منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#55666
سنن القاروق عنر بن الخطاب في الإمامه وسياسة الأمة

13-23هـ

لقد كان عهد عمر أزهى فترات العهد الرَّاشدي، حيث امتدَّت الدولة الإسلاميَّة في هذه المدّة القصيرة جدًا من أقاصي فارس شرقًا إلى أقصى حدود ليبيا غربًا، لتصبح الإمبراطورية الفارسية، والعراق والشام ومصر، من أقاليم الدولة الإسلاميَّة الجديدة، فكان كما قال عبد الله بن مسعود عنه: كان إسلامه نصرًا وفتحًا، وخلافته رحمة وعدلًا.

السنن الراشدة للخطاب العمري:

قامت السنن العمريَّة على ثلاثة أصول سياسية:

تحديد علاقة الأمة بالأرض: وذلك بتأكيد مفهوم المواطنة، وترسيخ حق الأمة في الأرض التي تعيش عليها, فقد أثبت بهذه السّياسة الراشدة أنَّ الأرض والوطن في الدولة الجديدة، ليست للسلطة الحاكمة، ولا يحق لها أن تتصرف فيها بلا إذن أهله وهم الأمة، ولا أن تحمي شيئًا منها إلا للمصالح العامة فقط.
تحديد رعايا الدولة ومن لهم حقوق المواطنة واكتساب الهوية: فقد ضمَّنَ وصيّته رعاية حقوق كل المواطنين في الدولة الإسلاميَّة الجديدة، من المهاجرين والأنصار، والأعراب من البادية وأهل الأمصار كافة من المسلمين وأهل الذمّة، ليؤكّد مسئوليَّة السلطة عن القيام بمصالح رعايا الدولة، ورعاية حقوقهم بلا استثناء.
الالتزام بمبادئ الخطاب الإسلامي المنزل، ومن ذلك:
حق الأمة في اختيار الإمام وكون الأمة مصدر السلطة.
حق الأمة في الرقابة على الإمام وتصرفاته.
حق التقاضي والقصاص والمساواة بين الناس أمام القانون.
حق الأمة في الرقابة على بيت المال.
حق المساواة في العطاء.
تحقيق الاستحقاق من بيت المال بحسب العمل والعيال والحاجة.
ضبط الميزانية العامة للدولة.
مبدأ مسئولية الدولة عن مواطنيها.
سن الرقابة المالية والإدارية على العمال وموظفي الدولة.
تطبيق القانون على الجميع والتشديد على الأقرباء.
تقرير حق المواساة والاشتراك في الأموال في الأزمات.
وجوب سداد دين الخليفة الذي عليه لبيت المال.
تحرير الرق من بيت المال.
إقرار مبدأ شمولية سلطة أمراء الأقاليم على من يتظلمون منهم.
وقف الأرض المغنومة على مصالح المسلمين وجعلها مالاً عامًّا.
لقد اجتهد عمر في وضع النظم الإداريَّة لتنظيم وتطبيق مبادئ وأصول الخطاب الإسلامي القرآني والنبوي والذي تم إرساءها في عهد أبي بكر، بشكل منظّم يناسب تحوّل الدولة من دولة مدينة, ثم دولة إقليم يضم الجزيرة العربية فقط، إلى دولة قاريَّة تمتد من قارة آسيا إلى أفريقيا، ومن تلك النظم الإدارية والسياسية والاقتصادية والعمرانية التي ظهرت في العهد العمري تعبيرًا عن المبادئ:

تخصيص مجلس للشورى التشريعية.
الفصل بين السلطات.
وضع الجهاز والنظام الرقابي الإداري.
تحديد مدة الولاء والأمراء بأربع سنين.
وضع الدواوين والنظم الإدارية.
وضع الخطط والنظم العمرانية والزراعية وتنظيم شئون الأرض المفتوحة.
وضع نظام التأمين الاجتماعي.
إعفاء نصارى العرب من الجزية.
تقرير مبدأ المعاملة بالمثل مع الدول الأخرى.
وضع نظام الرقابة المالية.
اختيار أهل الكفاية والعلم بالسياسة لوظائف الدولة.
تحديد انتهاء صلاحيات الخليفة.
وضع نظام اختيار الخليفة بعده.
لقد وضع عمر خطة ونظام يعالجان كل الاحتمالات الممكن حدوثها أثناء عملية الترشح والاختيار تقوم على التالي:

حصر الترشيح وحدده في الستة.
وحدد مكان التشاور، وهو بيت أم المؤمنين عائشة، وحدد المدة بثلاثة أيام.
أمر صهيب الرومي أن يصلي بالناس مدة تشاور الست، ليضمن الحياد التام في عملية الانتخاب، حتى لا تكون الإمامة في الصلاة سببًا مرجحًا لواحد من الستة، واختار صهيبًا لكونه لا نسب له بواحد من الست.
أمر المقداد بن عمرو أن يشرف على عملية اجتماع الستة، والتنسيق بينهم، ما أمر أبا طلحة الأنصاري أن يختار خمسين رجلًا من الأنصار، وأن يستحث الستة على حسم الموضوع، واختار الأنصار للمراقبة لكونهم طرفًا محايدًا ليسوا من المهاجرين، واختار المقداد لأنه من كندة وليس من قريش.
أمر أن تتبع الإجراءات التالية:
إذا اتفق خمسة منهم على واحد فهو الخليفة إذا قبله المسلمون وبايعوه البيعة العامة.
إذا اختلفوا فاختار الأكثر واحدًا منهم فهو الخليفة إذا قبله المسلمون.
وإذا اختلفوا وتساوت الأصوات، فهنا يشترك عبد الله بن عمر في الأمر كمرجح بينهم، فإن لم يكن له رأي أو لم يقبلوه، فهنا يشترك عبد الله الجانب الذي يزكيه عبد الرحمن بن عوف لمعرفة عمر به وأنه لا يريدها كما يريدها علي وعثمان.
لقد أراد عمر أن يختار المسلمون خليفتهم بكل حرية، بعيدًا عن أي تدخل أو تأثير أي طرف، خاصة من جهتهم هو لكونه الخليفة، فضمن بذلك الحياد التام لعملية الترشح والانتخاب.

ولقد أدخل عمر في المرشحين كل من كان اسمه مرغوبًا بين المسلمين، وكل من رشحه الصحابة حيث استشارهم فيمن يختارون، إلا أنه حرم ابنه منها، وجعله مرجحًا فقط عند الاختلاف إرضاء للفريق الذي كان هواهم مع اختيار عبد الله الخليفة