- الاثنين يونيو 06, 2011 11:54 pm
#38783
إعداد: أحمد عباس
رغم أن باراك أوباما قد لمع نجمه في عام 2008 خلال حملته للانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي إلا أن العامين الأخيرين شهدا العديد من التغيرات الجذرية في المشهد السياسي الأمريكي خاصة مع ظهور حزب "تي بارتي" وتنامي رغبة الناخبين الأمريكيين في حدوث تغيير جديد ولكن ليس على الطريقة التي تبناها أوباما في حملته.
وقد لبى نصف مليون أمريكي دعوة غلين بيك النجم الإعلامي في فوكس نيوز وتجمّعوا في واشنطن في استعراض قوة التيار الجديد "تي بارتي" المحافظ المتشدد في الولايات المتحدة وزعيمته سارة بالين مرشحة الحزب الجمهوري لمنصب نائب الرئيس.
ويعتبر أوباما هو الخصم الأول لحزب تي بارتي الذي يعود اسمه إلى التمرّد الذي وقع في بوسطن ضد الرسوم التي فرضها الإنجليز على الشاي العام ألف وسبعمئة وثلاثة وسبعين. والهدف هو الحكومة الفدرالية.
ويقول أحد نشطاء هذا الحزب: "إننا نرى أن الحكومة لا تخضع لأية رقابة وهي تتسع وتتسع وكل يوم تخلق ديوناً أكثر فأكثر وعلينا نحن أن ندفع هذه الديون وليس علينا نحن وحدنا أن نسدّ العجز الحاصل بل على الأجيال المقبلة أن تفعل ذلك أيضاً. نريد أن ينتهي ذلك كله".
وإلى جانب أوباما يهاجم حزب "تي بارتي" ساعده الأيمن في الكونجرس الرئيس السابق لمجلس الشيوخ والمرشح في ولاية نيفادا هاري ريد الذي ضعفت مواقفه في نيفادا بسبب الأزمة الاقتصادية التي أصابتها أكثر من سواها من الولايات الأميركية الأخرى.
ويرى كاتب مجلة التايم "جون هيليمان" في مقاله الذي حمل عنوان "اللعبة تغيرت" أن أوباما ظل طوال العامين الأوليين من فترته الرئاسية يواجه أسئلة محددة حول ما إذا كان قادرًا بالفعل على إدارة البلاد والتوفيق بين السياسة الخارجية والقضايا الداخلية الشائكة.
لقد فوجىء أوباما في البداية بأن حلم التغيير الذي رفع رايته منذ بدأ مشواره لدخول البيت الأبيض يصطدم بعقبات وحواجز أكبر مما يمكن تخيله، وأن ثقافة التغيير في البديهيات السياسية الأمريكية غير موجودة من الأساس، وبعد أن كان قد بنى حملته بشكل كبير على قدرته في نقل السياسة الأمريكية من الثوابت السياسية التقليدية والتي برزت واضحة خاصة على مدى العقدين الماضيين، اكتشف أوباما أن إمكانية تحقيق هذا الهدف مستحيلة وأنه سيكون رئيسًا مثيرًا للجدل بدرجة لا تقل عن سلفيه بيل كلينتون وجورج بوش.
وقد تصور أوباما أنه وبفوزه على منافسته في حملة الرئاسة للحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون ثم تغلبه على منافسه الجمهوري جون ماكين يستطيع أن يواصل الدفع باتجاه تحقيق طموحاته السياسية معتمدًا على قدرته على التأثير، لكن غالبية فترة رئاسة أوباما حتى الآن شهدت تصاعد الهجوم والانتقادات ضده سواء من قبل حزب "تي بارتي" أو قناة "فوكس نيوز" أو حشود الناخبين الجمهوريين الذين عارضوه في غالبية القضايا وشنوا هجومًا ضاريًا عليه اتسم في كثير من الأحيان بالطابع الشخصي.
وتوصل الكاتب "هيليمان" في مقاله بمجلة التايم إلى بعض السمات الرئيسية التي ميزت أوباما في طريقة تعامله مع الناخبين والقضايا التي واجهته خلال النصف الأول من فترته الرئاسية.
وقال كاتب المقال إن السمة الأولى لأوباما هي الاعنتماد على الجانب العاطفي والتأثير في المشاعر؛ حيث كان قد ظهر في أول سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2007 في ثوب المرشح الضعيف الذي يحتاج إلى كسب تعاطف الناخبين، ولكنه بعد أن وصل إلى البيت الأبيض فشل في خلع هذا الثوب عن نفسه وبدا من الواضح أن أسلوب الضغط على المزاج العاطفي للشعب الأمريكي لا يأتي بالثمرة التي اعتاد أوباما على قطفها، ووصل ذلك الوضع به إلى أن أصبح المؤيدون والمعارضون له يتساءلون على حد سواء عن سر هذا الأسلوب غير المبرر من جانب رئيس الولايات المتحدة.
وأضاف "هيليمان" أن السمة الثانية التي ميزت أداء أوباما السياسي أنه لا يكثف كل إمكانياته في الإدارة ويطلق طاقته الكامنة للتعامل مع القضايا إلا في حالة واحدة فقط وهي أن تصل إلى هذه القضايا إلى مرحلة تكون فيها في قمة الحساسية والخطورة، وقد كانت هذه السمة غالبة على حملته الانتخابية للوصول إلى الرئاسة عندما استغل الأزمة المالية وبعض القضايا الاجتماعية التي كانت في قمة ذروتها لكسب تعاطف الناخبين، ولكنه بعد أن وصل إلى البيت الأبيض ظل يفعل الشيء نفسه ولم يتحرك لإصلاح قوانين التأمين الصحي إلا في اللحظات الأخيرة وكذلك تجلت هذه السمة في أدائه لدى معالجته لأزمة بقعة النفط في خليج المكسيك، ويبدو أن أوباما اعتاد على النوم مع توقيت ساعة داخلية خاصة به لكي يستيقظ في اللحظات الأخيرة ويسحذ كل طاقته للتجاوب مع الأوضاع المتفجرة.
أما السمة الثالثة والخطيرة التي ميزت أداء أوباما في النصف الأول من فترته الرئاسية فقد كانت اعتماده على دائرة ضيقة جيدًا من المساعدين الذين يعتمد عليهم ويوليهم ثقته، وعلى الرغم من أنه حرص على أن يملأ إدارته بالعديد من الرموز القوية والكوادر ذات الثقل من رجال ونساء لهم تاريخ طويل من الإنجازات، إلا أن أوباما لم يستطع أن يتخلص من أسلوب أدائه خلال فترة حملته للانتخابات الرئاسية عندما كان لا يصغي إلا لعدد محدود جدًا من أقرب مستشاريه.
وقد أعرب المراقبون عن قناعته بأن هذا الأسلوب الذي استمر مع أوباما بعد دخوله إلى البيت الأبيض جعله يتخذ العديد من القرارات الحاسمة والمصيرية بدون توسيع نظرته إلى الأفق الذي يجعل إرادته متوافقة مع إرادة الشريحة الكبرى من أعضاء الحكومة الفيدرالية فضلاً عن توجهات الشعب الأمريكي ككل، وبالتالي فقد كان حريًا بأوباما أن يعمل على اتساع دائرة مستشاريه مما يسمح له بمزيد من الانفتاح لتكوين الرؤى الموضوعية التي تؤهله لاتخاذ قرارات تسير في اتجاه المزاج العام.
وفيما يتعلق بالسمة الرابعة فهي غياب القضية الحقيقية في برنامج أداء أوباما كرئيس، وذلك أنه خلال فترة حملته الانتخابية لمقعد الرئاسة كان جل تركيز أوباما ينصب على التأكيد للناخبين بأنه ليس كلينتون وأنه لن يكون بوش آخر واعتمد على مهاجمة سياسات الرئيسين السابقين في الترويج لنفسه بدون أن يكون هو في حد ذاته يحمل قضية يمكن أن يحمل رسالتها خلال فترة رئاسته، ومن ثم فإن أوباما وبعد وصوله إلى البيت الأبيض ظل مفتقدًا لهذا البعد في أدائه مما أضفى عليه حالة من الغموض تسببت في إرباك مؤيديه ومناصريه قبل معارضيه، وجعلته هذه الحالة الضبابية يتصف خلال العامين الماضيين بأنه رئيس مماطل يميل للمساومات ولا يستطيع أن يتخذ موقفًا مبدأيًا تجاه أية مسألة.
ومما لا شك فيه أن حملة إعادة انتخاب أوباما لفترة رئاسية ثانية والتي ستبدأ بطبيعة الحال عقب الانتخابات التشريعية ستركز بشكل أساسي على تساؤل هو: "ما الذي يقف أوباما ليدافع عنه؟".
سيكون لدى أوباما بعض الإنجازات التي يمكن أن يستند إليها في إطلاق حملته لإعادة انتخابه، لكن ذلك لن يمنع حقيقة أن بعض الإخفاقات التي شابت العامين الأوليين في فترته الرئاسية الأولى ستظل تلقي بظلالها دائماً مع الأخذ في الاعتبار درجة الحماس المبالغ فيها التي صاحبت مرحلة تنصيبه.
والحزب الجمهوري الذي حشد كل إمكانياته وطاقته للحصول على الأغلبية في الانتخابات التشريعية والهيمنة على الكونجرس، ينوي الاستعداد للانتخابات الرئاسية في عام 2012 بكل قوة وسيكون التنافس قويًا بين الجمهوريين الذين سيحرصون على فرض أجندتهم الخاصة وإقناع الناخب الأمريكي بها مع الهجوم المستمر على أوباما والضرب على نقاط ضعفه، وأوباما نفسه الذي سيحاول أن يواصل تحقيق حلمه بأن يكون مثال غير مسبوق في التاريخ الأمريكي أو يرى طموحه للبقاء في البيت الأبيض ينهار.
وحتى يتمكن أوباما أن يبقى في البيت الأبيض فعليه أن يحرص من الآن على استرجاع كل الموهبة الكبيرة التي تمتع بها في التحدث إلى الناخبين في عام 2008، كما يجب عليه أن يقنع الناخبين بأنه يسير على طريق إنجاز الوعود التي كان قد قطعها على نفسه ومهدت له الوصول إلى البيت الأبيض.
وتقول مجلة "التايم" إن الرئيس الأمريكي سيكافح من أجل استرداد الزخم الذي كان يتمتع به في بداية فترته الرئاسية، وذلك بغض النظر عن نتيجة الانتخابات التي تجري لحسم مستقبل الكونجرس.
ومن المؤكد أن أوباما سيكون له دور هائل ومؤثر في السياسة الأمريكية خلال عامي 2011 و2012 لكن احتمالات أن يظل في البيت الأبيض بعد الانتخابات الرئاسية القادمة لا يمكن أن تكون أكيدة، على الأقل في هذه المرحلة وفي ظل ما تمخضت عنه السنتان الماضيتان من فترة رئاسته.
إعداد: أحمد عباس
رغم أن باراك أوباما قد لمع نجمه في عام 2008 خلال حملته للانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي إلا أن العامين الأخيرين شهدا العديد من التغيرات الجذرية في المشهد السياسي الأمريكي خاصة مع ظهور حزب "تي بارتي" وتنامي رغبة الناخبين الأمريكيين في حدوث تغيير جديد ولكن ليس على الطريقة التي تبناها أوباما في حملته.
وقد لبى نصف مليون أمريكي دعوة غلين بيك النجم الإعلامي في فوكس نيوز وتجمّعوا في واشنطن في استعراض قوة التيار الجديد "تي بارتي" المحافظ المتشدد في الولايات المتحدة وزعيمته سارة بالين مرشحة الحزب الجمهوري لمنصب نائب الرئيس.
ويعتبر أوباما هو الخصم الأول لحزب تي بارتي الذي يعود اسمه إلى التمرّد الذي وقع في بوسطن ضد الرسوم التي فرضها الإنجليز على الشاي العام ألف وسبعمئة وثلاثة وسبعين. والهدف هو الحكومة الفدرالية.
ويقول أحد نشطاء هذا الحزب: "إننا نرى أن الحكومة لا تخضع لأية رقابة وهي تتسع وتتسع وكل يوم تخلق ديوناً أكثر فأكثر وعلينا نحن أن ندفع هذه الديون وليس علينا نحن وحدنا أن نسدّ العجز الحاصل بل على الأجيال المقبلة أن تفعل ذلك أيضاً. نريد أن ينتهي ذلك كله".
وإلى جانب أوباما يهاجم حزب "تي بارتي" ساعده الأيمن في الكونجرس الرئيس السابق لمجلس الشيوخ والمرشح في ولاية نيفادا هاري ريد الذي ضعفت مواقفه في نيفادا بسبب الأزمة الاقتصادية التي أصابتها أكثر من سواها من الولايات الأميركية الأخرى.
ويرى كاتب مجلة التايم "جون هيليمان" في مقاله الذي حمل عنوان "اللعبة تغيرت" أن أوباما ظل طوال العامين الأوليين من فترته الرئاسية يواجه أسئلة محددة حول ما إذا كان قادرًا بالفعل على إدارة البلاد والتوفيق بين السياسة الخارجية والقضايا الداخلية الشائكة.
لقد فوجىء أوباما في البداية بأن حلم التغيير الذي رفع رايته منذ بدأ مشواره لدخول البيت الأبيض يصطدم بعقبات وحواجز أكبر مما يمكن تخيله، وأن ثقافة التغيير في البديهيات السياسية الأمريكية غير موجودة من الأساس، وبعد أن كان قد بنى حملته بشكل كبير على قدرته في نقل السياسة الأمريكية من الثوابت السياسية التقليدية والتي برزت واضحة خاصة على مدى العقدين الماضيين، اكتشف أوباما أن إمكانية تحقيق هذا الهدف مستحيلة وأنه سيكون رئيسًا مثيرًا للجدل بدرجة لا تقل عن سلفيه بيل كلينتون وجورج بوش.
وقد تصور أوباما أنه وبفوزه على منافسته في حملة الرئاسة للحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون ثم تغلبه على منافسه الجمهوري جون ماكين يستطيع أن يواصل الدفع باتجاه تحقيق طموحاته السياسية معتمدًا على قدرته على التأثير، لكن غالبية فترة رئاسة أوباما حتى الآن شهدت تصاعد الهجوم والانتقادات ضده سواء من قبل حزب "تي بارتي" أو قناة "فوكس نيوز" أو حشود الناخبين الجمهوريين الذين عارضوه في غالبية القضايا وشنوا هجومًا ضاريًا عليه اتسم في كثير من الأحيان بالطابع الشخصي.
وتوصل الكاتب "هيليمان" في مقاله بمجلة التايم إلى بعض السمات الرئيسية التي ميزت أوباما في طريقة تعامله مع الناخبين والقضايا التي واجهته خلال النصف الأول من فترته الرئاسية.
وقال كاتب المقال إن السمة الأولى لأوباما هي الاعنتماد على الجانب العاطفي والتأثير في المشاعر؛ حيث كان قد ظهر في أول سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2007 في ثوب المرشح الضعيف الذي يحتاج إلى كسب تعاطف الناخبين، ولكنه بعد أن وصل إلى البيت الأبيض فشل في خلع هذا الثوب عن نفسه وبدا من الواضح أن أسلوب الضغط على المزاج العاطفي للشعب الأمريكي لا يأتي بالثمرة التي اعتاد أوباما على قطفها، ووصل ذلك الوضع به إلى أن أصبح المؤيدون والمعارضون له يتساءلون على حد سواء عن سر هذا الأسلوب غير المبرر من جانب رئيس الولايات المتحدة.
وأضاف "هيليمان" أن السمة الثانية التي ميزت أداء أوباما السياسي أنه لا يكثف كل إمكانياته في الإدارة ويطلق طاقته الكامنة للتعامل مع القضايا إلا في حالة واحدة فقط وهي أن تصل إلى هذه القضايا إلى مرحلة تكون فيها في قمة الحساسية والخطورة، وقد كانت هذه السمة غالبة على حملته الانتخابية للوصول إلى الرئاسة عندما استغل الأزمة المالية وبعض القضايا الاجتماعية التي كانت في قمة ذروتها لكسب تعاطف الناخبين، ولكنه بعد أن وصل إلى البيت الأبيض ظل يفعل الشيء نفسه ولم يتحرك لإصلاح قوانين التأمين الصحي إلا في اللحظات الأخيرة وكذلك تجلت هذه السمة في أدائه لدى معالجته لأزمة بقعة النفط في خليج المكسيك، ويبدو أن أوباما اعتاد على النوم مع توقيت ساعة داخلية خاصة به لكي يستيقظ في اللحظات الأخيرة ويسحذ كل طاقته للتجاوب مع الأوضاع المتفجرة.
أما السمة الثالثة والخطيرة التي ميزت أداء أوباما في النصف الأول من فترته الرئاسية فقد كانت اعتماده على دائرة ضيقة جيدًا من المساعدين الذين يعتمد عليهم ويوليهم ثقته، وعلى الرغم من أنه حرص على أن يملأ إدارته بالعديد من الرموز القوية والكوادر ذات الثقل من رجال ونساء لهم تاريخ طويل من الإنجازات، إلا أن أوباما لم يستطع أن يتخلص من أسلوب أدائه خلال فترة حملته للانتخابات الرئاسية عندما كان لا يصغي إلا لعدد محدود جدًا من أقرب مستشاريه.
وقد أعرب المراقبون عن قناعته بأن هذا الأسلوب الذي استمر مع أوباما بعد دخوله إلى البيت الأبيض جعله يتخذ العديد من القرارات الحاسمة والمصيرية بدون توسيع نظرته إلى الأفق الذي يجعل إرادته متوافقة مع إرادة الشريحة الكبرى من أعضاء الحكومة الفيدرالية فضلاً عن توجهات الشعب الأمريكي ككل، وبالتالي فقد كان حريًا بأوباما أن يعمل على اتساع دائرة مستشاريه مما يسمح له بمزيد من الانفتاح لتكوين الرؤى الموضوعية التي تؤهله لاتخاذ قرارات تسير في اتجاه المزاج العام.
وفيما يتعلق بالسمة الرابعة فهي غياب القضية الحقيقية في برنامج أداء أوباما كرئيس، وذلك أنه خلال فترة حملته الانتخابية لمقعد الرئاسة كان جل تركيز أوباما ينصب على التأكيد للناخبين بأنه ليس كلينتون وأنه لن يكون بوش آخر واعتمد على مهاجمة سياسات الرئيسين السابقين في الترويج لنفسه بدون أن يكون هو في حد ذاته يحمل قضية يمكن أن يحمل رسالتها خلال فترة رئاسته، ومن ثم فإن أوباما وبعد وصوله إلى البيت الأبيض ظل مفتقدًا لهذا البعد في أدائه مما أضفى عليه حالة من الغموض تسببت في إرباك مؤيديه ومناصريه قبل معارضيه، وجعلته هذه الحالة الضبابية يتصف خلال العامين الماضيين بأنه رئيس مماطل يميل للمساومات ولا يستطيع أن يتخذ موقفًا مبدأيًا تجاه أية مسألة.
ومما لا شك فيه أن حملة إعادة انتخاب أوباما لفترة رئاسية ثانية والتي ستبدأ بطبيعة الحال عقب الانتخابات التشريعية ستركز بشكل أساسي على تساؤل هو: "ما الذي يقف أوباما ليدافع عنه؟".
سيكون لدى أوباما بعض الإنجازات التي يمكن أن يستند إليها في إطلاق حملته لإعادة انتخابه، لكن ذلك لن يمنع حقيقة أن بعض الإخفاقات التي شابت العامين الأوليين في فترته الرئاسية الأولى ستظل تلقي بظلالها دائماً مع الأخذ في الاعتبار درجة الحماس المبالغ فيها التي صاحبت مرحلة تنصيبه.
والحزب الجمهوري الذي حشد كل إمكانياته وطاقته للحصول على الأغلبية في الانتخابات التشريعية والهيمنة على الكونجرس، ينوي الاستعداد للانتخابات الرئاسية في عام 2012 بكل قوة وسيكون التنافس قويًا بين الجمهوريين الذين سيحرصون على فرض أجندتهم الخاصة وإقناع الناخب الأمريكي بها مع الهجوم المستمر على أوباما والضرب على نقاط ضعفه، وأوباما نفسه الذي سيحاول أن يواصل تحقيق حلمه بأن يكون مثال غير مسبوق في التاريخ الأمريكي أو يرى طموحه للبقاء في البيت الأبيض ينهار.
وحتى يتمكن أوباما أن يبقى في البيت الأبيض فعليه أن يحرص من الآن على استرجاع كل الموهبة الكبيرة التي تمتع بها في التحدث إلى الناخبين في عام 2008، كما يجب عليه أن يقنع الناخبين بأنه يسير على طريق إنجاز الوعود التي كان قد قطعها على نفسه ومهدت له الوصول إلى البيت الأبيض.
وتقول مجلة "التايم" إن الرئيس الأمريكي سيكافح من أجل استرداد الزخم الذي كان يتمتع به في بداية فترته الرئاسية، وذلك بغض النظر عن نتيجة الانتخابات التي تجري لحسم مستقبل الكونجرس.
ومن المؤكد أن أوباما سيكون له دور هائل ومؤثر في السياسة الأمريكية خلال عامي 2011 و2012 لكن احتمالات أن يظل في البيت الأبيض بعد الانتخابات الرئاسية القادمة لا يمكن أن تكون أكيدة، على الأقل في هذه المرحلة وفي ظل ما تمخضت عنه السنتان الماضيتان من فترة رئاسته.