- الجمعة أكتوبر 17, 2008 9:21 pm
#5885
نهاية التاريخ ومآل الرأسمالية
من المسلم به أن أي نظام ما هو إلا نتاج لبيئة تتضافر فيها كل المقومات الاجتماعية والاقتصادية والسياسة، فالظروف الموضوعية والذاتية الخاصة بهذه البيئة هي التي تحدد هذا النظام وتسبغ عليه خصائصه وسماته، ليعود هذا النظام ويؤثر في تلك البيئة من خلال توجهاته وقراراته التي يتخذها والتي تمس جميع الأصعدة اجتماعية كانت أم اقتصادية أم سياسية.ويقودنا هذا كله إلى نتيجة مفادها أن بيئة النظام الرأسمالي تختلف اختلافا كليا عن بيئة النظام الاشتراكي.
وتشير الخلفية التاريخية إلى أن حركة الكشوف الجغرافية في منتصف القرن التاسع عشر وازدهار التجارة قد ساعدتا على بروز طبقة تجارية قد راكمت ثرواتها مما كانت النواة الأولى في تشكيل المجتمعات الرأسمالية في الدول الغربية .وبشكل عام يشير مصطلح الرأسمالية إلى نظام اقتصادي تكون فيه وسائل الإنتاج مملوكة ملكية خاصة أو مملوكة لشركات تعمل بهدف الربح و يكون التوزيع والإنتاج وتحديد الأسعار محكوما بالسوق الحر والعرض والطلب . وبناء علية وحسب كارل ماركس تعد الرأسمالية ثمرة التطور الصناعي والنقلة النوعية من وسائل الإنتاج المتخلفة في العصر الإقطاعي إلى وسائل إنتاج متطورة فيما يعرف بالثورة الصناعية.
كان من الطبيعي أن تفرز هذه الأوضاع بنيانا فكريا يتواءم معها فظهرت أعمدة البناء السياسي لتلبى متطلبات البناء الاقتصادي حيث بدأت تدب أركان الفكر الليبرالي في تلك المجتمعات ،وأصبح الوضع الطبيعي داخل تلك المجتمعات الانقسام الطبقي فهناك طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء طبقة تؤول إليها مقاليد السلطة السياسية والاقتصادية وفى الجانب الأخر طبقة فقيرة عامله أطلق عليها ماركس ( البروليتاريا)مما أدى إلى الاختلال في توزيع الدخول وأوجد نوع من الإحساس بالدونية والاستغلال.
من هنا انطلقت أفكار كل من كارل ماركس و إنجليز والتي تصور تاريخ البشر بأنه صراع اجتماعي تستطيع فيه الطبقة المسحوقة أن تنتصر على الطبقة البرجوازية من خلال السيطرة على قوى الإنتاج الفردية وتقوم الطبقة الظافرة بإعلان ديكتاتورية البروليتاريا وهى خطوة في طريق التحول إلى الاشتراكية الشيوعية حتى تسود الشيوعية العالم كله.
وبذلك تهتم الاشتراكية بالجانب الاقتصادي باعتباره الأساس الذي تبنى علية الحريات على حساب الجانب السياسي فلا للتعددية الحزبية ولا للحريات كما هي واضحة في النظام الرأسمالي على سبيل المثال حرية التعبير وحرية التظاهر الخ . وبهذا تتحدد ملامح النظام الاشتراكي من خلال الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج والتخطيط المركزي على مستوى الدولة ووحدة السلطة وتركزها بالإضافة إلى وجود حزب واحد يعبر عن مصالح الشعب بأسره( الحزب الشيوعي).
إلا أنه ما لبث و أسدل الستار على تجربة أول نظام اشتراكي يقوم على أفكار ماركس وإنجليز ولينين. بانهيار الاتحاد السوفييتي في العام 1991 عندما استلم بوريس يلتسن مقاليد الحكم ، وكان قدوم الرئيس السوفييتي ميخائيل غورباتشوف وخططه الواعدة بإعادة البناء وخفض حمى التوتر السوفييتي الأمريكي قد مهد الطريق إلى الانهيار السلمي نوعا ما.ويبقى الجدل إلى اليوم هل كان السبب في انهيار الإتحاد السوفييتي خلل في النظرية الاشتراكية ذاتها أو هو خلل في التطبيق.
انطلقت الأقلام المعارضة للفكر الاشتراكي لتبرز أهم مساوئ هذا النظام والتي أهمها التفسير المادي للتاريخ الذي صاغه كارل ماركس بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حين اعتبرت أن فكرة الانتقال إلى الشيوعية فكرة فلسفية خيالية وإن تكن براقة في جوهرها لكنها لن تتحقق أبدا. كذلك التكهن بقيام الاشتراكية في الدول الصناعية الكبرى من وجهه نظرهم فكرة أبعد ما تكون عن الواقع فالاشتراكية كأيدلوجية ونظام لا تصلح في تلك المجتمعات ولا يمكن أن تقدم حلولا حقيقية في أوقات الأزمات لاسيما أن اقتصاد تلك الأنظمة أصبح بالغ التعقيد بالقدر الذي لا يمكن للتخطيط المركزي الاشتراكي أن يشمله بالكامل أو يسيطر علية.و بأفول نجم الاشتراكية أسدل الستار على كثير من الأنظمة الاشتراكية خاصة في أوربا الشرقية ولم تبقى أي دولة متبنية للنظام الشيوعي سوى الصين وكوريا الشمالية وكوبا, التي يشكك بتطبيقها للنظام الشيوعي أصلاً.
في المقابل سطع النجم الرأسمالي و وجد مروجيه الفرصة السانحة لسبر أفكاره وتدشين ملامحه والتي أبرزها ظاهرة العولمة فها هو فرانسيس فوكوياما في مقولته الشهيرة "نهاية التاريخ" والذي يشير فيها إلى مآل العالم ونهاية التاريخ في أحضان الرأسمالية بانتصار حاسم للديمقراطية الليبرالية الغربية الرأسمالية . وإن كانت الاشتراكية يشوبها الكثير فإن الرأسمالية أيضا لم تكن أبدا الحل الأمثل للنظم القائمة- خاصة في الدول النامية- فعلى سبيل المثال حينما تقدم الرأسمالية هباتها البراقة فهي في الواقع تدشن منظومة الفروق الطبقية بالإضافة إلى انتشار البطالة و ازدياد حدة المنافسة والاحتكار في ظل حرية الأسواق.
في إطار هذا الجدل الجاري بين أنصار كلا الاتجاهين خاصة وأن فكر العولمة قد أصبح واقعا ملموسا لا يمكن تجاهله أو رفضه ظهر اتجاه توفيقي كطريق وسطى بين كل من الرأسمالية والاشتراكية وعلى حد قول الأستاذ/السيد ياسين أنه ليس مجرد نظرية جديدة تحاول التأليف بين ايجابيات كل من الاشتراكية والرأسمالية إنما هو عبارة عن حركة سياسية نشطة يقوم بالدور الفاعل منها حكومات غربية متعددة كترجمة صادقة للتكيف الأصيل لكل من النخبة السياسية والمفكرين والجماهير لمتغيرات العصر فهي إعلان بارز عن تحولات خطيرة في المزاج السياسي للجماهير ويقوم هذا الاتجاه بالتوفيق بين الفردية والجماعية على الصعيد الأيدلوجي والاقتصادي والسياسي بين العلمانية والدين بين القطاع العام والقطاع الخاص بين عمومية مقولة الديمقراطية وخصوصية التطبيق بين المصلحة القطرية والمصلحة الإقليمية بين تحديث الإنتاج وزيادة الاستهلاك وتنوعه بين الدولة المركزية في مواجهه التجمعات المحلية.
على أي حال لم يثمر هذا الجدل عن واقع فعلى قابل للتطبيق وظل النموذج الأمريكي هو النموذج المثالي للنظام الرأسمالي خاصة في ظل الانفرادية الدولية إلا أن ما يمر به هذا النظام حاليا من خلال تعرضه لأزمة تعد من أخطر المراحل التى تواجهه أصبح من العسير التكهن بمآل هذا النظام خاصة حينما اعترف أحد أبرز الفلاسفة والمفكرين الأمريكيين المعاصرين أن بعض مفاهيم الرأسمالية سقط مع انهيار كبرى الشركات في "وول ستريت" والذي تسبب في أكبر أزمة مالية يشهدها العالم منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي.
ففي مقال بعنوان "انهيار أمريكا كمؤسسة" نشرته مجلة نيوزويك في عددها هذا الأسبوع, كتب فرانسيس فوكوياما يقول: إن الولايات المتحدة لن تنعم بوضعها الذي ظلت تتمتع به حتى الآن كقوة مهيمنة على العالم.
وأضاف أن قدرة أمريكا على صياغة الاقتصاد الدولي عبر الاتفاقيات التجارية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ستضعف وستتضاءل معها موارد البلاد المالية, كما أن المفاهيم والنصائح وحتى المعونات التي تقدمها للعالم لن تحظى بذلك الترحيب الذي تتلقاه الآن.
غير أنه ما لبث أن استدرك قائلاً: لكن ليس من الواضح أن النموذج الصيني أو الروسي سيصيب نجاحًا ملموسًا أفضل من الصيغة الأمريكية.
وخلص إلى القول في هذا الصدد أن التعامل "غير المستنير" مع أزمة وول ستريت المالية يكشف أن التغيير الأكبر الذي يتعين على الولايات المتحدة إجراؤه يكمن في صعيد السياسة, وأن الاختبار الأخير للنموذج الأمريكي يتمثل في قدرته على إعادة اكتشاف نفسه، ذلك أن النموذج الجيد هو ذلك الذي يملك "المنتَج المناسب" لترويجه قبل كل شيء وإليه تنسب الديمقراطية.
ولأول مرّة أجاز الرئيس الأميركي جورج بوش تدخلاً حكومياً شاملاً «لا سابق له» بـ«مبالغ طائلة» سيدفعها المكلفون الأميركيون لإنقاذ السوق المالية المترنحة تحت وطأة أسوأ أزمة تواجه النظام الرأسمالي المعولم منذ أزمة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية ومجلس الاحتياط الفيدرالي خططاً، يمكن أن يصل ثمنها إلى «مئات المليارات» من الدولارات لدعم تريليوني دولار من الأصول النقدية في السوق ولشراء الديون الهالكة للمصارف والمؤسسات المالية المختلفة، الأمر الذي يكشف عن تدخل غير معهود في الأنظمة الرأسمالية. وتستند هذه الخطة إلى قيام الحكومة الأميركية الاتحادية بشراء الديون العقارية التي يعجز أصحابها عن الوفاء بها حالياً من البنوك والمؤسسات المالية الأخرى، لإنقاذ البنوك من الإفلاس، وتعتبر أكبر استخدام مباشر لأموال دافعي الضرائب في الأزمة المالية الراهنة.
يعد تدخل الدولة سابقة غير معهودة في نظم رأسمالية، كانت تعتبر كل المشاكل والأزمات تنجم عن الدولة وتدخلها في الأسواق، لكن الوضع الحرج اقتضى التدخل في النظرية الرأسمالية التي تتيح لشركات، وربما لأفراد، التحكم بسياسات دولة، وفي العولمة التي اجترحت سياسات نظام مالي عالمي، يمكن فيه أن يهدد مصير بنك أو شركة عملاقة دول العالم، ويهدد مليارات البشر ويبدد أموالهم، في وقت يعاني منه نحو مليار إنسان من خطر الموت جوعاً وعطشاً.
وبناء على ما سبق هل يمكن القول أننا على مشارف انتهاء عصر الهيمنة وأفول نجم الرأسمالية ؟و هل تمر الليبرالية الأمريكية بمرحلة اشتراكية ؟
الإجابة فى ذمة الأيام ............................
من المسلم به أن أي نظام ما هو إلا نتاج لبيئة تتضافر فيها كل المقومات الاجتماعية والاقتصادية والسياسة، فالظروف الموضوعية والذاتية الخاصة بهذه البيئة هي التي تحدد هذا النظام وتسبغ عليه خصائصه وسماته، ليعود هذا النظام ويؤثر في تلك البيئة من خلال توجهاته وقراراته التي يتخذها والتي تمس جميع الأصعدة اجتماعية كانت أم اقتصادية أم سياسية.ويقودنا هذا كله إلى نتيجة مفادها أن بيئة النظام الرأسمالي تختلف اختلافا كليا عن بيئة النظام الاشتراكي.
وتشير الخلفية التاريخية إلى أن حركة الكشوف الجغرافية في منتصف القرن التاسع عشر وازدهار التجارة قد ساعدتا على بروز طبقة تجارية قد راكمت ثرواتها مما كانت النواة الأولى في تشكيل المجتمعات الرأسمالية في الدول الغربية .وبشكل عام يشير مصطلح الرأسمالية إلى نظام اقتصادي تكون فيه وسائل الإنتاج مملوكة ملكية خاصة أو مملوكة لشركات تعمل بهدف الربح و يكون التوزيع والإنتاج وتحديد الأسعار محكوما بالسوق الحر والعرض والطلب . وبناء علية وحسب كارل ماركس تعد الرأسمالية ثمرة التطور الصناعي والنقلة النوعية من وسائل الإنتاج المتخلفة في العصر الإقطاعي إلى وسائل إنتاج متطورة فيما يعرف بالثورة الصناعية.
كان من الطبيعي أن تفرز هذه الأوضاع بنيانا فكريا يتواءم معها فظهرت أعمدة البناء السياسي لتلبى متطلبات البناء الاقتصادي حيث بدأت تدب أركان الفكر الليبرالي في تلك المجتمعات ،وأصبح الوضع الطبيعي داخل تلك المجتمعات الانقسام الطبقي فهناك طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء طبقة تؤول إليها مقاليد السلطة السياسية والاقتصادية وفى الجانب الأخر طبقة فقيرة عامله أطلق عليها ماركس ( البروليتاريا)مما أدى إلى الاختلال في توزيع الدخول وأوجد نوع من الإحساس بالدونية والاستغلال.
من هنا انطلقت أفكار كل من كارل ماركس و إنجليز والتي تصور تاريخ البشر بأنه صراع اجتماعي تستطيع فيه الطبقة المسحوقة أن تنتصر على الطبقة البرجوازية من خلال السيطرة على قوى الإنتاج الفردية وتقوم الطبقة الظافرة بإعلان ديكتاتورية البروليتاريا وهى خطوة في طريق التحول إلى الاشتراكية الشيوعية حتى تسود الشيوعية العالم كله.
وبذلك تهتم الاشتراكية بالجانب الاقتصادي باعتباره الأساس الذي تبنى علية الحريات على حساب الجانب السياسي فلا للتعددية الحزبية ولا للحريات كما هي واضحة في النظام الرأسمالي على سبيل المثال حرية التعبير وحرية التظاهر الخ . وبهذا تتحدد ملامح النظام الاشتراكي من خلال الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج والتخطيط المركزي على مستوى الدولة ووحدة السلطة وتركزها بالإضافة إلى وجود حزب واحد يعبر عن مصالح الشعب بأسره( الحزب الشيوعي).
إلا أنه ما لبث و أسدل الستار على تجربة أول نظام اشتراكي يقوم على أفكار ماركس وإنجليز ولينين. بانهيار الاتحاد السوفييتي في العام 1991 عندما استلم بوريس يلتسن مقاليد الحكم ، وكان قدوم الرئيس السوفييتي ميخائيل غورباتشوف وخططه الواعدة بإعادة البناء وخفض حمى التوتر السوفييتي الأمريكي قد مهد الطريق إلى الانهيار السلمي نوعا ما.ويبقى الجدل إلى اليوم هل كان السبب في انهيار الإتحاد السوفييتي خلل في النظرية الاشتراكية ذاتها أو هو خلل في التطبيق.
انطلقت الأقلام المعارضة للفكر الاشتراكي لتبرز أهم مساوئ هذا النظام والتي أهمها التفسير المادي للتاريخ الذي صاغه كارل ماركس بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حين اعتبرت أن فكرة الانتقال إلى الشيوعية فكرة فلسفية خيالية وإن تكن براقة في جوهرها لكنها لن تتحقق أبدا. كذلك التكهن بقيام الاشتراكية في الدول الصناعية الكبرى من وجهه نظرهم فكرة أبعد ما تكون عن الواقع فالاشتراكية كأيدلوجية ونظام لا تصلح في تلك المجتمعات ولا يمكن أن تقدم حلولا حقيقية في أوقات الأزمات لاسيما أن اقتصاد تلك الأنظمة أصبح بالغ التعقيد بالقدر الذي لا يمكن للتخطيط المركزي الاشتراكي أن يشمله بالكامل أو يسيطر علية.و بأفول نجم الاشتراكية أسدل الستار على كثير من الأنظمة الاشتراكية خاصة في أوربا الشرقية ولم تبقى أي دولة متبنية للنظام الشيوعي سوى الصين وكوريا الشمالية وكوبا, التي يشكك بتطبيقها للنظام الشيوعي أصلاً.
في المقابل سطع النجم الرأسمالي و وجد مروجيه الفرصة السانحة لسبر أفكاره وتدشين ملامحه والتي أبرزها ظاهرة العولمة فها هو فرانسيس فوكوياما في مقولته الشهيرة "نهاية التاريخ" والذي يشير فيها إلى مآل العالم ونهاية التاريخ في أحضان الرأسمالية بانتصار حاسم للديمقراطية الليبرالية الغربية الرأسمالية . وإن كانت الاشتراكية يشوبها الكثير فإن الرأسمالية أيضا لم تكن أبدا الحل الأمثل للنظم القائمة- خاصة في الدول النامية- فعلى سبيل المثال حينما تقدم الرأسمالية هباتها البراقة فهي في الواقع تدشن منظومة الفروق الطبقية بالإضافة إلى انتشار البطالة و ازدياد حدة المنافسة والاحتكار في ظل حرية الأسواق.
في إطار هذا الجدل الجاري بين أنصار كلا الاتجاهين خاصة وأن فكر العولمة قد أصبح واقعا ملموسا لا يمكن تجاهله أو رفضه ظهر اتجاه توفيقي كطريق وسطى بين كل من الرأسمالية والاشتراكية وعلى حد قول الأستاذ/السيد ياسين أنه ليس مجرد نظرية جديدة تحاول التأليف بين ايجابيات كل من الاشتراكية والرأسمالية إنما هو عبارة عن حركة سياسية نشطة يقوم بالدور الفاعل منها حكومات غربية متعددة كترجمة صادقة للتكيف الأصيل لكل من النخبة السياسية والمفكرين والجماهير لمتغيرات العصر فهي إعلان بارز عن تحولات خطيرة في المزاج السياسي للجماهير ويقوم هذا الاتجاه بالتوفيق بين الفردية والجماعية على الصعيد الأيدلوجي والاقتصادي والسياسي بين العلمانية والدين بين القطاع العام والقطاع الخاص بين عمومية مقولة الديمقراطية وخصوصية التطبيق بين المصلحة القطرية والمصلحة الإقليمية بين تحديث الإنتاج وزيادة الاستهلاك وتنوعه بين الدولة المركزية في مواجهه التجمعات المحلية.
على أي حال لم يثمر هذا الجدل عن واقع فعلى قابل للتطبيق وظل النموذج الأمريكي هو النموذج المثالي للنظام الرأسمالي خاصة في ظل الانفرادية الدولية إلا أن ما يمر به هذا النظام حاليا من خلال تعرضه لأزمة تعد من أخطر المراحل التى تواجهه أصبح من العسير التكهن بمآل هذا النظام خاصة حينما اعترف أحد أبرز الفلاسفة والمفكرين الأمريكيين المعاصرين أن بعض مفاهيم الرأسمالية سقط مع انهيار كبرى الشركات في "وول ستريت" والذي تسبب في أكبر أزمة مالية يشهدها العالم منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي.
ففي مقال بعنوان "انهيار أمريكا كمؤسسة" نشرته مجلة نيوزويك في عددها هذا الأسبوع, كتب فرانسيس فوكوياما يقول: إن الولايات المتحدة لن تنعم بوضعها الذي ظلت تتمتع به حتى الآن كقوة مهيمنة على العالم.
وأضاف أن قدرة أمريكا على صياغة الاقتصاد الدولي عبر الاتفاقيات التجارية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ستضعف وستتضاءل معها موارد البلاد المالية, كما أن المفاهيم والنصائح وحتى المعونات التي تقدمها للعالم لن تحظى بذلك الترحيب الذي تتلقاه الآن.
غير أنه ما لبث أن استدرك قائلاً: لكن ليس من الواضح أن النموذج الصيني أو الروسي سيصيب نجاحًا ملموسًا أفضل من الصيغة الأمريكية.
وخلص إلى القول في هذا الصدد أن التعامل "غير المستنير" مع أزمة وول ستريت المالية يكشف أن التغيير الأكبر الذي يتعين على الولايات المتحدة إجراؤه يكمن في صعيد السياسة, وأن الاختبار الأخير للنموذج الأمريكي يتمثل في قدرته على إعادة اكتشاف نفسه، ذلك أن النموذج الجيد هو ذلك الذي يملك "المنتَج المناسب" لترويجه قبل كل شيء وإليه تنسب الديمقراطية.
ولأول مرّة أجاز الرئيس الأميركي جورج بوش تدخلاً حكومياً شاملاً «لا سابق له» بـ«مبالغ طائلة» سيدفعها المكلفون الأميركيون لإنقاذ السوق المالية المترنحة تحت وطأة أسوأ أزمة تواجه النظام الرأسمالي المعولم منذ أزمة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية ومجلس الاحتياط الفيدرالي خططاً، يمكن أن يصل ثمنها إلى «مئات المليارات» من الدولارات لدعم تريليوني دولار من الأصول النقدية في السوق ولشراء الديون الهالكة للمصارف والمؤسسات المالية المختلفة، الأمر الذي يكشف عن تدخل غير معهود في الأنظمة الرأسمالية. وتستند هذه الخطة إلى قيام الحكومة الأميركية الاتحادية بشراء الديون العقارية التي يعجز أصحابها عن الوفاء بها حالياً من البنوك والمؤسسات المالية الأخرى، لإنقاذ البنوك من الإفلاس، وتعتبر أكبر استخدام مباشر لأموال دافعي الضرائب في الأزمة المالية الراهنة.
يعد تدخل الدولة سابقة غير معهودة في نظم رأسمالية، كانت تعتبر كل المشاكل والأزمات تنجم عن الدولة وتدخلها في الأسواق، لكن الوضع الحرج اقتضى التدخل في النظرية الرأسمالية التي تتيح لشركات، وربما لأفراد، التحكم بسياسات دولة، وفي العولمة التي اجترحت سياسات نظام مالي عالمي، يمكن فيه أن يهدد مصير بنك أو شركة عملاقة دول العالم، ويهدد مليارات البشر ويبدد أموالهم، في وقت يعاني منه نحو مليار إنسان من خطر الموت جوعاً وعطشاً.
وبناء على ما سبق هل يمكن القول أننا على مشارف انتهاء عصر الهيمنة وأفول نجم الرأسمالية ؟و هل تمر الليبرالية الأمريكية بمرحلة اشتراكية ؟
الإجابة فى ذمة الأيام ............................
أنت تكتب ليس من أجل أن تثير أراء الأخرين ،،،،إنما تكتب كى تُفهم