منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By سليمان المقبل36
#52123
قبل أحداث 11 سبتمبر طرحت لدى الكثير من المحافل البحثية والعلمية الأمريكية نظرية سيادة الثقافة الأمريكية, كما بدأ العمل على توفير الأدوات والوسائل اللازمة من أجل الوصول إلى ذلك الهدف من جانب الخبراء والعلماء الغربيين.


لكن بعد حادثة 11 سبتمبر يمكننا تصور عدة محاور جديدة في تخطيط ووضع سياسة أمريكية جديدة تقوم على رؤية ثقافية واجتماعية, هذه المحاور هي:


أولاً.. طرحت فكرة إعادة نظر المسئولين الأمريكيين بشأن بسط الثقافة الأمريكية ونشرها إلى أقصى نقاط العالم وهي النظرية التي سادت أمريكا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991 ونهاية الحرب الباردة, وزوال نظام القطبية الثنائية والتي طرحت من جانب الرئيس الأسبق لأمريكا جورج بوش 1988-1992 في كتابه المعروف بـ "الاستراتيجية الأمنية القومية الأمريكية" حيث كان بوش يسعى إلى إثبات السيادة والتفوق السياسي والاقتصادي والعسكري، وبشكل خاص الثقافي لأمريكا في العالم. بعبارة أخرى كان بوش يسعى إلى "أمركة" العالم على جميع المستويات، وربما كان هذا نفسه سببًا مباشرًا لخروج صمويل هنتينجتون بنظريته حول صراع الحضارات والتي قوبلت بمعارضة عالمية واسعة. ومع انتشار ردود الفعل الواسعة لهذه النظرية الأمريكية بدأ العالم يتحدث -وبشكل مستمر- عن حوار الحضارات وإحلاله محل نظرية صراع الحضارات، وإجمالاً بدأ النقد العالمي يزداد ضد نظرية وأيديولوجية السيادة الأمريكية أو سيادة ثقافة واحدة في العالم, الأمر الذي دفع أمريكا إلى إعادة النظر في هذه النظرية, في هذا الإطار يمكن اعتبار حادثة 11 من سبتمبر بداية لإعادة النظر في المعتقدات الأمريكية الخاطئة, ونتيجة لهذه العمليات أيضًا أخذت أمريكا تحذو سياسة عملية من أجل تخفيف ردود الفعل العالمية ضدها, فبدأت جهودها لوقف أو تقليل انتشار فكرة تصدير الثقافة الأمريكية للعالم, كما بدأ الأمريكيون أنفسهم يعتقدون أن المطالب والعادات الخاصة بالمجتمع الأمريكي تختلف عن الثقافة والأخلاق العامة لدول العالم.


ثانيًا: إن إصرار أمريكا في العمل على تفضيل وترجيح الثقافة الأمريكية في العالم ورد الفعل المباشر للدول الإسلامية على هذا الأمر, كل هذا أحدث تصورًا لدى البعض بأن صراعًا قد ظهر بين المسلمين والمسيحيين, بعبارة أخرى يمكن القول بأن ثمرة السلوك الخطأ للثقافة الأمريكية كان يمكن أن يكون سببًا لنشوب فكرة مواجهة بين الإسلام والمسيحية, إن حادثة 11 سبتمبر والادعاء بتورط بعض العرب المسلمين فيها كان يعد عمليًا وسيلة لظهور هذه القضية مرة أخرى, لكن بمرور الوقت ووضوح الرؤية لدى البعض وبالتالي تحولهم وانصرافهم عن الجوانب المظلمة لهذه الحادثة كل هذا دفع مسئولي السياسة الأمريكية إلى إعادة النظر في مثل هذه القضية, لذا يجب على البيت الأبيض مع علمه بعدم وجود أي نوع من التجانس والتوافق بين الثقافة الأمريكية وبين الثقافة العربية والإسلامية، يجب أن يعيد النظر في سياسته الخارجية. إن الاعتقاد السائد هو أن واشنطن في ظل الظروف الحالية في حاجة إلى مساعدة المسلمين والعرب من أجل تحقيق أهدافها بشأن القضاء على الإرهاب، فإذا فشلت في تحقيق هذا الأمر، يكون المناخ اللازم لتحقيق نظرية "هنتجتون" قد تشكل وتحقق وعلى هذا يجب على الدولة الأمريكية أن تجتهد لكي تصلح بعضًا من سياساتها الحادة تجاه الدول الإسلامية وهو ما يمكن ذكره في عدة نقاط:


النقطة الأولى:


يجب على أمريكا أن تجتهد حتى تلغي العقوبات الاقتصادية ضد الدول الإسلامية بما فيها العراق, والذي أسفر الحصار عليها عن هلاك أكثر من مليون و 600 ألف نسمة, هذا الموضوع يمكن أن يصبح سببًا لإيجاد التأثير الإيجابي في العلاقات بين أمريكا وبين الدول الإسلامية, وذلك حتى يقل النفور العام تجاه أمريكا إلى حد ما.


النقطة الثانية:


يجب على أمريكا أن تتوقف عن تأييدها الأعمى للحكومة الإسرائيلية, وعلى أقل تقدير يجب أن تعلن أن حمايتها لإسرائيل مشروطة, في هذا الصدد يجب على البيت الأبيض أن يجتهد ويعمل للضغط على المتطرفين اليهود, وأن يعمل على تعديل آراء هؤلاء المتطرفين اليهود تجاه قيام دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما سيصبح موضع استحسان الدول الإسلامية والعربية.


النقطة الثالثة:


يجب على البيت الأبيض أن يعمل على تقليل حماية أمريكا لبعض النظم الديكتاتورية في الشرق الأوسط فهذا الموضوع سوف يصبح سببًا لجلب تأييد ودعم الشعوب لأمريكا.


النقطة الرابعة:


يجب على أمريكا أن تجتهد حتى تدخل في حوار منطقي عقلاني مع الدول الإسلامية والمسلمين بشكل خاص، وفي هذا الصدد يجب أن تسلك أمريكا سياسة خارجة لا تحول دون سيطرة ووصول الجماعات الراديكالية والأصولية الإسلامية إلى الحكم, بعبارة أخرى سوف يتم وضع تعريفات خاصة من جانب البيت الأبيض بشأن الإسلام والجماعات الإسلامية.