منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمعاهدات والمواثيق الدولية
#41648
دأبت هيئة علماء المسلمين في العراق منذ اليوم الأول لتأسيسها إلى أخذ زمام المبادرة في العمل الوطني الجاد ضد الاحتلال الامريكي البريطاني للعراق والتخفيف من آثار الحرب غير المشروعة التي شنتها قوات هاتين الدولتين ضد العراق بلداً وأرضاً وشعباً وحضارة.
وبعد تشكيل ما يسمى بـ(مجلس الحكم الانتقالي) وجدت الهيئة نفسها مضطرة الى الشروع في العمل السياسي المناهض للاحتلال، وتوجهت صوب اظهار الوجه الحقيقي للقضية العراقية وعملت بالتعاون مع القوى الوطنية العراقية المناهضة للاحتلال على بلورة مشروع عراقي وطني بديل للاحتلال، وعرضت هذا المشروع اول مرة على السيد الأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمين العام للامم المتحدة الى العراق في شهر شباط من عام 2004م في مقرها العام في جامع ام القرى ببغداد، وأعلنت فيه الهيئة للمرة الأولى مشروع جدولة انسحاب قوات الاحتلال الذي اصبح بعدها مطلباً شعبياً عراقياً عاماً.
وقد ضمن ممثل الامين العام قسماً من هذا المشروع في تقريره الذي رفعه الى مجلس الأمن وصدر على اساسه القرار رقم (1546) فيما يتعلق بالوضع في العراق.

ثم اعادت القوى الوطنية صياغة هذا المشروع وقدمته للجامعة العربية بعد مؤتمر شرم الشيخ بتاريخ 2004/12/8 م، وضم وفد القوى - الذي رعته الهيئة - الى القاهرة احد اعضاء مجلس الشورى في الهيئة .

وبيانا لجهود الهيئة والقوى الوطنية المناهضة للاحتلال وتوثيقا للتأريخ ينشر قسم الثقافة والاعلام في الهيئة هاتين الوثيقتين مشفوعتين بكلمة سماحة الشيخ الدكتور حارث الضاري الامين العام للهيئة التي القاها في مؤتمر الوفاق العراقي في القاهرة(تشرين الثاني2005م) التي اكدت على اهمية هذا المشروع، واعادت طرح الملامح العامة لهاتين الوثيقتين لاول مرة في محفل دولي كبير وفي مقر الجامعة العربية الامر الذي قطع الطريق على المشككين في عدم وجود مشروع بديل للعملية السياسية الحالية عند القوى المناهضة لها في الاوساط السياسية والاعلامية.


الوثيقة الأولى

مقترحات هيئة علماء المسلمين البديلة
المتعلقة بتشكيل حكومة عراقية مؤقتة المقدمة إلى
مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي
(شباط /2004م)

السيد الأخضر الإبراهيمي والوفد المرافق له المحترمون:

سبق للهيئة ان اعلنت عن موقفها البديل صراحة، ويتضمن وضع جدول زمني يتم فيه خروج قوات الاحتلال، يوافقه في الوقت ذاته استقدام قوات دولية تحل محلها، ويكون ذلك باشراف مباشر من الامم المتحدة وجامعة الدول العربية.

وتعمل هذه القوات على اصلاح الامور ووضع الحقوق في انصبتها بشكل تدريجي، وفي تقديرنا فان هذه القوات ستحظى بتأييد الشعب العراقي ومباركته لان هذه القوات طرف حيادي ولأنها غير موصوفة دولياً بكونها قوات احتلال.

لكن على ما يبدو فان الامريكيين لا يتعاونون بهذا الصدد، وهذا سيضطرهم الى وضع صيغ اخرى توفيقية.

وهنا نقترح عليكم جملة من الامور في مراعاتها مصلحة الشعب العراقي من وجهة نظرنا مع تمسكنا بالقول ان اي حل لا يراعى فيه خروج المحتلين سيبقى عرضة للطعن وسبباً في اثارة المشاكل، ولكن ربما يكون حل اهون شراً من حل:-

أ- نقترح انشاء حكومة عراقية مؤقتة من جهة لم تشارك في مجلس الحكم الانتقالي الحالي، لأن المجلس لم يكن موفقاً في فترته لا سيما وقد سجلت عليه ملاحظات كثيرة من اهمها انه انعقد بوضع امريكي.

ب- يسمح لاعضاء هذا المجلس المنحل بالعمل السياسي استعداداً للانتخابات المقبلة، وخلال هذه المدة يعمل كل حزب لتعريف الناس ببرامجه وكسب ثقتهم للحصول على دعمهم في العملية الانتخابية.

ج- تسحب من هذه الاحزاب الميليشيات المسلحة ويكون، عمل الحزب في الجانب السياسي مدنياً محضاً.

د- تنتخب الحكومة الجديدة وزراءها من العناصر المستقلة التي لم يعرف عنها انتماء لحزب سياسي معين، ويشترط فيها الكفاءة لما يسند اليها من عمل وزاري، ويخضع المرشح للوزارة لاختبار من لجنة تعدها الامم المتحدة.

هـ- يتم دعوة الحكومة المؤقتة للسيطرة على الامن الداخلي بقوات دولية بالاضافة الى اجهزة الشرطة الموجودة حالياً، وتتولى الحكومة الجديدة مهام تطوير اجهزة الشرطة العراقية بمعزل عن الاشراف الامريكي لابعاد هذا الجهاز المهم عن الطعن في نزاهته واتهامه بالعمالة للامريكيين وهو ما جر عليه عمليات الاستهداف والقتل.

و- تتفق الحكومة الجديدة مع قوات الاحتلال على تخفيض اعدادها في عموم القطر، وعلى انحصار وجودها في مناطق معلومة وخارج نطاق المدن على نحو يدل على زوال كونها قوة ضاغطة على القرار السياسي في البلاد على ان يترك للحكومة المنتخبة مسألة البت في رحيلها.

ز- تشكل قوات دولية لمراقبة الحدود للحيلولة دون تسرب القادمين بصورة غير مشروعة، والعمل - بالتنسيق مع قوى الامن الداخلي - لإعادة المتغلغلين منهم داخل البلاد الى مواطنهم الاصلية.


الوثيقة الثانية

برنامج وفد القوى الوطنية المناهضة للاحتلال
المقدم للامين العام لجامعة الدول العربية
(2004/12/8م)

معالي الاستاذ عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية المحترم تحية طيبة- وبعد:

تعلمون سيادتكم ان الاحتلال الامريكي قد انتهك سيادة العراق وسلامته الاقليمية وشكل تحدياً خطيراً ليس لاستقلال وسيادة ووحدة اراضي العراق ورفاه ابنائه فحسب، بل ولاستقرار وامن دول المنطقة ولا للعلاقات الدولية المبنية على القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة.

ومنذ احتلالها للعراق مارست قوات الاحتلال الامريكية سياسية تهدف الى بذر الفتنة الطائفية والعرقية بين ابنائه والسعي لاعادة تركيب المؤسسات السياسية والادارية العراقية على قواعد استحدثتها للتقسيم العرقي والطائفي والمذهبي وطمس الهوية الحضارية والثقافية والوطنية للشعب العراقي واضعاف انتمائه الوطني والقومي والديني وتفكيك البنى الارتكازية للصناعة الوطنية لتحويل العراق الى مجتمع استهلاكي غير منتج تسوده البطالة.

ان استعراضاً سريعاً لما آلت اليه احوال العراق - بعد اكثر من سنة ونصف من الاحتلال غير المشروع على الرغم من تغيير مسمياته عبر خلق تشكيلات وأطر سياسية لا تحظى بالاجماع الوطني في سياق ما أسماه الاحتلال نقل السلطة الى العراقيين - يؤكد استمرار التدهور في شتى مناحي الحياة، ولعل الدراسة العلمية المنشورة في مجلة (لانسيت) الطبية الامريكية في تشرين الأول 2004 التي ذكرت ان مائة الف مدني عراقي استشهدوا منذ غزو العراق ومعظمهم قتلوا خلال الغارات الأمريكية على الأحياء المدنية هي ليست مؤشراً واضحاً على الانهيار المريع الذي وصلت إليه الأوضاع في العراق فقط وإنما دليل دامغ على فشل المشروع الأمريكي والسياسة المتبعة فيه الأمر الذي يتطلب من الإدارة الأمريكية بعد تجدد ولايتها ان تنظر بعين الحقيقة الى التوقف عن سياستها التدميرية في العراق التي زادت من كراهيتها ولم تجعل المنطقة والعالم أكثر امناً، والانتقال من المفهوم الأمني والقمعي المعتمد على معلومات خاطئة وقاصرة إلى الحل السياسي .

وفي المقابل فإن الحقيقة الأساسية التي تأكدت بعد مرور سنة ونصف من الاحتلال هي أنه دون تكاتف العراقيين ونبذهم خلافاتهم الجانبية وتوحيد كلمتهم على أساس المصلحة الوطنية لن تعود السيادة والاستقرار والرفاه والديمقراطية الى العراق .

وانطلاقاً من هذه الحقيقة نتوجه لسيادتكم شعوراً منا بالمسؤولية التاريخية لجميع العراقيين لإنقاذ وطنهم ونطالبكم بحكم مسؤولياتكم التاريخية الدولية بمساعدة ودعم القوى العراقية لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية تشارك فيه جميع الأحزاب والقوى والشخصيات العراقية من دون إقصاء أو استثناء لأحد عدا من تلطخت أيديهم بدماء العراقيين.

ونقترح أن يعطي المؤتمر الأولوية للأهداف الآتية:

1- إقامة صيغة جبهوية وطنية موسعة تضم جميع الأحزاب والقوى السياسية على أساس الثوابت الوطنية العراقية وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال وحماية الوحدة العراقية وسيادة ووحدة اراضي العراق وبناء عراق مستقل موحد تسوده مبادئ العدالة والمساواة والديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة وضمان الحقوق الدينية والثقافية والمدنية والسياسية للعراقيين كافة دون تمييز ونبذ جميع أشكال التعصب العرقي والطائفي والديني، وأن يساهم العراق ضمن محيطه العربي والإسلامي والدولي في تعزيز السلم والأمن الدوليين وبناء علاقات دولية قائمة على احترام مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وفي طليعتها مساواة الدول في السيادة والتزام الوسائل السلمية لحل النزاعات وتحريم استخدام القوة ضد سلامة الأراضي والاستقلال السياسي للدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وحق الشعوب الرازحة تحت الاحتلال في تقرير المصير ونبذ الإرهاب الدولي، وكذلك تأكيد التزام العراق بالمبادئ الواردة في ميثاق الجامعة العربية وحركة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي مع التأكيد على ضرورة الإشراف الدولي الكامل والمباشر للأمم المتحدة على أية عملية سياسية في العراق.

2- تنبثق عن الصيغة الجبهوية الوطنية لجنة موسعة تقوم بالمهام الآتية :

أ- وضع خطة تفصيلية بتوقيتات محددة لانسحاب جميع القوات المحتلة من العراق واستعادة سيادة العراق واستقلاله بشكل كامل وناجز ووفق ضمانات دولية .

ب- تشكيل حكومة مؤقتة من المختصين (التكنوقراط) على أساس الوطنية والكفاءة والاستعداد لخدمة العراق وتخضع هذه الحكومة المؤقتة لرقابة اللجنة الموسعة المشار إليها في الفقرة (2) أعلاه .

ج- تشكيل لجنة دستورية لإعداد دستور مؤقت يعرض على الصيغة الجبهوية الوطنية لإقراره.

د- تحديد إطار زمني مناسب لإجراء إحصاء للسكان ثم انتخابات عامة لاختيار حكومة ومجلس تشريعي مؤقتين تكون مهمتهما إعداد الدستور الدائم واستفتاء الشعب عليه وتنتهي مهمة الحكومة والمجلس التشريعي حال انتخاب السلطات التنفيذية والتشريعية بموجب الدستور الدائم.

هـ- الإعلان عن ان الإجراءات والقرارات والترتيبات والقوانين التي أصدرتها قوات الاحتلال أو أمرت بإصدارها من قبل المؤسسات العراقية والمنشأة في ظلال الاحتلال إنما هي قرارات وإجراءات غير شرعية تنتهي بزوال الاحتلال، وتقوم الجبهة الوطنية والحكومة المؤقتة بإصدار القوانين والتشريعات لتسيير الدولة خلال المرحلة الانتقالية لحين قيام المؤسسات السياسية والدستورية الوطنية العراقية المنتخبة بالتنسيق مع اللجنة المشار اليها في الفقرة (2) أعلاه.