منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By احمد الغامدي 3 5
#39996
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
تحية طيبه, وبعد :


في السنة التي عين فيها الامير سعود الفيصل وزيرا لخارجية المملكة العربية السعودية، كان جيرالد فورد رئيسا للولايات المتحدة، وكانت حرب فيتنام قد انتهت وشركة "مايكروسوفت" قد فتحت للتو ابوابها.

والامير سعود الفيصل هو اقدم وزير خارجية في العالم، اذ عين في منصبه في العام 1975 وهو يمثل منذ نحو 35 عاما دولة ما زالت لا تضاهى في ثروتها النفطية واهميتها الدينية للمسلمين. ومع ذلك فان الامير سعود قال ان تركته بعد كل تلك السنين يمكن تعريفها بخيبة الامل اكثر من النجاح. واوضح ان جيله من القادة العرب قد اخفق في ايجاد دولة فلسطينية.

وقال اثناء مقابلة معه لصحيفة "هيرالد تريبيون" في مكتبه في الرياض: "لم نر بعد اي لحظات فرح خلال ذلك الوقت كله. لم نر الا لحظات التأزم. لم نر الا لحظات صراع، فكيف لنا ان نشعر بأي متعة في أي شيء يحدث عندما يكون هناك شعب كالفلسطينيين يعيش كما يعيش الآن؟".

يعتبر هذا الوقت وقت استعجال ليس فقط للامير سعود وانما لمعظم كبار قادة المملكة العربية السعودية من العائلة الحاكمة، فبعد سنوات من وجودهم في السلطة اخذ التقدم في العمر والمرض يجبرانهم على مواجهة حتمية الموت. ذلك ان الملك عبد الله في الخامسة والثمانين من العمر. وبينما لا يزال يبدو قويا، فإن تقدمه في العمر يثير احاديث عن خلافته. اما ولي العهد الامير سلطان الذي صار وزيرا للدفاع في العام 1962 فقد عاد الى البلاد في الاونة الاخيرة بعد تلقيه العلاج من السرطان في الولايات المتحدة وقضاء فترة نقاهة في المغرب. ويتوقع الآن ان يكون الملك المقبل هو الامير نايف (76 عاما) الذي يشغل منصب وزير الداخلية منذ 1975 وله صلات وثيقة بالطبقة الدينية المحافظة.

كان ينظر الى الامير سعود (69 عاما) في وقت من الاوقات كمرشح لتولي العرش. ولكنه هو ايضا يعاني من مشكلات صحية. وقد عاد الى البلاد في الآونة الاخيرة بعد ان اجريت له عملية جراحية في كاليفورنيا. وهو يكافح لابقاء قامته منتصبة ولمنع راسه ورقبته من الانحناء الى الامام.

ويقول مساعدو الامير سعود انه عاد الى برنامج عمله الحافل بالمشاغل والى السفر في انحاء العالم وعقد الاجتماعات والتشاور بصورة وثيقة مع الملك. وبدا خلال المقابلة دقيقاً في اختيار كلماته بعناية. وكانت رسالته هي ان العامل المركزي في الاستقرار الاقليمي ما زال الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي.

كان الامير سعود وما زال طوال حياته العملية وجه وصوت دولة تفضل البقاء في الخلفية وتقوم بمهمات ديبلوماسية هادئة، مستخدمةً ثروتها النفطية لنشر نفوذها وخدمة اهدافها. ولكن ذلك النهج وعلاقات السعودية مع واشنطن واستعدادها للدفع باتجاه السلام اكسباها عداوة كثيرين في المنطقة.

وقال عماد جاد وهو خبير في الشؤون الدولية في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: "عندما يقيم (الامير سعود) سنواته الـ 35 كوزير للخارجية منذ اليوم الاول وحتى الآن، ما الذي احرزه بالنسبة الى القضية الفلسطينية؟ لاشيء. (هذا مع) انه وزير خارجية البلد الاول او الثاني في المنطقة منذ اكثر من 30 سنة".

من الواضح ان هذا تقييم لاسع بالنسبة الى رجل يحظى باحترام لمواقفه وفكره في عواصم عالمية كثيرة، ولكنه تقييم لا ينكره. اذ يقول الامير سعود: "السلام حتى الآن كان مثل محاولتك الامساك بماء او رمل في يدك. ترى كمية الماء وتعتقد ان بوسعك الامساك بها في يدك ولكنها تسقط، والامر نفسه ينطبق على الرمل، لذا فإنه ما لم يكن هناك شيء يمكن ان تقبض عليه في يدك وتشير اليه كنجاح وكانجاز فإنك لم تفعل شيئا".

وكان والده الملك فيصل بن عبد العزيز هو الذي رسخ علاقات وثيقة بين الرياض وواشنطن الى ان اغتيل في العام 1975 على يد امير من العائلة المالكة اطلق عليه الرصاص عن قرب.

وتجدر الاشارة الى ان الامير سعود حاصل على درجة في الاقتصاد من جامعة "برنستون" الاميركية. وتذكر نبذة عن سيرته انه يتكلم سبع لغات، وهو يظهر استعدادا غير معهود في اوساط العائلة المالكة للتحدث علنا ولمقابلة الصحافيين. ويملك الامير سعود، بصفته ممثلا للملكية المطلقة، نفوذا لكنه لا يملك القرار الاخير.

وقال الباحث المصري جاد: "ان نفوذ الافراد محدود لان رؤية الملك هي التي تسود من خلال مستشاريه. وقد خدم الامير سعود في عهود ثلاثة ملوك وكان لكل منهم اتجاهاته. وهو ليس صانع قرارات وانما منفذ سياسات".

ويروج الامير سعود هذه الايام لمبادرة الملك الداعية الى وحدة الصف العربي وهي مشروع اكتسب الاهتمام ولكنه لم يحقق تقدما كبيرا. كما عرض افكاره بالنسبة الى بعض المواضيع الساخنة. وقال ان لبنان لا يمكن ان يكون سيدا بالمعنى الحقيقي ابدا ما دام حزب الله الشيعي يملك من الاسلحة اكثر مما تملكه القوات المسلحة للبلاد.

وقال انه لا ينبغي السماح ابدا لايران بامتلاك اسلحة نووية وانه ينظر بعين الشك الى ادعاء ايران انها تطور برنامجا نوويا سلميا. كما قال انه ينبغي الضغط على اسرائيل كي تتخلى عن ترسانتها النووية.

ولكنه عاد خلال تأمله في حياته العملية كرئيس للديبلوماسية السعودية الى الفلسطينيين. وقال ان الازمة الحارقة دمرت حياة الفلسطينيين وتركت المنطقة تترنح بين ازمة واخرى. واضاف: "ان الدعم المطلق من الولايات المتحدة لاسرائيل بدلا من ان يجعل اسرائيل آمنة او يحقق السلام، جعل اسرائيل ترى خيار العيش في المنطقة من دون ان تحظى بالقبول من جانب شعوبها، وقد ادى هذا الى سنوات طويلة من الصراع بين اسرائيل والفلسطينيين".