منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By فهد ابو مهيد 81
#56160
الحديث هو المصدر الثاني من مصادر الفقه السياسي وهو بمثابة الشرح والتفصيل للمبادئ الأساسية التي جاءت في القرآن. وقد تضمنت كتب الحديث الرئيسية فصولاً مستقلة جمعت فيها نصوص الأحاديث الخاصة بمسائل السياسة. وقد دونت تلك النصوص تحت عناوين مختلفة وبالنظر في هذه العناوين تتفتح لك الاتجاهات التي كانت سائدة بين المحدثين في عصور التدوين والمصطلحات المتداولة لمفهوم السياسة.



ففي بعض هذه الكتب نجد مباحث السياسة مفردة تحت عنوان الإمارة، ويبحث بعضها مسائل الإمارة والقضاء في موضع واحد، ويجعل بعضها مباحث الإمارة جزءاً من مباحث الجهاد، ويضم بعضها مباحث الإمارة مع مباحث السياسة المالية مثل الخراج، وقد اهتم بعض هذه الكتب بمسألة جزئية من فقه السياسة وأفرد له فصلاً خاصاً وعنوانا مثل البيعة.



وواضح من هذه الاتجاهات الربط بين الدولة ووظائفها فمن نظر إلى وظيفتها القضائية جعلها ضمن مباحث القضاء، ومن نظر إلى وظيفتها العسكرية جعلها ضمن مباحث الجهاد، ومن نظر إلى وظيفتها الاقتصادية جعلها ضمن مباحث الدولة المالية. وسنرى هذه الاتجاهات ذاتـها هي التي كانت سائدة في الدراسات الفقهية.



فالإمام البخاري (194-256هـ) جمع أحاديث الفقه السياسي تحت عنوان الأحكام، وكلمة أحكام تعني ما يصدر من الحاكم، ويعني به البخاري الخليفة والقاضي، ولهذا ذكر هنا ما يتعلق بالخلافة وبالقضاء من أحاديث زادت على مائة حديث. ولا يعني هذا أن البخاري قد جمع كل الأحاديث الخاصة بمسائل السياسة في هذا الموضع. بل إننا نجد موضوعات هامة في مواضع أخرى. فالشورى مثلاً ضمها في المباحث التي جعل عنوانـها (الاعتصام بالكتاب والسنة).



ولصحيح البخاري عدد كبير من الشروح من أشهرها شرح ابن حجر ( - 852هـ) واسمه، فتح الباري، وشرح العيني ( -855هـ ) واسمه، عمدة القارئ، ومن المعلوم أن البخاري قد وضع عناوين كتابه بنفسه، أما الإمام مسلم (206-261هـ ) فمع أنه قد جمع الأحاديث ورتبها حسب الموضوعات غير أنه لم يعطها عناوين من عنده وقد عنونـها الإمام النووي في القرن السابع الهجري، وكتب شرحاً لصحيح مسلم هو من أحسن الشروح. وقد أعطى النووي الأحاديث الخاصة بمسائل السياسة عنوان ( كتاب الإمارة ) ونجد تحت هذا العنوان أحاديث خاصة بالجهاد .



وجعل الإمام أبو داود (202-275 هـ) في سننه فصلاً بعنوان ( كتاب الخراج والإمارة والفئ) وواضح من هذا العنوان أنه يربط بين الدولة ووظيفتها الاقتصادية. وهو أحد اتجاهات السائدة في مباحث الدولة في ذلك العصر.



وممن شرح سنن أبي داود الخطابي ( -388 هـ) ويكتسب شرحه أهمية خاصة لأنه من العصور الأولى والدراسات المبكرة.



وأما في سنن الإمام الترمذي (209-279هـ ) فنجد مباحث السياسة موزعة بين أبواب الأحكام والسير والجهاد أي أنـها متصلة بمباحث القضاء والجهاد.



ويضع الإمام ابن ماجة ( 207-273هـ) أحاديث الإمارة ضمن أبواب الجهاد . أما الإمام النسائي فيتجه اتجاهاً مختلفاً إذ يفرد في سننه كتاباً مستقلاً عن البيعة ويورد تحت هذا العنوان مسائل الدولة. ونجد هذا الصنيع نفسه في مؤلف الإمام مالك ( 93-173هـ) وهو من أوائل كتب الحديث، إلا أنه لم يورد في مبحث البيعة إلا ثلاثة أحاديث فقط.



هذه أهم كتب الأحاديث ولم يأت ذكر لمسند الإمام أحمد ( 164- 241هـ) لأن أحاديثه لم ترتب حسب الموضوعات.



ولا شك أن هناك مصنفات أخرى في الحديث تأتي في مرتبة أقل من هذه. ومن المعلوم أن في كتب الحديث قد تتكرر الأحاديث ويرد الحديث الواحد في أكثر من كتاب. ولهذا اتجهت بعض المصنفات إلى جمع الأحاديث المفرقة في أمهات هذه الكتب وللإمام ابن الأثير ( 544-606 هـ) موسوعة في هذا المجال أسمها (جامع الأصول) وقد جمع عدداً تحت مادة الخلافة في حرف الخاء.