- الأحد ديسمبر 18, 2011 6:27 am
#43021
كانت الأوضاع الدولية في العهود القديمة حافلة بالحروب والنزاعات الصدامية العنيفة.وتعددت أشكال هذه الحروب والنزاعات في مرحلة ما قبل القرن السابع عشر, من حروب استعمارية توسعية وصليبية ومذهبية ودينية وأخرى عشائرية قبلية وقد كانت الإمبراطوريات القوية الشهيرة تاريخيا منطلقا وقاعدة خلفية لنشوب تلك الحروب نتيجة رغبتها في توسيع مناطق نفوذها وتلبية لاحتياجاتها الكبيرة من الموارد المادية والطبيعية.
ورغم ما كان سائدا من تمثيل دبلوماسي بين الدول والشعوب, من إرسال الوفود والمبعوثين والرّسل التي كانت تبرم اتفاقيات البيوع والتجارة والتحالفات..إلا أن الدبلوماسية التقليدية قد ساهمت في عدة حروب وبؤر للتوتر وللاستقرار وتسميم العلاقات السلمية مابين الشعوب وذلك لما اتسمت به من السريّة في التمثيل والمفاوضات والمعاهدات المفتقدة لأسس التعامل الدبلوماسي المشروع.
وقد تكون خلفيات تلك النزاعات المسلحة التي شهدتها مرحلة الدبلوماسية التقليدية كامنة في بدائيتها وسلبياتها مما يوضح لنا أوجه التباين الكبيرة في دراساتنا المقارنة بين هذه المتغيرات.إلا أن استمرار الحروب وتضاعف النزاعات المباشرة في مرحلة الدبلوماسية الديمقراطية الحديثة, يجعلنا نطرح عدة استفسارات وإشكاليات لنقول ..أنه إذا كانت الدبلوماسية القديمة وراء كل الحروب السالفة التي شهدتها العلاقات الدولية فلماذا تضاعفت في عصرنا الحالي ,عصر الدبلوماسية العلنية والديمقراطية ؟و وكيف يمكن لنا أن نبرر استمرار هذه الحروب والنزاعات رغم تطور الدبلوماسية وتحررها من سلبياتها العديدة والتزامها الحتمي بضوابط القانون الدولي والتقنية الحديثة؟ وهل يمكن اعتبار علاقة الدبلوماسية بمقتضيات المصالح الحيوية هو من جعلها استراتيجية قوية وسلاحا فعّالا تحسنه الدول القوية المتعطشة للنفوذ والهيمنة الدولية؟؟
1- هل الدبلوماسية العلنية عدائية أم سلمية ؟
إن جمهور الخبراء والباحثين في علم العلاقات الدولية يتفقون على عدوانية الدبلوماسية التقليدية التي جمعت مابين فن الممكن وأساليب الإكراه والقوة وأنها كانت الأداة الرئيسية في تنفيذ سياسات الصراع على موازين السيطرة والتفوق.
فعبر هذه المقاربات, بني التعامل الدولي خلا ل الفترة التي سيطرت فيها أساليب الدبلوماسية التقليدية التي رسّخت الاعتقاد بأن الصراع الدولي من أجل المصالح والكيان لا يمكن احتواؤه والتقليل من مخاطره إلا بإقامة نظام دولي جديد تحكمه فكرة التهديد والسيطرة وتضبطه المعايير المزدوجة وتسييره أقطاب القوة والسيطرة السائدة على الساحة الدولية؟.
ومن ثم برز نظام توازن القوى ومن بعده نظام الأمن الجماعي والأمن الموحد اللذان كرّسا التوزيع الغير متوازن لعلاقات القوة مابين دول العالم قصد حصر تطور وتقدم باقي الدول الأخرى في دوامة حروب الاستنزاف والتبعية والتخلف الشامل.
وفي ظل إخفاقات هذه النظم والمعايير المفبركة في تحقيق الاستقرار والسلام المنشود, ظل الصراع الدولي يلتهب ويحتدم ليفرز توزيعات جديدة لعلاقات ومصالح القوى الدولية .
فرغم هذه التطورات الهائلة التي تدرج عبر عصورها العمل والفكر الدبلوماسي, لازالت خلفيات النزاعات والحروب الدولية في تزايد وانتشار مثيرين للحيرة والقلق على مستقبل السلام الدولي مع تزايد الأبواق الإعلامية المهللة للدبلوماسية الحديثة التي يزعمون بأنها المدافع عن المصالح الإستراتيجية للشعوب, وأنها تكفل حرية الصحافة والأحزاب والرأي العام الذي تشركه الدبلوماسية الديمقراطية في قرارا إبرام الاتفاقيات وتصديق المعاهدات
وتحديد السياسات الخارجية لمنتظماتهم السياسية.؟
فأكيد أن هذا النمط الدبلوماسي المفخّم لا يخدم مصالح القوى الدولية التي تمتلك سلطة القرار الدولي وتتحكم في موارد الطاقة العالمية لأن جوهر التحول بين النمطين الدبلوماسيين القديم والحديث قناع جديد لممارسات ونزعات استعمارية قديمة متجددة ومتنوعة الأساليب والمناهج.
فالعمل الدبلوماسي الحديث لم يستطع كبح جماح الحروب الإقليمية والدولية المدمرة ولم يحقق التعايش السلمي مابين تباين المصالح والتوجّهات التي غالبا ما يكون الفصل فيها للقوة والحسم العسكري المتمثل في ابتداع واختلاق الحروب الوقائية والإحباطية الرّدعية ضد دول وشعوب العالم المتخلفة المستضعفة, مثل حروب الولايات م ت العدوانية على العراق أفغانستان والسودان وغيرها من دول العالم.
فغياب العدالة والمشاركة الحقيقية للأطراف المجتمع الدولي في صنع القرارات الدولية جعل أوضاع العالم تتجه نحو التصادم عوض التعايش والاستقرار المنشودين من قبل أغلب شعوب العالم, ولكن سياسة المصالح المتناقضة والعلاقات الغير مؤسسة خلقت العراقيل والمثبطات المدعمة لأفاق شبح الحروب المسلحة, ولو لاحظنا وتمعنّا في ملامح السياسة الخارجية الأمريكية في العالم وبالذات في الشرق الأوسط لفهمنا خلفيات وأهداف سياستها القريبة والبعيدة المدى في المنطقة, وعندها سنستنتج بأن سبب تضاعف الحروب في عهد الدبلوماسية العلنية الديمقراطية كامن في اقترانها بالقوة الاقتصادية والإعلامية وكذا العسكرية واقتران هذه القوى بالقوة الأصلية وهي قوة الدولة أو النظام السياسي المحدد الأول لمصالح وأهداف السياسة الخارجية والفاصل الأول في خيارات السلام أو النزاع مع باقي دول العالم وذلك حسب معيار جوهري واحد …هي المصلحة القومية ذات التصور الفردي الأحادي لا غير….
2- عدة تحاليل والنتيجة واحدة..
ومن هذا العرض المختصر يمكن لنا الاستنتاج بأن ظاهرة الحروب لن تتقلص مادامت مؤشراتها وبؤرها في تزايد وتنامي مكثف..ذلك أن غياب التمثيل الدبلوماسي الديمقراطي الحقيقي للشعوب والدول المغلوبة على أمرها يعني إقصاء وتغييب أطراف فاعلة ومهمة من المجموعة الدولية عن القضايا المصيرية ذات الاهتمامات المشتركة ,وبالتالي تبرز سياسة الاحتكار والإقصاء كبديل سلبي عوض سياسة المشاركة الجماعية والاحترام المتبادل لقيم ومصالح الشعوب والدول,مما يجعل ساحة العلاقات الدولية مسرحا لمظاهر وأشكال الصراع والنزاع المؤسفة والمروعة.
فلقد أكدت كل الأوضاع الدولية التي عقبت نهاية الحرب العالمية الثانية -1945- وإلى غاية ميلاد النظام الدولي الجديد الذي عقب سقوط معسكر الإتحاد السوفيتي -1989 – بان عامل المصلحة القومية ومناطق الثروات والموارد الإستراتيجية هو الفاعل الحاسم والمسيطر في إدارة العلاقات الدولية وتنفيذ السياسات الخارجية للدول مما يدفع بها في حالات النزاع والصدام إلى خيارات الضغط والقوة واستعمال سلاح التهديد والاحتواء للحفاظ على مناطق ودائرة نفوذها وهيمنتها.
وبالتالي نخلص إلى نتيجة واحدة وهي ..أن ملامح الحروب والنزاعات المسلحة إقليميا ودوليا ستبقى تلوح في الأفق مما يجعل واقع ومصيرا لأنظمة و الكيانات الهشة يسير نحو نفق مظلم.
ورغم ما كان سائدا من تمثيل دبلوماسي بين الدول والشعوب, من إرسال الوفود والمبعوثين والرّسل التي كانت تبرم اتفاقيات البيوع والتجارة والتحالفات..إلا أن الدبلوماسية التقليدية قد ساهمت في عدة حروب وبؤر للتوتر وللاستقرار وتسميم العلاقات السلمية مابين الشعوب وذلك لما اتسمت به من السريّة في التمثيل والمفاوضات والمعاهدات المفتقدة لأسس التعامل الدبلوماسي المشروع.
وقد تكون خلفيات تلك النزاعات المسلحة التي شهدتها مرحلة الدبلوماسية التقليدية كامنة في بدائيتها وسلبياتها مما يوضح لنا أوجه التباين الكبيرة في دراساتنا المقارنة بين هذه المتغيرات.إلا أن استمرار الحروب وتضاعف النزاعات المباشرة في مرحلة الدبلوماسية الديمقراطية الحديثة, يجعلنا نطرح عدة استفسارات وإشكاليات لنقول ..أنه إذا كانت الدبلوماسية القديمة وراء كل الحروب السالفة التي شهدتها العلاقات الدولية فلماذا تضاعفت في عصرنا الحالي ,عصر الدبلوماسية العلنية والديمقراطية ؟و وكيف يمكن لنا أن نبرر استمرار هذه الحروب والنزاعات رغم تطور الدبلوماسية وتحررها من سلبياتها العديدة والتزامها الحتمي بضوابط القانون الدولي والتقنية الحديثة؟ وهل يمكن اعتبار علاقة الدبلوماسية بمقتضيات المصالح الحيوية هو من جعلها استراتيجية قوية وسلاحا فعّالا تحسنه الدول القوية المتعطشة للنفوذ والهيمنة الدولية؟؟
1- هل الدبلوماسية العلنية عدائية أم سلمية ؟
إن جمهور الخبراء والباحثين في علم العلاقات الدولية يتفقون على عدوانية الدبلوماسية التقليدية التي جمعت مابين فن الممكن وأساليب الإكراه والقوة وأنها كانت الأداة الرئيسية في تنفيذ سياسات الصراع على موازين السيطرة والتفوق.
فعبر هذه المقاربات, بني التعامل الدولي خلا ل الفترة التي سيطرت فيها أساليب الدبلوماسية التقليدية التي رسّخت الاعتقاد بأن الصراع الدولي من أجل المصالح والكيان لا يمكن احتواؤه والتقليل من مخاطره إلا بإقامة نظام دولي جديد تحكمه فكرة التهديد والسيطرة وتضبطه المعايير المزدوجة وتسييره أقطاب القوة والسيطرة السائدة على الساحة الدولية؟.
ومن ثم برز نظام توازن القوى ومن بعده نظام الأمن الجماعي والأمن الموحد اللذان كرّسا التوزيع الغير متوازن لعلاقات القوة مابين دول العالم قصد حصر تطور وتقدم باقي الدول الأخرى في دوامة حروب الاستنزاف والتبعية والتخلف الشامل.
وفي ظل إخفاقات هذه النظم والمعايير المفبركة في تحقيق الاستقرار والسلام المنشود, ظل الصراع الدولي يلتهب ويحتدم ليفرز توزيعات جديدة لعلاقات ومصالح القوى الدولية .
فرغم هذه التطورات الهائلة التي تدرج عبر عصورها العمل والفكر الدبلوماسي, لازالت خلفيات النزاعات والحروب الدولية في تزايد وانتشار مثيرين للحيرة والقلق على مستقبل السلام الدولي مع تزايد الأبواق الإعلامية المهللة للدبلوماسية الحديثة التي يزعمون بأنها المدافع عن المصالح الإستراتيجية للشعوب, وأنها تكفل حرية الصحافة والأحزاب والرأي العام الذي تشركه الدبلوماسية الديمقراطية في قرارا إبرام الاتفاقيات وتصديق المعاهدات
وتحديد السياسات الخارجية لمنتظماتهم السياسية.؟
فأكيد أن هذا النمط الدبلوماسي المفخّم لا يخدم مصالح القوى الدولية التي تمتلك سلطة القرار الدولي وتتحكم في موارد الطاقة العالمية لأن جوهر التحول بين النمطين الدبلوماسيين القديم والحديث قناع جديد لممارسات ونزعات استعمارية قديمة متجددة ومتنوعة الأساليب والمناهج.
فالعمل الدبلوماسي الحديث لم يستطع كبح جماح الحروب الإقليمية والدولية المدمرة ولم يحقق التعايش السلمي مابين تباين المصالح والتوجّهات التي غالبا ما يكون الفصل فيها للقوة والحسم العسكري المتمثل في ابتداع واختلاق الحروب الوقائية والإحباطية الرّدعية ضد دول وشعوب العالم المتخلفة المستضعفة, مثل حروب الولايات م ت العدوانية على العراق أفغانستان والسودان وغيرها من دول العالم.
فغياب العدالة والمشاركة الحقيقية للأطراف المجتمع الدولي في صنع القرارات الدولية جعل أوضاع العالم تتجه نحو التصادم عوض التعايش والاستقرار المنشودين من قبل أغلب شعوب العالم, ولكن سياسة المصالح المتناقضة والعلاقات الغير مؤسسة خلقت العراقيل والمثبطات المدعمة لأفاق شبح الحروب المسلحة, ولو لاحظنا وتمعنّا في ملامح السياسة الخارجية الأمريكية في العالم وبالذات في الشرق الأوسط لفهمنا خلفيات وأهداف سياستها القريبة والبعيدة المدى في المنطقة, وعندها سنستنتج بأن سبب تضاعف الحروب في عهد الدبلوماسية العلنية الديمقراطية كامن في اقترانها بالقوة الاقتصادية والإعلامية وكذا العسكرية واقتران هذه القوى بالقوة الأصلية وهي قوة الدولة أو النظام السياسي المحدد الأول لمصالح وأهداف السياسة الخارجية والفاصل الأول في خيارات السلام أو النزاع مع باقي دول العالم وذلك حسب معيار جوهري واحد …هي المصلحة القومية ذات التصور الفردي الأحادي لا غير….
2- عدة تحاليل والنتيجة واحدة..
ومن هذا العرض المختصر يمكن لنا الاستنتاج بأن ظاهرة الحروب لن تتقلص مادامت مؤشراتها وبؤرها في تزايد وتنامي مكثف..ذلك أن غياب التمثيل الدبلوماسي الديمقراطي الحقيقي للشعوب والدول المغلوبة على أمرها يعني إقصاء وتغييب أطراف فاعلة ومهمة من المجموعة الدولية عن القضايا المصيرية ذات الاهتمامات المشتركة ,وبالتالي تبرز سياسة الاحتكار والإقصاء كبديل سلبي عوض سياسة المشاركة الجماعية والاحترام المتبادل لقيم ومصالح الشعوب والدول,مما يجعل ساحة العلاقات الدولية مسرحا لمظاهر وأشكال الصراع والنزاع المؤسفة والمروعة.
فلقد أكدت كل الأوضاع الدولية التي عقبت نهاية الحرب العالمية الثانية -1945- وإلى غاية ميلاد النظام الدولي الجديد الذي عقب سقوط معسكر الإتحاد السوفيتي -1989 – بان عامل المصلحة القومية ومناطق الثروات والموارد الإستراتيجية هو الفاعل الحاسم والمسيطر في إدارة العلاقات الدولية وتنفيذ السياسات الخارجية للدول مما يدفع بها في حالات النزاع والصدام إلى خيارات الضغط والقوة واستعمال سلاح التهديد والاحتواء للحفاظ على مناطق ودائرة نفوذها وهيمنتها.
وبالتالي نخلص إلى نتيجة واحدة وهي ..أن ملامح الحروب والنزاعات المسلحة إقليميا ودوليا ستبقى تلوح في الأفق مما يجعل واقع ومصيرا لأنظمة و الكيانات الهشة يسير نحو نفق مظلم.