منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By عمر العتيبي 20
#69615
التطور في عدد سكان المدن العربية



مَن يتجول في البلدان العربية، أو يقرأ عن مدنها وقراها، فإنه يلاحظ مجموعات هائلة من (الخِرب: قرى أو مدن مهدمة ومهجورة)، وقد تكون تلك الخرائب بجوار المدن أو القرى، أو حتى داخلها. ومن يتصفح كُتب الجغرافيا العربية القديمة، فستمر عليه أسماء مدن انتسب إليها مجموعة من العلماء، ولكن تلك المدن أو القرى لم تعد موجودة. إن تلك الظاهرة قد توقفت منذ أقل من قرن من الزمان تقريباً (مع استثناء الحالة الفلسطينية التي أزيلت فيها أعداد من القرى إزالة تامة من قبل الكيان الصهيوني)، وحل محل تلك الظاهرة ازدياد في أعداد القرى والمدن المنشأة حديثاً، وتسارع في ازدياد أعداد سكان تلك المدن والقرى.

إن التسارع في ازدياد أعداد القرى والمدن وازدياد أعداد سكانها لم يقتصر على الحالة العربية وحدها، بل شمل كل أنحاء العالم، وحدث ذلك بالتحديد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945.

لقد قدر بعض العلماء سكان العالم قبل ألفي عام بنحو (200) مليون نسمة، ليرتفع الى 400 مليون عام 1300، ثم الى 600 مليون عام 1700، ثم الى 900 مليون عام 1800، ثم الى 1600 مليون عام 1900، ثم الى 2400 مليون عام 1950، والآن يزيد عن 7000 مليون*1، ويلاحظ أن العالم احتاج الى 1300 سنة حتى يتضاعف سكانه من 200 مليون نسمة عند ميلاد السيد المسيح عليه السلام، حتى أصبح 400 مليون عام 1300، في حين لم يلزمه سوى خمسين عاما حتى تضاعف من 2400 مليون عام 1950 حتى 1991*2.

يُرجع العلماء أسباب الزيادة في السكان الى التطور الصحي الذي أدى الى انخفاض الوفيات، فأسباب الزيادة في السكان ترجع الى الزيادة في الولادات الحديثة، والنقص في السكان يرجع الى الوفيات بشكل عام. ويشير (غلاب) في كتابه (حركة السكان) الى أن أسباب الزيادة في السكان ترجع الى الثورات الزراعية والصناعية والاكتشافات الجغرافية، فقد رحل ربع سكان أوروبا الى المناطق المكتشفة في أمريكا واستراليا وغيرها*3

ولو دققنا النظر في هذه المعلومة التي تذكر حالة فرنسا والسويد قبل عام 1800، فقد كان معدل الوفيات في السويد 28 لكل ألف و32 حالة ولادة لكل ألف. في حين كانت بفرنسا 24 حالة وفاة و34 حالة ولادة، لتبين لنا تلك المستويات المنخفضة في نسب زيادة السكان. أما مصر من سنة 1931 حتى عام 1935، فإنه مقابل كل 27 حالة وفاة كان 43 حالة ولادة لكل ألف*4

وقد يُعاني من يبحث في تلك المسائل، من صعوبة المراجع وتأخر فكرة إعداد السكان، خصوصاً في منطقتنا العربية، ففي حين كانت أول دولة بالعالم قد عدت سكانها هي السويد1745 ثم تلتها النرويج والولايات المتحدة 1760، وفرنسا وألمانيا 1801، في حين أن أول تعداد للسكان في البلدان العربية كان في مصر 1883، ثم تلتها سوريا عام 1921 والعراق 1947، أما الأردن 1952 وعُمان 1981.

ولو عدنا للتدليل على نسب الوفيات في البلدان العربية، لرأينا أنها انخفضت انخفاضا ملحوظاً من عام 1970 حتى عام 1997، (الأردن من 170 حالة وفاة لكل ألف عام 1970 حتى 24 حالة عام 1997) والإمارات (من 83 حتى 10) وتونس من (201 حتى 33) والجزائر من (192 حتى 39) ومصر من (235 حتى 73) ومتوسط كل البلدان العربية من (192 حتى 70) وأقل البلدان نموا في العالم من (242 حتى 162)، أما البلدان الصناعية من (26 حتى7).*5



كُبريات المدن العربية



في عام 1975 كان هناك ست مدن عربية سكانها أكثر من مليون نسمة (القاهرة 6؛ بغداد2,3؛ الإسكندرية 2,3؛ الدار البيضاء 1,4؛ الجزائر العاصمة1,2؛ دمشق 1)، وكانت تشكل 13% من مجموع السكان في الوطن العربي. *6

في عام 2007 أصبح عدد المدن التي تجاوزت المليون 34 مدينة، القاهرة 17 مليون، بغداد 8 ملايين؛ الخرطوم 5 ملايين؛ ومدن بين 4ـ5 ملايين: (الجيزة؛ دمشق؛ الرياض) ومدن بين 3ـ4 ملايين (الدار البيضاء؛ جدة؛ حلب؛ الإسكندرية؛ شبرا الخيمة؛ الجزائر) ومدن بين 2ـ3 مليون (عَمّان؛ البصرة؛ بيروت؛ الكويت؛ مكة؛ مقديشو) ومدن حوالي 2 مليون (أبو ظبي؛ الرباط؛ صنعاء؛ الموصل؛ طرابلس ليبيا) ومدن أكثر من مليون (بور سعيد؛ دبي؛ مراكش؛ المدينة المنورة؛ الحديدة؛ أم درمان؛ دمياط؛ حمص؛ كفر الدوار؛ أربيل؛ بني غازي؛ فاس) وهي تشكل حوالي 30% من سكان الوطن العربي*7

إن هذه الزيادات الملحوظة، ستؤثر حتماً على مناحي عدة سنتناولها بشيء من التفصيل، ومنها التجانس الاجتماعي والحركة الثقافية والسياسية والاقتصادية، وغيرها.