- الاثنين مارس 14, 2011 1:12 am
#33385
عريب الرنتاوي
تبنت دول مجلس التعاون الخليجي في الاجتماع الأخير لمجلسها الوزاري، ما يمكن تسميته بـ"خطة مارشال" مصغّرة، لمساعدة اثنتين من دولها الست، الأقل ثراء، ولا أريد أن أقول الأكثر فقراً...وهذا أمر محمود، وينم عن إدراك متأخر للحاجة لإعادة توزيع الثروة والموارد، بصورة تحفظ أمن المنطقة ورفاهها ومستقبلها على حد سواء.
لكن هذه المقاربة على أهميتها، تبقى قاصرة، وقصورها يبدو مركباً، فدول الخليج الثرية فعلت ما فعلت تحت ضغط الشوارع المنتفضة والمحتجة، في البحرين وعُمان...وهي فعلت ما فعلت تحت ضغط الخشية من انتقال "عدوى الثورة" إلى العواصم الأكبر والدول الأغنى...وهي فعلت ما فعلت في "ربع الساعة الأخير"، وبعد انتقال شرارة الاحتجاج من ميدان اللؤلؤة في المنامة إلى شوارع القطيف عبر جسر الملك فهد الدولي.
على أية حال ، أن تصل متأخراً خيرّ من ألا تصل أبداً...والمأمول أن تجد الأموال المقرر منحها للدولتين الشقيقتين طريقها سريعاً إلى برامج التنمية والتشغيل، لكي يصار إلى تلبية الحد الأدنى من احتياجات شباب هاتين الدولتين ومطالباتهم.
لكن "مارشال الخليجي" يذكرنا بكثير من الإخفاقات العربية في مجال التكامل الاقتصادي والاجتماعي...فهل يعقل أن تقفل دول خليجية حدودها في وجه عمالة خليجية مجاورة، فيما ملايين العمّال الأجانب والآسيويين يحتلون سلالم الوظائف القديم منها والجديد في هذه الدول...هل يعقل أن تكون هناك بطالة في عُمان فيما السعودية والإمارات المجاورتين، تستوردان العمالة من مختلف دول العالم.
وإذا كان المبرر القوي والمحرك الرئيس لمشروع "مارشال الخليجي" هو حفظ أمن الخليج واستقراره، فهل الثورات والحركات الاحتجاجية في دول الخليج هي فقط، ما يهدد هذا الأمن ويعكّر ذاك الاستقرار؟...ماذا عن الثورة اليمنية التي تزلزل عرش علي عبد الله صالح...ماذا عن حركات الاحتجاج في الأردن؟...ماذا عن الوضع المضطرب في العراق؟.
لا تستطيع دول الخليج أن تعالج اختناقات مختلف الدول العربية وأزماتها الاقتصادية والاجتماعية، مع أنها من الناحية النظرية قادرة على فعل ذلك، وبنجاح كبير...لكنها مع ذلك، قادرة على فعل الشيء الكثير...ففي بلد كالأردن على سبيل المثال، يقف سداً وحاجزاً في طريق الاختراقات الأمنية لدول المنظومة الخليجية، فإن أي اضطراب أو عدم استقرار - لا سمح الله - ستكون له نتائج وخيمة على أمن هذه الدول وسلامتها...فهل من الصعب على المنظومة الخليجية أن تمد يد العون - عن جد - للأردن، بدل الاكتفاء بسياسة "التقطير - من القطّارة"، والتقتير؟...هل يمكن لأحد هناك أن يفكر بمشاريع لشراء ديون الأردن ومساعدته على حل مشكلة عجز موازنته؟
إن كان ذلك صعب المنال، وغير مرغوب فيه ، فهل كثير على بلد كالأردن، ولأسباب مصلحية خليجية محضة، أن ينعم أبناؤه بفرص عمل في الدول الشقيقة...كم يحتاج تشغيل كل الأردنيين في السوق الخليجية؟...لدينا عمالة ماهرة ومتوسطة المهارة وغير ماهرة...وأسواق الخليج بحاجة لكل هذه الصنوف من العمالة، لماذا لا يجري إحلال العمالة الأردنية (والعربية عموماً) بدل "العمالات" متعددة الجنسيات، التي تملأ بالملايين شوارع المدن الخليجية وأحيائها؟.
لماذا لا يصار إلى وضع خطط وبرامج صناعية وزراعية، بحيث تتكامل أسواقنا، وتتوفر لبضائعنا ومنتوجاتنا أسواق قريبة جاذبة، لماذا لا يبحث هؤلاء عن احتياجتهم أو ينتجوا احتياجاتهم في أسواقنا القريبة، بدل استمرار البحث عنها في مختلف أرجاء العالم البعيدة....لماذا تتكدس تريلونات العرب في مصارف الغرب ومحافظه المالية، بدل أن تستمثر في أسواقنا العربية ، موّلدة ملايين فرص العمل الكفيلة بالإجهاز على البطالة والقضاء على الفقر وتوفير العيش الكريم واللائق لملايين الناس؟
نعرف أن زمن "العُملة السهلة" ولّى وإلى الأبد...وأن كل العملات باتت "صعبة" للغاية...ولم يعد لائقاً لا بنا أن نكون متلقي مساعدات، ولا بهم أن يكونوا مانحين وأصحاب "يد عليا"...المطلوب شيء غير هذا وذاك...المطلوب تفكير سليم ، ينطلق من "مفهوم المصلحة المشتركة"، والمصلحة المشتركة، تقول أن الأمن والاستقرار والرفاه، إما أن يكون للجميع أو لا يكون لأحد...وثمة وسائل عديدة لتحقيق هذا الهدف، وبكثير من العقلانية، ووفقا لصيغة "رابح - رابح"، صيغة لا خاسر فيها على الإطلاق، صيغة ترفض "الحصيلة الصفرية".
مشروع مارشال الخليجي، خطورة صغيرة للأمام، نأمل أن تكون بداية التفكير الجاد والجدي بمغادرة مربع الإنانية والتفكير الضيق المحدود، إلى فضاءات المصلحة المشتركة والأمن والرفاه للجميع...نأمل أن نعود لبديهييات العمل العربي المشترك وقواعده، بعد أن ركله الأثرياء بأقدامهم خلال السنوات والعقود الأخيرة، لا لأننا عرباً يتعين أن نحب الخير لأنفسنا كما نحبه لأشقائنا، بل لأن مصلحتنا تقتضي ذلك...فهل يدركون مصالحهم؟
تبنت دول مجلس التعاون الخليجي في الاجتماع الأخير لمجلسها الوزاري، ما يمكن تسميته بـ"خطة مارشال" مصغّرة، لمساعدة اثنتين من دولها الست، الأقل ثراء، ولا أريد أن أقول الأكثر فقراً...وهذا أمر محمود، وينم عن إدراك متأخر للحاجة لإعادة توزيع الثروة والموارد، بصورة تحفظ أمن المنطقة ورفاهها ومستقبلها على حد سواء.
لكن هذه المقاربة على أهميتها، تبقى قاصرة، وقصورها يبدو مركباً، فدول الخليج الثرية فعلت ما فعلت تحت ضغط الشوارع المنتفضة والمحتجة، في البحرين وعُمان...وهي فعلت ما فعلت تحت ضغط الخشية من انتقال "عدوى الثورة" إلى العواصم الأكبر والدول الأغنى...وهي فعلت ما فعلت في "ربع الساعة الأخير"، وبعد انتقال شرارة الاحتجاج من ميدان اللؤلؤة في المنامة إلى شوارع القطيف عبر جسر الملك فهد الدولي.
على أية حال ، أن تصل متأخراً خيرّ من ألا تصل أبداً...والمأمول أن تجد الأموال المقرر منحها للدولتين الشقيقتين طريقها سريعاً إلى برامج التنمية والتشغيل، لكي يصار إلى تلبية الحد الأدنى من احتياجات شباب هاتين الدولتين ومطالباتهم.
لكن "مارشال الخليجي" يذكرنا بكثير من الإخفاقات العربية في مجال التكامل الاقتصادي والاجتماعي...فهل يعقل أن تقفل دول خليجية حدودها في وجه عمالة خليجية مجاورة، فيما ملايين العمّال الأجانب والآسيويين يحتلون سلالم الوظائف القديم منها والجديد في هذه الدول...هل يعقل أن تكون هناك بطالة في عُمان فيما السعودية والإمارات المجاورتين، تستوردان العمالة من مختلف دول العالم.
وإذا كان المبرر القوي والمحرك الرئيس لمشروع "مارشال الخليجي" هو حفظ أمن الخليج واستقراره، فهل الثورات والحركات الاحتجاجية في دول الخليج هي فقط، ما يهدد هذا الأمن ويعكّر ذاك الاستقرار؟...ماذا عن الثورة اليمنية التي تزلزل عرش علي عبد الله صالح...ماذا عن حركات الاحتجاج في الأردن؟...ماذا عن الوضع المضطرب في العراق؟.
لا تستطيع دول الخليج أن تعالج اختناقات مختلف الدول العربية وأزماتها الاقتصادية والاجتماعية، مع أنها من الناحية النظرية قادرة على فعل ذلك، وبنجاح كبير...لكنها مع ذلك، قادرة على فعل الشيء الكثير...ففي بلد كالأردن على سبيل المثال، يقف سداً وحاجزاً في طريق الاختراقات الأمنية لدول المنظومة الخليجية، فإن أي اضطراب أو عدم استقرار - لا سمح الله - ستكون له نتائج وخيمة على أمن هذه الدول وسلامتها...فهل من الصعب على المنظومة الخليجية أن تمد يد العون - عن جد - للأردن، بدل الاكتفاء بسياسة "التقطير - من القطّارة"، والتقتير؟...هل يمكن لأحد هناك أن يفكر بمشاريع لشراء ديون الأردن ومساعدته على حل مشكلة عجز موازنته؟
إن كان ذلك صعب المنال، وغير مرغوب فيه ، فهل كثير على بلد كالأردن، ولأسباب مصلحية خليجية محضة، أن ينعم أبناؤه بفرص عمل في الدول الشقيقة...كم يحتاج تشغيل كل الأردنيين في السوق الخليجية؟...لدينا عمالة ماهرة ومتوسطة المهارة وغير ماهرة...وأسواق الخليج بحاجة لكل هذه الصنوف من العمالة، لماذا لا يجري إحلال العمالة الأردنية (والعربية عموماً) بدل "العمالات" متعددة الجنسيات، التي تملأ بالملايين شوارع المدن الخليجية وأحيائها؟.
لماذا لا يصار إلى وضع خطط وبرامج صناعية وزراعية، بحيث تتكامل أسواقنا، وتتوفر لبضائعنا ومنتوجاتنا أسواق قريبة جاذبة، لماذا لا يبحث هؤلاء عن احتياجتهم أو ينتجوا احتياجاتهم في أسواقنا القريبة، بدل استمرار البحث عنها في مختلف أرجاء العالم البعيدة....لماذا تتكدس تريلونات العرب في مصارف الغرب ومحافظه المالية، بدل أن تستمثر في أسواقنا العربية ، موّلدة ملايين فرص العمل الكفيلة بالإجهاز على البطالة والقضاء على الفقر وتوفير العيش الكريم واللائق لملايين الناس؟
نعرف أن زمن "العُملة السهلة" ولّى وإلى الأبد...وأن كل العملات باتت "صعبة" للغاية...ولم يعد لائقاً لا بنا أن نكون متلقي مساعدات، ولا بهم أن يكونوا مانحين وأصحاب "يد عليا"...المطلوب شيء غير هذا وذاك...المطلوب تفكير سليم ، ينطلق من "مفهوم المصلحة المشتركة"، والمصلحة المشتركة، تقول أن الأمن والاستقرار والرفاه، إما أن يكون للجميع أو لا يكون لأحد...وثمة وسائل عديدة لتحقيق هذا الهدف، وبكثير من العقلانية، ووفقا لصيغة "رابح - رابح"، صيغة لا خاسر فيها على الإطلاق، صيغة ترفض "الحصيلة الصفرية".
مشروع مارشال الخليجي، خطورة صغيرة للأمام، نأمل أن تكون بداية التفكير الجاد والجدي بمغادرة مربع الإنانية والتفكير الضيق المحدود، إلى فضاءات المصلحة المشتركة والأمن والرفاه للجميع...نأمل أن نعود لبديهييات العمل العربي المشترك وقواعده، بعد أن ركله الأثرياء بأقدامهم خلال السنوات والعقود الأخيرة، لا لأننا عرباً يتعين أن نحب الخير لأنفسنا كما نحبه لأشقائنا، بل لأن مصلحتنا تقتضي ذلك...فهل يدركون مصالحهم؟