- الجمعة مايو 03, 2013 1:12 pm
#61757
[size=150أرخت الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية بكل ظلالها الثقيلة على كاهل اليونان حكومة وشعباً، فهذا البلد الصغير والفقير مقارنة بالدول الرأسمالية الكبرى المتطورة،
وجد نفسه في طاحونة الأزمة بعد أن ربط مصير اقتصاده الوطني بعجلة الاقتصاد الرأسمالي الأوروبي والعالمي، وقبوله الطوعي لجميع شروط الاتحاد الأوروبي أي ما يسمى «منطقة اليورو».
وككرة الثلج، بدأت الأزمة منذ اليوم الأول لخضوع اليونان لآلية توزيع مناطق الانتاج وفق معايير الاتحاد الأوروبي ، وأخذت تكبر الكرة مع تصاعد الأزمة إلى ذروتها في المراكز الكبرى، لتمتد إلى الأطراف الأقل تطوراً، لتشمل الاقتصاد والمجتمع، والحياة السياسية والنقابية، وفئات الشباب والطلاب الأكثر تأثراً بتداعيات الأزمة الاجتماعية.
إذا كانت نسبة البطالة قد ارتفعت إلى 10٪ بالمئة عامة فإنها بين الشباب وصلت إلى 18،5٪ والشابات إلى 23٪ بالمئة.
ورغم التفاؤل الوهمي بإمكانية وضع حد للأزمة اليونانية على حساب الطبقات الشعبية الفقيرة، كي لا تمس مصالح الطبقات البرجوازية الكبرى وخاصة شريحتها الأكبر جشعاً البرجوازية الكومبرادورية المرتبطة مصالحها عضوياً بمصالح الاحتكارات الكبرى في المراكز الرئيسية لرأس المال العالمي، وهذه الشريحة تحديداً هي التي كانت وراء دفع حكومة الاشتراكيين الديمقراطيين بزعامة باباندريو زعيم حزب «باسوك» ، لاتخاذ إجراءات التقشف المهلكة لكادحي اليونان وكذلك الشرائح الوسطى من المجتمع، الاتحاد الأوروبي، يدرك مدى خطورة انهيار الاقتصاد اليوناني على اقتصاده وعلى استقرار اليورو. ولكن الاتحاد المثقل هو الآخر بالأزمة وقف عاجزاً أمام أزمة اليونان، وكان شفافاً جداً، فألمانيا أعلنت دون مواربة أنها غير قادرة على تقديم فلس واحد لليونان، فهي نفسها بالكاد تجد السبل للخروج من عنق زجاجة أزمتها الاقتصادية وفرنسا وإسبانيا وغيرهما، رغم اندفاعهما في البداية لمساعدة اليونان ليس حباً باليونان، بل خوفاً من امتداد الحريق اليوناني إلى أحشاء مجتمعاتهما المنهكة أصلاً من تداعيات الأزمة، سرعان ما حثوا الحكومة اليونانية لتدبر رأسها بنفسها وانقاذ اقتصادها بقواها الخاصة من الانهيار التام، ما دفع اليونان مرغمة وفق آلية تفكيرها الليبرالية باللجوء إلى أسهل السبل وهو تحميل الشعب مسؤولية الأزمة وتحميله نتائجها، فعجز الموازنة العامة وصل إلى نسبة خطيرة جداً 12،7٪ من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى مديونية تصل إلى أكثر من 300 مليار يورو 408 مليارات دولار أي ما يعادل 113٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ولسد هذا الخلل الخطير أسرعت الحكومة لزيادة الضرائب على القيمة المضافة وعلى الطاقة والسلع الكمالية ومن ثم الغذائية مع تخفيض حاد في الأجور، وحرمان العاملين من جميع الامتيازات والإضافات السابقة على أجورهم، وأخيراً طالت رواتب المتقاعددين فجمدتها.
والمعروف أن دول الاتحاد الأوروبي لا تسمح بأن يتعدى العجز لدى أي دولة من دوله أكثر من 3٪ ولكنه تغاضى عن النسبة اليونانية 12،7٪ أملاً في أن تأتي سياسة التقشف المرهقة للشعب أكلها في نهاية شباط الماضي، ولكن شباط انتهى والأزمة مازالت تتعمق، ولاسيما أن أوروبا تركت اليونان تتخبط في مستنقع أزمتها، دون أن يكون لدى أوروبا المأزومة قدرة على انتشال اليونان. في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز دويتشلاند» أعرب رئيس البنك المركزي اليوناني جورج بروفوبولوس ، عن قناعته بأن إجراءات الحكومة ستمكن اليونان من الخروج من أزمة الموازنة بوسائلها الخاصة.
لماذا اليونان؟ الحقيقة أن اليونان هي البداية، فالحكومة اليونانية السابقة حكومة حزب «الديمقراطية الجديدة» اليميني ، هي التي وافقت على شروط الاتحاد الأوروبي ، فهذه الشروط وهي في الواقع شروط الاحتكارات الأوروبية الرأسمالية الكبرى . إذ أرغمت اليونان على التخلي عن زراعات استراتيجية مهمة كالزيتون والحمضيات، والتخصص باستبدال زراعة هاتين المادتين بزراعة الأزهار والورد، لأن زراعة الزيتون والحمضيات من اختصاص إيطاليا وإسبانيا، أما تربية الماشية فهي من اختصاص هولندا، وهكذا تحت ذريعة التخصصية فقدت اليونان قطاعاً حيوياً من قطاعاتها الاقتصادية المهمة جداً ، وتدفقت على اليونان رؤوس الأموال الاستثمارية في مشروعات تخدم في الواقع استثمارات دول رأس المال، دون الأخذ بعين الاعتبار قدرة اليونان على سداد المستحقات المترتبة عليه حيال هذه المشروعات. ولجأت الحكومة اليونانية إلى سياسة الخصخصة لجمع ما يمكن من مبالغ لسداد الديون، ووصل الأمر بالاتحاد الأوروبي أن طلب من الحكومة اليونانية أن تبيع عدداً من جزرها الجميلة جداً كي تسدد ديونها البالغة كما أسلفنا نحو 408 مليارات دولار. ولكن لا الحكومة الاشتراكية حكومة الباسوك ولا الاتحاد الأوروبي يقدّران بدقة نتائج هذه السياسة التي أنتجتها سياسات الليبرالية الانفتاحية منذ عشر سنوات، ورغم جميع المحاولات لتلافي الوقوع في الأزمة ولكن السياسة الخاطئة ستكون لها نتائج خاطئة بالضرورة.
ولجوء الحكومة اليونانية لبيع العديد من المنشآت الحكومية لم تساعدها على تلافي الأزمة، وكما شبه الوضع أحد الاقتصاديين الأوروبيين الكبار بقوله: إنها تشبه عملية ضخ دم لمريض ينزف دوماً داخلياً .
ورداً على إجراءات الحكومة هب المتضررون من سياسة التقشف الجائرة بإضرابات واسعة جداً شملت أكثر من عشرين مدينة يونانية.
ويقول المناهضون للعولمة الاقتصادية الرأسمالية: إن الحل يكمن في تغيير النهج الاقتصادي القائم وايجاد البديل الوطني القادر على حماية اليونان من الوحش الاحتكاري الأوروبي الكبير. ويقول المحللون: إذا ما عولجت أزمة اليونان في دومينو الأزمة سيصل بالضرورة إلى جميع الدول الأطراف في الاتحاد الأوروبي بعد دولة المركزية، ما يهدد بفرط عقد اليورو بوصفه عنوان الاتحاد الأوروبي الذي قال ذات يوم عنه في بداية القرن العشرين، وعندما كان مجرد شعار: إنه غير ممكن التحقيق أو سيكون رجعياً وتعسفياً في ظل الرأسمالية المتوحشة!!
][/size]
وجد نفسه في طاحونة الأزمة بعد أن ربط مصير اقتصاده الوطني بعجلة الاقتصاد الرأسمالي الأوروبي والعالمي، وقبوله الطوعي لجميع شروط الاتحاد الأوروبي أي ما يسمى «منطقة اليورو».
وككرة الثلج، بدأت الأزمة منذ اليوم الأول لخضوع اليونان لآلية توزيع مناطق الانتاج وفق معايير الاتحاد الأوروبي ، وأخذت تكبر الكرة مع تصاعد الأزمة إلى ذروتها في المراكز الكبرى، لتمتد إلى الأطراف الأقل تطوراً، لتشمل الاقتصاد والمجتمع، والحياة السياسية والنقابية، وفئات الشباب والطلاب الأكثر تأثراً بتداعيات الأزمة الاجتماعية.
إذا كانت نسبة البطالة قد ارتفعت إلى 10٪ بالمئة عامة فإنها بين الشباب وصلت إلى 18،5٪ والشابات إلى 23٪ بالمئة.
ورغم التفاؤل الوهمي بإمكانية وضع حد للأزمة اليونانية على حساب الطبقات الشعبية الفقيرة، كي لا تمس مصالح الطبقات البرجوازية الكبرى وخاصة شريحتها الأكبر جشعاً البرجوازية الكومبرادورية المرتبطة مصالحها عضوياً بمصالح الاحتكارات الكبرى في المراكز الرئيسية لرأس المال العالمي، وهذه الشريحة تحديداً هي التي كانت وراء دفع حكومة الاشتراكيين الديمقراطيين بزعامة باباندريو زعيم حزب «باسوك» ، لاتخاذ إجراءات التقشف المهلكة لكادحي اليونان وكذلك الشرائح الوسطى من المجتمع، الاتحاد الأوروبي، يدرك مدى خطورة انهيار الاقتصاد اليوناني على اقتصاده وعلى استقرار اليورو. ولكن الاتحاد المثقل هو الآخر بالأزمة وقف عاجزاً أمام أزمة اليونان، وكان شفافاً جداً، فألمانيا أعلنت دون مواربة أنها غير قادرة على تقديم فلس واحد لليونان، فهي نفسها بالكاد تجد السبل للخروج من عنق زجاجة أزمتها الاقتصادية وفرنسا وإسبانيا وغيرهما، رغم اندفاعهما في البداية لمساعدة اليونان ليس حباً باليونان، بل خوفاً من امتداد الحريق اليوناني إلى أحشاء مجتمعاتهما المنهكة أصلاً من تداعيات الأزمة، سرعان ما حثوا الحكومة اليونانية لتدبر رأسها بنفسها وانقاذ اقتصادها بقواها الخاصة من الانهيار التام، ما دفع اليونان مرغمة وفق آلية تفكيرها الليبرالية باللجوء إلى أسهل السبل وهو تحميل الشعب مسؤولية الأزمة وتحميله نتائجها، فعجز الموازنة العامة وصل إلى نسبة خطيرة جداً 12،7٪ من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى مديونية تصل إلى أكثر من 300 مليار يورو 408 مليارات دولار أي ما يعادل 113٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ولسد هذا الخلل الخطير أسرعت الحكومة لزيادة الضرائب على القيمة المضافة وعلى الطاقة والسلع الكمالية ومن ثم الغذائية مع تخفيض حاد في الأجور، وحرمان العاملين من جميع الامتيازات والإضافات السابقة على أجورهم، وأخيراً طالت رواتب المتقاعددين فجمدتها.
والمعروف أن دول الاتحاد الأوروبي لا تسمح بأن يتعدى العجز لدى أي دولة من دوله أكثر من 3٪ ولكنه تغاضى عن النسبة اليونانية 12،7٪ أملاً في أن تأتي سياسة التقشف المرهقة للشعب أكلها في نهاية شباط الماضي، ولكن شباط انتهى والأزمة مازالت تتعمق، ولاسيما أن أوروبا تركت اليونان تتخبط في مستنقع أزمتها، دون أن يكون لدى أوروبا المأزومة قدرة على انتشال اليونان. في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز دويتشلاند» أعرب رئيس البنك المركزي اليوناني جورج بروفوبولوس ، عن قناعته بأن إجراءات الحكومة ستمكن اليونان من الخروج من أزمة الموازنة بوسائلها الخاصة.
لماذا اليونان؟ الحقيقة أن اليونان هي البداية، فالحكومة اليونانية السابقة حكومة حزب «الديمقراطية الجديدة» اليميني ، هي التي وافقت على شروط الاتحاد الأوروبي ، فهذه الشروط وهي في الواقع شروط الاحتكارات الأوروبية الرأسمالية الكبرى . إذ أرغمت اليونان على التخلي عن زراعات استراتيجية مهمة كالزيتون والحمضيات، والتخصص باستبدال زراعة هاتين المادتين بزراعة الأزهار والورد، لأن زراعة الزيتون والحمضيات من اختصاص إيطاليا وإسبانيا، أما تربية الماشية فهي من اختصاص هولندا، وهكذا تحت ذريعة التخصصية فقدت اليونان قطاعاً حيوياً من قطاعاتها الاقتصادية المهمة جداً ، وتدفقت على اليونان رؤوس الأموال الاستثمارية في مشروعات تخدم في الواقع استثمارات دول رأس المال، دون الأخذ بعين الاعتبار قدرة اليونان على سداد المستحقات المترتبة عليه حيال هذه المشروعات. ولجأت الحكومة اليونانية إلى سياسة الخصخصة لجمع ما يمكن من مبالغ لسداد الديون، ووصل الأمر بالاتحاد الأوروبي أن طلب من الحكومة اليونانية أن تبيع عدداً من جزرها الجميلة جداً كي تسدد ديونها البالغة كما أسلفنا نحو 408 مليارات دولار. ولكن لا الحكومة الاشتراكية حكومة الباسوك ولا الاتحاد الأوروبي يقدّران بدقة نتائج هذه السياسة التي أنتجتها سياسات الليبرالية الانفتاحية منذ عشر سنوات، ورغم جميع المحاولات لتلافي الوقوع في الأزمة ولكن السياسة الخاطئة ستكون لها نتائج خاطئة بالضرورة.
ولجوء الحكومة اليونانية لبيع العديد من المنشآت الحكومية لم تساعدها على تلافي الأزمة، وكما شبه الوضع أحد الاقتصاديين الأوروبيين الكبار بقوله: إنها تشبه عملية ضخ دم لمريض ينزف دوماً داخلياً .
ورداً على إجراءات الحكومة هب المتضررون من سياسة التقشف الجائرة بإضرابات واسعة جداً شملت أكثر من عشرين مدينة يونانية.
ويقول المناهضون للعولمة الاقتصادية الرأسمالية: إن الحل يكمن في تغيير النهج الاقتصادي القائم وايجاد البديل الوطني القادر على حماية اليونان من الوحش الاحتكاري الأوروبي الكبير. ويقول المحللون: إذا ما عولجت أزمة اليونان في دومينو الأزمة سيصل بالضرورة إلى جميع الدول الأطراف في الاتحاد الأوروبي بعد دولة المركزية، ما يهدد بفرط عقد اليورو بوصفه عنوان الاتحاد الأوروبي الذي قال ذات يوم عنه في بداية القرن العشرين، وعندما كان مجرد شعار: إنه غير ممكن التحقيق أو سيكون رجعياً وتعسفياً في ظل الرأسمالية المتوحشة!!
][/size]