- الاثنين يوليو 23, 2012 9:50 pm
#53210
حــــرب القـرم
تاريخ عسكري
التاريخ ومحاكاة الواقع الذي يعيشة العالم اليوم يعود بنا إلى ما قبل قرنين ونصف القرن من الزمن . لنرسو على صفحات من تاريخ الحروب لتكون حرب القرم حادثتنا التأريخية لهذا العدد .. وهنا قد يتسآءل البعض عن هذه الحرب ولماذا سميت بحرب القرم وماذا تعني القرم ...؟ وبين من كانت تلك المعركة ..؟ أسئلة كثيرة نحاول الايجاز في الاجابه عليها من خلال وقوفنا على الأطلال التاريخية التي لم يعير لها كٌتَّاب التاريخ في الدولة الاسلامية أدنى اهتمام .
إن المتمعن لما يحدث في عصرنا من حروب وخصوصاً فيما يسمى بحرب الإرهاب سيجد بأن حرب القرم وحرب الإرهاب نابعتان من رؤية واحدة وفكرٍ واحد ... وإن اختلفت الذرائع والأسباب فها هي ذي حرب القرم التي حدثت بين روسيا كطرف والدولة الإسلامية العثمانية كطرف آخر تندلع تحت ذريعة الدين ، حيث حاولت روسيا مستغلةً ضعف الدولة العثمانية أن تسيطر على الأقاليم التابعة للدولة الإسلامية في البلقان . فعرضت مشروعها التقسيمي على الدول الأوروبية متخذةً من الدين ذريعة لإعلان الحرب على الدولة العثمانية ولاعتناق روسيا للمذهب الأرثوذكسي المسيحي كانت تجد في نفسها بأنها وريثاً للدولة البيزنطية وكان قياصرتها يحلمون في ذلك الوقت باليوم الذي يستطيعون فيه دخول القسطنطينية التي تمكنت الدولة الإسلامية العثمانية من فتحها سنة 1453م ،
****حرب القرم هي حرب قامت بين روسيا والسلطنة العثمانية في 28 مارس عام 1853 م، واستمرت حتى 1856 م. ودخلت بريطانيا وفرنسا الحرب إلى جانب الدولة العثمانية في 1854 م التي كان قد أصابها الضعف، ثم لحقتها مملكة سردينيا التي أصبحت فيما بعد (1861 م) مملكة إيطاليا. وكان سببها الأطماع الإقليمية لروسيا على حساب الدولة العثمانية وخاصة في شبه جزيرة القرم التي كانت مسرح المعارك والمواجهات. وانتهت حرب القرم في 30 مارس 1856 م بتوقيع اتفاقية باريس, وهزيمة الروس هزيمة فادحة.**** فهل قبلت الدول الأوروبية هذا المشروع الروسي الذي قدم بذريعة الدين والداعي لحماية الأرثوذكسي المسيحيين الذين يعيشون تحت الحماية العثمانية لتكون جوهر القضية هي الأماكن المقدسة في فلسطين ، وقد كانت قضية تثير عواطف جدية حيث كانت المشكلة تكمن في إدارة شؤون الحج في القدس لا سيما كنسية الميلاد في بيت لحم في وقت حاولت فيه الدولة الإسلامية العثمانية حفظ التوازن لدحض المزاعم المتناقضة للكاثوليك من ناحية والأرثوذكس من ناحية أخرى ، ولكن روسيا استغلت ما عرف باسم " أزمة البقاع المسيحية في فلسطين " للتحرش بالدولة العثمانية ، وترجع أصول هذه الأزمة إلى نهاية الحروب الصليبية ، والتي جعل الإسلام الحل فيها بأن تكون الأماكن المسيحية المقدسة وما حولها ملكاً مشتركاً للطوائف المسيحية جميعاً ولأن الكنيسة الأرثوذكسية أكبر وأقوى الكنائس داخل الدولة العثمانية ، فقد جعل ذلك من روسيا منازعاً بذريعة حماية الأرثوذكس بينما تدعي فرنسا حماية الكاثوليك .
وما بين شد وجذب ومعاهدات واتفاقيات انتهى الأمر إلى انفصال الأرثوذكس عن الكاثوليك ليبدأ مسرح الصراع ويفتح باب التدخل الروسي والفرنسي داخل أراضي الدولة الإسلامية العثمانية بل وصل الحال بروسيا إلى التدخل في الشؤون السياسية للدولة العثمانية ، ولم تدرك الدولة العثمانية إلا وقد قامت روسيا بحملة عسكرية احتلت من خلالها بعض الأقاليم المجاورة لحدودها ومن هنا ثارت الدولة العثمانية وطلبت من الروس الانسحاب أو دون ذلك الحرب وكان الرد الروسي الرفض ، فكانت الحرب وانتصر ت فيها الدولة الإسلامية العثمانية وتوقفت الحرب أملاً في وجود حلول ترضي الطرفين وهنا جاءت اللعبة الأوروبية بقيادة وتخطيط بريطانيا والتي أشارت على الروس بأن يطلبوا من الدولة العثمانية تغيير سياستها تجاه روسيا وأن عليها ضرورة إعلان استقلال الجبل الأسود ، وفي الجهة الأخرى تدخلت بريطانيا مستنكرةً هذا الخطاب الروسي موضحةً بأنه تعدٍ وتدخل واضح وصريح في شؤون السياسة العثمانية وأشار السفير البريطاني على الباب العالي العثماني بأن يصدر "فرمان" ينص على عدم إجراء أي تغيير للأوضاع الراهنة في البلقان إلا بعد أخذ رأي الدول الأوروبية الأخرى وموافقتها ليكون هذا " الفرمان " بمثابة القنبلة في وجه روسيا ... وبدأت هنا الحرب تدق طبولها من جديد بتبادل الإنذارات والتهديدات بين الطرفين الروسي والعثماني بينما بريطانيا وفرنسا عاكفتان على تدارس الخطة الرابحة من قيام هذه الحرب للخروج منها بأكبر قدر من المكاسب ، وبالفعل اندلعت الحرب ... ولكن إلى جانب من وقفت الدول الأوروبية في هذه الحرب ؟ والجواب هو : وقوف بريطانيا وفرنسا كان إلى جانب الدولة العثمانية وهو ما كان ظاهراً حيث لم تدرك الدولة العثمانية سوى هذه الحقيقة بينما كان ذلك التحالف صورياً في حقيقته حيث وقفت فرنسا وبريطانيا في هذه الحرب كل في المكان الذي يرى أنه يحقق مصالحة الخاصة ، وبدأ الحلفاء هجومهم على جزيرة القرم وذلك في 6 شباط " فبراير" 1854م بهدف القضاء على قوة روسيا في البحر الأسود وقد واجه الحلفاء صعوبات كثيرة في دخول الجزيرة التي كانت قاعدة حربية لروسيا على مدى عام كامل ، واستمر الحصار للجزيرة لتدور بعد ذلك المعارك التي ذهب ضحيتها أكثر من خمسة وعشرون ألف قتيل من جميع الأطراف ... لتنتهي الحرب وتسقط الجزيرة وتمكنت فرنسا وبريطانيا من تحقيق أهدافهما بتحطيم الأسطول الروسي وسيطرتهم البحرية الكاملة على البحر الأسود واكتفوا بهذا النصر..!
وأخيراً .. يتبين لنا بأن العامل الديني لم يكن عاملاً أساسياً في نشوب حرب القرم وإنما كانت ذريعة اتخذتها روسيا بغرض تحقيق أطماعها داخل أقاليم الدولة العثمانية وكذلك كان وقوف فرنسا وبريطانيا إلى جانب الدولة العثمانية لم يكن حباً في الدولة العثمانية ... بل كان باباً للوصول إلى تحقيق أطماعها داخل الدولة العثمانية .
وقبل الختام نتساءل : هل يأتي اليوم الذي تجد فيه الأجيال حقيقة ما يسمى " بالحرب على الإرهاب" التي عرفت اليوم ...؟
وإن غداً لناظرة قريب...!
المرجع http://www.aviadef.com/article.aspx?magid=32&artid=113
تاريخ عسكري
التاريخ ومحاكاة الواقع الذي يعيشة العالم اليوم يعود بنا إلى ما قبل قرنين ونصف القرن من الزمن . لنرسو على صفحات من تاريخ الحروب لتكون حرب القرم حادثتنا التأريخية لهذا العدد .. وهنا قد يتسآءل البعض عن هذه الحرب ولماذا سميت بحرب القرم وماذا تعني القرم ...؟ وبين من كانت تلك المعركة ..؟ أسئلة كثيرة نحاول الايجاز في الاجابه عليها من خلال وقوفنا على الأطلال التاريخية التي لم يعير لها كٌتَّاب التاريخ في الدولة الاسلامية أدنى اهتمام .
إن المتمعن لما يحدث في عصرنا من حروب وخصوصاً فيما يسمى بحرب الإرهاب سيجد بأن حرب القرم وحرب الإرهاب نابعتان من رؤية واحدة وفكرٍ واحد ... وإن اختلفت الذرائع والأسباب فها هي ذي حرب القرم التي حدثت بين روسيا كطرف والدولة الإسلامية العثمانية كطرف آخر تندلع تحت ذريعة الدين ، حيث حاولت روسيا مستغلةً ضعف الدولة العثمانية أن تسيطر على الأقاليم التابعة للدولة الإسلامية في البلقان . فعرضت مشروعها التقسيمي على الدول الأوروبية متخذةً من الدين ذريعة لإعلان الحرب على الدولة العثمانية ولاعتناق روسيا للمذهب الأرثوذكسي المسيحي كانت تجد في نفسها بأنها وريثاً للدولة البيزنطية وكان قياصرتها يحلمون في ذلك الوقت باليوم الذي يستطيعون فيه دخول القسطنطينية التي تمكنت الدولة الإسلامية العثمانية من فتحها سنة 1453م ،
****حرب القرم هي حرب قامت بين روسيا والسلطنة العثمانية في 28 مارس عام 1853 م، واستمرت حتى 1856 م. ودخلت بريطانيا وفرنسا الحرب إلى جانب الدولة العثمانية في 1854 م التي كان قد أصابها الضعف، ثم لحقتها مملكة سردينيا التي أصبحت فيما بعد (1861 م) مملكة إيطاليا. وكان سببها الأطماع الإقليمية لروسيا على حساب الدولة العثمانية وخاصة في شبه جزيرة القرم التي كانت مسرح المعارك والمواجهات. وانتهت حرب القرم في 30 مارس 1856 م بتوقيع اتفاقية باريس, وهزيمة الروس هزيمة فادحة.**** فهل قبلت الدول الأوروبية هذا المشروع الروسي الذي قدم بذريعة الدين والداعي لحماية الأرثوذكسي المسيحيين الذين يعيشون تحت الحماية العثمانية لتكون جوهر القضية هي الأماكن المقدسة في فلسطين ، وقد كانت قضية تثير عواطف جدية حيث كانت المشكلة تكمن في إدارة شؤون الحج في القدس لا سيما كنسية الميلاد في بيت لحم في وقت حاولت فيه الدولة الإسلامية العثمانية حفظ التوازن لدحض المزاعم المتناقضة للكاثوليك من ناحية والأرثوذكس من ناحية أخرى ، ولكن روسيا استغلت ما عرف باسم " أزمة البقاع المسيحية في فلسطين " للتحرش بالدولة العثمانية ، وترجع أصول هذه الأزمة إلى نهاية الحروب الصليبية ، والتي جعل الإسلام الحل فيها بأن تكون الأماكن المسيحية المقدسة وما حولها ملكاً مشتركاً للطوائف المسيحية جميعاً ولأن الكنيسة الأرثوذكسية أكبر وأقوى الكنائس داخل الدولة العثمانية ، فقد جعل ذلك من روسيا منازعاً بذريعة حماية الأرثوذكس بينما تدعي فرنسا حماية الكاثوليك .
وما بين شد وجذب ومعاهدات واتفاقيات انتهى الأمر إلى انفصال الأرثوذكس عن الكاثوليك ليبدأ مسرح الصراع ويفتح باب التدخل الروسي والفرنسي داخل أراضي الدولة الإسلامية العثمانية بل وصل الحال بروسيا إلى التدخل في الشؤون السياسية للدولة العثمانية ، ولم تدرك الدولة العثمانية إلا وقد قامت روسيا بحملة عسكرية احتلت من خلالها بعض الأقاليم المجاورة لحدودها ومن هنا ثارت الدولة العثمانية وطلبت من الروس الانسحاب أو دون ذلك الحرب وكان الرد الروسي الرفض ، فكانت الحرب وانتصر ت فيها الدولة الإسلامية العثمانية وتوقفت الحرب أملاً في وجود حلول ترضي الطرفين وهنا جاءت اللعبة الأوروبية بقيادة وتخطيط بريطانيا والتي أشارت على الروس بأن يطلبوا من الدولة العثمانية تغيير سياستها تجاه روسيا وأن عليها ضرورة إعلان استقلال الجبل الأسود ، وفي الجهة الأخرى تدخلت بريطانيا مستنكرةً هذا الخطاب الروسي موضحةً بأنه تعدٍ وتدخل واضح وصريح في شؤون السياسة العثمانية وأشار السفير البريطاني على الباب العالي العثماني بأن يصدر "فرمان" ينص على عدم إجراء أي تغيير للأوضاع الراهنة في البلقان إلا بعد أخذ رأي الدول الأوروبية الأخرى وموافقتها ليكون هذا " الفرمان " بمثابة القنبلة في وجه روسيا ... وبدأت هنا الحرب تدق طبولها من جديد بتبادل الإنذارات والتهديدات بين الطرفين الروسي والعثماني بينما بريطانيا وفرنسا عاكفتان على تدارس الخطة الرابحة من قيام هذه الحرب للخروج منها بأكبر قدر من المكاسب ، وبالفعل اندلعت الحرب ... ولكن إلى جانب من وقفت الدول الأوروبية في هذه الحرب ؟ والجواب هو : وقوف بريطانيا وفرنسا كان إلى جانب الدولة العثمانية وهو ما كان ظاهراً حيث لم تدرك الدولة العثمانية سوى هذه الحقيقة بينما كان ذلك التحالف صورياً في حقيقته حيث وقفت فرنسا وبريطانيا في هذه الحرب كل في المكان الذي يرى أنه يحقق مصالحة الخاصة ، وبدأ الحلفاء هجومهم على جزيرة القرم وذلك في 6 شباط " فبراير" 1854م بهدف القضاء على قوة روسيا في البحر الأسود وقد واجه الحلفاء صعوبات كثيرة في دخول الجزيرة التي كانت قاعدة حربية لروسيا على مدى عام كامل ، واستمر الحصار للجزيرة لتدور بعد ذلك المعارك التي ذهب ضحيتها أكثر من خمسة وعشرون ألف قتيل من جميع الأطراف ... لتنتهي الحرب وتسقط الجزيرة وتمكنت فرنسا وبريطانيا من تحقيق أهدافهما بتحطيم الأسطول الروسي وسيطرتهم البحرية الكاملة على البحر الأسود واكتفوا بهذا النصر..!
وأخيراً .. يتبين لنا بأن العامل الديني لم يكن عاملاً أساسياً في نشوب حرب القرم وإنما كانت ذريعة اتخذتها روسيا بغرض تحقيق أطماعها داخل أقاليم الدولة العثمانية وكذلك كان وقوف فرنسا وبريطانيا إلى جانب الدولة العثمانية لم يكن حباً في الدولة العثمانية ... بل كان باباً للوصول إلى تحقيق أطماعها داخل الدولة العثمانية .
وقبل الختام نتساءل : هل يأتي اليوم الذي تجد فيه الأجيال حقيقة ما يسمى " بالحرب على الإرهاب" التي عرفت اليوم ...؟
وإن غداً لناظرة قريب...!
المرجع http://www.aviadef.com/article.aspx?magid=32&artid=113