحين، فمن أبرز الخاسرين رموز الأنظمة المخلوعة و السلام الأميركي والقاعدة ومن أبرز الرابحين القوى الشعبية ووسائل الإعلام الشجاعة التي لم تقتصر على الجزيرة بل تعدتها الى الفيسبوك واخواتها وكذلك الجيش والاصلاح السياسي.



في المقابل نعتقد أن المجلة أخطأت في وضع الصين بين القوى الرابحة و في وضع الإخوان المسلمين بين القوى الخاسرة كما أغفلت قوى أخرى هامة في قائمة الرابحين و الخاسرين على السواء:



1- فيما يخص الصين لا يمكن اعتبارها قوة رابحة بالمطلق، بل انها في أفريقيا مثلا فقدت أصدقاء مهمين، فضلا عن أن محاولة دخول الأميركان على خط الثورات من الباب الديموقراطي قد يعيد خلط الأوراق الدولية من جديد على أكثر من مستوى عربي وأفريقي وآسيوي.



2- اذا كانت القاعدة قد فقدت محفزات مهمة فإن ميزان الربح و الخسارة لجماعة الإخوان يميل إلى الربح بعد أن ظلت هذه الجماعة مطوقة ومحاصرة سنوات طويلة من الأنظمة المخلوعة أو المترنحة. وإذا ما تيسرت لهذه الجماعة قيادات ليبرالية فقد تلعب دورا بارزا على الطريقة التركية.



3- ثمة قوى ومحددات أخرى أغفلتها المجلة في الجانبين و في مقدمتها الأفق العربي للدور المصري الذي من شأنه أن يعيد النقاش حول الشرق الأوسط بعد أن أحاله البعض إلى قوتين صاعدتين هما تركيا وإيران وقوة هابطة هي العدو الصهيوني.



4- ومن القوى الخاسرة بالتأكيد العدو الصهيوني الذي فقد حلفاء مهمين فضلا عن المناخات العامة للثورات العربية المتواصلة التي هي بالضرورة ثورات ضد هذا العدو. فهزيمة الفساد والقمع والاستبداد هزيمة له.



5- ولنا أن نقول كذلك أن غالبية قوى المعارضة التقليدية العربية هي جزء من المعسكر الخاسر بعد أن تجاوزتها الثورة العفوية للشعوب ودور الشباب فيها.



6- ومن الخاسرين أيضا، خطاب اليأس والهزيمة و العدمية والهويات القاتلة الكيانية المريضة الجهوية والانعزالية التي توارت بسرعة أمام الثوار الشباب رغم ما أنفق عليها من أموال وميديا على مدار العقود السابقة.



7- أما أبرز الرابحين الذين أغفلتهم المجلة فهو خطاب الأمة بدليل الوجدان القومي الواحد ودبيب الأرض المشترك الذي يمتد اليوم في الوقت نفسه من المحيط الى الخليج. وبعد أن اعتقد البعض أن العرب فقدوا نسيجهم الوجداني القومي الواحد لصالح كانتونات طائفية وجهوية، ها هي الثورة الشعبية تعيد لهم مشاعرهم ووحدتهم القومية في الميادين والساحات، و ليس عبر الايديولوجيا المجردة وصفحات الكتب.