منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By عبدالله المدلج 1
#37156
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللهِ بِنِ جُدْعَانَ حِلْفاً، مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ، وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الإِسْلامِ لأَجَبْتُ ”
الحلف في اللغة هو العهد يكون بين القوم، وقد حالفه: أي عاهده، وتحالفوا: تعاهدوا، والجمع: أحلاف وحلفاء ويقول ابن الأثير ” أصل الحلف: المعاقدة والمعاهدة على التعاضد، والتساعد والاتفاق ” وتعرف على أنها ” مجموعة من الهيئات والمنظمات التي تعمل سويا بشكل منظم لتحقيق هدف مشترك” كما أن التحالف هو تعبير على أن الفرد أو الحزب أو الدولة مهما بلغت قوتها فهي بحاجة إلى الآخر لتحقيق النمو والطموح والريادة والنهضة، وما أدل على ذلك من حالة الإتحاد الأوروبي وهو تجمع حقيقي لمجموعة من الدول الغنية والقوية، ويأخذ التحالف غالباً صيغة إلزامية لكل من يدخل هذا التحالف ويوقع عليه، وقد يأخذ التحالف أشكال أو مسميات مختلفة، مثل التحالف كالتحالف الكردستاني، أو الجبهة كجبهة التوافق العراقية، أو الائتلاف، أو الجمعية كالجمعية الوطنية للتغيير في مصر أو الكتلة أو التجمع مثل التجمع الوطني للإصلاح في اليمن.

الفاعل السياسي لا يدخل في صراع مع طرف إلا وهو في تحالف مع طرف آخر، أو كما يقول دكتور جهاد عودة أنه “لولا انتشار الصراعات لما انتشرت التحالفات” ، فالتحالفات في السياسة هي مرحلة متقدمة عن مرحلة الحوار والمصالحة، والتي تحدثنا عنها سابقا حيث التفاهم، والتنسيق الجزئي، وتبادل الآراء والخبرات، فقد تجلس مجموعة من القوى السياسية إلى بعضها وتتفق على النزول في الانتخابات أو مقاطعتها، ففي هذه الحالة هم في مرحلة التنسيق والتفاهم، ولكن إذا تعدى ذلك إلى مرحلة بناء تحالف، فإن ذلك يستدعى عدم المنافسة بينهم، والتنسيق الكلى المتبادل، وبناء مطبخ انتخابي موحد للكتلة كاملة، وهو ما لم يتوفر في الحالة الأولى.

والتحالفات هي أعلى مراحل التنسيق بين القوى السياسية المختلفة، وقد تصل إلى مرحلة الاندماج والذوبان ولكن هذا نادرا ما يحدث، وليس معنى وجود التحالف هو وجود الاتفاق في المبادئ والأفكار، ولكنها تتويج لمرحلة التفاهم حول القواسم المشتركة؟، والعمل من أجل المصلحة مهما كانت بين الأطراف من خصومات أو عداوة حيث يقول ثيوكيدايدس »وحدة المصلحة هي الرباط الأكثر قوة سواء بين الدول أو الأفراد «

كما أن حاجة القوى السياسية للتحالفات هي حاجة عامة، وليست خاصة بنوع دون آخر فقد تجد مثلاً هناك حركة سياسية كبيرة ولها تواجد شعبي ولها أنصار في كل مكان ومع ذلك تتحالف مع أحزاب ضعيفة، وذلك لحاجتها إلى الشرعية أو للحيلولة دون الوقوع في فخ ما، أو لتفادى حساسية معينة، وكذلك قد تتعاون مجموعة سياسية كبيرة وتتحالف مع مجموعة قليلة، أو فرد واحد، وذلك لوجود صفات معينة لدى هذا الشخص لا تتوفر لأحدهم، ومثال على ذلك توحد القوى السياسية في مصر حول الدكتور محمد البرادعى، وقد يحدث هذا أيضا بين الدول وبعضها البعض، ويضرب مثلاً على ذلك د.عزيز شكري بالتحالف بين الولايات المتحدة الأميركية والباكستان حيث يمثل أحد الأمثلة المعاصرة لتحالف يخدم مصالح متممة، فأما بالنسبة للأولى فهو يخدم الهدف الأميركي الرئيسي بترسيخ نطاق لسياسة الاحتواء للشيوعية، وأما بالنسبة للباكستان فهو يفترض أن يخدم بالدرجة الأولى هدف زيادة إمكاناتها السياسية، والعسكرية ، والاقتصادية تجاه جيرانها.

و عندما تقوم التحالفات فإنه يجب أن يكون الهدف واضحا لدى ذهن الفاعل السياسي، ولا يقوم تحالف للاستهلاك المحلى، أو من أجل السمعة الإعلامية، وإن قام على ذلك فلا يلبث إلا أن يذهب مع آخر رجل ينصرف من الاجتماع،

وقد يقوم التحالفات لعدة أهداف على مستويات مختلفة:

المستوى والإقتصادى كالتحالف من أجل السوق الحر، أو محاربة الاحتكار، أو تحرير الاقتصاد، أو التوزيع العادل للثروة.
المستوى الإجتماعى والمدني: كالتحالف لمحاربة الفقر، أو من أجل المطالبة بالعدالة الاجتماعية، وتحسين التعليم والوضع الصحي ، وإزالة الفوارق الاجتماعية، والمساواة أمام القانون.
المستوى الثقافي حيث تحسين أدوات التثقيف، و المطالبة بثقافة تبعث على تماسك المجتمع والفرد، ومحاربة الفن المبتذل.
المستوى السياسي: وهى الصبغة الأشهر للتحالفات حيث تقوم لمحاربة الإستبداد والديكتاتورية والحكم الشمولي، أو لتغيير الدستور وتبنى دستور جديد عادل يتوافق مع حقوق الإنسان، وحق الفرد في ممارسة الحياة السياسية بدون عوائق، ومحاربة القوانين الاستثنائية، وقد تقوم التحالفات للتمكين للأوضاع الراهنة، وهذا غالبا ما يتم بين الحكومات والأحزاب الضعيفة؛ لإضفاء الشرعية على الوضع الراهن.