- السبت ديسمبر 07, 2013 6:50 pm
#68282
خلال حملته والفترة الأولى من إدارته طرح باراك أوباما نظريته عن الاضطرابات في الشرق الأوسط الكبير. وقال إن أحد الأسباب وراء ذلك التدخل في العراق الذي غذى الشعور المعادي للولايات المتحدة وزاد من أعداد الإرهابيين المحتملين. وكان السبب الآخر فشل عملية السلام العربية - الإسرائيلية التي أكدت الإدارة على سعيها للتوصل إلى حل (كما لو أن الرؤساء الآخرين لم يحاولوا التوصل إلى حل جاد لها). وأكد أوباما على أنه سيعيد التركيز على الحرب على الإرهاب، وبشكل أكثر تحديدا على أفغانستان و«القاعدة»، والتخلي عن عقيدة بوش التي سعت إلى «فرض الديمقراطية بفوهة البندقية».
وقد لخصت كلمة أوباما في القاهرة في الرابع من يونيو (حزيران) عام 2009 هذا التحليل، مغلفا بطموح كبير. وفي وقت كانت القوات الأميركية لا تزال فيه على الأرض، رفض أوباما وصف العراق بـ«حرب اختيار»، ووجه عددا من الانتقادات - إن لم يكن اعتذارا - للسياسة الأميركية خلال الحرب الباردة وإدارة بوش، ثم تحرك على نحو مناقض لها تماما. وقدم هو نفسه ترياقا لمعاداة الولايات المتحدة، فقد تعرف على الإسلام في ثلاث قارات وسمع الأذان في الفجر والغسق.
كانت تلك بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم، بداية قائمة على مصالح واحترام متبادل، مؤكدا على أن الاحترام الأميركي غير الكافي كان جزءا من المشكلة، ومن ثم سيكون أوباما جسرا بين الحضارات.
بعد ضخ توقعات بلغت حجم بالون موكب عيد الشكر، سادت حالة من الاستياء بعد النتائج المخيبة للآمال، فلم تستجب التحديات التاريخية للتغيرات في نبرته وشخصيته. ولم يكن للأمور التي استحوذت على خبراء السياسة الليبراليين - العراق وعملية السلام العربية الإسرائيلية والسياسات المختلفة للحرب على الإرهاب - سوى علاقة محدودة بالفوضى الجارية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
هذه منطقة من المجتمعات المفككة، الفاشلة نتيجة الفساد والطغاة المستبدين، فقد قوض حسني مبارك المعارضة الشرعية، وأجبر المعارضة إلى اللجوء إلى المساجد الراديكالية، وتسبب في بؤس اقتصادي وبطالة واسعة، وحولوا الانتباه بعيدا عن إخفاقاتهم بإلقاء اللائمة على الأجانب وتشجيع نظرية المؤامرة. من الصعب تخيل نظام سياسي أفضل من ذلك لإنتاج الاستياء والراديكالية والشغب بأدنى قدر من الاستفزاز.
وأدى انهيار النظام القديم إلى إطلاق قوى خطرة تم استغلالها من قبل جماعات إسلامية لا يمكن إرضاؤها، لكن الحفاظ على النظام السابق لم يكن خيارا؛ لأن مبارك وابنه ذا القدرات المتواضعة لم يكونا ليستمرا إلى ما لا نهاية بدون هراوات. سقط الطغاة لأنهم فشلوا، وعلى مدى سنوات كانت الولايات المتحدة تتعامل مع الاضطرابات الناتجة؛ لاستباق التهديدات ودعم اللاعبين السياسيين الأكثر قبولا. كانت الرهانات كبيرة والأدوات محدودة.
كانت طموحات أوباما ساذجة، لكن كيف تصرف تجاه الأوضاع التي رفضت العودة إلى ما كانت عليه؟
كان أوباما دون شك مشابها إلى حد بعيد لجورج بوش في مجال الأمن، فالتهديدات الموجهة إلى الأراضي الأميركية زادت نتيجة الملاذات الآمنة للإرهابيين: أماكن تجمع وتدريب وتخطيط الإرهابيين. وكان لدى الإرهاب في باكستان واليمن ومناطق أخرى من الأسباب ما يجعله يشعر بالقلق بسبب الطائرات الأميركية من دون طيار وقوات العمليات الخاصة. وواصل أوباما، على الأغلب، التعامل مع الحرب على الإرهاب العالمي باعتبارها حربا حقيقية لا باعتبارها عملية تطبيق القانون.
على الجانب الآخر، كان أوباما مشوشا في تقديم العون للتحول الديمقراطي، ففي خطاب السياسة في 19 مايو (أيار) 2011 أعلن المنافس اللدود لعقيدة بوش المعلنة أن «الطغاة سيسقطون»، وأن دعم الإصلاح الديمقراطي يشكل لب المصلحة الأميركية. وكانت الجهود في تونس وليبيا قوية نسبيا، لكن رد الفعل تجاه قيام الحكومة المصرية بملاحقة المنظمات الداعمة للديمقراطية كان بطيئا، وكانت الدعوة إلى الإصلاح في دول الخليج - حيث لن يتأخر الانتقال السياسي إلى الأبد - ضعيفة.
كان الفشل الأكبر في نهج إدارة أوباما تجاه الشرق الأوسط عشوائيته الجيوسياسية الواضحة؛ فقد جاء دعمه للثورة الخضراء في إيران متأخرا وعلى مضض - كما لو كان الإصلاحيون الشجعان دخلاء على علاقة أوباما بالنظام في طهران. وصعد الرئيس الحرب في أفغانستان قبل أن ينقل الانطباع بالتوجه نحو الخروج من هناك. وبعدما أظهرت قلقها اتخذت الإدارة الخطوات الضرورية في ليبيا، لكنها بعدما أعربت عن قلقها في سوريا لا تزال على الهامش. وكان القاسم الأساسي هو الأسف على ما يحدث.
وفي غياب مبدأ منظم، تصبح المرونة غموضا. فالدول الأخرى تعرف تحديدا ما تسعى إليه إيران وروسيا وإسرائيل، لكنها لا تزال تحاول التكهن بشأن النوايا الأميركية، والخطر هو أنها لا تكترث.
وقد لخصت كلمة أوباما في القاهرة في الرابع من يونيو (حزيران) عام 2009 هذا التحليل، مغلفا بطموح كبير. وفي وقت كانت القوات الأميركية لا تزال فيه على الأرض، رفض أوباما وصف العراق بـ«حرب اختيار»، ووجه عددا من الانتقادات - إن لم يكن اعتذارا - للسياسة الأميركية خلال الحرب الباردة وإدارة بوش، ثم تحرك على نحو مناقض لها تماما. وقدم هو نفسه ترياقا لمعاداة الولايات المتحدة، فقد تعرف على الإسلام في ثلاث قارات وسمع الأذان في الفجر والغسق.
كانت تلك بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم، بداية قائمة على مصالح واحترام متبادل، مؤكدا على أن الاحترام الأميركي غير الكافي كان جزءا من المشكلة، ومن ثم سيكون أوباما جسرا بين الحضارات.
بعد ضخ توقعات بلغت حجم بالون موكب عيد الشكر، سادت حالة من الاستياء بعد النتائج المخيبة للآمال، فلم تستجب التحديات التاريخية للتغيرات في نبرته وشخصيته. ولم يكن للأمور التي استحوذت على خبراء السياسة الليبراليين - العراق وعملية السلام العربية الإسرائيلية والسياسات المختلفة للحرب على الإرهاب - سوى علاقة محدودة بالفوضى الجارية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
هذه منطقة من المجتمعات المفككة، الفاشلة نتيجة الفساد والطغاة المستبدين، فقد قوض حسني مبارك المعارضة الشرعية، وأجبر المعارضة إلى اللجوء إلى المساجد الراديكالية، وتسبب في بؤس اقتصادي وبطالة واسعة، وحولوا الانتباه بعيدا عن إخفاقاتهم بإلقاء اللائمة على الأجانب وتشجيع نظرية المؤامرة. من الصعب تخيل نظام سياسي أفضل من ذلك لإنتاج الاستياء والراديكالية والشغب بأدنى قدر من الاستفزاز.
وأدى انهيار النظام القديم إلى إطلاق قوى خطرة تم استغلالها من قبل جماعات إسلامية لا يمكن إرضاؤها، لكن الحفاظ على النظام السابق لم يكن خيارا؛ لأن مبارك وابنه ذا القدرات المتواضعة لم يكونا ليستمرا إلى ما لا نهاية بدون هراوات. سقط الطغاة لأنهم فشلوا، وعلى مدى سنوات كانت الولايات المتحدة تتعامل مع الاضطرابات الناتجة؛ لاستباق التهديدات ودعم اللاعبين السياسيين الأكثر قبولا. كانت الرهانات كبيرة والأدوات محدودة.
كانت طموحات أوباما ساذجة، لكن كيف تصرف تجاه الأوضاع التي رفضت العودة إلى ما كانت عليه؟
كان أوباما دون شك مشابها إلى حد بعيد لجورج بوش في مجال الأمن، فالتهديدات الموجهة إلى الأراضي الأميركية زادت نتيجة الملاذات الآمنة للإرهابيين: أماكن تجمع وتدريب وتخطيط الإرهابيين. وكان لدى الإرهاب في باكستان واليمن ومناطق أخرى من الأسباب ما يجعله يشعر بالقلق بسبب الطائرات الأميركية من دون طيار وقوات العمليات الخاصة. وواصل أوباما، على الأغلب، التعامل مع الحرب على الإرهاب العالمي باعتبارها حربا حقيقية لا باعتبارها عملية تطبيق القانون.
على الجانب الآخر، كان أوباما مشوشا في تقديم العون للتحول الديمقراطي، ففي خطاب السياسة في 19 مايو (أيار) 2011 أعلن المنافس اللدود لعقيدة بوش المعلنة أن «الطغاة سيسقطون»، وأن دعم الإصلاح الديمقراطي يشكل لب المصلحة الأميركية. وكانت الجهود في تونس وليبيا قوية نسبيا، لكن رد الفعل تجاه قيام الحكومة المصرية بملاحقة المنظمات الداعمة للديمقراطية كان بطيئا، وكانت الدعوة إلى الإصلاح في دول الخليج - حيث لن يتأخر الانتقال السياسي إلى الأبد - ضعيفة.
كان الفشل الأكبر في نهج إدارة أوباما تجاه الشرق الأوسط عشوائيته الجيوسياسية الواضحة؛ فقد جاء دعمه للثورة الخضراء في إيران متأخرا وعلى مضض - كما لو كان الإصلاحيون الشجعان دخلاء على علاقة أوباما بالنظام في طهران. وصعد الرئيس الحرب في أفغانستان قبل أن ينقل الانطباع بالتوجه نحو الخروج من هناك. وبعدما أظهرت قلقها اتخذت الإدارة الخطوات الضرورية في ليبيا، لكنها بعدما أعربت عن قلقها في سوريا لا تزال على الهامش. وكان القاسم الأساسي هو الأسف على ما يحدث.
وفي غياب مبدأ منظم، تصبح المرونة غموضا. فالدول الأخرى تعرف تحديدا ما تسعى إليه إيران وروسيا وإسرائيل، لكنها لا تزال تحاول التكهن بشأن النوايا الأميركية، والخطر هو أنها لا تكترث.