By فهد صالح ابو مهيد 0 - الاثنين مارس 12, 2012 1:41 am
- الاثنين مارس 12, 2012 1:41 am
#47715
ليس هناك منطقة تعرضت ولازالت إلى حروب ونزاعات دامية أضاع الناس فيها مستقبلهم وحرية أوطانهم مثل منطقة الشرق الأوسط. وبهذا الإطار تثار حزمة من الأسئلة المخيفة : منها لماذا هذا الكم الهائل من الخراب والدمار المتواصل ؟ ومنها لماذا هذا التدخل السافر من جانب الدول الكبرى في الصراعات الداخلية وتأجيجها ؟ ومنها لماذا النزوع المتجدد إلى التشبث بتراث الأجداد ؟.....الخ من حزمة الأسئلة الملتهبة.
الإجابة على الأسئلة (الحارقة ) والمخيفة جرى بحثها من زوايا مختلفة تبعاً لمواقع الباحثين الفكرية / السياسية وجرى تحليل جوانب من الأزمات السياسية / الاجتماعية المستحكمة من قبل كثرة من القوى السياسية والمراكز البحثية. وبهذا المعنى لن نضيف شياً جديداً لما نطرحه اليوم ولكن المسؤولية الأخلاقية للكتاب والباحثين تدفعهم إلى العمل للتعبير عن وجهات نظرهم بروح ناقدة ربما تدفع الكثير من القوى والشخصيات السياسية إلى وضع الأمور على جادة الاحتكام للعقل وعدم المقامرة بمستقبل البلاد والعباد.
لغرض الخوض في النزاعات الجارية وتداخل مضامينها الوطنية / الإقليمية/ الدولية, دعونا نبدأ بتحديد حزمة القضايا المختلف عليها أولاً. ومواقف القوى الاجتماعية / السياسية المنخرطة في الصراع ثانياً وأفاق حل القضايا المختلف عليها ثالثاً.
التداخلات الدولية والنزاعات الوطنية
بات معروفاً أن المرحلة الجديدة من العولمة الرأسمالية أنتجت كثرة من التغيرات تجلت في طائفة من الإشكالات الفكرية / السياسية / الاقتصادية التي يمكن حصرها في ثلاث محاور أساسية الأول: ـ حقل العلاقات الدولية الذي تجسد في معضلات عديدة منها : ــ
ـــ مفهوم الشرعية الدولية ومبدأ السيادة الوطنية.
ـــ التدخل في شئون الدول الوطنية والمشاركة الخارجية في النزاعات الداخلية.
ـــ التداخل بين المقاومة والإرهاب واختلاط المفاهيم الدولية حول شرعية المقاومة الوطنية.
الثاني ـــ مستوى العلاقات الإقليمية حيث تتركز مشاكله الكبرى في: ـ
ـــ الأمن الإقليمي والتداخلات الخارجية في رسم توجهاته المستقبلية.
ــ القضايا القومية / الطائفية ودورها في النزاعات الإقليمية
ــ سباق التسلح وسياسة الإبقاء على التفوق العسكري الإسرائيلي.
الثالث: ــ حقل الشئون الوطنية والذي تتمحور نزاعاته حول مفاصل رئيسية منها: ــ
ـــ الشرعية الوطنية للأنظمة الشرق أوسطية.
ـــ الديمقراطية والوطنية.
ــ الدولة الوطنية والمليشيات المسلحة.
أن تحديد إشكالات السياسة الدولية / الإقليمية / الوطنية تتيح لنا التعرض لبعض القضايا الفكرية التي تحتدم في إطارها النزاعات المعاصرة وما تقدمه لنا من معطيات لتسهيل رؤيتنا التحليلية.
قبل الخوض في تعقيدات السياسة الدولية لابد لنا من إيراد بعض الملاحظات التي أزعم إنها ضرورية: ــ.
الملاحظة الأولى : ــ الرؤية المعتمدة في البحث تبتعد عن الأراء الأيديولوجية التي تعج بها تحليلات أجهزة الإعلام اليومية ومقالات الصحف السياسية.
الملاحظة الثانية: ــ رغم التشابك بين قضايا السياسية الدولية والنزاعات الوطنية إلا أن الرؤية المثارة لا تهدف إلى رسم لوحة تحليلية شاملة لتلك التداخلات ونتائجها السياسية / الاجتماعية اللاحقة.
الملاحظة الثالثة: ــ بالحدود المشار إليها أتوقف عند قضية واحدة شكلت محوراً فكرياً أساسياً في النزاعات الوطنية / الإقليمية / الدولية وأعني بها العلاقة الجدلية بين الديمقراطية والوطنية ودوريها في الصراعات الداخلية.
في هذا الإطار سأتناول هذه الإشكالية برؤى عامة قابلة للإثراء والنقد بموضوعات عامة ومكثفة منها: ــ
الرؤية الأولى: ــ غياب الشرعية الوطنية عن الأنظمة العربية وسيادة النزعات الاستبدادية في نهوجها السياسية طرح بشدة مسألة الديمقراطية والإصلاح الاجتماعي كونها مسائل أساسية في صيانة السيادة الوطنية ومنع التداخلات الدولية وهنا أشير إلى أن إبعاد التداخلات الخارجية عن النزاعات الداخلية يشترط آليات وطنية تبدأ من حوار وطني هادف إلى تحديد فترة انتقالية يتم خلالها تفكيك آليات استبداد الدولة ويفتح الأبواب أمام أفق الانتقال من احتكار السلطة إلى تداولها عبر الشرعية الديمقراطية.
الرؤية الثانية: ــ تتطلب المرحلة الجديدة من العولمة الرأسمالية التدخل في الشئون الداخلية للدول الوطنية انطلاقاً من تشابك مصالح مستويات التشكيلة الرأسمالية العالمية. وبهذا السياق أصبح نشر الديمقراطية في المرحلة الجديدة من التوسع الرأسمالي شعاراً لليبرالية الجديدة التي اعتمدت وسائل التدخل العسكري للإطاحة بالأنظمة الاستبدادية .
الرؤية الثالثة: ــ أنتجت التداخلات الخارجية في الشئون الداخلية للدول الوطنية قضيتين مهمتين الأولى تشديد النزعات الوطنية لدى أوساط سياسية ومراكز فكرية والثانية تأجيج ألهويات الدينية / العرقية التي اعتبرتها الفصائل الإسلامية ساتر الدفاع الأول عن الأمة الإسلامية و البلاد العربية ضد الاحتلال والهيمنة الخارجية.
الرؤية الرابعة: ــ أنتج التدخل الخارجي لنشر الديمقراطية بالقوة العسكرية إصطفافات وطنية / إقليمية/ دولية تجلت بكثرة من المحاور المتشابكة أهمها: ــ
1: ــ تحالف القوى الإسلامية / والقومية / الليبرالية مع القوى الإقليمية والدولية بسبب وشائجها الفكرية / الطائفية . بهذا المسار اصطف التيار الليبرالي الكوسموبولوتي مع نشر الديمقراطية من خلال التداخلات الخارجية. بينما وقف التيار القومي وكثرة من الفصائل الإسلامية مع مقاومة الغزو الخارجي حاصراً مهامه الكفاحية بالنزعة الوطنية وبذات السياق أعلن التيار اليساري موقفاً فكرياً يعتمد الربط بين الموضوعتين الوطنية والديمقراطية رغم أن الممارسة السياسية والتحالفات الفعلية لقوى اليسار لم تكن متطابقة مع هذا البناء الفكري.
2: ــ فتح التدخل العسكري في العراق الأبواب واسعة لنزاعات إقليمية محتملة فقد وقفت الدول العربية بمراكزها الكبرى [مصر العربية السعودية ] مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ضد النزعة التدخلية للقومية الفارسية في محاولة لتحجيم دور إيران في تقرير مسار الأمن الإقليمي ( 1 ) بينما رأت إيران وسوريا أن إعاقة وإفشال التدخل الأمريكي في العراق من شأنه أن يجعل هاتان الدولتان بمنى عن الهيمنة الأمريكية.
على أساس تلك السياسات المتناقضة غذت المراكز الإقليمية الأزمة العراقية عبر نهجين مختلفين الأول منهما تشجيع المقاومة للاحتلال الأمريكي [ سوريا إيران]. وثانيهما مقاومة قوى العملية السياسية [ السعودية ودول الخليج ومصر ].
هذا التشابك في التحالفات السياسية الوطنية / الإقليمية فرضته تعقيدات أفاق المستقبل وتداخل قضايا الديمقراطية والوطنية مع الهوية الإسلامية.
3: ــ انعكست التعارضات الإقليمية على النزاعات الوطنية خاصة في دول العراق لبنان فلسطين حيث تمثلت تلك التحالفات باصطفاف الفصائل الإسلامية مع النهج الرافض لسياسة التدخل والمشاركة الخارجية في تقرير مسار السياسة الوطنية كما في لبنان أما في العراق فقد اتخذت التحالفات أشكالاً معقدة حيث وقفت أغلب قوى الإسلام السياسي مع بقاء القوات المحتلة في مسعى لبناء النظام السياسي على أساس الشرعية الانتخابية. أما القوى القومية الكردية فقد طالبت بالمساعدة الخارجية لغرض صيانة وتطوير بناء الدولة العراقية على أساس الموازنة القومية.
الإجابة على الأسئلة (الحارقة ) والمخيفة جرى بحثها من زوايا مختلفة تبعاً لمواقع الباحثين الفكرية / السياسية وجرى تحليل جوانب من الأزمات السياسية / الاجتماعية المستحكمة من قبل كثرة من القوى السياسية والمراكز البحثية. وبهذا المعنى لن نضيف شياً جديداً لما نطرحه اليوم ولكن المسؤولية الأخلاقية للكتاب والباحثين تدفعهم إلى العمل للتعبير عن وجهات نظرهم بروح ناقدة ربما تدفع الكثير من القوى والشخصيات السياسية إلى وضع الأمور على جادة الاحتكام للعقل وعدم المقامرة بمستقبل البلاد والعباد.
لغرض الخوض في النزاعات الجارية وتداخل مضامينها الوطنية / الإقليمية/ الدولية, دعونا نبدأ بتحديد حزمة القضايا المختلف عليها أولاً. ومواقف القوى الاجتماعية / السياسية المنخرطة في الصراع ثانياً وأفاق حل القضايا المختلف عليها ثالثاً.
التداخلات الدولية والنزاعات الوطنية
بات معروفاً أن المرحلة الجديدة من العولمة الرأسمالية أنتجت كثرة من التغيرات تجلت في طائفة من الإشكالات الفكرية / السياسية / الاقتصادية التي يمكن حصرها في ثلاث محاور أساسية الأول: ـ حقل العلاقات الدولية الذي تجسد في معضلات عديدة منها : ــ
ـــ مفهوم الشرعية الدولية ومبدأ السيادة الوطنية.
ـــ التدخل في شئون الدول الوطنية والمشاركة الخارجية في النزاعات الداخلية.
ـــ التداخل بين المقاومة والإرهاب واختلاط المفاهيم الدولية حول شرعية المقاومة الوطنية.
الثاني ـــ مستوى العلاقات الإقليمية حيث تتركز مشاكله الكبرى في: ـ
ـــ الأمن الإقليمي والتداخلات الخارجية في رسم توجهاته المستقبلية.
ــ القضايا القومية / الطائفية ودورها في النزاعات الإقليمية
ــ سباق التسلح وسياسة الإبقاء على التفوق العسكري الإسرائيلي.
الثالث: ــ حقل الشئون الوطنية والذي تتمحور نزاعاته حول مفاصل رئيسية منها: ــ
ـــ الشرعية الوطنية للأنظمة الشرق أوسطية.
ـــ الديمقراطية والوطنية.
ــ الدولة الوطنية والمليشيات المسلحة.
أن تحديد إشكالات السياسة الدولية / الإقليمية / الوطنية تتيح لنا التعرض لبعض القضايا الفكرية التي تحتدم في إطارها النزاعات المعاصرة وما تقدمه لنا من معطيات لتسهيل رؤيتنا التحليلية.
قبل الخوض في تعقيدات السياسة الدولية لابد لنا من إيراد بعض الملاحظات التي أزعم إنها ضرورية: ــ.
الملاحظة الأولى : ــ الرؤية المعتمدة في البحث تبتعد عن الأراء الأيديولوجية التي تعج بها تحليلات أجهزة الإعلام اليومية ومقالات الصحف السياسية.
الملاحظة الثانية: ــ رغم التشابك بين قضايا السياسية الدولية والنزاعات الوطنية إلا أن الرؤية المثارة لا تهدف إلى رسم لوحة تحليلية شاملة لتلك التداخلات ونتائجها السياسية / الاجتماعية اللاحقة.
الملاحظة الثالثة: ــ بالحدود المشار إليها أتوقف عند قضية واحدة شكلت محوراً فكرياً أساسياً في النزاعات الوطنية / الإقليمية / الدولية وأعني بها العلاقة الجدلية بين الديمقراطية والوطنية ودوريها في الصراعات الداخلية.
في هذا الإطار سأتناول هذه الإشكالية برؤى عامة قابلة للإثراء والنقد بموضوعات عامة ومكثفة منها: ــ
الرؤية الأولى: ــ غياب الشرعية الوطنية عن الأنظمة العربية وسيادة النزعات الاستبدادية في نهوجها السياسية طرح بشدة مسألة الديمقراطية والإصلاح الاجتماعي كونها مسائل أساسية في صيانة السيادة الوطنية ومنع التداخلات الدولية وهنا أشير إلى أن إبعاد التداخلات الخارجية عن النزاعات الداخلية يشترط آليات وطنية تبدأ من حوار وطني هادف إلى تحديد فترة انتقالية يتم خلالها تفكيك آليات استبداد الدولة ويفتح الأبواب أمام أفق الانتقال من احتكار السلطة إلى تداولها عبر الشرعية الديمقراطية.
الرؤية الثانية: ــ تتطلب المرحلة الجديدة من العولمة الرأسمالية التدخل في الشئون الداخلية للدول الوطنية انطلاقاً من تشابك مصالح مستويات التشكيلة الرأسمالية العالمية. وبهذا السياق أصبح نشر الديمقراطية في المرحلة الجديدة من التوسع الرأسمالي شعاراً لليبرالية الجديدة التي اعتمدت وسائل التدخل العسكري للإطاحة بالأنظمة الاستبدادية .
الرؤية الثالثة: ــ أنتجت التداخلات الخارجية في الشئون الداخلية للدول الوطنية قضيتين مهمتين الأولى تشديد النزعات الوطنية لدى أوساط سياسية ومراكز فكرية والثانية تأجيج ألهويات الدينية / العرقية التي اعتبرتها الفصائل الإسلامية ساتر الدفاع الأول عن الأمة الإسلامية و البلاد العربية ضد الاحتلال والهيمنة الخارجية.
الرؤية الرابعة: ــ أنتج التدخل الخارجي لنشر الديمقراطية بالقوة العسكرية إصطفافات وطنية / إقليمية/ دولية تجلت بكثرة من المحاور المتشابكة أهمها: ــ
1: ــ تحالف القوى الإسلامية / والقومية / الليبرالية مع القوى الإقليمية والدولية بسبب وشائجها الفكرية / الطائفية . بهذا المسار اصطف التيار الليبرالي الكوسموبولوتي مع نشر الديمقراطية من خلال التداخلات الخارجية. بينما وقف التيار القومي وكثرة من الفصائل الإسلامية مع مقاومة الغزو الخارجي حاصراً مهامه الكفاحية بالنزعة الوطنية وبذات السياق أعلن التيار اليساري موقفاً فكرياً يعتمد الربط بين الموضوعتين الوطنية والديمقراطية رغم أن الممارسة السياسية والتحالفات الفعلية لقوى اليسار لم تكن متطابقة مع هذا البناء الفكري.
2: ــ فتح التدخل العسكري في العراق الأبواب واسعة لنزاعات إقليمية محتملة فقد وقفت الدول العربية بمراكزها الكبرى [مصر العربية السعودية ] مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ضد النزعة التدخلية للقومية الفارسية في محاولة لتحجيم دور إيران في تقرير مسار الأمن الإقليمي ( 1 ) بينما رأت إيران وسوريا أن إعاقة وإفشال التدخل الأمريكي في العراق من شأنه أن يجعل هاتان الدولتان بمنى عن الهيمنة الأمريكية.
على أساس تلك السياسات المتناقضة غذت المراكز الإقليمية الأزمة العراقية عبر نهجين مختلفين الأول منهما تشجيع المقاومة للاحتلال الأمريكي [ سوريا إيران]. وثانيهما مقاومة قوى العملية السياسية [ السعودية ودول الخليج ومصر ].
هذا التشابك في التحالفات السياسية الوطنية / الإقليمية فرضته تعقيدات أفاق المستقبل وتداخل قضايا الديمقراطية والوطنية مع الهوية الإسلامية.
3: ــ انعكست التعارضات الإقليمية على النزاعات الوطنية خاصة في دول العراق لبنان فلسطين حيث تمثلت تلك التحالفات باصطفاف الفصائل الإسلامية مع النهج الرافض لسياسة التدخل والمشاركة الخارجية في تقرير مسار السياسة الوطنية كما في لبنان أما في العراق فقد اتخذت التحالفات أشكالاً معقدة حيث وقفت أغلب قوى الإسلام السياسي مع بقاء القوات المحتلة في مسعى لبناء النظام السياسي على أساس الشرعية الانتخابية. أما القوى القومية الكردية فقد طالبت بالمساعدة الخارجية لغرض صيانة وتطوير بناء الدولة العراقية على أساس الموازنة القومية.