منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص بالطلاب و اسهاماتهم الدراسية

المشرف: صفيه باوزير

By سعد محمد الشلوي1
#40233

أخبرني احد أمراء السياسة العربية عن الدروس التي وعاها من حياة السياسية



وجدتها دروساً ذات قِيْمَة فَرِيدة قَلَّ من يتفوه بها



بهذا العصر الغريب العجيب أنُتَقْص العَدَلَ به وحَجَبَ الصدق عنه واختفت النزاهة منه.



قلتُ لأمير السياسة



طَرَحَ سُؤَالاً ذاتَ مرة على الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر



عن راية بالحرب أردفَ قائلاً أول ضحايا الحروب (( الصِدْق ))



قال لي هذا تماماًصَحِيح..ثم



اِسْتَهَلَّ أمير السياسة العربية حديثه قائلاً


1- تعلمت أن كل دولة من الدول تضع مصلحتها فوق كل اعتبار آخر.
فالمعاهدات مثلا تكون عند بعض الدول كالقرآن المنزل كلما اقتضت مصلحة
تلك الدولة التمسك بها.
وألا فالمعاهدات عندها لا تعدو أن تكون قصاصات من الورق تباع من البقالين
والعطارين على حسب زنتها من الكاغد المستعمل لا على حسب ما كتب فيها
من مواثيق وعهود هذه هي عقلية الدول الكبرى خاصة, ولاسيما الدول ألاستعمارية
في أيام الناس هذةِ
2- وتعلمت أن في السياسة محترفين تسمعهم يتحدثون أليكَ في الأمور الوطنية
فتخالهم مضحين بالنفس والنفيس في سبيل بلادهم,
حتى إذا خالفت مصلحتهم الخاصة مصلحة بلادهم العامة آثروا الأولى على الثانية,
فركبوا رؤوسهم, دون أن يتمكنوا من إيقاف شهواتهم عند حد الأضرار بمصالح
بلادهم. فهؤلاء الأنانيون من محترفي السياسة بلاء على بلادهم في كل عصر
و في كل العراق هذهِ الأيام. فالوطنية الصحيحة أيثار لا أثرة, والتضحية لا جر مغنم.


3- وجدت أن كثيرا من الدبلوماسيين ما برحوا يذهبون الى أن الدبلوماسية
ختل وخداع وغش و مراوغة.
وقد علمتني تجارب الأيام والسنين أن الدبلوماسية كغيرها من المهن يستعان
في قضاء حوائجها بالكتمان, ولكن الصراحة فيها أجدى من الخداع,
والصدق أنفع من الكذب, ولاسيما في علاقات الدول بعضها ببعض.


4- وتعلمت أن الأحزاب السياسية قلما تقوم في بلادنا على المبادئ العامة, بل تقوم
على أفراد لهم وجاهة أو نفوذ أو مزايا , فيؤلف واحدهم حزبا سياسيا , فيلتف
حوله جماعة
وهكذا تتعدد الأحزاب بتعدد هؤلاء الأفراد, فتتألف بتآلفهم وتتناكر بتناكرهم,
ويظل قوامها في الحالين الأفراد لا المبادئ. ومتى قلنا الأفراد فهناك المقيم المقعد
من النزوات والشهوات وتضارب الآراء واختلاف الأهواء,
مما يعرقل كل أصلاح أو يحول دونه.


5- ورأيت كثيراً من السياسيين قد ألفوا انتقاد من يتولى الحكم, فهم يوجهون إليه
قوارص الكلم , سواء لديهم أكان مصيبا في أعماله , أم كان فيها مخطئاً ,
فقصارى ما يبتغونه في حرف السياسة إنما هو عزل الحاكم ليحلوا مكانه
على كرسي طالما أستهوى فؤاد الطامع بالحكم, وأذل عنق الحريص عليه.


6- وتعلمت أن السياسة بين الدول عمل يحتاج إليه الضعيف أكثر من احتياج القوي اليه
فالسياسة مداراة ومداراة
لاستخلاص حق, أو إقامة عدل, أو درء ضرر, أو جلب منفعة.
والقوي بالغ في كل ذلك مبتغاه دونما جهد.
أما الضعيف فهو الذي يلاقي أشد العنت في بلوغ غايته. لطالما قلب القوى الحقيقة
فجعل من الباطل حقا, ومن الظلم عدلا. وقديما قال بسكال الفرنسي ما معناه
أن الناس عندما لم يستطيعوا جعل العدالة قوية, راحوا يزعمون أن العدل في القوة
أي أن كل ما كان قوياً يكون عادلا.


7- ورأيت المجالس النيابية قلما تصلح للحكم في كثير من بلاد العالم الراقية,
فكيف تكون صالحة له في أقطار تتفشى الأمية في سوادها ؟
فالبرلمانات في مثل هذه الأقطار لا تحكم , لأنها لا تكون صالحة للحكم,
بل تكون آلات يديرها الحكام الحقيقيون,
فإذا كانوا أشرارا استعانوا بها في جر المغانم لأنفسهم ,
وإذا كانوا أخيارا وجهوها إلى مصلحة الشعوب.


فالبلاد التي ليس فيها وعي قومي صحيح تحتاج إلى حكام نزهاء أكفاء مخلصين أكثر من
احتياجها إلى نواب لا يفقهون من الحكم سوى ضمانة منافعهم ومنافعهم ومنافع ذويهم.
والحاكم القوي الصالح هو الذي يوقظ الوعي القومي في الشعب ويدربه على حكم نفسه بنفسه
علىالأسلوب البرلماني الصحيح هذا بعض ما خطر على البال من دروس السياسة التي علمتنيها
تجارب الأيام .
وفي مدرسة السياسة دروس وعبر كثيرة تتجدد على كر الأيام والسنين.
قلت له هل توافقني الرَأْي بأن أول ضحايا السياسة (( النَزَاهَة ))
أردفَ قائلاً بكل تأكيد.