منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#62652
أثار قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بفرض حظر جوّي على الأجواء الليبية جدلاً واسعاً بشأن مدى قبول التدخّل الخارجي في قضايا الدول العربية الداخلية, فقد حظي التدخل ،هذه المرة، بقبول شعبي ورسمي إلى حدٍّ ما، بعد أن كانت الشعوب العربية ترفضه على مدى العقود الماضية. ويرى معارضو التدخل الخارجي أنه يشكّل أكبر تهديد للأمن الوطني للدول العربية مرتكزين على التجارب التاريخية للتدخلات الأجنبية في البلاد العربية, وما أفرزته من مشاكلَ اجتماعية وسياسية واقتصادية. بينما يرى الطرف الآخر في حالة ليبيا أنّ التدخل الخارجي ضرورة من أجل تحقيق الديمقراطية المنشودة في الوطن العربي. أمّا في حالة بعض الدول العربية والتي تقع في بؤر الأزمات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, فالنظام السياسي لكل منها يضع الأمن الوطني فوق كل اعتبار مبرراً بذلك إغفاله لمسألة الديمقراطية. والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل هناك علاقة بين الديمقراطية والأمن القومي؟ وما هو دور المؤسّسات السياسية في ضمان الأمن القومي؟

تختلف أهمّ نظريّتين في العلاقات الدولية ( الواقعية والليبرالية) على أولويات الدولة. فالنظرية الواقعية ترى أنّ الدول تعرف مصلحتها الوطنية بالأمن القومي بالدرجة الأولى, واضعة إيّاه على رأس أولوياتها. أمّا النظرية الليبرالية فترى أنّ المصلحة الوطنية متعدّدة الجوانب, فأيّ مسألة من الممكن أن تقع على رأس أولويات الدولة كالاقتصاد أو البيئة أو الأمن القومي. لكن وزير الدفاع الأمريكي "روبرت ماكنمارا" ،إبّان فترة الحرب الأمريكية على فيتنام، قدّم تعريفاً موسّعاً للأمن القومي يتضمّن تقاطعاً لرؤية كلٍّ من النظريتين السابقتين, وذلك عندما ربط بين الأمن والتنمية. فالأمن بالنسبة إلى ماكنمارا ليس القوّة العسكرية وإن كان يتضمّنها. بل هو التّنمية، ومن دونها لا يمكن أن يوجد أمْن, والدّول النامية التي لا تنمو في الواقع، لا يمكن ببساطة أن تظلّ آمنة.