- الأحد يونيو 05, 2011 9:54 am
#38504
وُلد السيد عمرو موسى عام 1936، وتخرج من كلية القانون بالقاهرة ، والتحق بالعمل الدبلوماسي عام 1958، وعيَّنه الرئيس المصري السابق حسني مبارك عام 1991 وزيرًا للخارجيَّة، وهو يشغل حينها منصب مندوب مصر الدائم بالأمم المتحدة، واستمرَّ رئيسًا للدبلوماسيَّة المصريَّة حتى عام 2001 حيث تولَّى الأمانة العامة لجامعة الدول العربيَّة، وهو المنصب الذي سيغادره مع نهاية شهر مايو الجاري ليتفرغ للتحضير لحملته الرئاسيَّة المقبلة بوصفه مرشحًا لانتخابات الرئاسة في مصر المقرَّر تنظيمها خلال شهر نوفمبر القادم .
صحيفة لوفيغارو التقت السيد عمرو موسى بمكتبه بمقر جامعة الدول العربيَّة بالقاهرة حيث كان هذا اللقاء :
لوفيغارو : يشهد العالم العربي حالة مخاض سياسي ، وموجة تغييرات غير مسبوقة ، فما هو موقف جامعة الدول العربيَّة في مواجهة كل ذلك ؟
عمرو موسى : الجامعة العربية تثمن عاليًا مطالب التغيير التي عبَّرت عنها الشعوب العربيَّة، ونحن كنا على قناعة تامَّة من أن الأنظمة السياسيَّة القائمة لا يمكنها الاستمرار على هذه الحالة إلى ما لا نهاية، خاصة وأن الشعوب العربيَّة تراقب الشعوب الأخرى وهي تتقدم بخطوات حثيثة لولوج القرن الحادي والعشرين، هذا في الوقت الذي لا تشهد فيه المنطقة العربيَّة أي تغيير!
وبالتالي فإن الشعور بالقهر والظلم قد بلغ مداه لدى هذه الشعوب.
وأذكر هنا أنه خلال قمة شرم الشيخ الأخيرة المنعقدة 19 يناير الماضي ( أي قبل انطلاق الثورة المصرية بستة أيام فقط ) أعلنتُ أمام الجميع أن مصر لن تبقى بمعزل عن تأثير رياح التغيير والتطلع نحو الديمقراطيَّة، وهو ما أغضب الرئيس مبارك، الذي انتقد موقفي قائلا: إن تونس شيء ومصر شيء آخر تمامًا.
لوفيغارو : وهي نفسها الحجة التي قالها الرئيس السوري بشار الأسد أمام البرلمان خلال خطابه الأخير في 30 مارس الماضي !
عمرو موسى : الواقع أن هذه الحجة لا معنى لها، بلا شك هناك خصوصيات إقليميَّة ومحليَّة، ولكن جوهر القضية يكمن في أن الشعوب العربية تتقاسم نفس الآمال والتطلعات بانتهاء حكم الأنظمة القمعية الاستبداديَّة، وانتهاء عهد الزبونية والمحاباة والرشوة .. لأنها تريد المشاركة في اتخاذ القرارات وتسيير الشأن العام.
وخلال قمَّة شرم الشيخ 19 يناير نبَّهت إلى أن جميع البلدان العربيَّة معنيَّة بهذه الرغبة العميقة والعادلة في التغيير السياسي.
وبالتأكيد فإن نمط التغيير المنشود لن يكون هو نفسه في الأنظمة الجمهورية والأنظمة الملكيَّة، تمامًا كما لن يكون هو ذاته في اليمن، أو مصر أو تونس أو سوريا.
والجامعة العربيَّة ليس لديها وصفة جاهزة لنموذج التغيير القابل للتطبيق في جميع الدول الأعضاء، لكنها قالت لهم في الماضي وتعيدها عليهم اليوم إن هناك حاجة ملحَّة للتغيير في كل مكان، فتحرُّك الشعوب العربيَّة نحو الحرية نهائي ولا رجعة فيه.
هل كان موقف السعودية حكيمًا عندما اتخذت قرارًا بإرسال قوات إلى البحرين؟
إرسال قوات سعوديَّة إلى البحرين عملية تمت بشكلٍ شرعي وقانوني، لأنها جاءت تطبيقًا للمعاهدة التي تجمع البلدان الستة المشكلة لمجلس التعاون الخليجي.
وبالنسبة لنا ينبغي أن تكون الأمور واضحة :
البحرين دولة عربيَّة وستظل كذلك، والحفاظ على استقرارها أمرٌ جوهري حسب رأينا، وأتمنى أن تدرك إيران أن واجبها هو إقامة علاقات تعاون وحسن جوار مع جيرانها الخليجيين، وليس محاولة استغلال الصعوبات الراهنة التي تشهدها المنطقة العربيَّة.
ومن جهة أخرى أعتقد أن رياح التغيير التي تجتاح العالم العربي لن تقف عند حدوده، بل ستطال إيران كذلك.
أعلنتم ترشحكم للانتخابات الرئاسيَّة المصريَّة في نوفمبر القادم، ما هي أهم معالم مصر الجديدة التي تسعون لإقامتها؟
علينا أن نخطو خطوات جادَّة على طريق الإصلاح والديمقراطيَّة؛ ففي هذا البلد وعلى مدى العشرين سنة الماضية، لم يتمّ القيام بأي شيء يُذكر في سبيل إقامة الحكم الرشيد، ونفس الشيء يُقال عن قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والإسكان، والزراعة، وتشغيل الشباب، ومشاريع البنية التحتيَّة.
سنعمل على وضع دستور جديد للبلاد، نؤكِّد فيه بشكل خاص على الطبيعة الديمقراطية لأي نظام حكم مستقبلي في مصر.
وبعد ذلك سنقيم ورشات كبرى ( ندوات ) للتفكير، تشارك فيها كل الفعاليات والقوى الحيَّة الممثلة للشعب، من أجل تحديد الإصلاحات المطلوبة، والسهر على تطبيقها.
منذ انقلاب الضباط الأحرار عام 1952 تحكم مصر من قبل العسكر، فسياسيًّا: الجنرال مبارك لا يعدو كونه الابن الأصغر للعقيد جمال عبد الناصر، وتاريخيًّا: ألم يكن هذا النظام العسكري كارثيًّا على مصر؟
بالتأكيد الأمر كذلك .. فعندما ترون حالة مصر بعد 60 سنة من الحكم العسكري، حيث يسيطر البؤس والشقاء على سكان القرى والأرياف، وفي ظلِّ المستوى المتردي للخدمات العموميَّة المقدَّمة للمواطنين، لا يمكننا إلا أن نقول إن الإرث لم يكن لامعًا بالتأكيد!
ألا ترون أنه من المناسب إلغاء المادة الثانية من الدستور التي تنص على اعتبار الإسلام دين الدولة، والشريعة الإسلاميَّة هي المصدر الأساسي للتشريع، أليس الأَوْلى اعتبار الدين مسألة شخصيَّة؟
من وجهة نظري أعتقد أنه من مصلحة الجميع أن نحافظ على هذه المادة دون تغيير، لأنها تحيل إلى المبادئ العامة للشريعة الإسلاميَّة، والتي هي مبادئ إنسانيَّة، وهذه المادة لا تستبعد مصادر التشريع الأخرى، فلماذا نخاطر بإثارة المشاكل لأنفسنا؟! خاصة وأن هذه المشاكل لن تخدم في نهاية المطاف أي طرف!
لكن في المقابل يجب أن نحافظ على مواد الدستور الأخرى التي تضمن الحريات والمساواة بين جميع المواطنين المصريين.
الأقلية القبطية في مصر تشعر بالقلق، فما الذي تعتزمون القيام به لطمأنتهم؟
هذا الشعور بالقلق للأسف له ما يبرره .. المشكلة تكمن في أن هذا البلد لم تتمّ إدارته بشكلٍ جيد، خاصة فيما يتعلَّق بالتربية الوطنيَّة، ونحن أمامنا مهمة صعبة وهي تعليم الشعب وتوعيته حول المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه أي نظام حكم متحضر وهو مبدأ التسامح.
والحقيقة أن الشعب المصري شعب متسامح بطبيعته، لكن عجز الحكومة وعدم أهليتها ساهما في خلق هذه الظاهرة الغريبة على المجتمع المصري.
هل تفضلون نظام حكم برلماني أم جمهوري؟
نحن بحاجة لنظام حكم رئاسي على الأقل لفترة العشر سنوات القادمة، وذلك للتأكد من أن الأحزاب السياسيَّة والهيئات البرلمانيَّة قد وصلت للمستوى المقبول من النضج والوعي السياسي.
وفيما يخصني .. فإنني أتعهَّد بأن أحكم لفترة رئاسيَّة واحدة فقط مدتها أربع سنوات؛ لأن هدفي هو وضع قاطرة البلد على السكة، ثم تسليم الأمور للأجيال الجديدة.
كيف سيكون موقفكم من إسرائيل؟
لقد ارتكب مبارك خطأين : الأول هو إغلاق معبر رفح في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تشن عدوانًا همجيًّا على قطاع غزة عام 2008، والثاني هو مشاركته في قمَم هزليَّة للسلام في الوقت الذي لا ترغب فيه إسرائيل في إقامة السلام، وتواصل على الأرض سياستها الاستيطانيَّة التوسعيَّة في الأراضي الفلسطينيَّة المحتلَّة.
وفي اعتقادي أن حلّ النزاع الفلسطيني الإسرائيلي هو حلّ سياسي، وأن من مصلحة مصر الإبقاء على معاهدة السلام مع إسرائيل
صحيفة لوفيغارو التقت السيد عمرو موسى بمكتبه بمقر جامعة الدول العربيَّة بالقاهرة حيث كان هذا اللقاء :
لوفيغارو : يشهد العالم العربي حالة مخاض سياسي ، وموجة تغييرات غير مسبوقة ، فما هو موقف جامعة الدول العربيَّة في مواجهة كل ذلك ؟
عمرو موسى : الجامعة العربية تثمن عاليًا مطالب التغيير التي عبَّرت عنها الشعوب العربيَّة، ونحن كنا على قناعة تامَّة من أن الأنظمة السياسيَّة القائمة لا يمكنها الاستمرار على هذه الحالة إلى ما لا نهاية، خاصة وأن الشعوب العربيَّة تراقب الشعوب الأخرى وهي تتقدم بخطوات حثيثة لولوج القرن الحادي والعشرين، هذا في الوقت الذي لا تشهد فيه المنطقة العربيَّة أي تغيير!
وبالتالي فإن الشعور بالقهر والظلم قد بلغ مداه لدى هذه الشعوب.
وأذكر هنا أنه خلال قمة شرم الشيخ الأخيرة المنعقدة 19 يناير الماضي ( أي قبل انطلاق الثورة المصرية بستة أيام فقط ) أعلنتُ أمام الجميع أن مصر لن تبقى بمعزل عن تأثير رياح التغيير والتطلع نحو الديمقراطيَّة، وهو ما أغضب الرئيس مبارك، الذي انتقد موقفي قائلا: إن تونس شيء ومصر شيء آخر تمامًا.
لوفيغارو : وهي نفسها الحجة التي قالها الرئيس السوري بشار الأسد أمام البرلمان خلال خطابه الأخير في 30 مارس الماضي !
عمرو موسى : الواقع أن هذه الحجة لا معنى لها، بلا شك هناك خصوصيات إقليميَّة ومحليَّة، ولكن جوهر القضية يكمن في أن الشعوب العربية تتقاسم نفس الآمال والتطلعات بانتهاء حكم الأنظمة القمعية الاستبداديَّة، وانتهاء عهد الزبونية والمحاباة والرشوة .. لأنها تريد المشاركة في اتخاذ القرارات وتسيير الشأن العام.
وخلال قمَّة شرم الشيخ 19 يناير نبَّهت إلى أن جميع البلدان العربيَّة معنيَّة بهذه الرغبة العميقة والعادلة في التغيير السياسي.
وبالتأكيد فإن نمط التغيير المنشود لن يكون هو نفسه في الأنظمة الجمهورية والأنظمة الملكيَّة، تمامًا كما لن يكون هو ذاته في اليمن، أو مصر أو تونس أو سوريا.
والجامعة العربيَّة ليس لديها وصفة جاهزة لنموذج التغيير القابل للتطبيق في جميع الدول الأعضاء، لكنها قالت لهم في الماضي وتعيدها عليهم اليوم إن هناك حاجة ملحَّة للتغيير في كل مكان، فتحرُّك الشعوب العربيَّة نحو الحرية نهائي ولا رجعة فيه.
هل كان موقف السعودية حكيمًا عندما اتخذت قرارًا بإرسال قوات إلى البحرين؟
إرسال قوات سعوديَّة إلى البحرين عملية تمت بشكلٍ شرعي وقانوني، لأنها جاءت تطبيقًا للمعاهدة التي تجمع البلدان الستة المشكلة لمجلس التعاون الخليجي.
وبالنسبة لنا ينبغي أن تكون الأمور واضحة :
البحرين دولة عربيَّة وستظل كذلك، والحفاظ على استقرارها أمرٌ جوهري حسب رأينا، وأتمنى أن تدرك إيران أن واجبها هو إقامة علاقات تعاون وحسن جوار مع جيرانها الخليجيين، وليس محاولة استغلال الصعوبات الراهنة التي تشهدها المنطقة العربيَّة.
ومن جهة أخرى أعتقد أن رياح التغيير التي تجتاح العالم العربي لن تقف عند حدوده، بل ستطال إيران كذلك.
أعلنتم ترشحكم للانتخابات الرئاسيَّة المصريَّة في نوفمبر القادم، ما هي أهم معالم مصر الجديدة التي تسعون لإقامتها؟
علينا أن نخطو خطوات جادَّة على طريق الإصلاح والديمقراطيَّة؛ ففي هذا البلد وعلى مدى العشرين سنة الماضية، لم يتمّ القيام بأي شيء يُذكر في سبيل إقامة الحكم الرشيد، ونفس الشيء يُقال عن قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والإسكان، والزراعة، وتشغيل الشباب، ومشاريع البنية التحتيَّة.
سنعمل على وضع دستور جديد للبلاد، نؤكِّد فيه بشكل خاص على الطبيعة الديمقراطية لأي نظام حكم مستقبلي في مصر.
وبعد ذلك سنقيم ورشات كبرى ( ندوات ) للتفكير، تشارك فيها كل الفعاليات والقوى الحيَّة الممثلة للشعب، من أجل تحديد الإصلاحات المطلوبة، والسهر على تطبيقها.
منذ انقلاب الضباط الأحرار عام 1952 تحكم مصر من قبل العسكر، فسياسيًّا: الجنرال مبارك لا يعدو كونه الابن الأصغر للعقيد جمال عبد الناصر، وتاريخيًّا: ألم يكن هذا النظام العسكري كارثيًّا على مصر؟
بالتأكيد الأمر كذلك .. فعندما ترون حالة مصر بعد 60 سنة من الحكم العسكري، حيث يسيطر البؤس والشقاء على سكان القرى والأرياف، وفي ظلِّ المستوى المتردي للخدمات العموميَّة المقدَّمة للمواطنين، لا يمكننا إلا أن نقول إن الإرث لم يكن لامعًا بالتأكيد!
ألا ترون أنه من المناسب إلغاء المادة الثانية من الدستور التي تنص على اعتبار الإسلام دين الدولة، والشريعة الإسلاميَّة هي المصدر الأساسي للتشريع، أليس الأَوْلى اعتبار الدين مسألة شخصيَّة؟
من وجهة نظري أعتقد أنه من مصلحة الجميع أن نحافظ على هذه المادة دون تغيير، لأنها تحيل إلى المبادئ العامة للشريعة الإسلاميَّة، والتي هي مبادئ إنسانيَّة، وهذه المادة لا تستبعد مصادر التشريع الأخرى، فلماذا نخاطر بإثارة المشاكل لأنفسنا؟! خاصة وأن هذه المشاكل لن تخدم في نهاية المطاف أي طرف!
لكن في المقابل يجب أن نحافظ على مواد الدستور الأخرى التي تضمن الحريات والمساواة بين جميع المواطنين المصريين.
الأقلية القبطية في مصر تشعر بالقلق، فما الذي تعتزمون القيام به لطمأنتهم؟
هذا الشعور بالقلق للأسف له ما يبرره .. المشكلة تكمن في أن هذا البلد لم تتمّ إدارته بشكلٍ جيد، خاصة فيما يتعلَّق بالتربية الوطنيَّة، ونحن أمامنا مهمة صعبة وهي تعليم الشعب وتوعيته حول المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه أي نظام حكم متحضر وهو مبدأ التسامح.
والحقيقة أن الشعب المصري شعب متسامح بطبيعته، لكن عجز الحكومة وعدم أهليتها ساهما في خلق هذه الظاهرة الغريبة على المجتمع المصري.
هل تفضلون نظام حكم برلماني أم جمهوري؟
نحن بحاجة لنظام حكم رئاسي على الأقل لفترة العشر سنوات القادمة، وذلك للتأكد من أن الأحزاب السياسيَّة والهيئات البرلمانيَّة قد وصلت للمستوى المقبول من النضج والوعي السياسي.
وفيما يخصني .. فإنني أتعهَّد بأن أحكم لفترة رئاسيَّة واحدة فقط مدتها أربع سنوات؛ لأن هدفي هو وضع قاطرة البلد على السكة، ثم تسليم الأمور للأجيال الجديدة.
كيف سيكون موقفكم من إسرائيل؟
لقد ارتكب مبارك خطأين : الأول هو إغلاق معبر رفح في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تشن عدوانًا همجيًّا على قطاع غزة عام 2008، والثاني هو مشاركته في قمَم هزليَّة للسلام في الوقت الذي لا ترغب فيه إسرائيل في إقامة السلام، وتواصل على الأرض سياستها الاستيطانيَّة التوسعيَّة في الأراضي الفلسطينيَّة المحتلَّة.
وفي اعتقادي أن حلّ النزاع الفلسطيني الإسرائيلي هو حلّ سياسي، وأن من مصلحة مصر الإبقاء على معاهدة السلام مع إسرائيل