منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
By مهند المالكي5
#48268
قبل أن أدخل في تفاصيل الموضوع، ولأن هناك سوء فهم منتشر الآن بعمد أو بدون عمد؛ ولأن هناك تفسيرات وتأويلات وإشاعات واستنتاجات، منها لعدم إلمام بالموضوع، ومنها ما وراءه مآرب أخرى، لكلِّ هذه الأسباب أريد أن أشير إلى أن مقالي هذا "لا يقصد على الإطلاق الشّباب الثّائر الشّريف الملتزم، الذي ثار من أجل ليبيا"، وهم الآن على استعداد للمساهمة في البناء، وبناء الأمجاد، هؤلاء هم داخل قلوب اللّيبيّين واللّيبيّات، ولهم مكانة خاصّة وقيمة كبيرة في ليبيا، علاوة على كلّ عشّاق الحريّة في العالم.

أما هؤلاء الذين يساومون الإدارة اللّيبيّة الآن على المقاعد، ويشترطون أن يدخلوا بتشكيلاتهم في الجيش أو الأمن، وكأنّهم يريدون أن يقولوا لنا: نريد مجموعة كيانات مسلّحة تحت مظلّة بدون صلاحيّات، وهى مظلّة الجيش اللّيبيّ أو الأمن الوطنيّ، والسّؤال الموجّه لهم: لماذا هذه الشّروط وهذه المطالب؟!

هل تشكُّون في الإدارة الحاليّة المؤقّتة؟! وإن كان الأمر كذلك فلنقل إنّ هذا الأمر يكون مؤقتًا انتقاليًّا حتى ينتخب الشّعب رئيس دولته وبرلمانه بعد اعتماد الدّستور، أمّا أن نقبل ليكون إلى الأبد، فلا؛ لأنّه لا شرعيّة يا سادة إلاّ شرعيّة الشّعب الذي ثار، نعم أنتم أبناؤه وأنتم حملتم وزر الكفاح المسلّح؛ ولكن عليكم أن ترضخوا لاختيارات الشّعب الذي التفّ حولكم ودعمكم وساندكم، وهو أيضًا قادر أن يثور ثانية وثالثة عليكم وعلى غيركم إذا فكّرتم أو لعبت فئران الاستبداد في رؤوسكم- بأنّه سيأتي من يتسلّط على الشّعب اللّيبيّ العظيم مرّة أخرى.

أنا أعلم أنّ من يحاور ويماطل في هذه الإجراءات هم من يسمّون أنفسهم بـ"القادة الميدانيّين أو رؤساء التّشكيلات الثّوريّة وأمرائها"، ليس جميعهم بل جزء منهم، وأنبّههم بأنّ الأمر أصبح يهدّد استقرار البلاد وتنميتها بشكل جدّيّ، لأنّه لن تأتى لنا أيّ شركات لبناء البلاد وإعادة أعمارها، وهم يسمعون ما تتناقله وكالات الأنباء عن عبثكم، وهذا الأمر يحتاج منكم إلى وقفة جادّة، ولن يحتمل أكثر من ذلك، وأنا هنا أنبّه- وبوضوح تامّ- لقد بلغ السّيل الزّبى.

الأمر الثّاني العجيب فعلاً، ما يحدث من بعض جرحى الشّباب الذين أُصيبوا في معارك التّحرير، والذين أساؤوا بتصرّفاتهم للثّورة اللّيبيّة والشّعب اللّيبيّ في الدّول الشّقيقة والصّديقة، وكلّ اللّيبيّين الشّرفاء في كلّ ليبيا- شيوخًا وشبابًا، نساءً ورجالاً، لا يقبلون أن تلطخ سمعة الثّورة وسمعتنا من ثلّة فاسدة غير ملتزمة أخلاقيًا، فكيف نقبل أنّ جريحًا يسكر في المستشفى، ويُقدّم له الخمر من قبل مرافقيه؟! وكيف نقبل بجريح آخر يحاول التّحرّش بالممرّضات؟! وكيف نقبل بجرحى آخرين يودعون السّجن في هذه الدّول لتصرّفاتهم غير الأخلاقيّة؟! هؤلاء يجب أن يُشطبوا من قوائم الثّوار، مهما قدّموا، ويُختَم على جوازاتهم بختم يُفضحون من خلاله، كتعزير لهم، ويعودون للبلاد؛ ليُعالجوا هنا، ولا يُسمح لهم بالعلاج مرّة أخرى في الخارج.

وكفانا يا إعلاميّون تبجيلاً ومديحًا مبالغًا فيه لهؤلاء جميعًا؛ لكي لا يدخلهم الغرور أكثر من ذلك، فهل أوقفنا تبجيل الطّاغية وأبنائه لنخلق تبجيلاً لمجموعات، الترحّم والتّبجيل للشّهداء فقط، أمّا الباقي فنشكرهم ونعاملهم معاملة حسنة، نقدّم لهم العون والدّعم؛ ولكن لا لصنع تماثيل للمستهترين، وكم حزنت وتألّمت عندما يقول أحد الإعلاميّين لاثنين من الجرحى: "أنتم أسيادنا ونحن نبجّلكم، ونقبّل الأرض التي تمشون عليها". يا سلام!!

هذ شيء غريب يحدث الآن، مرجعه طبعًا ثقافة التّبجيل والاستبداد التي نكرّرها بألوان مختلفة.

أرجوكم، انتبهوا إلى أنّ ما يدور الآن أمر جلل يجب الاهتمام به، وعلى كلّ مشايخنا وحكمائنا ومفكّرينا أن يقفوا لحماية المجتمع من هذه الانحرافات المؤثّرة حقيقة على كل مظاهر الحياة الاقتصاديّة والاجتماعيّة في بلادنا.