منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By محمد العجلان 9
#57902
نبض الكلمة
الكتابة تفتح باباً للأصدقاء

في المقال الماضي كتبت عن موهبة الكتابة، ووعدت بالحديث عن الكتابة والأصدقاء .. حيث العالم الرحب والجميل الذي تأخذنا الكتابة إليه ..

حقا على من يملك موهبة الكتابة واستطاع أن يتمكن من ادواتها ومدها بالحلم والمعلومة أن يشكر الله كثيراً أن منحه هذه القدرة وهذه الهبة الربانية، فهي قد فتحت له طرقا جميلة وسافرت به لعالم لا تصل قدماه لها .. توسع طرقاً ضيقة جدا قد تبدو أحيانا مظلمة عندما يضيق المراقب بالكلمة ولكن الأمل هو من يوسعها..

هذه الهبة تمد أصحابها بالكثير من الأصدقاء الجميلين ..

هؤلاء الأصدقاء يمنحون الكثير، بعضهم يقدمون باقات جميلة من زهور المعرفة وربما أبواباً لحلم يتشكل في الداخل، بالبعض منهم يشعر الكاتب انه أمام موسوعة ، تنهال عليه منها معارف ..كما انهالت كتب الجاحظ عليه وقد يتحسس الكاتب رأسه لا من سقوط الكتب لكن من تلاقح المعارف في داخله ..

هناك اصدقاء يقدمون قبساً لم يؤسس له أصلا ولكن تتلاقح الأفكار معهم يؤسس لفكر جديد أو فكرة تطرأ لتكون مشروع رواية أو أي نص أدبي ، تماما كما تتفجر الأفكار لدى العلماء ....

هذه الهبة الربانية تأخذ لعالم غير قريب في المحيط العربي وبعض من المحيط الغربي، كم يكون مفرحا عندما يجد الكاتب رسالة تسأل سماحة لترجمة نص له للغة أخرى تفتح له مكانا ليجلس بين أناس لم يرهم وما عرفهم وما كان ليعرفهم لولا هذه الهبة الربانية .. أو تصل رسالة أعجاب الكترونية من أقصى المناطق العربية من موريتانيا أو الجزائر والمغرب العربي أو من مغترب في دول العالم البعيدة .

هذا الحرف الذي يجعل الله منه بعضا من مهنة وجود الإنسان الكاتب على هذه الأرض .. قد يحزن الكاتب ألا يتم تداول نصوصه ضمن التعليم العام في وطنه.

وجود النص للكاتب ضمن المناهج التعليمية الوطنية، تعني فيما تعنيه تواجده ضمن ذاكرة الوطن المستمرة عبر الأجيال، ليس فقط نشر النص، ولا بيان مرحلة أدبية من مراحل الوطن ولكن تتيح للطالب التذوق والمقارنة، وقد يستطيع أن ينقد ويقدم تحليلا للنص، وقد تكون حافزا للطالب ليقدم أدبا جديدا أكثر حداثة وتطورا مما كتبه المبدع الكاتب..

لكل حلم كابوس وكابوس الكتابة أنها لم تأت بالأصدقاء فقط لكنها أتت بالمنظرين والمتنطعين، طبعا لا يمكن ان يعتبر مخالفو الرأي ضمن هؤلاء ، تماماً كما لكل وردة بعض من الشوك ، وكذا لا نزعم أن لكل وردة رائحة عطرة ، لكن هناك بعض من يحاول الكسب على حساب الكُتاب ضمن التجييش الضدي ..

كما لم يخل الجو من الذين لهم مجاهر خاصة للبحث عن كلمة شردت أو وردت لتكون مثار زوبعة يتسلون بها.. هذا قد يعيق وصول الفكرة، لكنه يسهل وصول الكاتب لعدد أكبر من الجمهور، وللأسف بصورة سلبية قد تحجب فكرة الكلمة الأصلية إلا إذا كان لدى المتلقي الآخر رغبة بالاطلاع ..

المؤلم أن بعض المتلقين يأخذون الحديث كما هو دون التفكير بالبحث وهذا قد لا يضر الكاتب بشيء لكن يضر المتلقي حيث النظر يكون عبر اتجاه واحد لا يحيد عنه. وبالتالي تصغر الدائرة المعرفية لديه .

وعودة على بدء مهما كان الأمر، الكتابة كما هي هبة إلهية تمنح حباً وأحلاماً يبني أسسا ليكون واقعا مزهرا، هي أمانة ربانية بالوقت ذاته .. ومن المهم المحافظة على هذه الأمانة كما ينبغي لها..