- الاثنين نوفمبر 26, 2012 8:52 pm
#55421
تواضروس الثاني
ينتظر الأنبا تواضروس الثاني الفائز بمنصب بابا الكنيسة الأرثوذكسية الجديد، خلفاً للبابا شنودة الثالث الذي توفي في مارس (آذار) الماضي، ملفات سياسية وكنسية داخلية وخارجية، بالغة الصعوبة في ظل التحولات السياسية والاجتماعية العاصفة التي شهدتها مصر بعد الثورة، ورئيس منتخب ينتمي إلى جماعة الاخوان المسلمين.
الأنبا تواضروس الثاني الفائز بمنصب بابا الكنيسة الأرثوذكسية الجديد
من أهم الملفات الداخلية التي تواجه بابا الاسكندرية المختار، بعض المواد المتعلقة بالأقباط في مسودّة الدستور الجديد وقوانين الأحول الشخصية والقوانين المرتبطة بعلاقة الكنسية الأرثوذكسية بالدولة، مثل قانون دور العبادة الموحد وقانون بناء الكنائس، وأزمة ضحايا “ماسبيرو”، إضافة الى ملفات خارجية أكثر خطورة وحساسية من أبرزها مطالب أقباط المهجر ودول خارجية وجمعيات حقوقية بالمواطنة الكاملة للأقباط، وعدم التمييز، والمساواة في الحقوق الواجبات والحريات وغيرها. وامام البابا الجديد خياران فقط إما أن يجعل الكنيسة الممثل الرسمي للأقباط، ويطالب من خلالها الدولة بكافة حقوقهم، أو يبتعد تماما عن الساحة السياسية ويلتزم بواجبه الروحي والكنسي فقط، وهذا ماستبيّنه الأيام القليلة المقبلة.
تعقد الكنيسة القبطية يوم 18 نوفمبر(تشرين الثاني) حفل تجليس الأنبا تواضروس الثاني ليكون البابا رقم 118 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وبابا الاسكندرية والكرازة المرقسية وسائر أفريقيا.
وأختير الأنبا تواضروس الثاني لكرسي البابوية من خلال قرعة هيكلية أجريت الأحد الماضي بمقر الكاتدرائية بالعباسية، وقام الطفل بيشوي مسعد جرجس.ـ وهو معصوب العينين ـ باختيار ورقة بمشيئة الاقدار ـ حسب التعبير القبطي ـ من داخل صندوق زجاجي يحتوي على ثلاث ورقات تحمل أسماء ثلاثة مرشحين هم الأنبا تواضروس، والأنبا رفائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة، والقمص رافائيل أفا مينا راهب في دير مارمينا.
وضم المجمع الانتخابي أكثر من 2400 من رجال الدين والشخصيات العامة، بالإضافة إلى خمسة يمثلون الكنيسة الإثيوبية التي تربطها صلات تاريخية بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية.
القرعة والميلاد
وقبل فوزه بكرسي البابوية، كان الأنبا تواضروس أسقفا عاما لمحافظة البحيرة شمالي مصر، ووافق يوم إجراء القرعة الهيكلية عيد ميلاده الستين، أي 4 أكتوبر(تشرين الثاني) 1952. وبعد القرعة التي استغرقت عدة ساعات بالكاتدرائية المرقسية بالقاهرة وسط صلوات ومشاعر دينية، عرض الأنبا باخوميوس الورقتين اللتين كتب عليهما الاسمان الآخران تأكيدا فيما يبدو للشفافية التي تضمن للكنيسة نفوذا على أتباعها عبر العالم ويقدرون بالملايين. والاثنان اللذان نافسا أيضا على المنصب الروحي الرفيع هما الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة 54 عاما، والقمص رافائيل أفا مينا 70 عاما.
والبطريرك الجديد اصبح الزعيم الروحي لنحو ثمانية ملايين مسيحي في مصر وفقا لتقديرات غير رسمية، لكنه قد يتخذ مواقف سياسية إذا رأى أنها تخدم مصالح رعايا كنيسته، والأقباط في مصر هم أكبر الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط.
تواضروس الأول والثاني
الأنبا باخوميوس الذي تولى إدارة شؤون الكنيسة بعد وفاة البابا شنودة يعلن نتيجة القرعة
بعد أن اختار الطفل بيشوي الورقة التي كانت بداخل كرة شفافة عرضها الأنبا باخوميوس قائم مقام البطريرك معلنا اختيار الأنبا تواضروس، وقال إن الأنبا تواضروس واسمه بالميلاد وجيه صبحي، سمي البابا تواضروس الثاني.
وكان الأنبا تواضروس الأول “أو ثيوزروس” البطريرك رقم 45 في عداد البطاركة، والذي سبق البطريرك الحالي تواضروس الثاني، راهباً بدير الأنبا يحنس بظاهر مريوط، ولذيوع فضائله وأفعاله الصالحة أحضره الأراخنة للإسكندرية وكرسوه في شهر”أبيب” سنة 432 بحسب تقويم الكنيسة القبطية الموافق عام 727 ميلادية في عهد خلافة هشام بن عبد الملك.
وتقول بعض المراجع الكنسية إن الكنيسة في عهد هذا البابا استراحت من الضغوط، حيث قال عنه المؤرخ العالم، القس منسي يوحنا، في كتابه “تاريخ الكنيسة” إن الكنيسة نالت في أيامه أكمل قسط من الراحة بفضل عدالة الخليفة هشام. وأقام تواضروس الأول علي الكرسي البطريركي 11 عامًا ونصف العام ثم توفي في عام 738 ميلادية.
سيرة ومسيرة
قوبل إعلان اسم تواضروس الثاني بالتهليل والتصفيق من الحضور الذين اكتظت بهم الكاتدرائية، وتوجه الأساقفة والمطارنة من أعضاء المجمع المقدس إلى دير الأنبا بيشوى بوادي النطرون حيث يعتكف البابا الجديد لتهنئته. وقال البابا الجديد في تصريحات أدلى بها في دير الأنبا بيشوي إلى الشمال الغربي من القاهرة “أطلب من ربنا صلواته أن يعيننا على هذه المسؤولية”. وأضاف “أهم شيء أن الكنيسة تعود وتعيش في الخط الروحي، لأن هذا هو عملها الأساسي”.
وقال الأنبا باخوميوس الذي تولى إدارة شؤون الكنيسة بعد وفاة البابا شنودة الثالث “البابا الجديد عليه أن يواكب متغيرات العصر التي حدثت بعد ثورة 25 يناير، يجب أن يحللها ويتابعها ويضع منهجا للحياة الكنسية من خلال المواطنة السليمة”. وأضاف في تصريحات تلفزيونية “عليه أن يتعاون مع الدولة في تدعيم الوحدة الوطنية وحل مشكلات المجتمع”.
والأنبا تواضروس الثاني البطريرك الجديد، هو أسقف عام البحيرة، وحصل على ثاني أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات، ولد عام 1952 باسم وجيه صبحى باقي سليمان وحصل على بكالوريوس الصيدلة جامعة الإسكندرية عام1975، وبكالوريوس الكلية الإكليركية في 1983 وزمالة هيئة الصحة العالمية بإنجلترا عام 1985.
وفى 20 أغسطس(آب) 1986 قصد دير الأنبا بيشوى بوادي النطرون طالباً الرهبنة، حتى تمت رسامته قساً في 23 ديسمبر (كانون الثاني) 1989، ثم انتقل للخدمة بمحافظة البحيرة في 15 فبراير (شباط) 1990 حتى نال درجة الأسقف فى 15 يونيو(حزيران) 1997.
ويعرف عن الأنبا تواضروس الاهتمام بفصول التربية الكنسية منذ الصغر، وقال في تصريحات صحافية سابقة “إنه من واجبنا أن نجعل فصول إعداد الخدام من أولوياتنا، ففي فكره الخدمة هي التي سوف تصنع النهضة للكنائس”.
فكر عصري
وتعكس محاضرات سابقة لتواضروس إدراكه لضرورة أن تواكب الكنيسة العصر والتغيرات التي تحدث في المنطقة والعالم. وقال في محاضرة لخدام في الكنيسة عام 2009 بعنوان كن مستعدا للتغيير: “التغيير سمة إنسانية ووصية إلهية، ورغبة دفينة عند كل إنسان”، واضاف “احذر أن تتجاهل التطوير الذي يحدث في العالم كله، واحذر أن تتجاهل أننا نعيش في قرن أو زمن يتجدد ويتغير خلاله العالم كل 18 شهرا.. إياك أن تعيش في فكر متخلف في فكر قديم، يجب أن تكون متطورا مع زمنك، يجب أن تكون حيا مع زمنك ومتفاعلا معه”. ويؤكد تواضروس على أهمية اندماج المسيحيين في المجتمع. وقال في الآونة الأخيرة خلال مقابلة تلفزيونية “الاندماج في المجتمع صفة مسيحية كتابية أصيلة، الاندماج المعتدل والحلو، لكن لا بد أن يشارك الكل في ذلك”. وقال ايضا “نحن كمصريين جميعا لابد أن نشارك والمشاركة تبدأ بمكانين، الفصل الدراسي ووسائل الإعلام، لا بد ان يكون لدى جميع من يعمل في هذين المكانين الوعي”.
وكما كان لسلفه البابا شنودة الثالث دور في الحفاظ على السلام الاجتماعي بين المسيحيين والمسلمين في مصر، فمن المتوقع أن يسعى البابا الجديد لتعزيز الوحدة في البلاد التي شهدت مؤخرا احتجاجات عنيفة بسبب فيلم يسيء إلى الإسلام اتهم مسيحي من أصل مصري بإنتاجه في الولايات المتحدة. وقال تواضروس “كمصريين نحن نعيش مع إخوتنا المسلمين، هذه أولوية مهمة جدا في العيش المشترك.. والحياة المشتركة.. والمسؤولية هي أن نحافظ على ذلك”.
مخاوف الأقباط
وعزف الأقباط عن المشاركة القوية في الحياة السياسية في العقود الأخيرة، لكن الأحداث المتعاقبة في مصر منذ انتفاضة يناير 2011، فرضت عليهم التفاعل مع ما يجري في الشارع المصري. ويخشى الأقباط سيطرة التيارات الإسلامية على الدولة بشكل يحدّ من حريتهم وقدرتهم على ممارسة شعائرهم الدينية. وقال رئيس لجنة الإعلام بالكنيسة القبطية الأنبا مرقص “نرفض فكرة وجود دولة دينية تحرمنا من ممارسة حقوقنا كأقباط، والدولة يجب أن يحكمها القانون وليس الدين”. ويأمل الأقباط أن يستطيع البطريرك الجديد قيادتهم بأمان وسط قلاقل انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت في مصر بالرئيس السابق حسني مبارك، ولوقت طويل شكا أقباط مصريون من التمييز ضدهم في البلاد التي يمثل المسلمون أغلبية سكانها.
وقالت مارينا نبيل 20 عاما ـ حسب وكالة رويترز ـ وسط تهليل الحضور لإعلان اختيار الأنبا تواضروس “أنا سعيدة جدا. تعاملت مع الأنبا تواضروس قبل ذلك وهو رجل حكيم وهادئ”. ورحب بانتخاب البابا أيضا النشط والمحامي بيتر النجار قائلا “هذا الرجل لن يساوم على حقوقنا”. وقالت منى صالح وهي مسلمة عمرها 65 عاما، تابعت تغطية حية للقرعة بثها التلفزيون المصري “أنا سعيدة بأن بلدي صار له بابا جديد”. ويشعر أقباط بالقلق بعد الصعود السياسي للإسلاميين وانتخاب محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين رئيسا لمصر. ويقول الباحث والاعلامي سامح جرجس “أمام البابا فرصة تاريخية للم شمل الأقباط، وعليه مسؤولية ضخمة تجاه الوطن في هذه المرحلة المهمة”.
مسيرة لنشطاء اقباط في حي الطبقة العاملة في شبرا قبل ايام تطالب بمعاقبة قتلة ضحايا ماسبيرو من الاقباط وتندد بإحراق كنيسة في محافظة أسوان بجنوب البلاد
وقال ميخائيل جورج “المسيحيون يخافون من حكم الإسلاميين، خاصة أن وجودهم في السلطة يشجع المتشددين على العمل بحرية”. لكن مرسي شدد على أنه يحافظ على مصالح جميع المصريين، وبعد هدم ما قيل إنها كنيسة في أقصى جنوب البلاد بأيدي متشددين إسلاميين العام الماضي قتل 27 مسيحيا خلال قيام قوات من الجيش بمنع تنظيم اعتصام للاحتجاج على الواقعة أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون بالقاهرة، وقالت السلطات آنذاك إن المبنى الذي هدمه المتشددون كان دار ضيافة حولها أصحابها إلى مكان للصلاة، ويشكو الأقباط منذ وقت طويل من عقبات في مجال بناء وصيانة الكنائس.
ووفقا للأهرام المصرية سادت حالة من الارتياح والسعادة محافظة الإسكندرية بعد انتهاء مراسم القرعة الهيكلية والإعلان عن اسم الأنبا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية .
ونقل جوزيف ملاك محامي حقوقي ومشارك بالدعوة القضائية المتعلقة بكنيسة القديسين، التي راح ضحيتها 20 قتيلا و120 مصابا قبل ثورة يناير بأيام، أفراح وسعادة الكنيسة الأرثوذكسية بتولي الأنبا تواضروس الثاني منصب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، مشيرا إلي شخصيته الاجتماعية التي تتميز بحب الجميع وقدرته على التواصل مع الجميع. وقال ملاك إن تلك الشخصية سيكون لها انعكاسها المأمول خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ظل الظروف السياسية التي تمر بها البلاد حاليا، مشددا على أن ما يحتاجه المجتمع هو السلام خلال تلك الفترة الصعبة. وأوضح أن العديد من الملفات ستكون أمام البابا ومنها رعايا الأقباط في ظل تزايد أعداد الكنائس الأرثوذكسية على مستوى العالم، بالإضافة إلى طرح العديد من القوانين المرتبطة بعلاقة المؤسسة الكنسية مع الدولة ومنها قانون دور العبادة الموحد إلى جانب قضايا الدم العالقة والتي لم يتم الفصل فيها حتى الآن.
وتعد الإسكندرية المحافظة الوحيدة التي لا يوجد بها أسقف عام ـ خاصة وأن البطريرك هو بابا الإسكندرية انطلاقا من الكرسي الرسولي بأقدم الكنائس بأفريقيا ـ والتي توشحت أعمدتها بالسواد منذ وفاة البابا شنودة الثالث الذي حرص على المشاركة بصفة نصف شهرية في عظات بها والتي يشارك بها آلاف من أقباط المدينة.
ملفات أمام البابا
وصف كريم كمال منسق الاتحاد العام لأقباط من أجل الوطن البابا الجديد بأنه رجل عاقل يتميز بالحكمة، وتربي في مدرستي البابا شنودة الثالث والأنبا باخميوس قائم مقام البطريرك إلى جانب كونه مدرسه بذاته، مؤكدا أنه واثق بسعيه لاستكمال مسيرة النهضة والتعمير بالكنيسة الأرثوذكسية في سبيل تحقيق عهد من الرخاء. وأشار كمال إلى أن الدستور سيكون أول الملفات التي ستعرض على البابا الجديد عقب رسامته وجلوسه على الكرسي الباباوي في الثامن عشر من الشهر الجاري، بالإضافة إلى العديد من الملفات، ومنها المشاكل التي تواجه الأقباط، ولاسيما أقباط المهجر.
من جهته ثمن سكرتير المجلس المللي بالإسكندرية الدكتور كميل صديق من شفافية إجراءات القرعة الهيكلية، وبدأت بشكل بشري من خلال الانتخابات وشهدها العالم كله، مرحبا بإعلان الأنبا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ومعربا عن أمله في ألا ينخرط البابا الجديد في العمل السياسي، وأن يهتم بالعمل الرعوي الديني والدعوي فقط.
وأوضح صديق أن المناقشات حول مسودة الدستور الجديد تجري بالفعل، ولن تنتظر جلوس البابا علي الكرسي الباباوي، مبينا أن إحساس المواطن بالتمييز السلبي تجاهه هو ما يدفعه للجوء إلى الكنيسة، ومن ثم الدفع بالبابا بالمشاركة في العمل السياسي.
وقال مدحت بشاى المفكر القبطي عضو التيار العلماني، في تصريحات صحافية “إن الدور السياسي لم يعد من مهام البابا بعد التغيرات التي شهدها الشارع المصري، وخروج الأقباط من خلال الشباب للاشتباك مع المجتمع إيجابيا، حيث خرجوا من الكنيسة”، وهناك قضايا وملفات كنسية لها أولية قصوى يتم الإعداد لها في ملفات خاصة. وسوف يتم طرحها على مكتب البابا منها، المصالحة الكنيسية ومعالجة القضايا المعلقة داخل الكنيسة وتصحيح العلاقة مع الأطياف المختلفة داخل الكنيسة، وإعادة هيكلة عدد من المنظومات الإدارية أولها، التعليم الإكليريكي ومدارس الأحد وخدمة الشباب وغيرها، لتتفق مع الزخم الأرثوذكسي الذي توارى، بجانب إعادة هيكلة الإدارة المالية، بما يحقق رقابة أدق على الموارد، وتوظيف معاصر للاستخدامات بشكل علمي احترافي متخصص، وإعادة النظر في المجلس الملي بدءاً من المسمى والاختصاصات والآليات، ووضع منظومة متكاملة للمحاكمات الكنسية، وسن قانون مكتوب لها للخروج بها من دائرة التقدير والهوى الشخصي، وكذلك وضع لائحة انتخاب البابا البطريرك تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
ويقول رامي كامل عضو اتحاد شباب ماسبيرو “إن العلاقة بين الكنيسة وأقباط المهجر كانت متوترة، لأنهم لم ينساقوا لأفكار وآراء الكنيسة المرتبطة بالنظام، وكانوا يرون أن الأقباط في مصر مضطهدون ويعانون من بطء العدالة وغياب المواطنة، وعلى البابا الجديد ألا يكون شنودة آخر، وأن يبتعد عن السياسية ويترك الحرية للأقباط، خصوصًا أن هناك حركات سياسية وليدة شبابية وسياسية، ولن تسمح بتضيق الخناق عليها أثناء ممارسة دورها السياسي بمجتمعها”.
ويقول القس أكرم لمعي “هناك ملفات كثيرة أمام البابا لعل أهمها العلاقة مع الدولة، في ظل وصول الرئيس مرسي إلى الحكم وموقف الكنيسة من جميع الأحداث التي تتعلق بهذا الأمر. أما ثاني ملف فهو حركة العلمانيين الموجودة بالكنيسة، فمن المهم أن يتفاوض معهم ونصل إلى إتفاق حتى لا يبقى الأمر كذلك”.
وأضاف لمعي ـ حسب الفجر المصرية ـ هناك أيضا “لائحة 38 التي تنظم العلاقة الشخصية بين الأقباط فهذه أيضًا من الملفات المهمة، والتي سببت إزعاجا كبيرا خصوصا فيما يتعلق بالزواج الثاني وإنه ليس هناك حالة إلا التلبس بـالزنى، وقد فُتِحَ هذا الأمر مع البابا شنودة، لكنه تُوفِّى قبل أن تغلق تلك القضية”. وأشار لمعي إلى “أن هناك ملف أقباط المهجر، وخصوصا بعد ما حدث في الآونة الأخيرة من إساءة للإسلام، وإساءة للبلد، فليس كل أقباط المهجر خاضعين للكنيسة، بل إن منهم من يهاجم الكنيسة في حد ذاتها “.
ينتظر الأنبا تواضروس الثاني الفائز بمنصب بابا الكنيسة الأرثوذكسية الجديد، خلفاً للبابا شنودة الثالث الذي توفي في مارس (آذار) الماضي، ملفات سياسية وكنسية داخلية وخارجية، بالغة الصعوبة في ظل التحولات السياسية والاجتماعية العاصفة التي شهدتها مصر بعد الثورة، ورئيس منتخب ينتمي إلى جماعة الاخوان المسلمين.
الأنبا تواضروس الثاني الفائز بمنصب بابا الكنيسة الأرثوذكسية الجديد
من أهم الملفات الداخلية التي تواجه بابا الاسكندرية المختار، بعض المواد المتعلقة بالأقباط في مسودّة الدستور الجديد وقوانين الأحول الشخصية والقوانين المرتبطة بعلاقة الكنسية الأرثوذكسية بالدولة، مثل قانون دور العبادة الموحد وقانون بناء الكنائس، وأزمة ضحايا “ماسبيرو”، إضافة الى ملفات خارجية أكثر خطورة وحساسية من أبرزها مطالب أقباط المهجر ودول خارجية وجمعيات حقوقية بالمواطنة الكاملة للأقباط، وعدم التمييز، والمساواة في الحقوق الواجبات والحريات وغيرها. وامام البابا الجديد خياران فقط إما أن يجعل الكنيسة الممثل الرسمي للأقباط، ويطالب من خلالها الدولة بكافة حقوقهم، أو يبتعد تماما عن الساحة السياسية ويلتزم بواجبه الروحي والكنسي فقط، وهذا ماستبيّنه الأيام القليلة المقبلة.
تعقد الكنيسة القبطية يوم 18 نوفمبر(تشرين الثاني) حفل تجليس الأنبا تواضروس الثاني ليكون البابا رقم 118 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وبابا الاسكندرية والكرازة المرقسية وسائر أفريقيا.
وأختير الأنبا تواضروس الثاني لكرسي البابوية من خلال قرعة هيكلية أجريت الأحد الماضي بمقر الكاتدرائية بالعباسية، وقام الطفل بيشوي مسعد جرجس.ـ وهو معصوب العينين ـ باختيار ورقة بمشيئة الاقدار ـ حسب التعبير القبطي ـ من داخل صندوق زجاجي يحتوي على ثلاث ورقات تحمل أسماء ثلاثة مرشحين هم الأنبا تواضروس، والأنبا رفائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة، والقمص رافائيل أفا مينا راهب في دير مارمينا.
وضم المجمع الانتخابي أكثر من 2400 من رجال الدين والشخصيات العامة، بالإضافة إلى خمسة يمثلون الكنيسة الإثيوبية التي تربطها صلات تاريخية بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية.
القرعة والميلاد
وقبل فوزه بكرسي البابوية، كان الأنبا تواضروس أسقفا عاما لمحافظة البحيرة شمالي مصر، ووافق يوم إجراء القرعة الهيكلية عيد ميلاده الستين، أي 4 أكتوبر(تشرين الثاني) 1952. وبعد القرعة التي استغرقت عدة ساعات بالكاتدرائية المرقسية بالقاهرة وسط صلوات ومشاعر دينية، عرض الأنبا باخوميوس الورقتين اللتين كتب عليهما الاسمان الآخران تأكيدا فيما يبدو للشفافية التي تضمن للكنيسة نفوذا على أتباعها عبر العالم ويقدرون بالملايين. والاثنان اللذان نافسا أيضا على المنصب الروحي الرفيع هما الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة 54 عاما، والقمص رافائيل أفا مينا 70 عاما.
والبطريرك الجديد اصبح الزعيم الروحي لنحو ثمانية ملايين مسيحي في مصر وفقا لتقديرات غير رسمية، لكنه قد يتخذ مواقف سياسية إذا رأى أنها تخدم مصالح رعايا كنيسته، والأقباط في مصر هم أكبر الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط.
تواضروس الأول والثاني
الأنبا باخوميوس الذي تولى إدارة شؤون الكنيسة بعد وفاة البابا شنودة يعلن نتيجة القرعة
بعد أن اختار الطفل بيشوي الورقة التي كانت بداخل كرة شفافة عرضها الأنبا باخوميوس قائم مقام البطريرك معلنا اختيار الأنبا تواضروس، وقال إن الأنبا تواضروس واسمه بالميلاد وجيه صبحي، سمي البابا تواضروس الثاني.
وكان الأنبا تواضروس الأول “أو ثيوزروس” البطريرك رقم 45 في عداد البطاركة، والذي سبق البطريرك الحالي تواضروس الثاني، راهباً بدير الأنبا يحنس بظاهر مريوط، ولذيوع فضائله وأفعاله الصالحة أحضره الأراخنة للإسكندرية وكرسوه في شهر”أبيب” سنة 432 بحسب تقويم الكنيسة القبطية الموافق عام 727 ميلادية في عهد خلافة هشام بن عبد الملك.
وتقول بعض المراجع الكنسية إن الكنيسة في عهد هذا البابا استراحت من الضغوط، حيث قال عنه المؤرخ العالم، القس منسي يوحنا، في كتابه “تاريخ الكنيسة” إن الكنيسة نالت في أيامه أكمل قسط من الراحة بفضل عدالة الخليفة هشام. وأقام تواضروس الأول علي الكرسي البطريركي 11 عامًا ونصف العام ثم توفي في عام 738 ميلادية.
سيرة ومسيرة
قوبل إعلان اسم تواضروس الثاني بالتهليل والتصفيق من الحضور الذين اكتظت بهم الكاتدرائية، وتوجه الأساقفة والمطارنة من أعضاء المجمع المقدس إلى دير الأنبا بيشوى بوادي النطرون حيث يعتكف البابا الجديد لتهنئته. وقال البابا الجديد في تصريحات أدلى بها في دير الأنبا بيشوي إلى الشمال الغربي من القاهرة “أطلب من ربنا صلواته أن يعيننا على هذه المسؤولية”. وأضاف “أهم شيء أن الكنيسة تعود وتعيش في الخط الروحي، لأن هذا هو عملها الأساسي”.
وقال الأنبا باخوميوس الذي تولى إدارة شؤون الكنيسة بعد وفاة البابا شنودة الثالث “البابا الجديد عليه أن يواكب متغيرات العصر التي حدثت بعد ثورة 25 يناير، يجب أن يحللها ويتابعها ويضع منهجا للحياة الكنسية من خلال المواطنة السليمة”. وأضاف في تصريحات تلفزيونية “عليه أن يتعاون مع الدولة في تدعيم الوحدة الوطنية وحل مشكلات المجتمع”.
والأنبا تواضروس الثاني البطريرك الجديد، هو أسقف عام البحيرة، وحصل على ثاني أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات، ولد عام 1952 باسم وجيه صبحى باقي سليمان وحصل على بكالوريوس الصيدلة جامعة الإسكندرية عام1975، وبكالوريوس الكلية الإكليركية في 1983 وزمالة هيئة الصحة العالمية بإنجلترا عام 1985.
وفى 20 أغسطس(آب) 1986 قصد دير الأنبا بيشوى بوادي النطرون طالباً الرهبنة، حتى تمت رسامته قساً في 23 ديسمبر (كانون الثاني) 1989، ثم انتقل للخدمة بمحافظة البحيرة في 15 فبراير (شباط) 1990 حتى نال درجة الأسقف فى 15 يونيو(حزيران) 1997.
ويعرف عن الأنبا تواضروس الاهتمام بفصول التربية الكنسية منذ الصغر، وقال في تصريحات صحافية سابقة “إنه من واجبنا أن نجعل فصول إعداد الخدام من أولوياتنا، ففي فكره الخدمة هي التي سوف تصنع النهضة للكنائس”.
فكر عصري
وتعكس محاضرات سابقة لتواضروس إدراكه لضرورة أن تواكب الكنيسة العصر والتغيرات التي تحدث في المنطقة والعالم. وقال في محاضرة لخدام في الكنيسة عام 2009 بعنوان كن مستعدا للتغيير: “التغيير سمة إنسانية ووصية إلهية، ورغبة دفينة عند كل إنسان”، واضاف “احذر أن تتجاهل التطوير الذي يحدث في العالم كله، واحذر أن تتجاهل أننا نعيش في قرن أو زمن يتجدد ويتغير خلاله العالم كل 18 شهرا.. إياك أن تعيش في فكر متخلف في فكر قديم، يجب أن تكون متطورا مع زمنك، يجب أن تكون حيا مع زمنك ومتفاعلا معه”. ويؤكد تواضروس على أهمية اندماج المسيحيين في المجتمع. وقال في الآونة الأخيرة خلال مقابلة تلفزيونية “الاندماج في المجتمع صفة مسيحية كتابية أصيلة، الاندماج المعتدل والحلو، لكن لا بد أن يشارك الكل في ذلك”. وقال ايضا “نحن كمصريين جميعا لابد أن نشارك والمشاركة تبدأ بمكانين، الفصل الدراسي ووسائل الإعلام، لا بد ان يكون لدى جميع من يعمل في هذين المكانين الوعي”.
وكما كان لسلفه البابا شنودة الثالث دور في الحفاظ على السلام الاجتماعي بين المسيحيين والمسلمين في مصر، فمن المتوقع أن يسعى البابا الجديد لتعزيز الوحدة في البلاد التي شهدت مؤخرا احتجاجات عنيفة بسبب فيلم يسيء إلى الإسلام اتهم مسيحي من أصل مصري بإنتاجه في الولايات المتحدة. وقال تواضروس “كمصريين نحن نعيش مع إخوتنا المسلمين، هذه أولوية مهمة جدا في العيش المشترك.. والحياة المشتركة.. والمسؤولية هي أن نحافظ على ذلك”.
مخاوف الأقباط
وعزف الأقباط عن المشاركة القوية في الحياة السياسية في العقود الأخيرة، لكن الأحداث المتعاقبة في مصر منذ انتفاضة يناير 2011، فرضت عليهم التفاعل مع ما يجري في الشارع المصري. ويخشى الأقباط سيطرة التيارات الإسلامية على الدولة بشكل يحدّ من حريتهم وقدرتهم على ممارسة شعائرهم الدينية. وقال رئيس لجنة الإعلام بالكنيسة القبطية الأنبا مرقص “نرفض فكرة وجود دولة دينية تحرمنا من ممارسة حقوقنا كأقباط، والدولة يجب أن يحكمها القانون وليس الدين”. ويأمل الأقباط أن يستطيع البطريرك الجديد قيادتهم بأمان وسط قلاقل انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت في مصر بالرئيس السابق حسني مبارك، ولوقت طويل شكا أقباط مصريون من التمييز ضدهم في البلاد التي يمثل المسلمون أغلبية سكانها.
وقالت مارينا نبيل 20 عاما ـ حسب وكالة رويترز ـ وسط تهليل الحضور لإعلان اختيار الأنبا تواضروس “أنا سعيدة جدا. تعاملت مع الأنبا تواضروس قبل ذلك وهو رجل حكيم وهادئ”. ورحب بانتخاب البابا أيضا النشط والمحامي بيتر النجار قائلا “هذا الرجل لن يساوم على حقوقنا”. وقالت منى صالح وهي مسلمة عمرها 65 عاما، تابعت تغطية حية للقرعة بثها التلفزيون المصري “أنا سعيدة بأن بلدي صار له بابا جديد”. ويشعر أقباط بالقلق بعد الصعود السياسي للإسلاميين وانتخاب محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين رئيسا لمصر. ويقول الباحث والاعلامي سامح جرجس “أمام البابا فرصة تاريخية للم شمل الأقباط، وعليه مسؤولية ضخمة تجاه الوطن في هذه المرحلة المهمة”.
مسيرة لنشطاء اقباط في حي الطبقة العاملة في شبرا قبل ايام تطالب بمعاقبة قتلة ضحايا ماسبيرو من الاقباط وتندد بإحراق كنيسة في محافظة أسوان بجنوب البلاد
وقال ميخائيل جورج “المسيحيون يخافون من حكم الإسلاميين، خاصة أن وجودهم في السلطة يشجع المتشددين على العمل بحرية”. لكن مرسي شدد على أنه يحافظ على مصالح جميع المصريين، وبعد هدم ما قيل إنها كنيسة في أقصى جنوب البلاد بأيدي متشددين إسلاميين العام الماضي قتل 27 مسيحيا خلال قيام قوات من الجيش بمنع تنظيم اعتصام للاحتجاج على الواقعة أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون بالقاهرة، وقالت السلطات آنذاك إن المبنى الذي هدمه المتشددون كان دار ضيافة حولها أصحابها إلى مكان للصلاة، ويشكو الأقباط منذ وقت طويل من عقبات في مجال بناء وصيانة الكنائس.
ووفقا للأهرام المصرية سادت حالة من الارتياح والسعادة محافظة الإسكندرية بعد انتهاء مراسم القرعة الهيكلية والإعلان عن اسم الأنبا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية .
ونقل جوزيف ملاك محامي حقوقي ومشارك بالدعوة القضائية المتعلقة بكنيسة القديسين، التي راح ضحيتها 20 قتيلا و120 مصابا قبل ثورة يناير بأيام، أفراح وسعادة الكنيسة الأرثوذكسية بتولي الأنبا تواضروس الثاني منصب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، مشيرا إلي شخصيته الاجتماعية التي تتميز بحب الجميع وقدرته على التواصل مع الجميع. وقال ملاك إن تلك الشخصية سيكون لها انعكاسها المأمول خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ظل الظروف السياسية التي تمر بها البلاد حاليا، مشددا على أن ما يحتاجه المجتمع هو السلام خلال تلك الفترة الصعبة. وأوضح أن العديد من الملفات ستكون أمام البابا ومنها رعايا الأقباط في ظل تزايد أعداد الكنائس الأرثوذكسية على مستوى العالم، بالإضافة إلى طرح العديد من القوانين المرتبطة بعلاقة المؤسسة الكنسية مع الدولة ومنها قانون دور العبادة الموحد إلى جانب قضايا الدم العالقة والتي لم يتم الفصل فيها حتى الآن.
وتعد الإسكندرية المحافظة الوحيدة التي لا يوجد بها أسقف عام ـ خاصة وأن البطريرك هو بابا الإسكندرية انطلاقا من الكرسي الرسولي بأقدم الكنائس بأفريقيا ـ والتي توشحت أعمدتها بالسواد منذ وفاة البابا شنودة الثالث الذي حرص على المشاركة بصفة نصف شهرية في عظات بها والتي يشارك بها آلاف من أقباط المدينة.
ملفات أمام البابا
وصف كريم كمال منسق الاتحاد العام لأقباط من أجل الوطن البابا الجديد بأنه رجل عاقل يتميز بالحكمة، وتربي في مدرستي البابا شنودة الثالث والأنبا باخميوس قائم مقام البطريرك إلى جانب كونه مدرسه بذاته، مؤكدا أنه واثق بسعيه لاستكمال مسيرة النهضة والتعمير بالكنيسة الأرثوذكسية في سبيل تحقيق عهد من الرخاء. وأشار كمال إلى أن الدستور سيكون أول الملفات التي ستعرض على البابا الجديد عقب رسامته وجلوسه على الكرسي الباباوي في الثامن عشر من الشهر الجاري، بالإضافة إلى العديد من الملفات، ومنها المشاكل التي تواجه الأقباط، ولاسيما أقباط المهجر.
من جهته ثمن سكرتير المجلس المللي بالإسكندرية الدكتور كميل صديق من شفافية إجراءات القرعة الهيكلية، وبدأت بشكل بشري من خلال الانتخابات وشهدها العالم كله، مرحبا بإعلان الأنبا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ومعربا عن أمله في ألا ينخرط البابا الجديد في العمل السياسي، وأن يهتم بالعمل الرعوي الديني والدعوي فقط.
وأوضح صديق أن المناقشات حول مسودة الدستور الجديد تجري بالفعل، ولن تنتظر جلوس البابا علي الكرسي الباباوي، مبينا أن إحساس المواطن بالتمييز السلبي تجاهه هو ما يدفعه للجوء إلى الكنيسة، ومن ثم الدفع بالبابا بالمشاركة في العمل السياسي.
وقال مدحت بشاى المفكر القبطي عضو التيار العلماني، في تصريحات صحافية “إن الدور السياسي لم يعد من مهام البابا بعد التغيرات التي شهدها الشارع المصري، وخروج الأقباط من خلال الشباب للاشتباك مع المجتمع إيجابيا، حيث خرجوا من الكنيسة”، وهناك قضايا وملفات كنسية لها أولية قصوى يتم الإعداد لها في ملفات خاصة. وسوف يتم طرحها على مكتب البابا منها، المصالحة الكنيسية ومعالجة القضايا المعلقة داخل الكنيسة وتصحيح العلاقة مع الأطياف المختلفة داخل الكنيسة، وإعادة هيكلة عدد من المنظومات الإدارية أولها، التعليم الإكليريكي ومدارس الأحد وخدمة الشباب وغيرها، لتتفق مع الزخم الأرثوذكسي الذي توارى، بجانب إعادة هيكلة الإدارة المالية، بما يحقق رقابة أدق على الموارد، وتوظيف معاصر للاستخدامات بشكل علمي احترافي متخصص، وإعادة النظر في المجلس الملي بدءاً من المسمى والاختصاصات والآليات، ووضع منظومة متكاملة للمحاكمات الكنسية، وسن قانون مكتوب لها للخروج بها من دائرة التقدير والهوى الشخصي، وكذلك وضع لائحة انتخاب البابا البطريرك تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
ويقول رامي كامل عضو اتحاد شباب ماسبيرو “إن العلاقة بين الكنيسة وأقباط المهجر كانت متوترة، لأنهم لم ينساقوا لأفكار وآراء الكنيسة المرتبطة بالنظام، وكانوا يرون أن الأقباط في مصر مضطهدون ويعانون من بطء العدالة وغياب المواطنة، وعلى البابا الجديد ألا يكون شنودة آخر، وأن يبتعد عن السياسية ويترك الحرية للأقباط، خصوصًا أن هناك حركات سياسية وليدة شبابية وسياسية، ولن تسمح بتضيق الخناق عليها أثناء ممارسة دورها السياسي بمجتمعها”.
ويقول القس أكرم لمعي “هناك ملفات كثيرة أمام البابا لعل أهمها العلاقة مع الدولة، في ظل وصول الرئيس مرسي إلى الحكم وموقف الكنيسة من جميع الأحداث التي تتعلق بهذا الأمر. أما ثاني ملف فهو حركة العلمانيين الموجودة بالكنيسة، فمن المهم أن يتفاوض معهم ونصل إلى إتفاق حتى لا يبقى الأمر كذلك”.
وأضاف لمعي ـ حسب الفجر المصرية ـ هناك أيضا “لائحة 38 التي تنظم العلاقة الشخصية بين الأقباط فهذه أيضًا من الملفات المهمة، والتي سببت إزعاجا كبيرا خصوصا فيما يتعلق بالزواج الثاني وإنه ليس هناك حالة إلا التلبس بـالزنى، وقد فُتِحَ هذا الأمر مع البابا شنودة، لكنه تُوفِّى قبل أن تغلق تلك القضية”. وأشار لمعي إلى “أن هناك ملف أقباط المهجر، وخصوصا بعد ما حدث في الآونة الأخيرة من إساءة للإسلام، وإساءة للبلد، فليس كل أقباط المهجر خاضعين للكنيسة، بل إن منهم من يهاجم الكنيسة في حد ذاتها “.