- الأحد سبتمبر 16, 2012 1:34 pm
#53839
يعتبر القضاء من أكثر وسائل نظام الحكم تأثيراً في حياة المجتمعات إيجاباً أو سلباً بحسب درجة قرب القضاء من العدل وبُعدِه.
فكلما كان نظام القضاء أكثر عدلاً كانت حياة الناس أكثر استقراراً وأمناً.. والعكس صحيح.
وما تعانيه المجتمعات الإسلامية اليوم من مآسي وظلم وخوف وصراعات هو من تداعيات فساد الحكم وظلم القضاء.
وقد روى الإمام السيوطي عن حسن القصاب قوله: رأيت الذئاب ترعى مع الغنم بالبادية في خلافة عمر بن عبد العزيز فقلت: سبحان الله ذئب في غنم لا يضرها. فقال الراعي: إذا صلح الرأس فليس على الجسد بأس.
وقال مالك بن دينار: لما ولي عمر بن عبد العزيز قالت رعاء الشاء: من هذا الصالح الذي قام على الناس خليفة؟، عدله كف الذئاب عن شائنا.
وقال موسى بن أعين: كنا نرعى الشاء بكرمان في خلافة عمر بن عبد العزيز فكانت الشاة والذئب ترعى في مكان واحد. فبينا نحن ذات ليلة إذ عرض الذئب للشاة، فقلت: ما نرى الرجل الصالح إلا قد هلك فحسبوه فوجدوه مات تلك الليلة.
وعن حبيب بن هند الأسلمي قال: قال لي سعيد بن المسيب: إنما الخلفاء ثلاثة: أبو بكر، وعمر، وعمر بن عبد العزيز. قلت له: أبو بكر وعمر قد عرفناهما فمن عمر؟، قال: إن عشت أدركته وإن مت كان بعدك. قلت: ومات ابن المسيب قبل خلافة عمر.
وهذا ما نجد نقيضه عند مقارنة الوضع اليوم بالوضع في زمن عمر بن عبد العزيز الذي كان يدقق في اختيار القضاة حتى لا يُبتلى الناس بقاض يتخبط فيهم بغير حق، ويسري الظلم بين الناس.
ولهذا فقد اشترط عمر في القاضي خمسة شروط ولا يجوز له أن يلي القضاء حتى تكتمل فيه هذه الشروط، وهي: العلم، والحلم، والعفة، والاستشارة، والقوة في الحق.
فعن يحيى بن سعيد عن عمر بن عبد العزيز قال: "لا ينبغي للقاضي أن يكون قاضياً حتى تكون فيه خمس خصال: عفيف، حليم، عالم بما كان قبله، يستشير ذوي الرأي، لا يبالي ملامة الناس".
وقد قال بهذا المعنى عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما -، وذهب الأئمة الأربعة إلى موافقة عمر بن عبد العزيز في كل أو جل هذه الصفات.
وقرر عمر بن عبد العزيز قراراً هو درس في القضاء يجب أن يعمل به إلى يوم القيامة، ذلك أنه يرى أن القاضي إن تبين له الحق حكم به، وإن لم يظهر له فلا يترك القضية، وإنما يرفعها إلى من هو فوقه لينظرها.
عن ميمون بن مهران أنه كتب إلى عمر بن عبد العزيز يشكو شدة الحكم والجباية (وكان قاضي الجزيرة وعلى خراجها). قال: فكتب إليه عمر: "إني لم أكلفك ما يُعنتك، أجب الطيب، واقض بما استبان لك من الحق. فإذا التبس عليك أمر فارفعه إليّ. فلو أن الناس إذا ثقل عليهم أمرٌ تركوه، ما قام دين ولا دنيا".
ومن سياسته في القضاء كتب عمر بن عبد العزيز: "من عبد الله عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين إلى أمراء الأجناد. أما بعد.. فإذا حضرك الخصم الجاهل الخرق ممن قدر الله أن يوليك أمره، وأن تبتلي به فرأيت منه سوء رِعة، وسوء سيرة في الحق عليه، والحظ له، فسدده ما استطعت وبصره وأرفق به وعلمه. فإن اهتدى وأبصر وعلم كانت نعمة من الله وفضلاً. وإن هو لم يبصر ولم يعلم كانت حجة اتخذت بها عليه. فإن رأيت أنه أتى ذنباً استحل فيه عقوبة فلا تعاقبه بغضب من نفسك، ولكن عاقبه وأنت تتحرى الحق على قدر ذنبه بالغاً ما بلغ، وإن لم يبلغ ذلك إلا قدر جلدة واحدة تجلده إياها. وإن ذنبه فوق ذلك، ورأيت عليه من العقوبة قتلاً فما دونه فأرجعه إلى السجن، ولا يسرعن بك إلى عقوبته حضور من يحضرك".
وكان عمر بن عبد العزيز إذا أراد أن يعاقب رجلاً حبسه ثلاثة أيام، ثم عاقبه كراهة أن يعجل في أول غضبه.
وعن أبي عقبة أن عمر بن عبد العزيز قال: "ادرؤوا الحدود ما استطعتم في كل شبهة، فإن الوالي إذا أخطأ في العفو خير من أن يتعدى في العقوبة".
فكلما كان نظام القضاء أكثر عدلاً كانت حياة الناس أكثر استقراراً وأمناً.. والعكس صحيح.
وما تعانيه المجتمعات الإسلامية اليوم من مآسي وظلم وخوف وصراعات هو من تداعيات فساد الحكم وظلم القضاء.
وقد روى الإمام السيوطي عن حسن القصاب قوله: رأيت الذئاب ترعى مع الغنم بالبادية في خلافة عمر بن عبد العزيز فقلت: سبحان الله ذئب في غنم لا يضرها. فقال الراعي: إذا صلح الرأس فليس على الجسد بأس.
وقال مالك بن دينار: لما ولي عمر بن عبد العزيز قالت رعاء الشاء: من هذا الصالح الذي قام على الناس خليفة؟، عدله كف الذئاب عن شائنا.
وقال موسى بن أعين: كنا نرعى الشاء بكرمان في خلافة عمر بن عبد العزيز فكانت الشاة والذئب ترعى في مكان واحد. فبينا نحن ذات ليلة إذ عرض الذئب للشاة، فقلت: ما نرى الرجل الصالح إلا قد هلك فحسبوه فوجدوه مات تلك الليلة.
وعن حبيب بن هند الأسلمي قال: قال لي سعيد بن المسيب: إنما الخلفاء ثلاثة: أبو بكر، وعمر، وعمر بن عبد العزيز. قلت له: أبو بكر وعمر قد عرفناهما فمن عمر؟، قال: إن عشت أدركته وإن مت كان بعدك. قلت: ومات ابن المسيب قبل خلافة عمر.
وهذا ما نجد نقيضه عند مقارنة الوضع اليوم بالوضع في زمن عمر بن عبد العزيز الذي كان يدقق في اختيار القضاة حتى لا يُبتلى الناس بقاض يتخبط فيهم بغير حق، ويسري الظلم بين الناس.
ولهذا فقد اشترط عمر في القاضي خمسة شروط ولا يجوز له أن يلي القضاء حتى تكتمل فيه هذه الشروط، وهي: العلم، والحلم، والعفة، والاستشارة، والقوة في الحق.
فعن يحيى بن سعيد عن عمر بن عبد العزيز قال: "لا ينبغي للقاضي أن يكون قاضياً حتى تكون فيه خمس خصال: عفيف، حليم، عالم بما كان قبله، يستشير ذوي الرأي، لا يبالي ملامة الناس".
وقد قال بهذا المعنى عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما -، وذهب الأئمة الأربعة إلى موافقة عمر بن عبد العزيز في كل أو جل هذه الصفات.
وقرر عمر بن عبد العزيز قراراً هو درس في القضاء يجب أن يعمل به إلى يوم القيامة، ذلك أنه يرى أن القاضي إن تبين له الحق حكم به، وإن لم يظهر له فلا يترك القضية، وإنما يرفعها إلى من هو فوقه لينظرها.
عن ميمون بن مهران أنه كتب إلى عمر بن عبد العزيز يشكو شدة الحكم والجباية (وكان قاضي الجزيرة وعلى خراجها). قال: فكتب إليه عمر: "إني لم أكلفك ما يُعنتك، أجب الطيب، واقض بما استبان لك من الحق. فإذا التبس عليك أمر فارفعه إليّ. فلو أن الناس إذا ثقل عليهم أمرٌ تركوه، ما قام دين ولا دنيا".
ومن سياسته في القضاء كتب عمر بن عبد العزيز: "من عبد الله عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين إلى أمراء الأجناد. أما بعد.. فإذا حضرك الخصم الجاهل الخرق ممن قدر الله أن يوليك أمره، وأن تبتلي به فرأيت منه سوء رِعة، وسوء سيرة في الحق عليه، والحظ له، فسدده ما استطعت وبصره وأرفق به وعلمه. فإن اهتدى وأبصر وعلم كانت نعمة من الله وفضلاً. وإن هو لم يبصر ولم يعلم كانت حجة اتخذت بها عليه. فإن رأيت أنه أتى ذنباً استحل فيه عقوبة فلا تعاقبه بغضب من نفسك، ولكن عاقبه وأنت تتحرى الحق على قدر ذنبه بالغاً ما بلغ، وإن لم يبلغ ذلك إلا قدر جلدة واحدة تجلده إياها. وإن ذنبه فوق ذلك، ورأيت عليه من العقوبة قتلاً فما دونه فأرجعه إلى السجن، ولا يسرعن بك إلى عقوبته حضور من يحضرك".
وكان عمر بن عبد العزيز إذا أراد أن يعاقب رجلاً حبسه ثلاثة أيام، ثم عاقبه كراهة أن يعجل في أول غضبه.
وعن أبي عقبة أن عمر بن عبد العزيز قال: "ادرؤوا الحدود ما استطعتم في كل شبهة، فإن الوالي إذا أخطأ في العفو خير من أن يتعدى في العقوبة".