- السبت ديسمبر 24, 2011 11:45 pm
#45956
مبدأ بوش: Bush Doctrine
يقدم مبدأ بوش ترجمة أمينة لفكر اليمين المحافظ الجديد، ويعبر في الوقت عينه عن محاولة لبلورة أهداف السياسية الخارجية الأمريكية بعد الحرب الباردة. ويتضمن هذا المبدأ:
- الحرب ضد الإرهاب: وضد الدول التي تدعم النشاط الإرهابي. وقد أعلن بوش ذلك بكل وضوح في خطابه أمام الكونجرس في 20/9/2001 وخيّر فيه دول العالم بين أن تكون مع الولايات المتحدة أو أن تكون مع الإرهابيين وكان هذا هو المنطق نفسه الذي استخدمه أسامة بن لادن عندما استنفر المسلمين في خطابه بعد قصف أفغانستان، وأكد فيه على أن العالم أصبح ينقسم إلى فسطاطين، أي فريقين: فريق الحق، وفريق الباطل.(*)
وتتمحور إستراتيجية محاربة الإرهاب عند ثلاثة مرتكزات أساسية:
• ملاحقة التنظيمات الإرهابية بالوسائل العسكرية والمخابراتية والقانونية الملائمة (فيما وراء كل التقييدات والضوابط الدبلوماسية والقانونية الاعتيادية).
• السعي للقضاء على أسلحة الدمار الشامل وملاحقة الأنظمة التي تنتجها وإسقاطها عند الضرورة (الدول المارقة التي دعاها بوش محور الشر).
• نشر القيم الديمقراطية في المناطق المحرومة منها، باعتبار هذه القيم دعامة للأمن القومي الأمريكي وغيابها مصدر رئيس للإرهاب والتطرف.([49])
وفي تسويغ إعلان الحرب على الإرهاب، اعتمد الرئيس بوش الابن على أمور أساسية وهي:
1- شعور المواطن الأمريكي العادي بالخطر بعد الهجمات التي وصفت بأنها " بيرل هاربور ثانية"، وهي الواقعة التي زجت بالولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية. ولأن الوضع كذلك، فرض الصمت على دعاة التريث، ومنهم بعض أعضاء هيئات التدريس في جامعات سيتي وتكساس وفلوريدا، ممن تعرضوا للتشهير بهم وأحياناً لفصلهم، وقد هددت جامعاتهم أيضاَ بوقف تمويلها.([50]) وفي المقابل ارتفعت شعبية الرئيس بوش إلى 70 %، وتمكن من إطلاق حملة تبرعات واسعة لصالح حزبه تحت شعار برّاق هو "رئاسة قوية ضد الإرهاب".
2- خبرة التسعينيات في التعامل مع الإرهاب، والاعتقاد بأن التراخي في رد الفعل الأمريكي على هجمات عامي 1993 و1996 فسر من قبل بعضهم على أنه دليل ضعف، وساعد على المضي خطوة أبعد بفعل هجمات 11 سبتمبر.
3- وجود مشكلات مع الإرهاب لدول كان مطلوباً منها المشاركة في الحرب أو على الأقل الحياد في أثنائها. (مثل: روسيا وحاجتها للتأييد الأمريكي في حربها ضد الشيشان، والصين التي خشيت وصول تنظيم القاعدة إليها).
وبعد هجمات 11 سبتمبر 2001 تحركت الإدارة الأمريكية في اتجاهين:
الأول: تشكيل تحالف دولي ضد الإرهاب وقيادته، استناداً إلى قاعدة مفادها "من ليس معنا فهو ضدنا".
الاتجاه الثاني: توفير غطاء من الشرعية الدولية لحملتها ضد الإرهاب. وقد تمثل ذلك في قرار مجلس الأمن رقم /1373/ الصادر في 28 أيلول 2001. حيث تقدمت الولايات المتحدة بمشروع هذا القرار، وأقره المجلس بالإجماع في أربع وعشرين ساعة وهذا أمر نادر الحدوث في مجلس الأمن. وصدر هذا القرار على أساس الفصل السابع من الميثاق، بما يعني أنه ملزم للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وأن لمجلس الأمن اتخاذ جميع التدابير التي يراها ضرورية لتطبيقه، مع الإجراءات القسرية ضد الدول التي لا تنفذه.([51])
وأقرّ مجلس النواب الأمريكي في أيار 2002 أكبر ميزانية دفاعية للولايات المتحدة منذ إدارة الرئيس رونالد ريغان، بلغت قيمتها 383 مليار دولار لعام 2003، أي بزيادة خمسين مليار دولار عن سابقتها. ووافق المجلس على زيادات متتالية في ميزانية الدفاع للسنوات الأربع المقبلة لتبلغ 450 مليار دولار في عام 2007. ودعمت الدولة جهازها البيروقراطي في سياق تنفيذ إجراءات مكافحة الإرهاب، وأصدرت قانوناً وسّع صلاحية السلطات الفيدرالية في أعمال التنصت والتفتيش والاحتجاز من دون اتهام، وفحص سجلات الأفراد من دون إذنهم، وتجميد أموالهم، وترحيل المشتبه به. وقد عرف القانون المذكور باسم "قانون حب الوطن" USA Patriot Act واستكمل بسلسلة من القرارات التنفيذية الخاصة بتأجيل تنفيذ أحكام القضاء، والامتناع عن نشر بيانات عن المعتقلين، وإنشاء المحاكم العسكرية.
وفي عام 2001 صوتت الولايات المتحدة ضد مشروع القرار الذي عرض على لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وكان ينفي عن الإسلام أنه دين معاد لحقوق الإنسان. وهذا يعني أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أعطيا لنفسيهما الحق في التصويت على أحد الأديان المنزلة (الإسلام) كدين ضد حقوق الإنسان. وتلك سابقة خطيرة تعيد العالم إلى أجواء الحروب الصليبية، وتعزز أطروحة صراع الحضارات أو بتعبير أوضح صراع الأديان.
إن الإدارة الجمهورية لبوش الابن حافظت على المنطلقات الأساسية لسياستها الخارجية، والتي تتفق بشكل عام مع توجهات التيار المحافظ الجديد النافذ فيها، إلا أن أحداث 11 أيلول أتاحت الفرصة لهذا التيار لكي يمضي خطوات أبعد في تحقيق أهدافه المتمثلة في بناء الإمبراطورية الأمريكية تحت شعار "قيادة الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب".
وعندما وقعت أحداث 11 أيلول 2001 وصف الرئيس وشن في وصف حربه ضد الإرهاب بـ "الحرب الصليبية". لكن هذا التوصيف الديني لهدف الحرب كان يضر بعملية بناء التحالف الدولي، لذلك سرعان ما تراجع عنه الرئيس بوش وردّ استخدامه إلى تحريف وسوء فهم وفصل المعنى عن السياق. واختار مسمى يجمع ولا يفرق هو "إدامة الحرية" Enduring Freedom. ومن بعد توالت تأكيدات الرئيس بوش على احترام العقيدة الإسلامية، والإعراب عن أن الإرهابيين عندما يروعون الآمنين وينشرون الرعب والفزع في أوساطهم باسم الدين، فإنهم إنما يحاولون خطف الإسلام نفسه (They try to hijack Islam itself).([52])
وتقوم عقيدة الرئيس بوش الابن الإستراتيجية التي يدافع عنها التيار المحافظ على مبادئ ثلاثة أساسية هي التي تحدد مهمة أمريكا المستقبلية ومسؤوليتها في العالم:
-
–
الانتقال من الردع إلى الاستباق لمواجهة المخاطر المتولدة عن الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل.
- الانتقال من الاحتواء إلى تغيير الأنظمة باعتبار أن الأحكام الاستبدادية هي في ذاتها خطر على المصالح القومية الأمريكية.
- الانتقال من الغموض إلى القيادة أي وعي أمريكا بدورها الريادي في العالم وتبوء مسؤوليتها بصفتها الأمينة على استقراره وأمنه
يقدم مبدأ بوش ترجمة أمينة لفكر اليمين المحافظ الجديد، ويعبر في الوقت عينه عن محاولة لبلورة أهداف السياسية الخارجية الأمريكية بعد الحرب الباردة. ويتضمن هذا المبدأ:
- الحرب ضد الإرهاب: وضد الدول التي تدعم النشاط الإرهابي. وقد أعلن بوش ذلك بكل وضوح في خطابه أمام الكونجرس في 20/9/2001 وخيّر فيه دول العالم بين أن تكون مع الولايات المتحدة أو أن تكون مع الإرهابيين وكان هذا هو المنطق نفسه الذي استخدمه أسامة بن لادن عندما استنفر المسلمين في خطابه بعد قصف أفغانستان، وأكد فيه على أن العالم أصبح ينقسم إلى فسطاطين، أي فريقين: فريق الحق، وفريق الباطل.(*)
وتتمحور إستراتيجية محاربة الإرهاب عند ثلاثة مرتكزات أساسية:
• ملاحقة التنظيمات الإرهابية بالوسائل العسكرية والمخابراتية والقانونية الملائمة (فيما وراء كل التقييدات والضوابط الدبلوماسية والقانونية الاعتيادية).
• السعي للقضاء على أسلحة الدمار الشامل وملاحقة الأنظمة التي تنتجها وإسقاطها عند الضرورة (الدول المارقة التي دعاها بوش محور الشر).
• نشر القيم الديمقراطية في المناطق المحرومة منها، باعتبار هذه القيم دعامة للأمن القومي الأمريكي وغيابها مصدر رئيس للإرهاب والتطرف.([49])
وفي تسويغ إعلان الحرب على الإرهاب، اعتمد الرئيس بوش الابن على أمور أساسية وهي:
1- شعور المواطن الأمريكي العادي بالخطر بعد الهجمات التي وصفت بأنها " بيرل هاربور ثانية"، وهي الواقعة التي زجت بالولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية. ولأن الوضع كذلك، فرض الصمت على دعاة التريث، ومنهم بعض أعضاء هيئات التدريس في جامعات سيتي وتكساس وفلوريدا، ممن تعرضوا للتشهير بهم وأحياناً لفصلهم، وقد هددت جامعاتهم أيضاَ بوقف تمويلها.([50]) وفي المقابل ارتفعت شعبية الرئيس بوش إلى 70 %، وتمكن من إطلاق حملة تبرعات واسعة لصالح حزبه تحت شعار برّاق هو "رئاسة قوية ضد الإرهاب".
2- خبرة التسعينيات في التعامل مع الإرهاب، والاعتقاد بأن التراخي في رد الفعل الأمريكي على هجمات عامي 1993 و1996 فسر من قبل بعضهم على أنه دليل ضعف، وساعد على المضي خطوة أبعد بفعل هجمات 11 سبتمبر.
3- وجود مشكلات مع الإرهاب لدول كان مطلوباً منها المشاركة في الحرب أو على الأقل الحياد في أثنائها. (مثل: روسيا وحاجتها للتأييد الأمريكي في حربها ضد الشيشان، والصين التي خشيت وصول تنظيم القاعدة إليها).
وبعد هجمات 11 سبتمبر 2001 تحركت الإدارة الأمريكية في اتجاهين:
الأول: تشكيل تحالف دولي ضد الإرهاب وقيادته، استناداً إلى قاعدة مفادها "من ليس معنا فهو ضدنا".
الاتجاه الثاني: توفير غطاء من الشرعية الدولية لحملتها ضد الإرهاب. وقد تمثل ذلك في قرار مجلس الأمن رقم /1373/ الصادر في 28 أيلول 2001. حيث تقدمت الولايات المتحدة بمشروع هذا القرار، وأقره المجلس بالإجماع في أربع وعشرين ساعة وهذا أمر نادر الحدوث في مجلس الأمن. وصدر هذا القرار على أساس الفصل السابع من الميثاق، بما يعني أنه ملزم للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وأن لمجلس الأمن اتخاذ جميع التدابير التي يراها ضرورية لتطبيقه، مع الإجراءات القسرية ضد الدول التي لا تنفذه.([51])
وأقرّ مجلس النواب الأمريكي في أيار 2002 أكبر ميزانية دفاعية للولايات المتحدة منذ إدارة الرئيس رونالد ريغان، بلغت قيمتها 383 مليار دولار لعام 2003، أي بزيادة خمسين مليار دولار عن سابقتها. ووافق المجلس على زيادات متتالية في ميزانية الدفاع للسنوات الأربع المقبلة لتبلغ 450 مليار دولار في عام 2007. ودعمت الدولة جهازها البيروقراطي في سياق تنفيذ إجراءات مكافحة الإرهاب، وأصدرت قانوناً وسّع صلاحية السلطات الفيدرالية في أعمال التنصت والتفتيش والاحتجاز من دون اتهام، وفحص سجلات الأفراد من دون إذنهم، وتجميد أموالهم، وترحيل المشتبه به. وقد عرف القانون المذكور باسم "قانون حب الوطن" USA Patriot Act واستكمل بسلسلة من القرارات التنفيذية الخاصة بتأجيل تنفيذ أحكام القضاء، والامتناع عن نشر بيانات عن المعتقلين، وإنشاء المحاكم العسكرية.
وفي عام 2001 صوتت الولايات المتحدة ضد مشروع القرار الذي عرض على لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وكان ينفي عن الإسلام أنه دين معاد لحقوق الإنسان. وهذا يعني أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أعطيا لنفسيهما الحق في التصويت على أحد الأديان المنزلة (الإسلام) كدين ضد حقوق الإنسان. وتلك سابقة خطيرة تعيد العالم إلى أجواء الحروب الصليبية، وتعزز أطروحة صراع الحضارات أو بتعبير أوضح صراع الأديان.
إن الإدارة الجمهورية لبوش الابن حافظت على المنطلقات الأساسية لسياستها الخارجية، والتي تتفق بشكل عام مع توجهات التيار المحافظ الجديد النافذ فيها، إلا أن أحداث 11 أيلول أتاحت الفرصة لهذا التيار لكي يمضي خطوات أبعد في تحقيق أهدافه المتمثلة في بناء الإمبراطورية الأمريكية تحت شعار "قيادة الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب".
وعندما وقعت أحداث 11 أيلول 2001 وصف الرئيس وشن في وصف حربه ضد الإرهاب بـ "الحرب الصليبية". لكن هذا التوصيف الديني لهدف الحرب كان يضر بعملية بناء التحالف الدولي، لذلك سرعان ما تراجع عنه الرئيس بوش وردّ استخدامه إلى تحريف وسوء فهم وفصل المعنى عن السياق. واختار مسمى يجمع ولا يفرق هو "إدامة الحرية" Enduring Freedom. ومن بعد توالت تأكيدات الرئيس بوش على احترام العقيدة الإسلامية، والإعراب عن أن الإرهابيين عندما يروعون الآمنين وينشرون الرعب والفزع في أوساطهم باسم الدين، فإنهم إنما يحاولون خطف الإسلام نفسه (They try to hijack Islam itself).([52])
وتقوم عقيدة الرئيس بوش الابن الإستراتيجية التي يدافع عنها التيار المحافظ على مبادئ ثلاثة أساسية هي التي تحدد مهمة أمريكا المستقبلية ومسؤوليتها في العالم:
-
–
الانتقال من الردع إلى الاستباق لمواجهة المخاطر المتولدة عن الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل.
- الانتقال من الاحتواء إلى تغيير الأنظمة باعتبار أن الأحكام الاستبدادية هي في ذاتها خطر على المصالح القومية الأمريكية.
- الانتقال من الغموض إلى القيادة أي وعي أمريكا بدورها الريادي في العالم وتبوء مسؤوليتها بصفتها الأمينة على استقراره وأمنه