منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#63577
ايران والبحرين ما بعد فوز روحانى
---
مثّل فوز حسن روحانى بمنصب رئيس الجمهورية فى الانتخابات الرئاسية الايرانية الاخيرة التى جرت فى الرابع عشر من يونيو 2013، بداية مختلفة لدى الجميع بشأن السياسات الايرانية او قد تخيل او تصور البعض ان ثمة تغير سوف تشهده السياسية الايرانية فى عهد روحانى بعيدا عما اصابها من تشدد وتصلب فى عهد احمد نجاد. وعلى الرغم من صحة مثل هذه التصورات فى جزء منها فى اشارة واضحة الى التصريحات التى ابدها روحانى خلال فترة الانتخابات سواء على المستوى الداخلى او الخارجى، بما قد اوحى الى البعض ان ايران مقبلة على تحولات ايجابية فى سياستها، وهو امر يفتقد الى الدقة العلمية والفهم الدقيق لمجريات الامور فى الجمهورية الايرانية، قد يصل الى مستوى الجهل بهياكل السلطة واجهزتها واختصاصاتها فى بنية النظام الايرانى، حيث وجب التمييز بين النظام الايرانى والحكومة الايرانية، فالنظام الايرانى لديه الثوابت والخطوط الحمراء فى سياسته الخارجية والداخلية والتى يتحكم فيها المرشد الاعلى للدولة، اما الحكومة الايرانية فهى التى تتولى التنفيذ ويتولى ذلك رئيس الجمهورية. ماذا يعنى هذا؟ يعنى ان السياسة الايرانية لن تتغير بمجئ رئيس للجمهورية ينتمى الى اى الفريقين الاصلاحيين او المحافظين مع الاخذ فى الاعتبار ان الفوارق بينهم ليست جوهرية وإنما الاختلاف فى الاليات وطرق التنفيذ.
وعلى هذا، فمن غير المتوقع ان تشهد السياسة الايرانية تغيرا فى موقفها تجاه دول الخليج وقضاياها، صحيح ان الخطاب الذى وجهه روحانى الى ضرورة فتح صفحة جديدة من العلاقات مع الجوار الخليجى وفى المقدمة منه المملكة العربية السعودية، إلا انه من الصحيح ايضا ان قراءة هذا الخطاب توضح امرين مهمين: الاول، أنه تضمن بين جنباته نفس المضمون الذى تحمله السياسة الايرانية تجاه دول الخليج وهو استمرار سياستها القائمة على التدخل فى الشئون الداخلية لدول الخليج بل اكثر من ذلك التدخل فى الشئون الداخلية للشعوب الخليجية ومحاولة زعزعة الاستقرار بها، وهو ما اتضح فى حديثه عن الاوضاع فى مملكة البحرين حينما اشار الى اهمية السلام المجتمعى والوحدة الوطنية إلا انه طالب بتحقيق طموحات الشعب البحرينى المشروعة وكأنه وصى على الشعب والمدافع عنه وعن تطلعاته وطموحاته وتناسى ان هذا يعنى صراحة ودون مواربة تدخلا مباشرا فى الشئون الداخلية للمملكة. اما الامر الثانى، ان موقفه من الازمة السورية يتعارض كلية مع موقف دول الخليج الداعية الى الاستجابة لتطلعات الشعب الثورى دون ان يمتد ذلك الى التدخل فى شئونه او فرض رأى عليه، وإنما الاوضاع على ارض الواقع السورى تفرض على المجتمع الدولى ضرورة الوقوف فى وجه نظام الاسد الاستبدادى القاتل.
خلاصة القول أن الذين يرحبون بفوز روحانى كونه – من وجهة نظرهم- يمثل الاعتدال فى السياسة الايرانية، يكشف عن فهم خاطئ وتصور مضلل لحقيقة السياسة الايرانية وكيفية صنعها وتحديد توجهاتها. فتركز كل خيوط اللعبة فى يد المرشد الاعلى تعنى ثبات السياسات وتغير الاليات وتنوعها. وهو ما يفرض على دول الخليج بصفة عامة ومملكة البحرين على وجه الخصوص الحذر من مثل هذه التصريحات الخادعة، صحيح ان ليس من شأنها التدخل فى الشئون الداخلية للدولة الايرانية والتأثير على ارادة الشعب الايرانى، إلا انه من الصحيح كذلك ان تأخذ حذرها من الالاعيب الايرانية فى الشئون الخليجية بصفة عامة والشأن البحرينى على وجه التحديد، وهو ما يدركه رئيس الوزراء البحرينى الامير خليفة بن سلمان بحنكته وفراسته وخبرته فى ادارة شئون البلاد وفهمه لسياسات الدول الاخرى خاصة التى لديها مطامع فى المملكة، فقد نجح فى الوقوف بحزم فى وجه تلك التهديدات والتدخلات التى تمارسها الدولة الايرانية حيال الشعب البحرينى الذى وقف صفا واحدا خلف قيادته ادراكا منه بدورها فى اقامة الدولة البحرينية المستقلة وبناء نهضتها.